Skip to main content

Full text of "مجلة آفاق الثقافة والتراث"

See other formats







صورة قديمة للحرم المكي 





السئة الخامسة 





العددان العشرون والحادي والعشرون - ذو الحجة 11184ه - ابريل (نيسا 


تصدر عن دائرة البحث العلمي 


للثقافة والتراث 
دبي دص. ب: كداوه 

هاتف: 554999 - ع إلاو 

فاكس: 5955986٠‏ 4 إلاو 

تلكس: 415/1 1521 1478م 

دولة الإمارات العربية المتحدة 


نْ( 4م 














الغلاف الأول 


مصحف هندي 
نسخة مذهبة 
ملونة كتبت في 
القرن الثاني 
عشر الهجري 













داخل الامارات خارج الامارات 


- المؤوسسات 
- الأفراد 


درهم 
يفا درهماً 


٠‏ درهم 
5 درهماً 





درهماً هما درهماً 





سكرتير التحرير 
الدكتور 


عزالدين بن زغيبة 


الأعضاء 
الدكتور فاتح زغل 
الأستاذ غسان سنو 
الأستاذ عبد القادر أحمد عبد القادر 


الأستاذة نعيمة محمد يحيى عبد الله 


لقو المنشورة ة على صفحات المجلة تعبر 
عن آراء كتابها ولا تمثل بالضرورة وجهة 
نظر المجلة أو المركز الذي تصدر عنم 





ترتيب المقالات يخضع لأصور فنية 








الدكتورعب ل الدين بن زغيبة 
« افتتاحية العدد 


المقالات 
الدكتور أحمد محمد علم الدين 
« أدب الترهيب في القرآن الكريم. 


الأستاذ سعيد الغائمي 
» نظرية المعرفة ومراتب العقل عند 
ابن خلدون. 


محمد باسل الطائي 
# حول تكوين العقل العربي: دراسة 


محمد الدعمي 
#ا يقظة الا هتمام الغربي بالماضي 
العربي. 


توشفيق سلطان اليوزبكي 
« أزمة العقائد اليهودية في الحضارة. 


الخليل التحوىي 
# نماذج حية من المؤسسات التريوية 
١‏ لعتيقة: المحاضر الشَنَقِب لشنقيطية في 


عبد الكريم عوضي 
التراث الجزائري المخطوط بين 
الأمس واليوم. 


58 


58 


ان 


07 


46م 


9 


محمد الحاج قاسم محمد 
#ا دعوة للعودة إلى السواك. 


مصطفى عبد الرحيم محمد سعيد 
# أساسيات جماليات تصميم الأشرطة 
الكتابية في العمارة الاسلامية. 


محيي الدين عيد الحليم 
الحرب الإعلامية والافتراءات الظالمة 
لتشويه صورة الوسلام في البوسنة. 


كتب من التراثك 
رابح عبد الله المقراوي 

كتاب الاحاطة في أخبار غرناطة: 
منهجية التاليف والتصنيف. 


ونيد محمد السراقبي 
« أبو غبيد الهروي وكتابه الغريبين. 


التعريف بالمخطوطات 
عبد القادر أحمد عبد القادر 

» مخطوط منتخب الأحكام لابن أبي 
زمنين. 


من أعمال المركز 
يسام عدتان داغستاني 
النظام العربي الإسلامي في ترميم 
المخطوطات والوتائق التاريخية 
باستخدام الألياف السيللوزية في 
... مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث. 





انا 


1. 


ك1 


/ا1 




















إن كلمة التراث في اللغة ترجع إلى الفعل (ورث). والتاء فيه مبدلة من الواو ومعتاه 
ببساطة : كل ما خلفه الرجل لورثته من مال ومتاع. 

إلا أننا إذا نظرنا للتراث بصفته مصطاحا لقضية فكرية:» فإننا زجد اختلافا بيّئا بين 
المفكرين في تحديد ماهيته وبيان مفهومه. 

ومَرَدُ هذا الخلاف إلى المنطلقات الأيديولوجية؛ والمرجعية الفكرية التي تتحكم في 

ومهما يكن الخلافء فإن التراث ضي النهاية ما هو إلا ما تركه الآباء والأجداد من 
عفيدة) وثقافة:؛ وآداب»: وفنون: وقيم» وأخلاق؛ وجميع الأشياء المادية والمعنوية. 

ويمكن تقسيم هذا التراث في الجملة إلى ثلاثة أقسام: 

١-مروي‏ مسموع. 

؟ - عملي ممارس. 

"' - مدؤن مكتوب (المخطوطات) . 

وأصح هذه الأقسام طريمًا في النقل؛ وأدقها وصمًا في الحكاية؛ وأصدقها حديثا في 
الرواية: وأقومها قولا في الدراية: الأخير منها. 

لأن التراث ا مسموع واُمارس عمليًا غائيًا ما يكون عرضة للتحريف والتزييف 
والزيادة والنقصان والتغيير قتعت ضغط عوامل كثيرة ومتنوعة؛ لذلك يندر أن زجد في 
تقاليد أئ أمة وعاداتها ماسَلِم من التحريف والتبديل:؛ كما يعسر علينا أن زجد في 
مروياتها من القصص والحكايات ما لم تطله يد التلفيق والتصحيف ‏ 

ويقسّم بعض المفكرين التراث إلى قسمين : 

قراث علمي : يقصد به المخطوط على وجه الخصوص: بغض النظر عما ذؤن فيه 
من علوم وفنون مختلفة. 

وقراث شعبِيٌ : يُقصد يه العادات والتقاليد التي يتعاطاها الناس في حياتهم 





اليومية» والمرويات من القصص والحكايات والخرافات, التي يزينون بها الأحاديث في 
مجالسهم ‏ 

أما بالنسبة للمتعاملين مع التراث: فهم فريقان : 
١-مستشرقون‏ : وهؤلاء ينطلقون في تعاملهم مع التراث العربي والاسلامي من 

منطلقات متقلبة بين الجحود والإنصاف وقليل ما هم المنصفون علميًا في تقييمه 

للتراث العربي الاسلامي. 
؟ - عرب ومسلمون : وهؤلاء يتوزعون على ثلاثة اتجاهات : 

الانتجاه الأول : يرى أصحابه ضرورة التمسك بالقديم» والتزام الأصالة؛ وعدم 
فتح الباب لأي وارد كان باسم المعاصرة والتجديد؛ لأنهم يرون في قبول ما يفيد ذريعة 
الاعتئاق مالا يغيد: وف الأخن بالتجديد جرأة على الأصالة والتقاليد. 

الاتجاه الثاني : يرى أصحابه أن سر تأخر العرب وال مسلمين يكمن في تمسكهم 
بالماضي, وتشبثهم بأمجاد قد خلت: وذهب عصرهاء وطلبهم العلوم من أوراق بالية 
يسمونها كنوزًا ‏ والطريق الأسلم في نظرهم خلع لباس الأصالة والإقبال على المعاصرة 
دون أي قتعفّظ؛ ولا مانع من أن يحتفظ الناس بيعض الطقوس الدينية والعادات 
الاجتماعية؛ يتعاطونها في المواسم والأعياد. ومخطوطات يزيئون بها المتاحف وأرفف 
المكتبات العامة 

وما هذا الانتجاه إلا دعوة للانتحار دينيًا وحضاريًا وثقافيًا 

الانتجاه الثالث : أصحابه السواد اللأعظم من الأمة؛ فقد سلكوا طريقًا وسطًا؛ فهم 
يرون أنه لا خير في تحضّرلا أصل له؛ ولا خير في مجد اجتث من فوق الهوية؛ فلا قرارٌ 
له. 

وإئما الحكمة تقتضي أن نحافظ على أصائتناء ونأخن من المعاصرة ما يليق بناء وأن 
نقتحم بفكرنا حضارة غيرنا حتى نُوَثْر ولا نتأثر, وأن يكون التراث نقطة انطلاقنا 
ومصدر قوتنا. ويكون التجديد غايتناء ومقصد اجتهادنا ‏ 

وهو مذهب كل إنسان غيور على تراثه وحضارته: عامل بجد على أن تستعيد الأمة 
مكانتها. رائدة للحضارة الانسانية والفكر العالمي. 


ا لدكتور 
عز الديه به زغدية 





مخحخاءئد-ءتت 


11ت 


أدب الترسيب فجي القرآن الكريه 





يصف الله سبحانه وتعالى تبيه الكريم في كثير من آيات 
القرآن المجيد بأنه بشيرَ ونذير وأنه بعثه كذلك. وإذا كانت 
البشارة بشارة بالاسلام وبالأجرء من جرَاء العمل الصالح 
الذي يقوم به المؤمن: فإن الإنذار إنما هو إنذاز مُوَجَهَ إلى 
أولئك الذين يأبون الانصياع لدين الحقّ والهدى, ويرتكبون 
الإثم والعدوان ومعصية الرسول, إنه إنذاز بسوء العاقبة إن 


استمرّوا على كفرهم وطغياتهم . 


بقلم الشيخ الدكتور 


أحمد محمد علم الدين 


كلية الإمام الأوزاعي 
للدراسات الإسلامية 








وهكذا فإن الإسلام دين الله على سعته » يمكن تركيزه في هاتين الكلمتين الموحيتين 
الشديدتي العمق والدلالة: التبشير والانذار. انطلاهًا من هذا الفهم للموضوع, 
اقتصرنا على جانب الترهيب والإنذار محاولين دراسة الناحية الإسلامية من الأمر كله 
بعنوان: «أدب الترهيب في القرآن الكريم,. 


في البعد اللغوي 

يذكر الراغب الأصفهاني (- ١٠.5ه)‏ في 
مفرداته ما يلي: «الرهبة والرهب: مخافة مع 
تحرّز واضطراب. قال: لقح أَشَدٌ 
رَهْبَة..©(1). وقال: «جتاحك مِنَ الرّهْب» (5). 
وقرىء: من الرُهب؛ أي الفزع. قال مقاتل: 
«خرجت ألتمس تفسير الرّهْبء فلقيت أعرابية 


وأنا آكل, فقالت: يا عبدنَ الله. تصَدّق عليً! 
َمَلأتَ عَفْي لأدفَعَ إليها. فقالت: ها هنا في 
رهبي أي كمَي! والأؤل أصح. 

)» وقال: #إتَرْهِيُونَ 


قال: طرَغَبا وَرَهَبَا( 


به فنع اقله وَعَدَوَكُمْ#(؛). وقول 
إوَاسْتَرْمَبُوضَمَ5(4). أي حَمَلُوهُمْ على أن 
يرهبوا. #أوإيايَ فَارْهَبُون5(4). أي خافون. 
والتْرَهْبْ: التُعَبُِ وهو استعمال الرّهبة. 
والارهاب: فزع الابل. وَإِنّما هو من أَرْهَبْت. 
ومنه الرَّهْبْ من الإبل. وقالت العرب: «رَهَبُوتَ 
حَيْرٌ مِن رَحَمُوت»(0. 

ولا يتوسّع الرّمخشري توسّع الرّاغب في 
دراسة المادة. بل يقول بإيجاز «رَهِب 
وَرَهِيْتُهُ. وفي قلبي منه رهبة. ورَهَب وَرَهَبُوت» 


وهو رَجْلُ مَرْهُوبُ عَدَوُهُ منه مَرُْعُوبء وأرهيثه 








أدب الترهيب © القرآه الكريم 





ورمّئْئه واسْتزهيئْثة أزعجت نفسه بالإخافة. 
وتقول: «يَفشعرٌالإهَاب إذا وقعَ مِنْه 
الإزْهاب» (8). 

ويتكرّر شيء من هذا في معجمات اللغة(9). 
وعلى هذا فإِنَ معنى «الرَّهْب والرَّهْبَةٌ»: 
ال بيد أن 'ماذة أرعب). لبلمت هي العادة 
الوحيدة في القرآن التي تفيد معنى الفزع؛ بل 
هناك مواد أخرى. أهمّها كَل مِنْ: خاف(١٠),‏ 
خشي(١١).‏ اتقى(؟1). وسنراعي هذا في مجال 
الدّراسة. 

ويحاول كَل من الأزهري في «التهذيب», 
والفيّومي في «المصباح المنير» أن يربطا بين 
مادة (رَهَب) وأصل معنى الرهبانيّة أو الرهبنة 
المسيحية. حيث يضيف الأزهري عبارة تجعل 
الأمر كله محل شكَ. وذلك عندما يقول: 
«وَالتَرَهُب: التَعَبُدُ في صومعته»(١1).‏ إِذَا ما 
صلة التعبد لغويًا بالخوف من الله؟ 


في البعد القرآني 

يرد جذْر الترهيب في القرآن 
المواطن التالية: 

١‏ - قال الله تعالى: فيا بَنِي إسنرائيل 
اذْكُرُوا ذ نِعْمْتِيّ الّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكَمَ وَأَوْفُوا 
بعَهْدِي وف وك وإياي فَارْهَبُون 4( 14). 

يتضح البعد القراني في هذه الآية الكريمة 
من المعنى الثرهيبي المتمثل في شرح 
المفسّرينء قال أبو جعفر: ياولْد يعقوب بن 


الكريم في 


إسحق بن إيراهيم خليل الرحمن. وكان 
يعقوب يدعى إسرائيل. بيمعنى عبدالله 
وصفوته من خلقه. وإيل هو الله بالعبرانية, 
وإسرا هو العبد. وإِنّما خاطب الله جل ثناؤه 
أحبار اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا بين 
ظهراني مهاجر رسول الله صلّى الله عليه 
وسلح, ا و كما 
نسب ذريّة آدم إلى آدم فقال: فيا بد بنِي آدم 
خُدُوا زيتتكم عِنْدَ كَل مَسْجِرٍيُ( ©6). وما أشبه 
ذلك: وإنما خصّهم بالخطاي في هزه الآية وما 
بعدها من الآيات التي ذكر فيها نعمه وما 
أنزل فيهم وفي غيرهم في أول سورة البقرة, أن 
الذي احتج به من الحجج:ء والايات التي فيها 
أنباء أسلافهم وأخبار أوائلهم وقصص الأمور 
التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من 
سائر الأمم. ليس عند غيرهم من العلم 
بصحته وحقيقته مثل الذي لهم من العلم به 
إلا لمن اقتبس على ذلك منهم؛ فعرّفهم باطلاع 
محمد صلى الله عليه وسلم على علمها مع 
بعد قومه وعشيرته من معرفتهاء وقلة مزاولة 
محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب 
التي فيها أنباء ذلك, لأن محمدًا صلى الله 
عليه وسلم لم يصل إلى علم ذلك إلا بوحي من 
الله وتنزيل منه ذلك إليه؛ لأنهم من علم 
صحة ذلك بمحل ليس به من الأمم غيرهم, 
فلذلك خاطبهم جل ثناؤه بقوله: لإيَا بني 
إسرائيل 15(4). 








أدب الترهيب 8 القرآه الكريم 





قال ابن عباس وجمهور العلماء: «الخطاب 
لجميع بني إسرائيل في مدّة التَّبي صلى الله 
عليه وسلم»177). وقال الإمام: «اختصّ بني 
إسرائيل بالخطاب اهتمامًا بهم؛ لأنهم أقدم 
الشعوب الحاملة للكتب السماوية. والمؤمنة 
بالأنبياء المعروفين. ولأنهم كانوا شد الّاس 
على المؤمنينء ولأن في دخولهم في الاسلام 
من الحجّة على التصارى وغيرهم أقوى مما 
في دخول النّصارى من الحجة عليهم(18). 

لهذا يقول الله تعالى أآمرًا بني إسرائيل 
بالدخول في الإسلام؛ ومتابعة محمد عليه من 
الله أفضل الصلاة والسّلام؛ ومهيّجًا لهم بذكر 
أبيهم إسرائيل. وهو نبي الله يعقوب عليه 
السلام. وتقديره: يا بني العبد الصالح المطيع 
لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق. كما 
تقول: يا ابن الكريم افعل كذا؛ يا ابن الشجاع 
بارز الابطال؛ يا ابن العالم اطلب العلم, ونحو 
ذلك. والابن من البناء لأنه مبنى أبيه. ولذلك 
ينسب المصنوع إلى صانعه فيقال: أبو الحرب» 
وبنت الفكر. وقرىء إسرائل بحذف الياء. 
وإسرال بحزفهما, وإسراييل بقلب الهمزة 
ياء(9١).‏ ومن ذلك أيضًا قولهٍ تعالى: ظدْرْية 
من حَمَلَنَا مع نوح. إِنَهُ كان عَبْذا 
شَكُورَا(١3).‏ فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما 
رواه أبو داود الطيالسي... عن عبدالله بن 
عباس قال: حضرت عصابة من اليهود نبي 
الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال لهم: 


(هل تعلمون أن إسرائيل يعقوي؟ قالوا: اللهم 
نعم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: 
«اللهم اشهد»)(١؟).‏ وهو غير منصرف لوجود 
العلمية والعجمة(؟5). 

ومعنى قوله تعالى: #اذكروا ذ نعمتي التي 
أنعمت عليكم#: أي اشكروا نعمتي. وإنّما عبّر 
عنه بالذكر: لأن من ذكر التّعمة فقد شكرهاء 
ومن جحدها فقد كفرهاء وقيل: الذكر يكون 
بالقلب ويكون باللسان(؟7). والدّكر في كلام 
العرب على أنحاء. وهذا منها ذكر القلب الذي 
هو ضد النّسيان(54). وورد الذكر في القرآن 
الكريم على عشرين وجهاره؟). 

أمًا قوله تعالى في ذكر النعمة التي أسدلها 
عليهم, فقد قال أبو جعفر: « ونعمته التي أنعم 
بها على بني إسرائيل جل ذكره. اصطفاؤه 
منهم الرّسلء وإنزاله عليهم م الكتب. واستنقاذه 
إيَاهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء. من 
فرعون وقومه. إلى التمكين لهم في الأرض, 
وتفجير عيون الماء من الحجر. وإطعام المن 
والسلوى, فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما 
سلف منه إلى آبائهم على ذكر. وأن لا ينسوا 
صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم. فيحل بهم من 
النقم ما أحلَّ بمن نسي نعمه عنده منهم, 
وكفرها وجحد صنائعه عنده». 


وقال ابن زيد: «نعمه عامّة ولا نعمة أفضل 
من الاسلام والتّعم بعد تبع لهاء وقرأ قول الله 


تعالى: : ##يَمْثُون عَلَيْكَ أن أَسْلمُواء قل: لا تَمّتُوا 





أدب الترهيب 8 القرآد الكريم 





علي إِسْلامَكُمْ بل الله يِمْنْ عليكم أن هذاكم 
للإيمان إن كَدْتْمْ صادقين7(4؟). وتذكير الله 
الذين ذكرهم. جل ثناؤه؛ بهذه الآية. من نعمه 
على لسان رسوله محمد صلى الله عليه 
وسلم. نظير تذكير موسى. صلوات الله عليه. 
أسلافهم على عهده الذي أخبر الله عنه. انه 
قال لهم ذلك. قوله: #أوَإِذَ قال مُوسَى لقؤمه: 
يَا قَْم اذكرُوا نِعْمَة الله عَليْكمْ إذ جَعل فيكم 
أَنْبِيَاءَ وَجَعَلكم مُلوكًا. وَآتَاكُم ما لَمْ يُوْتِ أحذا 
ف العالّمِين 4( )١7‏ (58). والتّعمة هنا اسم 
جنس. فهي مفردة بمعنى الجمع(9؟), بمعنى 
أن لا يخلوا بشكرهاء ويطيعوا مانحها(."). 
وتقييد النعمة بهم؛ لأن الانسان غيور حسود 
بالطبع. فإذا نظر إلى ما أنعم الله على غيره, 
حملته الغيرة والحسد على الكفران والسخط, 
وإن نظر إلى ما أنعم الله به عليه. حمله حب 
الثعمة على الرضى والشكر(١").‏ وهذه 


النعمة(؟”) التي أطلقها في التذكير لعظم 


شأنها. هي نعمة جعل النُبوّة فيهم زمثا 
طويلاً (أو أعم). ولذلك كانوا يسمّون شعب الله 
كما في كتبهم. وفي القرآن الكريم. إن الله 
اصطفاهم وفضلهم. ولا شكَ أن هذه المنقبة 
نعمة عظيمة من الله منحهم إِيَاها بفضله 
ورحمته. فكانوا بها مفضلين على العالمين 
من الأمم والشعوب. وكان الواجب عليهم أن 
يكونوا أكثر الناس لله شكرًاء وأشهدهم لنعمته 
ذكرًا. وذلك بأن يؤمنوا بكلّ نبي يرسله 


آفاف الثقافة والتراث - العددان )1١١:70(‏ - ذو الحجة 518١ه‏ - أبريل (نيسأن) 1354م 


لهدايتهم. ولكنهم جعلوا النعمة حهّة 
الإعراض عن الايمان» وسبب إيذاء النبي عليه 
السلام: لأنهم زعموا أن فضل الله تعالى 
محصور فيهم. وأنه لا يبعث نبيًا إلا منهم: 
ولذلك بدا الله تعالى خطابهم بالتزكير 
بنعمته. وقفَى عليه بالأمر بالوفاء بعهره. 
فقال: #وأؤفوا بعهدي أوف بَعيْدكم © عهد 
الله تعالى إليهم يعرف من الكتاب الذي نزّله 
إليهم: فقد عهر إليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به 
شينًاء وان يومنوا برسله حثّى قامت الأدلة 
على صدقهم. وأن يخضعوا لأحكامه وشرائعه. 
وعهد إليهم أن يرسل إليهم نبيًا من بني 
إخوتهم: أي بنى إسماعيل يقيم شعبًا جديذا. 
هذا هو العهد الخاص المنصوص. 

ويدخل في عموم العهد عهد الله الأكبر, 
الذي أخذه على جميع البشر بمقتضى الفطرة, 
وهو التدبر والترؤي: ووزن كل شيء بميزان 
العقل والنظر الصحيم. لا بميزان الهوى 
والغرور. ولو التفت بنو إسرائيل إلى هذا العهد 
الالهي العام. أو إلى تلك العُهّد الخاصة 
المنصوصة في كتابهم, لآمنوا بالتبى صلى 
الله عليه وسلم., واتبعوا النور الذي ل معه, 
وكانوا من المفلحين. ولا حاجة إلى تخصيص 
العهد بالايمان بالنّبي صلى الله عليه وسلم, 
كما فعل مفسّرنا (الجلال). فإن الايمان داخل 
في العهد العام. وهو إفراد العهد الخاصء فلا 
دليل على قصر عموم العهد المضاف عليه. 





ل المندن 





هذا هو عهد الله وأمّا عهدهم, فهو التمكين 
في الأرض المقدسة. والتّصر على الأمم 
الكافرة. والرّفعة في الدّنياء وخفض العيش 
فيها. هذا هو الشائع في التوراة التي بين 
أيديهم, ولا شكَ أن الله تعالى قد وعدهم أيضًا 
بسعادة الآخرة, ولكن لا دليل على هذا في 
التوراة إلا الاشارات. ولذلك ظنّ بعض 
الباحثين أن اليهود لا يؤمنون بالبعث, ومع 
هذا يقول (الجلال) كغيره: «إن هذا العهد هو 
دخول الجنّة ويقتصر عليه» (*"). 

اختلف أهل المعرفة في معنى العهد(؛") 
الذي وصفه الله لهؤلاء الفاسقين #الْذِيْنَ 
يَتْقُضُونَ عَيْنَ اللّه مِنْ بَعْدٍ ميثاقه وَيَقَطَعُون 
ما أَمَرَ الله به أن يُوْصَّل وَيْفْسِدُونَ فِي الأزض, 
أُوليِكَ هُمْ الخَاسِرُون0(4"). فقال بعضهم: هو 
وصية الله إلى خلقه. وأمره إيَاهم بما أمرهم 
به من طاعته. ونهيه إيَاهم عمًا نهاهم عنه 
من معصيته في كتبه. وعلى لسان رسوله 
صلى الله عليه وسلم؛ ونقضهم ذلك ورك 
العمل به. 

وقال آخرون: إنما نزلت هذه الآيات في 


كفَار أهل الكتاب والمنافقين منهم, وإيّاهم 
عَنى الله جل ذكره بقوله: #إن الزين كَفَرُوا 

ا عَدَيْهم أأندزْتهم أَمْ لَمْ تَتِْرهُم لا 
تؤمشون» | )» وبقوله: #وَمِنَ التّاس مَنْ 
يَقُولٌ آمَنا بالله وَباليَوْم الآخِر وَمَاهُم 
بِمُؤْمِنِين 4( ”). فكلَ ما في هذه الآيات. معذلٌ 


لهم وتوبيخ إلى انقضاء قصصهم. 

قالوا: فعهد الله الذي نقضُوهُ بعد ميثاقه. 
هو ما أخذه الله عليهم في التوراة. من العمل 
بما فيهاء واتباع محمد صلى الله عليه وسلّم 
إذا بعث. والتّصديق به. وبما جاء به من عند 
ربهم. ونقضهم ذلك هو جحودهم به بعر 
معرفتهم بحقيقته., وإنكارهم ذلك. وكتمانهم 
علم ذلك عن الناس. بعد إعطائهم الله من 
أنفسهم الميثاق؛ ليبيّنته للئّاس ولا يكتمونه, 
فأخبر جل ثناؤه أنهم نبذوه وراء ظهورهم, 
واشتروا به ثمتا قليلاً. 

وقال بعضهم :إن الله عنى بهزه الآية 
جميع أهل الشرك والكفر والثفاق, وعهده إلى 
جميعهم في توحيدره ما وضع لهم من الأدلة 
الدّائة على ربوبيته. وعهده إليهم في أمره 
ونهيه. ما احتج به لرسله؛ من المعجزات التي 
لا يقدر أحدٌ من الناس غيرهم أن يأتي بمثلها 
الشاهدة لهم على صدقهم. 

قالوا ونقضهم ذلك تركهم الاقرار بما قد 
تبيّنت لهم صحته بالأدلة. وتكذيبهم الرسل 
والكتب مع علمهم أن ما أتوا به حق. 

وقال آخرون: العهد الذي ذكره الله جل 
ذكره هو العهد الذي أخذه عليهم حين 
أخرجهم من صلب آدم. الذي وصفه في قوله: 
وذ لخن رَمُكَ مِن بَنِي آم من ظَهُورِهِم 
ذَرَيَكَهُمْ وَأَظَهدَهُمْ عَلَى أَنَفْسِهِمْ 8 4 
ونقضهم ذلك. تركهم الوفاء به. 





ل 5 





وأؤلى الأقوال عندي بالصواب في ذلك. قول 
من قال: إن هذه الآيات نزلت في كفار أحبار 
اليهود. الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول 
الله صلى الله عليه وسلم. وما قرب منها من 
بقايا بني إسرائيل؛ ومن كان على شركه من 
أهل النفاق... وبما وافق منها صفة أحبار 
اليهود جميع من كان لهم نظيرا في كفرهم, 
وذلك أن الله. جل ثناؤه. يعم أحيانًا جميعهم 
بالصفة لتقديمه ذكر جميعهم في أول الآيات 
التي ذكرت قصصهم. ويخص أحيانًا بالصفة 
بعضهم لتفصيله في أوَل الآيات بين فريقهم, 
أعني فريق المنافقين من عبدة الأوثان وأهل 
الشرك بالله. وفريق كفار أحبار اليهود. 
فالذين ينقضون عيد الله هم التاركون ما عهد 
الله إليهم من الإقرار بمحمّد صلى الله عليه 
وسلم وبما جاء به. وتبيين نبوته للناس, 
الكاتمون بيان ذلك بعد علمهم به. وبما قد 
أخذ الله عليهم في ذلك. كما قال الله جل 
ذكره: ره #واذ 1 أخز الله اميثاق الذي ين أوتوا 


وراء 7 ونبذهم ذلك وراء يورت هو 
نقضهم العهد الذي عَهِدَ إليهم في التوراة الذي 
وصفناه. وتركهم العمل به. وإنْما قلت: إِنّه 
عَنَى بهذه الآيات من قلت إنه عناهم بها لأنّ 
الآيات من ابتداء الآيات الخمس والست من 


سورة البقرة فيهم نزلت إلى تمام قصصهم, 
وفي الآية التي بعد الخبر عن خلق آدم وأبنائه 


في قوله: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي 
التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف 
بعهدكم#, وخطابه إيَاهم. جل ذكره بالوقاء 
في ذلك خاصة دون سائر البشر, ما يدل على 
أن قوله: «#الذين ينقضون عهد الله من بعد 
ميثاقه© مقصودٌ به كفّارهم ومنافقوهم ومن 
كان من أشياعهم من مشركي عبدة الأوثان 
على ضلالهم. غير أن الخطابء وإن كان لمن 
وصفت من الفريقينء: داخل في أحكامهم, وفيما 
أوجب الله لهم من الوعيد والذمً والتوبيخ 
ولمن كان على سبيلهم ومنهاجهم من جميع 
الخلق وأصناف الأمم المخاطبين بالأمر 
والنهي. فمعنى الآية إِذَاا وما يضلٌ به إلا 
الثاركون طاعة الله الخارجون عن اتباع أمره 
ونهيه الثاكثون عهود الله التي عهدها إليهم 
في الكتب التي أنزلها إلى رسله. وعلى ألسن 
أنبيائه باتباع أمر رسوله محمد صلى الله 
عليه وسلم. وما جاء به. وطاعة الله فيما 
افترض عليهم في التوراة من تبيين أمره 
للئاس. وإخبارهم إيَاهم أنْهم يجدونه مكتوبا 
عندهم أنه رسول من عند الله مفترضة 
طاعته. وترك كتمان ذلك لهم ونكثهم ذلك, 
ونقضهم إيَاه هو مخالفتهم الله في عهده 
إليهم فيما وصفت أنه عهد إليهم بعد إعطائهم 
ربّهم الميثاق بالوفاء بذلك. كما وصفهم به 
جل ذكره بقوله: #فخلف من بعدهم خلف 
ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى 





أدب الترهيب 8 القرآه ا لكريم 





ويقولون: سيغفر لناء وإن يأتهم عرض مثله 
يأخزوه. ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا 
يقولوا على الله إلا الحق. وأمًا قوله: لمن 
بيعل ميثاقه #, فإنّه يعني: من بعد توثيق الله 
منه بأخذ عهوده بالوفاء له بما عهد إليه في 
ذلك. غير أن التوثيق مصدر من قولك تَوْتَقْتَ 
من فلان تَوَثَقَاء والميثاق اسم منه. والهاء في 
الميثاق عائدة على اسم الله. وقد يدخل في 
حكم هذه الآية كل من كان بالصفة التي 
وصف الله بها هؤلاء الفاسقين من المنافقين 
والكفار في نقض العهد وقطع الرحم والافساد 
في الأرض(9"). 

أما الثعالبي فقد قال في تفسير قوله 
تعالى: #وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم» أمرٌ 
وجوابه, وهذا العهد في قول جمهور العلماء 
عام في جميع أوامره سبحانه ونواهيه 
ووصاياه لهم. فيدخل في ذلك ذكر محمد 
صلى الله عليه وسلم الذي في التوراة, 
(والرهبة) يتضمن الأمر بها معنى التهديد. 

وأسند الحكيم في نوادر الأصول له عن 
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال 
ربكم سبحانه: لا أجمع على عبدي خوفين؛ ولا 
أجمع له أمنين؛ فمن خافني في الدنيا أمنته 
في الآخرة. ومن أمنني في الدنيا أخفته في 
الآخرة). انتهى من التذكرة للقرطبي... ورواه 
أيضًا الترمذي الحكيم في كتابه «ختم 
الأولياء». قال صاحب الكلم الفارقية والحكم 


الحقيقية: « بقدر ما يدخل القلب من التعظيم 
والحرمة تنبعنث الجوارح في الطاعة 
والخدمة». انتهى(: 4). 

بينما يقول البيضاوي في تفسيره المسمّى 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل في قوله تعالى: 
#إوأوفوا بعهدي © بالايمان والطاعة #أوف 
بعهدكم © بحسن الاإثابة. والعهد يضاف إلى 
المعاهد والمعاهد. ولعلٌ الأول مضافٌ إلى 
الفاعل. والثاني إلى المفعول؛ فإنه تعالى عهد 
إليهم بالإيمان والعمل الصالح بنصب الذلائل 
وإنزال الكتب. ووعد لهم بالثواب على 
حسناتهم. وللوفاء بهما غرضٌ عريض. فأول 
مراتب الوفاء مناء هو الإتيان بكلمتي 
الشهادة. ومن الله تعالى. حقن الدم وحفظ 
المال. وآخرها منًاء الاستغراق في بحر 
التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلاً عن 
غيره. ومن الله تعالى الفوز باللقاء الدائم. 
وما رُوِيّ عن ابن عباس رضي الله عنهما 
لإنوقوا بعهدي) في اتباع محمد صلى الله 
عليه وسلم #أوف بعهدكم في رفع الآصار 
والأغلال. 

وعن غيره: أوفوا بأداء الفرائض وترك 
الكبائر. أوف بالمغفرة والثوابء أو أوفوا 
بالاستقامة على الطريق المستقيم, أوف 
بالكرامة والنعيم المقيم. فبالنظر إلى 
الوسائط. وقيل: كلاهما مضاف إلى المفعول. 


والمعنى: أوفوا بما عاهدتموني من الإيمان 


آفاق الثقافة والترات - العددان ( ١لا‏ ذو الحجة 418١ه‏ - أبريل [نيسان) 21994 





والتزام الطاعة. أوف بما عاهدتكم من حسن 
الاثابة(41). 

ولما كان من موانع الوفاء بالعهد الذي 
فشا تركه في شعب بني إسرائيل. خوف 
بعضهم من بعض. لما بين الرؤساء 
والمرؤوسين من المنافع المشتركة. عقب الأمر 
بالوفاء بقوله تعالى: أوَإِيايَ فَارْهَبُون» أي: 
إن كنتم تخافون فوت بعض المنافع: ونزل 
بعض المضار بكم إذا خالقتم الجماهير 
واتبعتم الحق فالأولى أن لا تخافوا ولا ترهبوا 
3 من بيده أزمة المنافع كلها. وهو الله الذي 
أنعم عليكم بتلك النعمة الكبرى أو النعم 
كلهاء وهو وحده القادر على سلبهاء وعلى 
العقوبة على ترك الشكر عليها. فارهبوه 
وحده لا ترهبوا سواه(؟ 4). 

وعن أبي العالية, وأيضًا عن السَّدّي قالا في 
قوله تعالى: #واياي فارهبون» أي 
فاخشون(47). 

ومما يلفت النظر. أن الفيروز آبادي قد 
وضح بصورة جليّة في بصائره عن الفرق بين 
معنى الخشية والخوف. والرهبة والوجل, 
والهيبة: في القرآن الكريم فقال: 

«الخشية هي خوف يشوبه تعظيم. وأكثر 
ما يكون ذلك عن علم بما يُخْشى منه. ولذلك 
خْصّ العلماء بها في قوله تعالى: #إإِنَّمَا 
يَخْشَى الله من عِبَادِه ٠‏ العلمَاءك(؛ 44). وقوله. 
#وَليَحْشَ الدين لو تَرَكُوا من حَلَفِهمْ د 


ظ أدب الترهيب 8 القرآد الكريم 


ضعافًا خافوا عليْهمْ45(4). أي ليستشعروا 
خوفًا عن معرفة. وقوله: #رولاً تقثلوا أولادكم 
خشيّة إملاق(47). أي لا تقتلوهم معتقدين 
لمخافة أن يلحقهم إملاق. وقوله: #لِمَنْ حشي 
العنت مِنكم»( (40). أي لمن خاف خوفًا 
اقتضاه معرفته بذلك عن نفسه. وقال تعالى: 
لفلا تَحْشّوا التّاسَ وَاخشؤن 4( (40). 

ومدح الله تعالى أهلها؛ أي أهل الخشية في 
قوله: إن الذين هم مِن حشية ريْهم مُشقُون. 
والذين هم بآيات رَبَهِمْ يُوْمِئُون. وَالذِينَ يُؤتُون 
ما آنَوا وقلوبْهُم وجل أَنَهُم إلى رَيْهِمْ رَاجِعُون. 
أونَبِك يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَات وَهُمْ لَهَا 
سابقون» (49). 

أخرج الإمام أحمد في مسنده. والترمذي في 
جامعه عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت: 
يا رسول الله. الذين يؤتون ما أآَنَوَا وقلويهم 
وجلة. أهو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر» 
قال: لا يا ابنة الصَّدّيق. ولكنه الرّجل يصلي 
ويصوم ويتصدّق ويخاف ألا يُقبلّ منه. 

قال الحسن رحمه الله: «عَمِلُوا لله 
بالطّاعات. واجتهدوا فيها. وخافوا أن تَرَدٌ 
عليهم.ء. إن المؤمن جمع إيمانًا وخشية, 
والمنافق جمع إساءة وأمتا. والخشية والخوف 
والوجل والرّهبة ألفاظ متقاربة غير مترادفة. 

فالخوف: توقّع العقوية على مجاري 
الأنفاس. قاله هُنيد(20). وقيل: اضطراب 
القلب وحركته من تذكّره المخوف. وقيل: 





ا ال 





الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند 
استشعاره. 

والخشية أخصّ من الخوف؛ فإن الخشية 
للعلماء بالله تعالى كما تقدّم. فهي خوفٌ 
مقرون بمعرفة. قال النبي صلى الله عليه 
وسلم: (إنّي أتقاكم لله وأَشدّكم له خشية). 
فالخوف حركة. والخشية انجماع (اعتزال 
الناس كأنه يجمع نفسه عنهم). وانقباضٌ 
وسكون. فإن الذي يرى العدو والسّيل ونحو 
ذلك له حالتان: إحداهما حركة الهرب منه, 
وهي حالة الخوف, والثانية سكونه وقراره في 
مكان لا يصل إليه. وهي الخشنية؛ ومنه الخش: 
الشيء الأخشن والمضاعف والمعتل أخوان؛ 
كتقصّى البازي وتقضّض. 

وأمّا الرّهبة فهي الامعان في الهرب من 
المكروه. وهي ضد الرغبة التي هي سفر القلب 
في طلب المرغوب فيه. وبين الرّهب والهرب 
تناسب في اللفظ والمعنى يجمعهما الاشتقاق 
الأوسط الذي هو عَقَد تقاليب الكلمة على 
معتى جامغ. 

وأمًا الوَجَلْ فرجفان القلب وانصداعه لذكر 
من يخاف سلطانه وعقوبته أو لرؤيته. 

وأما الهيبة فخوفٌ مقارن للتعظيم 
والاجلال. وأكثر ما يكون مع المحبة والإجلال. 

فالخوف لعامة المؤمنين. والخشية للعلماء 
العارفين. والهيبة للمحبينء والوجل للمقربين. 
وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية. كما 


قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (إنَي 
لاعلمكم يالله وأشَرّكم له خشية). وقال: (لو 
تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً. 
ولما تلذذتم بالنساء على الفرش, ولخرجتم 
إلى الصعدات تجارون إلى الله تعالى). 
قصاحب الخوف يلتجىء إلى الهرب والامساك, 
وصاحب الخشية إلى الاعتصام بالعلم, 
ومثلهما كمثل مَنْ لا علم له بالطّبَ ومثل 
الطبيب الحاذق. فالاول يلتجىء إلى الحمية 
والهرب. والطبيب يلتجىء إلى معرفته 
بالأدوية والأدواء. وكلّ واحد إذا خفته هربت 
منه. إلا الله. فإنك إذا خفته هربت إليه. 
فالخائف هاربٌ من ربّه إلى ربّه(١ه).‏ 

ولا يكاداللفوي يفرق بين الخوف 
والخشية. إلا أن الخشية أعلى من الخوف, 
ولذلك خصت الخشية بالله تعالى في قوله: 
#وَيَفْشؤن رَبهُمْ ويَحَافُون سُوء 
الحسَاب 01(4). 

وقد يفرّق بينهما بأن الخشية من عظم 
المختشي. وإن كان الخاشي قويًاء والخوف 
يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرًا 


يسيرًا(ة). 

وقال أبو جعفر: وتأويل قوله: #وإيَاي 
فارهبون#. وإيَاي فاخشوا. واتّقوا أَيّها 
المضيّعون عهدي من بني إسرائيل والمكذبون 
رسولي الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت من 
الكتب على أنبيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه أن 





أحلّ بكم من عقوبتي إن لم تنيبوا وتتوبوا إلي 
باتّباعه والإقرار بما أنزلت إليه ما أحللت بمن 
خالف أمري وكذب رسلي من أسلافكم(54). 

وقال ابن عباس: إن نزل بكم ما أنزلت بمن 
كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي عرفتم, 
من المسخ وغيره. 

وهذا انتقالَ من الترغيب إلى الترهيب, 
فدعاهم إليه بالرغبة والرّهبة لعلهم يرجعون 
إلى الحقّ واتّباع الرّسول صلى الله عليه 
وسلم. والاتعاظ بالقرآن وزواجره. وامتثال 
أوامره. وتصديق أخباره. والله يهدي من يشاء 
إلى صراط مستقيم(05). أو بمعنى فيما تأتون 
وتذرون» وخصوصا في نقض العهد. وهو أكد 
في إفادة التخصيص من إيَاك نعبد لما فيه. 
مع التقديم من تكرير المفعولء والفاء 
الفصيحة الدّالة على تضمن الكلام معنى 
الشرط؛ كأنه قيل: إن كنتم راهبين شيئا 
فارهبون. والرّهبة خوفٌ مع تحرّز والآية 
متضمنة للوعد والوعيد. دالّة على وجوب 
الشكر والوفاء بالعهد. وأن المؤمن ينبغي أن 
لا يخاف أحذا إلا الله تعالى(5ة). 

0 - قال الله تعالى: مأقَالُوا يَامُوسَى إِمًا 
أن تلقى وَإِمَا أن نكون نَحْنٌ الملقينَ قال ألقواء 


َدَمًا ألقوا سَحرُوا أَعْيْنَ الئاس وَاسْتَرْهَبُوهُم 
وجاءًو بسِحر ْرٍ عظِيم #( 7ه ). 

القول في تفسير قوله تعالى: +أقَالُوا يَا 
مُوسَى, الضمير عائد إلى السّحرة بقولهم: 


ا ا 





«ياموسى». وموسى عليه السلام هو ابن 
عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب 
عليه السلام, لا خلاف في نسبه. وهو اسم 
سرياني سمّي به: لأنّه ألقي بين شجر وماء. 
والماء بالقبطية (مو). والشجر (شا ش 
فقيل: موسى. 

عاش مائة وعشرين سنة. لبث في قوم 


) معرب, 


فرعون ثلاثين سنة, ثم خرج إلى مدين عشر 
سنينء ثم عاد إليهم يدعوهم إلى الله ثلاثين 
سنة. ثم بقي بعد الغرق خمسين سنة. وقبر 
موسى عليه السلام في سيحان قرية بالبلقاء, 
كذا في القاموس(28). 

وقال تعالى: أقَالَوا: يَا مُوسَى إِمَا أن تلقي, 
وإمًا أن نَكُونَ نَحْنْ الملقِين©. قال السّحرة 
لموسى عليه السلام: إمًا أن تلقي ما عندك 
أولاً. وإمًا أن نكون نحن الملقين لما عندنا من 
دونك. أمَا تخييرهم إيَّاه فلثقتهم بأنفسهم, 
واعتدادهم بسحرهم. أو إرهابا له. وإظهاراً 


لعدم المبالاة به. مع العلم بأنَ المتأَخّر يكون 
أبصر بما تقتضيه الحال بعد وقوفه على 


منتهى شوط خصمه. 

وما قيل من أنْ علّة التخيير مراعاة لأدب لا 
وجه له ألبتّة. بل مقامهم بحضرة ملكهم الذي 
يدّعي الألوهية والربوبية فيهم. وما طلبوه 
منه وما وعدهم إيَاه. كلّه يقتضي أن يحتقروا 
خصمه. لا أن يتأدبوا معه كما يتأدب أهل 


الصّناعة الواحدة بعضهم مع بعض. إذا تلاقوا 








امن 





للمباراة. وهو ما وجه الزمخشري به التعليل. 

وما قال البيضاوي وغيره من أن علته 
إظهار التجلد. فضعيف؛ إِذْ لم يَرَوَا من موسى 
شيئا بأعينهم يقتضيه. وإنما سمعوا أنه ألقى 
عصاه بحضرة فرعون. فصارت ثعباناء 
فاستعرّوا لمقابلته بعصي وحبال كثيرة, 
يخيّل إليه وإلى كل ناظر أنَّها ثعابين تسعى, 
فيبطلون سحره بسحر مثله كما قال ملكهم: 
#فنتأتيثك بسحر مثبه©(04) 

وذهب الرُمخشري ومن تبعه إلى أن هذا 
التعبير عن إلقائهم يدل على رغبتهم في البدء 
بما ينبىء عنه تغييرهم للنظم بتعريف الخبر 
وتوسيط ضمير الفصل «نَحْن». وتوكيد 
الضمير المستتر به. وفي سورة طه: 0 أن 
تلق وما أن نكون أَوّلَ مَنْ ألقى ©( 
من التوكيد ما يدل على الرّغبة في الأولية 
التي صرحوا بذكرها هنا. فلا فرق بين 
التعبيرين في المعنى؛ فلا باأس حينئذ بجعل 
الاختلاف اللفظي في الحكاية عنهم لمراعاة 
الفواصل. وقد اختلف فيه على أقوالء ثالثها 
هو الصحيح المعتمد, أنه جائز وواقع فيما لا 
يخلّ بأداء المعنى, ولا ينافي البلاغة العلياء 
فكيف إذا كان مزيد تفنن قد يصل إلى حدّ 
الاعجاز فيها. وذلك أن تأدية دقائق المعاني 
منتهى العسر, 
وكثيرا ما يكون متعذرًاء فلو لم يؤكد الضمير 
المتصل ههنا بالضمير المنفصل ٠‏ نَحُْنْ». لما 


مكررة بألفاظ مختلفة في 


أفاد معنى الرغبة في أولية الالقاء المصرّح به 
في سورة طه. وبذلك علم أن مراعاة 
الفاصلتين في الموضعين هو الذي وحّد 
بينهما بجعل كل منهما دالا على رغبة 
السحرة في التقدّم والأوليّة. فأىَ خطيب أو 
كاتب يقدر على إفادة هذا لمكو بأسلوبين 
مختلفين في اللفظ من غير تصريح به. وأي 
مترجم تركي أو إفرنجي يفقه هذا ويؤدّيه فى 
ترجمته للقرآن؟(51). ْ 

في هذه الآية لطيفة هي أن السّحرة راعوا 
مع موسى عليه السّلام حسن الأدب. حيث 
قدّموه على أنفسهم في الالقاء. لا جرم أن الله 
عر وجل عوضهم حيث تاذّبوا مع نبيّه موسى 
عليه السلام أن مَنّ عليهم بالايمان والهداية, 
ولما راعوا الأدب أولاً. وأظهروا ما يدل على 
رغبتهم في ذلك. قال لهم موسى: ألقوا أنتم, 
فقدّمهم على نفسه في الالقاء. فإن قلت: كيف 
جاز لموسى أن يأمر بالالقاء وقد علم أنه 
سحر. وفِعّل السحر غير جائز؛ قلت: ذكر 
العلماء رحمهم الله تعالى فيه أجوبة: 

الأول : أن معناه. إن كنتم محقين في فعلكم 
فألقوا وإلاً قلا تلقوا. 

الثاني : إنما أمرهم بالالقاء لتظهر معجزته؛ 
لأنهم إذا لم يلقوا حبالهم وعصيهم لم تظهر 


معجزة موسى في عصاه. 
الثالث : أن موسى علم أنهم لا بدَ أن يلقوا 
تلك الحبال والعصي, وإِنما وقع التخيير في 





ا ا 





أكثر من سينة 





# عدوا 


حوالة مصرفية 
الدع ذا لصون 





عنه"! «ع]لت 7) ملام ام عسطاييك 


عوء ١‏ عم( ممط] عرماح 


5 ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا 0 0101 


الاشتراك السنوي 


داخل الإمارات 
للمؤسسات 1.٠١ ١‏ درهماً 
للأفراد ٠درهماً‏ 
للطلاب 1١‏ درهماً 


حت عدد السنوات 
لبا دعت 5١‏ إن 8# 


تخعارره") أن 8 
: عغة] مملام مععطيرة 


حوالة بريدية 
الدع لمافوط 


: من لمعك 


سي سه سن سه سي سا من يد لح نا سم اليم عي عه سد عام ع ع ل مل سلا حم اس لس سم ل لق 


فى الخباررج 
للمؤسسات . 6©؟ دولاراً أمريكياً 
للأقرادت ‏ .»© دولاراً أمريكيا 


تودع الإشتراكات فى رقم الساب البنكن للمر كز : 2450503019 بنك المشسرق دب 
تودع : ب رقم : المشرق ذبن 





ععداتت1] مضه عسطلن؟) عم معاوع) 4 


اا - أن مصسل 1 علشجد عدا أمظ كتمعصررمط 


لخ 1 -لصدةا وأعطكملة؟ - اد 0490906523 8# ععلق 





1 ا 
0 1 
١ 1‏ 1 
1 الرزععع 8 أو لمعصملع ]| لطمط لمم ا 
1 1 
الل سس لس 3 ِ 
1 َ 
ا الاسم الكامل 151 1ذ1ذ1ذ[1[ذ[ [ [ [ |[ 1[ [1[1[ 1[ 1 ز ا ا ٍِ 
1 . 
': «الؤنسنة مل انااناكمط1 م 
1 القسسيرنه ما و بخ أ ما ل وا ا امم لمن مولس مد 1م لكك ١‏ 
١ ١‏ 
١ ١‏ 
1 العنوان اررتجات وين ات لمعك ال رس هر جا وان جومم بيه تمستس ا م كسا د ون ل الى ! 
1 
1 1 
0 
صندوق البريد 111111910000000 1ك 
1 
ْ . 00 
ا القدن ا ولق ميحد[ عدد التسخ دن ارت" ) أ ولا ! 
1 0 
1 4 7 1 
١‏ امد [] 6( تادل [ل] ‏ تعصننطفج6 اشتراك انلام مخطناه 1 
1 ا 
0 ا 
1 التاريخ موجه وام ونه ما ل ل 1 التوقيع فخ ا ا عه اد رم 3 ا 


إشعار بالتعلم 























ترسل إلى : 
ممتقاة مجلة آفاق الثقافة والتراث 
الطايع ص ب : 001631 - فأكس : 19196٠‏ ( 5. ) - دبي - الإمارات العربية المتحدة 
امريد أقعنآ- لد هللا دلقود1- لد وقلى 








.فنا - تلاط 696950 ( 04 ) : بجو - 56] 55 : يروق 0[ 








الاسم اا ا ا 0 ااا 00 

العنوان مب عو باج الهم قو د لاما كا مااي امو ارو و 

اليلد يه عع له لعي اد وهاه حامه عام الو ونه ع يه 0ك هد هيه واتوع 4 8 ل ولو 2 له 

عن ا ا 5 20:86 هاتف ةا شوة ‏ م ولزولاط 
فاكس : مال لط ا رو 


أدب الترهيب © القرآد ا لكريم 





التقديم والتأخير. فأذن لهم في التقديم لتظهر 
معجزته أيضًا بغلبهم: لأنّه لو ألقى أولاً لم 
يكن له غلب وظهور عليهم؛ فلهذا المعنى 
أمرهم بالالقاء أوَلا(؟5). 

في سورة الأعراف: قال أنقواتك. وفي 
سورة طه: #أقَالَ بل أَلقوائ, وهو أدلَ على 
رغبته عليه السّلام في سبقهم للإلقاء. ولعلّه 
نطق أوْلاً بما فيه الإضراب, فقال: بل ألقوا ما 
أنتم من دوني, ثم أعاد كلمة ألقوا وحدها 
لتأكيد رغبته, والايذان بعدم مبالاته. وفي 
سورتي يونس والشعراء: #أقَالَ لَهُم مُوسَى 
أنقوا ما أَنْتُمْ ملْقُونَ©(57). فأظهر اسم موسى 
الذي أضمره هناء وفي سورة طه؛ لأنّه جواب 
لخطابهم إيَاه باسمه بالتخيير. فالمقام فيها 
مقام الاضمار حتمًا. وأما إظهاره في سورتي 
يونس والشعراء فسببه أنه ليس فيهما ذكرٌ 
لنداء السحرة إيّاه وتخييرهم له. فأول آية 
يونس: !أفَلَمًا جاء السَّحَرَةُ قال لَهُم مُوسَى 
ألقوا#(14). وقبلها طلب فرعون للسّحرة, فلو 
لم يصرّح باسم موسى لكان المتبادر أن الذي 
أمرهم بالالقاء هو فرعون حسب قاعدة (عود 
الضمير إلى أقرب مذكور). وكذلك آية الشعراء 
جاءت بعد ذكر طلب فرعون للسشحرة 
ومجيئهم وسؤالهم إيَاه الأجر إن كانوا هم 
الغالبين. وإجابته إيَاهمء فهي أولى من آية 
يونس بما ذكر. وأمًا زيادة #إمَا أَنْتُمْ مُلقُون» 
فإنها فائدة نافلة ذات شأن. تدل على عدم 


مبالاته بما يلقون مهما عظم أمره وكان 
مجهولا عنده. وهي لا تنافي عدم ذكرها في 
آية الأعراف. فيجمع بينهما(ه5). 

هذه مبارزة من السحرة لموسى عليه 
السلام في قولهم هذاء فقال لهم عليه السّلام: 
القوا انتم اولاء قيل الحكمة في هذاء والله أعلم, 
أن يرى الناس صنيعهم ويتأملوه. فإذا فرغوا 
من بهرجتهم ومحالهم جاء الحقّ الواضح 
الجلي بعد التطلب له والانتظار منهم لمجينه, 
فيكون أوقع في النفوس وكذا كان. 

#فنمًا ألقوا سَحَروا أَعْيُنَ الئاس 
وَاسْتْرْهَبُوهُم#, أي: خيّلوا إلى الأبصار أن ما 
فعلوه له حقيقة في الخارج؛ ولم يكن إلا 
صنعة وخيالاً كما قال الله تعالى: #إفإذا 
حبَالَهمَ وَعِصِيْهمْ يُخيلَ إِليْهِ من سرهم أنهَا 
تَسْعى. فَأَوْجَسَ في نفسِه خِيفَةٌ مُوسَّى. فلنا 
لآ تخف إِنَدَ أنت الأغلى, وَألق ما فِي يمينك 
تَذْقفْ ما صَتَعُواء إِنَّمَا صَنْعُوا كَيْدٌ سَاحِلِ ولا 
يُفْلِحْ السَّاحِرٌ حيث أتى 51(4). 

قال محمد بن إسحق : «صف خمسة عشر 
ألف ساحر مع كلّ ساحر حباله وعصيّه 
وخرج موسى عليه السلام معه أخوه يتكوء 
على عصاه. حتّى أتى الجمع. وفرعون في 


مجلسه مع أشراف أهل مملكته. ثم قال 
السحرة: ظأِيَامُوسَى إِما أن تَلقِيَ وما أن نَكُون 
و من أنفى. قَال: بل أنقوا فإذا حِبَالَهُم 
وَعِصِيهُمْ 57#). فكان أوَّل ما اختطفوا 





ل الك 0 ال 





بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون ثم أبصار 
الناس. بعد ذلك ألقى كل رجل منهم ما في 
يده من الحبال والحصي, فإذا حيّات كأمثال 
الجبال قد ملأت الوادي يركب بعضها 
بعضًا(54). 

وقد ذكر بعض المفسرين سر صناعتهم في 
ذلك بما أراه استنياطًا علميًا لا نقلاً تاريخيا. 

قال الجصّاص في أحكام القرآن: قال الله 
تعالى: أسَحَرُوا أَعْيْنَ الئاس يعني: موّهوا 
عليهم حتى ظَنُوا أن حبالهم وعصيّهم تسعى, 
وقال: يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى, 
فأخبر أن ما ظنّوه سعيّا منها لم يكن سعيّاء 
وإنما كان تخيّلاً. 

وقد قيل إنها كانت عصيًا مجوفة قد ملنت 
زئبقًاء وكذلك الحبال كانت معمولة من أدم (أي 
جلد) محشوة زئبقا. وقد حفروا قبل ذلك تحت 
المواضع أسرابًا وجعلوا أزواجًا ملؤوها نارًاء 
فلمًا طرحت عليه وحمي الرّئبق حرّكها؛ لأن 
من شأن الزئبق إذا أصابته الثّار أن يطيرء 
فأخبر الله أن ذلك كان مموّهًا على غير 
حقيقته. والعرب تقول لضرب من الحلي 
مسحورًاء أي مموّها على من رآه مسحورًا به. 
انتهى. 

فعلى هذا يكون سحرهم لأعين السّاس 
عبارة عن هذه الحيلة الصناعية إذا صحّ 
خبرها. ويحتمل أن يكون بحيلة أخرى, 
كإطلاق أبخرة أَثّرت في الأعين. فجعلتها 


تبصر ذلك. أو بجعل العصيّ والحبال على 
صورة الحيّات وتحريكها بمحركات خفيّة 
سريعة. لا تدركها أبصار الناظرين. وكانت 
هذه الأعمال من الصناعات وتسمّى 
السيمياء(؟ 5). 

«واسترهبوهم», بمعنى فرقوهم, أي من 
الفرق(١2).‏ أو فرّعوهم(١7)‏ بمعنى أوقعوا في 
قلوبهم الرهب والخوف, كما قال تعالى: 
فوج في نفسه خيفة مُوسَى قلنا لا 
تخَف إِنَّكَ أنْت الأَعْلَى» (؟١).‏ وأصل الاسترهاب 
محاولة الإرهاب وطلب وقوعه بأسبابه(9), 
والمراد: أنهم أرهبوا إرهابًا شديرًا. كأنّهم 
استدعوا رهبتهم(74). بالحيلة(15). أو أدخلوا 
الرّهبة في قلوبهم إدخالاً شديرًا("7). 

أمَاقوله تعالى: #وَجَاءُوا بِسِضْر 
عَظِيم#(11). معناه بأن مظهره كبيرء وتأثيره 
في أعين الناس عظيم(078. 

قال صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان 
لسحراء(74). قيل: معناه من البيان ما 
يكتسب به من الإثم ما يكتسبه الساحر 
بسحره. فيكون في معرض الدّم. ويجوز أن 
يكون في معرض المدح. لأنه يستمال به 
القلوب ويرضى به السّاخط, ويستنزل به 
الصّعب. والسّحر في كلامهم: صرف الشيء عن 
وجهه. 

ويقال السّحر على معان : 


الأول : الخداع, ٠‏ وتخييلات لا حقيقة لهاء 





أدب الترهيب 8 القرآد الكريم 





نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار 


عمًا يفعله بخفة يد. وما يفعله النَمَّام بقول 


مزخرف عائق للاستماع؛ وعلى ذلك قوله 
تعالى: #سَحَروا أغيْن الئاس 
وَاسْتَرْهْبُوهُْم20(4). وقوله: لإِيْحَيلَ إلَيْه من 
بحرم أَنَّا سمي (81). ويهذا النظر سوا 
0 صلوات الله عليه ساحرًا. فقالوا: 
ايَأَيُهَ السَّاحِرٌ اذع لا رَبك #(69). 
الثاني : استجلاب معاونة الشّيطان بضرب 
من التثقرب إليه. كقوله تعالى: هل نيكم 
عَلَى مَنْ تَترّلْ الشَيَاطِينَ نَنْزْلْ عَلَى كل أَفَاكَ 
أثيم#(87). وعلى ذلك قوله تعالى: #أوَلَكِنَ 
الشَيَاطِينَ كَفَرُوا يُعلَمُون التّاسَ السّحرَ(64). 
قال الشاعر أبو عطاء السندي: 

فو الله ماأدري وإِنَي لصادق 
أداء عراني من جنابك أم سحر 

فإن كان سحرا فاعذريني على الهوى 
وإن كان داء غيره فلك العذر 
الثالث : ما يذهب إليه الأغتام (الذين لا 
يفصحون شيئا). وهو اسم لفعل يزعمون أنه 
من قوته يغيّر الصور والطبائع, فيجعل 
الإنسان حمازرًا. ولا حقيقة لذلك عنس 
وقد تصور من السّحر تارة حسنة. فقيل: إن 
من البيان لسحرًاء وتارة دقة فعله. حتى قال 
الأطباء: الطبيعة ساحرة. وسمّوا الغذاء سحرًا 


من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره. قال الله 


تعالى: بل نَحْن قَوْمٌ مسحوزون60(4). أي 
مصروفون عن معرفتنا بالسحر, وذلك قوله: 
«إإِتمَا أنت من المُسَحَرِينَ65(4). قيل: ممْن 
جعل له سحر. تنبيهًا على أنه يحتاج إلى 
الغذاء كقوله: #مَالِهَا الرَسُول يَأَكُلٌ 
الطَعَام#(87). ونبّه أنّهِ كان بشرًا. وقيل؛ 
معناه ممّن جعل له سحر يتوصل بلطفه 
ودقته إلى ما يأتي به ويدّعيه. وعلى الوجهين 
حمل قوله: #إن تَتْبِغون إلا رَجْلاً 
مَسْحورًا مك 68 

ويقال : إن السحر في القرآن ورد على 
وجوه: 

الأول : بمعنى العلم. والسّاحر بمعنى 
العالم الحاذق: ##يأَيّة السَّاحِرْ اذْعْ لنا 
رَبلكد.. (85). أي يا أيَها العالم. 

الثاني : بمعنى الرّور والكذب: #أوَجَاءُوا 
بسحر عَظِيم(40). أي كذب وزور. #وَيَُولُوا 
سِحُرٌ مُسْتَمِر#(41). أي كذب قويّ تام. 

الشالث : بمعنى ربط العيون: #سَحَرُوا 
أَعْيْنَ التّاس49(4). 

الرابع : بمعنى الجنونء والمسحور المجنون: 
#إإن فَكبعُْون إلا رَجْلاً مَسْحْورَا(59) أي 
مجنونًا. 

الخامس : بمعنى الصرف عن الحق: قل 
فَأَنَى تُسْحَرُون44(4). أي تصرفون(90). 

وخلاصة القصة في هذه الآية الكريمة: أنه 


لما أعضل موسى وأخوه بفرعون. ولم يجد 





ال 





السبيل إلى إقرارهما بأنَّه الاله الحق. رجا أن 
يعجز عن الاتيان بأية تبيّن صدقهما فيما 
جاءا به عن إلههما. فطلب آية من موسى 
فألقى عصاه من يده. فإذا هي ثعبان لا شك 
فيه يتحرّك ويسعى. ووضع يده في جيبه؛ ثم 
نزعهاء فإذا هي بيضاء للئاظرين. رأى فرعون 
والملاأً من قومه ذلك فعمدوا إلى التمادي في 
تكذيب موسى فيما جاء به من الآيتين, 
وأحالوا ذلك منه على السحرء. وتشاوروا فيما 
بينهم في شأن موسى مؤكدين أنه ساحر 
عليم. يريد أن يخرجهم من أرضهم. فأدذت بهم 
خاتمة المطاف إلى أن أشاروا على فرعون أن 
يرجىء موسى وأخاه حتى يأتي بالسّحرة من 
آفاق مصر؛ ليأتوا بمثل ما يأتي به موسى؛ لأن 
هزه الآية التي أتى بها كان في مقدور غيره أن 
يأتي بمثلها. فقد بطلت دعواه إذ الغرض أن 
يأتي بشيء لا يقدر غيره على الاتيان بمثله, 
وإلاً فإنه لا يسمّى معجزة تدل على صدقه 

أرسل فرعون في مدائن مصر حاشرين 
يأتونه بالسّحرة, وكان للسحر منزلة عظيمة 
في أرض مصر به الملوك والأمراء يهتمون 
ويكافئون عليه. وهذا أمر لم يزل كشف الآثار 
المصرية يبين عنه إلى اليوم. فجاءوا بجمهور 
عظيم من السّحرة كانوا مدلين بأنفسهم, 
واثقين من مقدرتهم على السحر والتصرف في 
الأعيان والعيون. وعرضوا لقرعون بالأجر 


ينالونه جزاء قيامهم بالسّحر. فوعدهم الأجر 
الجزيل؛ والزلفى لديه. وأي زلفى أعظم من 
زلفى قوم يؤيدون ربوبيّته ويثبتون عرش 
(ألوهيّته). وطلب السحرة الأجر يدل على أنّْ 
أمور الفراعنة كانت سخرة. 

راود السحرة موسى عليه السّلام. هل 
يلقون سحرهم أو يلقي هو سحره أولاً؟ وكان 
الجمع حافلاً. وفي يوم الزينة. ويظن أنه يوم 
وفاء التيل. فإنه كان أعظم أعيادهم. فقال لهم 
موسى: ألقوا ما أنتم ملقون. وكان عتادهم 
العصيّ والحبال. فألقوها فامتلاً المكان حيّات 
وثعابين, وخيّل إلى موسى من سحرهم أنها 
تسعى. 

في تلك اللحظة ابتهج فرعون وجنوده 
وعليّة قومه. وأيقنوا أن السّحرة قد نجحواء 
وأن موسى لا يمكنه أن يأتي بشيء أعظم من 
سحرهم؛ إن كل ما في يده عصاه. فإذا قلبت 
حيّة فهي حيّة واحدة من مئات وآلاف قد غص 
بها رحب الساحة التي هم فيها. 

وفي تلك اللحظة أيضًا هال موسى أمر تلك 
الحيّات. وأوجس في نفسه خيفة, فأمره الله 
أن يلقى عصاه. فإذا هي حيّة تسعىء وإذا هي 
تبتلع حيّات السّحرة وتتلقفها. فوقع الحق 
وبطل سحر السحرة. ودهش آل فرعون والملاً 
من قومه. وعلم السّحرة أن السّحر لا يفعل 
مثل ذلك. وإذما هي القوة الإلهية صنعت هذاء 
فخرّوا ساجدين لله تعالى. وآمنوا برب موسى 





أدب الترهيب 8 القرآد الكريم 





وهارون, مفضلين ذلك على الأجر الذي كانوا 
يرجونه من فرعونء. مستهينين بجزائه الذي 
سيوقعه بهم. 

علم فرعون أنه لم يعجز موسىء ولكن 
موسى أعجزه. فأراد أن يستر عواره. فقال 
للسشحرة عن موسى: فإنة لَكَبيرْكُم الذي 
عَلْمَكُمْ السّحْرَ؟95(4). ولهذا كان أقوى منكم, 
وغلي سحره سحركم. قال هذا مع علمه بأن 
موسى لا يعرفهم, ولم يجتمع معهم من قبل 
بل كان ثاويًا في أهل مدين. ولم يتصل 
بالسّحرة بأيّة صلة. ولكنه المقهور المغلوب. 
يلتمس لنفسه العذرء وإن كان لا يغنيء (ولا بِدّ 
للمغلوب من بادر العذر). 

ثم أخذ يتجتّى على أولئك السّحرة ويقول 
لهم: «آمَثثم لَه قبل أن آذَنَ لكُمْ(11). موهمًا 
أنه يتصرّف في وجدانهم, وأنه كان على وشك 
أن يأذن لهم ولكثهم أجرموا بالايمان قبل 
صدور الاذن: وهدّدهم بقطع الأيدي والأرجل 
من خلاف. والتصليب على جذوع النخل؛ فلم 
يثنهم ذلك عن الإيمان. وقد نفذ فيهم ما 
هددهم به. ولقد همَّ فرعون أن يقتل موسى 
خوفا من أن يبدّل دين المصريين أو أن يظهر 
في أرض مصر الفساد. كل هذا ليثنيه عن 
دعوته إلى الله. فلم يفلح ولم يقلع. وكلما 
فتح بابّا للتجني عليه وعلى أخيه حول 
مجرى الجدال إلى شيء آخر فيه قر ج(48). 


١ : الحشر‎ - ١ 

؟ - القصص : ٠٠م‏ 

* - الأنبياء : .14 

4 - الانفال : .5 

ه - الأعراف : 1١5‏ 

4١ البقرة‎ - 5 

- المفردات في غريب القرآن. ص؛١5.‏ 

8 - أساس البلاغة : رهب. 

4- انظر: لسان العرب: رهبء والقاموس 
المحيط: رهب. 

1 - بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب 
العزين ؟/ كلاه - ؤلاه. 

045 - بصائر ذوي التميين ؟/ 44ه‎ - ١ 
/١ ومفتاح السعادة ومصباح السيادة:‎ 
004 

-١‏ الجواهر الحسان في تفسير القرآن: 
الله 

- تهزيب اللغة: 5/ 59١‏ والمصباح 
المنير: /١‏ 185, وانظر القاموس 
المحيط: ١/9ل.‏ 

4 - جمهرة اللغة: /١‏ 114 -5886, وتهذزيب 
اللغة: 5/ .515١٠‏ وبصائر ذوي التميين 
04. 


831: -الأعراف‎ ٠ 
41 : البقرة‎ - 5 





ا 





.191/١ جامع البيان في تفسير القرآن:‎ - ١ 

- الجواهر الحسان : .58/١‏ 

1 - تفسير المنار : /١‏ 589 -59.0. 

* : الاسراء‎ - ٠ 

/ : أنوار التنزيل‎ - ١ 

5 - تفسير ابن كثير : /87/١‏ ومدارك التنزيل 
وحقائق التأويل: .44/١‏ 

39 - لباب التأويل في معاني التنزيل: .45/١‏ 

4 - الجواهر الحسان: .58/١‏ 

8 - بصائر ذوي التمييز: */ 9 - 15. 

١ : الحجرات‎ - 5 

٠١ : المائدة‎ - ”!/ 

- جامع البيان في تفسير القرآن: ١91 /١‏ 
-198. 

9 - الجواهر الحسان : .58/١‏ 

.44/١ : مدارك التنزيل‎ - "٠ 

/ : أنوار التنزيل‎ - ”١ 

؟" - انظر: بصائر ذوي التمييز (بصيرة في 
نِعم): 0/8 

- تفسير المنار: ,75١ - 55٠0‏ تفسير 
الجلالين: 5. 

54 - انظر: بصائر ذوي التمييز (بصيرة ف 
عهد): ؛/ ,1١١8-1١١4‏ 


8" - البقرة : 17؟ 
؟" - البقرة : 5 
/ا" - البقرة : / 


١/9 : الأعراف‎ - "8 


9 - جامع البيان : /١‏ 144-147 

56 الجواهر الحسان: /١‏ هه 

/ : أنوار التنزيل‎ - ١ 

؟؛ - تفسير المنار : /١‏ 591؟. 

*4 - جامع البيان : /١‏ 159. 

44 - فاطر : /؟ 

8 - التساء : ؟9 

5 - الاسراء : الا 

4 - النساء : ه؟ 

8 - المائدة : 44 

95 - المؤمنون : لاه - .5١‏ 

./8 : الرسالة القشيرية‎ - ٠ 

5١‏ - بصائر ذوي التمييز (بصيرة في 
الخشية): ؟/ 44ه - 45ه. 

7ه - الرعد : ١؟‏ 

6 - مفتاح السعادة: /١‏ 184, الكليات: ؟/ 
رن 

64 - جامع البيان: /١‏ 198. 

8 - تفسير ابن كثير: /١‏ 87. 

5ه - أنوار التنزيل : / 

لاه - الأعراف : .1١15--1١8‏ 

.".١8 /4 : الكليات‎ - 8 

4 دا طه :مه 

586 : داطه‎ 5٠ 

.58 - 54 /9 تفسير المنار:‎ - ١ 


؟" - لباب التأويل: ؟/ .,1١35١- 1١1١9‏ 


519 - الشعراء "4, ويونس : 8٠١‏ 





ل 0 





8٠١: يونس‎ - 4 

0 - تفسير المنار: 9/ 58. 

5 طه: 59-55 

لاك طه : 58 - 55. 

تفسير ابن كثير: /١‏ 70, مدارك 
التنزيل: ؟/١5١.,‏ الكشاف: ؟/140. 

4 - تفسير المنار: 9/ 55 -/50. 

.781 تفسير ابن كثير: ؟/‎ - ٠ 

-١‏ الجواهر الحسان: ؟”/ ”4. تنوير 
المقياس من تفسير ابن عباس: .١٠١5‏ 

الأاطه :5 -58. 

تفسير المنار: 55/9. 

.١4١ /7 : الكشاف‎ 


رف 
74 


ها - لباب التأويل : ؟/١7١.‏ 


1 - فتح القدير : ؟/ 7؟58. 

لا/ا - الأعراف 1١١5:‏ 

6 - تفسير المنار: 55. وانظر: المنار (فصل 
في حقيقة السحر وأنواعه): 45/6 وما 
بعدها. وتفسير ابن كثير (المسألة 
الخامسة في أنواع السحر ومعانيه): 
١0؛‏ ومختار تفسير القرطبي: 59 - 


217 
4 
م 
م 
م 
5م 
هم 
كم 
لام 
م8 
3 


ال 
1 
0 
14 


1 
9 
38 


مل 

- رواه أبو داود. كما في الجامع الصغير. 
- الأعراف : 1١15‏ 

طه :55 

- الزخرف : 49 

- الشعراء : 5571 - 599 

٠١١ : البقرة‎ - 

١6 : الحجر‎ - 

- الشعراء : :181 188 

- الفرقان : لا 

- الإسراء : 4. الفرقان : / 

- الزخرف : 41 

1١١5 : الأعراف‎ - 

- القمر : ؟ 

١1١5 : الأعراف‎ - 

- الإسراء : /41: الفرقان : / 

- المؤمنون : 89 

- بصائر ذوي التميين */ 191 - 500. 
- طه : ٠١‏ الشعراء : 49 

- الشعراء : 49 

- قصص الأنبياء: /111 - /18. 








نظرية المعرفة ومراتب العقل عند ابن خلدون 


يقلح الأستاد - سعيد الغخانمي - لييدا 





لم تحظ نظرية المعرفاة لدى ابن خلدون بالدراسة التي تستحقها؛ بل هي. على 
العكس من ذلك؛ جعلت عدذا من الباحثين يصرف النظر عنها بصفتها بؤرة للتناقضات 
التي تجمع بين المعقول واللاامعقول في تفكيره . ويبدو لناأن السبب في التناقضات 
الظاهرة في عرض نظريته في المعرفة: يعود إلى ابن خلدون نفسه . لقد كتب ف مفتتح 
«المقدمة, فصولا عن الممارسات الخارقة: مثل النبوة والكهانة والفراسة والتأثير عن 
بعد, مقتنغا بأن كثيرًا من هذه الظواهر الخارقة واقعي يجب التسليم بحصوله: بينما 
ذهب في مباحث العلوم إلى نفي التعليل الفلسفي لها. وهذا ما جعل الباحثين يتصورون 
أنه إذ يطردها من الباب» يقبلها من الشباك. وحين درس أساس المعارف, ميّز بين ثلاثة 
أنواع من العقل, شرح اثنين منها؛ لأنهما متماشيان مع نظريته ف العمران: وأجل 
الثالث. ونحن إذ نقرأء الأآن» مشروع ابن خلدون في نظرية المعرفة؛ لا بن من أن نضع في 
اهثماماتنا مقدار المكر الذي مارسه في كتابته.: بتشتيته أفكاره أحيائاء وإخفاته لهاء أو 
التمويه عليها أحيائا أخرى. 


السببية والزمان المتأخر متقدمًا. فالسببية هي فهم موقع 





يصنف ابن خلدون الأفعال إلى نوعين: 
منتظمة, وهي الأفعال البشرية. وغير منتظمة, 
وهي الأفعال الحيوانية. ويعزو الانتظام في 
الأفعال البشرية إلى الفكر الإنساني القادر 
على إدراك الترتيب الزماني بين الحوادث. فإذا 
أراد الانسان إيجاد شيء من الأشياء. فلا بِدّ أن 


يتمثل في ذهنه سلسلة أسيابه وشروطه., 
بحيث لا يمكن إيقاع المتقدم متأهرًا. أو 


الزمان في ترتيب الحوادث, وإدراك تعلق 
اللاحق بالسابق منها. وواضحٌ أن هذا الادراك 
لا يتعدى حدود العالم المحسوس: «اعلم, 
أرشدنا الله وإياك, أنا نشاهد هذا العالم بما 
فيه من المخلوقات كلها على هيئة من 
الترتيب والأحكام. وربط الأسباب بالمسيبات, 
واتصال الأكوان بالآكوان» واستحالة بعض 
الموجودات إلى بعض. لا تنقضي عجائبه في 





نظرية امعرفة وهراتب العقل عند اين خلدود 





ذلك ولا تنتهي غاياته»(1). أمّا في العالم 
الروحاني. فيبطل مفعول السببية: لأنه عالم 
مجرّد عن المادة, ومنرّه عن الزمان. لا يمكن 
تعليل الاتصال بالعالم الروحاني. كما يحدث 
في حالة الأنبياء والأولياء؛ لأنه اتصالٌ غير 
زماني, بل يقع «كأنه في لحظة واحدة, بل 
أقرب من لمح البصر. لأنه ليس في زمان». 
هكذا يعني حصول الأشياء في لحظة شمول 
الزمن القيومية 2311012101210 . لدى ابن 
خلدون. الخروج من عالم السببية. فغياب 
الترتيب الزماني غياب للسببية. وبهذا المعنى 
يجب أن نفهم نفي ابن خلدون لفكرة «العلم 
المحيط». يتحدث ابن خلدون في فصل «علم 
الكلام» عن تشعّب الأسباب ولا تناهيها: 
«وتلك الأسباب في ارتقائها تتفسّعٌ 
وتتضاعف طولاً وعرضًاء ويحار العقل في 
إدراكها. فلا يحصرها إلا العلم المحيط»(١).‏ 
أمًا العقل الانساني. بنهائيته ومحدوديته. 
فعاجرٌ عن إدراك لا تناهيهاء ولا يحيط علما 
في الغالب إلا بالأسباب الطبيعية الأرضية 
الداخلة في «نظام وترتيب»: أي في إطار 
الزمان. فالفكر البشري محصورٌ بإدراك 
الكائنات في العالم؛ بقدر ما تكون حاصلة في 
إطار الترتيب الزماني. وإذا ادَعى الفكر الاحاطة 
بلا تناهي الأسباب, فقد اذعى الإحاطة بلا 
تناهي الزمان. وهذا شيء لا يمكن البرهنة 
عليه: «ولا تثقن بما يزعم لك الفكر من أنه 


مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابهاء 
والوقوف على تفصيل الوجود. وسفَه رأيه»(”). 
بعبارة موجزة. توجد السببية الداخلة في 
إطار الإدراك البشري حيث يوجد الترتيب 
الزماني,. ويمكن إدراج الأحداث في تسلسل 
خطي متوال. من متقدم إلى متأخر, ومن سابق 
إلى لاحق, أما إذا اذعى العقل الخروج عن 
الزمان. وأبطل توالي الأحداث وتتابعها. فقد 
أبطل السببية, وادعى ما لا برهان عليه. 


مراتب العقّل الثللاث 

في رأي ابن خلدون أننا نشهد في أنفسنا 
بالوجدان الصحيح وجود ثلاثة عوالم؛ أولاً: 
العالم الحسّي الذي يشترك به الانسان مع 
الحيوان في إدراكه. وثانيًا: العالم النفسي, 
الذي يعلم الإنسان وجوده علمًا ضروريًاء مع 
أن وجوده يتعالى على الحس. وثالثا: العالم 
الروحي, وهو عالم الأرواح والملائكة؛ الذي 
نشعر بيوجوده لوجود آثاره فيناء مع اختلاف 
طبيعته عن طبيعة وجودنا الحسي. 

تقابل هذه العوالم الثلاثة, ثلاثة أنواع من 
العقول2. بحيث يناسب كل عقل منها العالم 
الذي يريد إدراكه. وهذه العقول هي: 


أولاً : العقل التمييزي 
وهو العقل الذي يدرك به الانسان العالم 
الحسي: أو هو بتعبير ابن خلدون «تعقل 





نظرية المعرفة وصراتب العقل عند أبن خلدوه 





الأمور المرتبة في الخارج ترتيبًا طبيعيا. أو 
وضعيًا؛ ليقصد إيقاعها بقدرته». وقد من بنا 
أن الترتيب بمصطلح ابن خلدون يعني 
التعليل بالمتقدم والمتأخر. أي التعليل 
الزمني ب «قبل» و«بعد». ومجال فاعلية 
هذا العقل هو العالم المحسوس الخارجي 
الموجود وجودا موضوعيا. وبه يتدبر الإنسان 
أمورّ منافعه ومعاشه ويدفع مضاره. 

وبعبارة أخرى العقل التمييزي. هو العقل 
الذي يعيش به الإانسان العادي حياته 
اليومية. ويعملء وربّما يتملق ويتكاثر ويحيي 
متطلبات وجوده الأرضي. 

ثانيًا : العقل التجريبي 

وهو «الفكر الذي يفيد الآراء والآداب في 
معاملة أبناء جنسه وسياستهم. وأكثره 
تصديقات تحصل بالتجربة شيئًا فشيئا إلى 
أن تتم الفائدة منها»(4). وإذا كان العقل 
التمييزي مما يشترك به الناس جميما 
الخاصة والعامة, فإِن العقل التجريبي هو 
الفاعلية التي يختص بها أهل الرأي والأدب» 
وصناع المعتقدات الدينية والسياسية 


والثقافية. وإذا كان مجال فاعلية الأول هو 
العالم الموضوعي الحسيء فإن مجال فاعلية 
الثاني هو القضايا النفسية الزاتية؛ أي عالم 
الرموز الروحي الفردية والاجتماعية التي لا 
تكتمل إلا بالتجربة الطويلة. التي تستغرق 


زمتا تدريجياء ربما لا يحسن به الأفراد. 


ثالقًا : العقل النظري 

اكتفى ابن خلدون في تعريفه العقل 
بالقول إنه «الفكر الذي يفيد العلم أو الظن 
بمطلوب وراء الحسء لا يتعلق به عمل». 
وحين شعر بالحاجة إلى مزيد من التوضيح: 
لطبيعة هذا العقل, فقد فضّل تأجيل الأمر, 
وأوكله إلى المختصين: «وبعد هذين مرتبة 
العقل النظري الذي تكفل بتفسيره أهل 
العلوم». 

إن ابن خلدون يتعمد تجاهل الكشف عن 
ماهية العقل النظري. ويحيل القارىء إلى 
مراجعة رأي أهل العلوم. لماذا يفعل ابن 
خلدون ذلك؟ ومن هم أهل العلوم هنا؟ ذلك ما 
ستراه فيما بعد. ويمكننا الآن أن نرسم 
المماثلة بين العوالم الثلاثة ومراتب العقل 
الثلاث لدى ابن خلدون بالشكل الآتي: 


نوع العقل | مجال فاعليته 
5 
العقل التمييزي العالم الحسي 
ا 
العقل التجريبي | العالم النفسي والرمزي 
العقل النظري 








العالم الروحي والملائكي 
13 ا 




















نخبرية امعرفة وهراتب العقل عند ابن خلدون 





ابن خلدون وابن رشد 

على الرغم من كثرة إشارات ابن خلدون إلى 
ابن رشد في «المقدمة», إلا أنه لم يشر إليه 
في «التعريف» إلا مرة واحدة, أسقط فيها 
اسمه متعمذًا. ففي حديثه عن أبي عبدالله 
محمد بن عبد السلام المغربي وعلاقته 
بالشريف الحسني العلوي يرد النص الآتي: 
«زعموا أنه كان يخلو به في بيته, فيقراً عليه 
فصل التصوف من كتاب الإشارات لابن سيناء 
لما كان هو أحكم ذلك الكتاب على شيخنا 
الآبلي: وقرأ عليه كثيرًا من كتاب الشفاء لابن 
سيناء ومن تلاخيص كتب أرسطو (...)»(0). 
هنا يوجد فراغ في الأصل. ألم يكن ابن خلدون 
يعلم أن ملخص كتب أرسطو هو ابن رشد؟ ألم 
يكتب هو نفسه في «المقدمة» النص الآتي: 

«وأكا امن رشك فلحهمن فكي ريطو 
وشرحها متبعًا غير مخالف»؟ من الواضح أن 
ابن خلدون يتعمد تجنب ذكر أية علاقة 
شخصية يمكن أن تربطه أو أحد أساتذته 
بواحد من الفلاسفة. تمامًا كما تجنب ذكر 
الرازي والطوسي. مع أنه ألف كتابًا في شبابه 
من وحيهماء وأشار إليهما في المقدمة بعد ذكر 
ابن رشد مباشرةء دون أدنى تلميح إلى كتابه 
السابق. 


هل يعني هذا أنه ألف كتابًا من وحي ابن 
رشد أيضاء أصنّ على طريقته أن يخفئ الإشارة 
إليه؟ لا تحتاج هذه المسألة إلى مزيد من 


التدقيق: لأن صديقه ابن الخطيب يذكر بصريح 
العبارة أنه «لخص كثيرًا من كتب ابن 
رشد»(08). 

لقد جعلت هذه العلاقة المغيبة بين 
الفيلسوفين عددًا من الباحثين المعاصرين 
يذهبون فيها مذاهب متناقضة. يقول ناصيف 
نصار: «لا نجد تحت قلم ابن خلدون أي مؤشر 
أكيد يسمح لنا بالافتراض أنه عرف فكر ابن 
رشد التوفيقي المعروض في كتاب «فصل 
المقال» وكتاب «مناهج الأدلة». أما فكر ابن 
رشد السياسيء فيبدو أن ابن خلدون لم يعرف 
منه شيئًا». ويستخلص من ذلك أنه «لا يبدو 
من الجائز عدّ ابن خلدون مكمّلاً مباشرًا 
للفلسفة اليونانية العربية. وهذا لا يلغي كون 
فكره واقعًا تحت تأثير هذه الفلسفة. وإنما 
يعني أن فكره لا يرتكز على معطياتها 
الأساسية نفسهاء. ولا يتجه الاتجاه نفسه الذي 
سارت فيه. إن ثقافة ابن خلدون الفلسفية لم 
تطرح أمامه وجِهًا لوجه القضية الشائكة 
المتعلقة بالتعايش بين الفلسفة والشريعة, 
وإنما طرحت أمامه قضية قيمة الفلسفة من 
حيث هي نتيجة للنظر العقلي»(1). في.حين 
يستخلص د. عبد الرحمن بدوي من إشارة ابن 
الخطيب تناقض ابن خلدون في فترتي الشباب 
وكتابة «المقدمة», ويتساءل: «ترى أي عامل 
كان له أثره في هذا التناقض الصارخ في 
موقف ابن خلدون؟ يلوح أن منحنى تطوره قد 





7 ان 0 لان لايك 





سار من النزعة العقلية في عهد الشباب, 
وأوائل الكهولة إلى النزعة اللاعقلية في حدود 
الخمسين» (8). 

يبدو لنا أن ابن خلدون قد تشبع بمؤلفات 
الفلاسفة في شبابه. ولا سيّما الفارابي وابن 
سينا وابن رشد. في قضايا الميتافيزيقا 
ونظرية النفس والعقول. وغير ذلك. ولكنه عاد 
بعد مرحلة «المقدمة» إلى نقدها نقرًا لاذعًا, 


دون أن يتخلص من تأثيرها فيه تماما. 


أهل العلوم 

ولكن من هم «أهل العلوم» الذين أحال 
إليهم ابن خلدون شرح فكرة العقل النظري؟ 

يذكر ابن خلدون في فصل «العلوم العقلية 
وأصنافها» من «المقدمة» أنها تسمى علوم 
الفلسفة والحكمة. وبعد استعراض تاريخ هذه 
العلوم عند الكلدانيين والفرس يقدّم سلسلة 
نسب هذه العلوم عند اليونان: «واتصل فيها 
سند تعليمهم, على ما يزعمونء من لدن لقمان 
الحكيم في تلميزه بقراط [اقراً: سقراط] الدن, 
ثم إلى تلميذه أفلاطون, ثمَّ إلى تلميذه أرسطو, 
ثم إلى تلميذه الاسكنرر الافروديسي 
وثامسطيوس وغيرهم». وحين انتقلت 
الفلسفة إلى العرب المسلمين برز عدد من 
الفلاسفة «من أكابرهم في الملة أبو نصر 
القارابي, وأبو علي ابن سينا بالمشرق, 
والقاضي أبو الوليد ابن رشد. والوزير ابن 


الصائغ بالأندلس, إلى آخرين بلغوا الغاية في 
هزه العلوم».(3). 

إذا أسقطنا الثلاثة الأول وابن الصائغ 
معهم: لأن إضافتهم فخرية, فإن سلسلة نسب 
هذه العلوم العقلية ستكون أرسطو ‏ 
الاسكندر الافروديسي ‏ ثامسطيوس. 

الفارابي ‏ ابن سينا ابن رشد. 

لكن كيف يرفع ابن خلدون الاسكندر 
الافروديسي وثامسطيوس إلى منزلة أرسطو؛ 
ولماذا يتجاوز عددًا آخر من فلاسفة اليونان 
ممن ترجمت أعمالهم إلى العربية؛ لا بن أن 
هناك «موضوعة» واحدة تجمع بين هؤلاء 
الفلاسفة. مع نظرائهم من الفلاسفة العرب, 
وتسوغ هزه السلسلة النسبية. في تقديري أن 
هزه الموضوعة هي قضية «مراتب العقل». 

لقد كتب الاسكندر الافروديسي - من بين 
كتب ورسائل كثيرة يشرح بها أفكار أرسطو - 
رسالة سمّاها «في العقل على رأي أرسطو 
طاليس» ترجمها إلى العربية إسحاق بن 
حنين(١٠).‏ وفيها ذهب إلى أن العقل لدى 
أرسطو على ثلاثة أنواع: العقل الهيولاني؛ 
والعقل بالملكة. والعقل الفعّال. وقد عد العقل 
الهيولاني باقيا ببقاء البدن» فاسدًا بفساده. ثم 
جاء ثامسطيوس. فعدَّه جوهرًا غير قابل 
للفساد. وفي «شرح كتاب النفس» حاول ابن 
رشد التوفيق بين الرأيين. وذهب إلى أن العقل 
بالملكة (أو العقل المستفاد) يعمل وسيطا بين 





تظطرية المعرفة وصراتب العقل عتد اين خلرود 





العقل الهيولاني الذي هو بالفعل دائمًا وبين 
العقل الفعّال الذي هو يالقوة دائما. 

ومن هنا فإن العقل بالملكة يكون احيانا 
بالقوة. وأحيانًا بالفعل. ولهذا يُسمّى 
مستفاذا. فهو يستطيع أن يتصل بالعقل 
الفعال ويستفين منه الكمال. « ذلك أن الكمال 
الطبيعي ينجم عن حصول الملكات النظرية 
القصوى في النفس. أمّا هذا الكمال الإلهي 
فينجم عن إضافة ماء سُمّي العقل من جرائها 
مستفادًا. فكأن الاتصال الذي يبلغه الإنسان, 
عند بلوغه هذه المرتبة, «موهبة إلهية». مع 
ذلك. يأخذ ابن رشد على الصوفية مذهبهم في 
الاتحاد. فهم لم يدركوا هذه المرتبة؛ بل أدركوا 
من ذلك أشياء شبيهة بهاء وذلك لتفريطهم 
بالمعارف النظرية في طلبها(١١).‏ 

يسبغ ابن خلدون في فصول «المقدمة» 
الأولى على عوالمه الثلاثة, العالم الحسي 
الجثماني. وعالم النفس الرمزيء وعالم 
الملائكة الروحاني. العلاقة الفلسفية التي 
يضفيها ابن رشد على العقول الثلاثة: «ثمٌ إنَا 
نجد في العوالم على اختلافها آثارًا متنوعة. 
ففي عالم الحس آثار من حركات الأفلاك 
والعناصر. وفي عالم التكوين آثار من حركة 
النمو والإدراك تشهد كلها بأن لها مؤثرًا 
مبايثا للأجسامء. فهو روحاني. ويتصل 
بالمكونات. لوجود اتصال هذا العالم في 
وجودها. وذلك هو النقس المدركة والمحركة. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (١٠٠١1؟)‏ - ذو الحجة 1514١ه‏ - أبريل (نيسان) 1554 


ولا بد فوقها من وجود آخر يعطيها قوى الادد 
راك والحركة. ويتصل بها أيضًا ويكون ذاته 
إدراكا صرفًا وتعقلاً محضًا. وهو عالم 
الملائكة»(5١).‏ 

من الواضح أن ابن خلدون يسترد أفكار ابن 
رشد ويموه عليها بمصطلحاته الخاصة. فكما 
عد ابن رشد العقل الهيولاني بالفعل دائمّاء 
كذلك يرى ابن خلدون العالم الحسّي والملكة 
الزهنية اللازمة لإدراكه. ومثلما علنّ ابن رشدر 
العقل الفعال مجردًا دائمًا يستوي فيه العقل 
والعاقل والمعقول. كذلك يرى ابن خلدون 
العالم الروحاني إدراكًا صرفًا وتعقلاً محضًا 
يتحد فيه العقل والعاقل والمعقول. أمّا عالم 
النفس. فهو شأنه شأن العقل المستفاد لدى 
ابن رشدء الوسيط بين العالمين. فيكون مرة 
بالفعل ومرة بالقوة. فالنفس الإنسانية «ذات 
روحانية موجودة بالقوة من بين سائر 
الروحانيات, وإنما تخرج من القوة إلى الفعل 
بالبدن وأحواله. وهذا أمرٌ مدرك لكل 
أحد (18). 

وليس معنى هذا أن البدن هو الذي 
يخرجها من القوة إلى الفعل؛ ولكنه المحل 
اللازم لإخراجها. هذا التماثل في البنية. لا 
الوظيفة. يدفع ابن خلدون إلى مهاجمة من 
يختلف معهم ولكنّه بدلاً من أن يهاجم 
الصوفية - كما فعل ابن رشد - وينفي فكرة 
اتصالهم بالعقل الفعّال أو العالم الروحاني, 





ا ل لان 





فإنه يهاجم العرافين: «وأما العراقون فهم 
المتعلقون بهذ الإدراك. وليس لهم ذلك 
الاتصال. فيسلطون الفكر على الأمر الذي 
يتوجهون إليه. ويأخذون فيه بالظن 
والتخمين: بناءًٌ على ما يتوهمونه من مبادىء 
ذلك الاتصال والادراك. ويدّعون معرفة الغيب, 
وليسوا منها على الحقيقة»(4١).‏ 

مهما تمائثلت النظريتان في البنية. ظلتا 
مختلفتين في الوظيفة. لقد كان ابن رشد يفكر 
في توظيفها لحل المشكلات في المعرفة. بينما 
كان ابن خلدون يريد توظيفها لحل المشكلات 
في المصلحة. 


حدود العقل 

هل يستوعب العقل النفس كلها لدى ابن 
خلدون؟ 

هنا ينفصل ابن خلدون انفصالاً بائثا عن 
ابن رشد؛ لأن هذا الأخير يوسّع من وظيفة 
العقل في النفس و« يتضح بالدليل الفقلسفي 
أن في النفس عند ابن رشد حِرْءًا واحذًا قابلاً 
للمفارقة أو الخلود. هو العقل بقسميه: 
الهيولاني والفعال»(15). بينما نجد ابن 
خلدون يقلص دور العقل إلى حدّ كبير. ويرى 
أنه وظيفة محضة من وظائف النفس. فالعقل 
التكليفي. مثلاً. وهو قوّة من قوى النقس 
تابعة للعقل التجريبي. هو «علومٌ ضرورية 
للإنسان يشتد بها نظره. ويعرف أحوال 


معاشه واستقامة منزله».. ويصرٌ ابن خلدون 
دائمًا على تكرار أن الله خلق العقل للانسان: 
لكي يدرك به العلوم والصنائع فقط. لا لكي 
يتصل من خلاله بالعوالم العلوية. وبالتالي 
فإن العقل الانساني محدودٌ بحدود عالم 
المعاش الطبيعي. فكما خلق الله لكل حيوان 
من الحيوانات جهارًا دفاعيًا يساعده على 
البقاء. فآعطى السموم للأفاعي. والمخالب 
للضواري. والأجنحة للطيورء أعطى الإنسان 
العقل. وهو جهان محدود بحدود العالم 
الحسي. ومن هنا يظهر خطأ من يستعمله 
للبحث في العقائد الغيبية أو الميتافيزيقية؛ 
لأنْ هذه العقائد «لا رجوع فيها إلى العقل ولا 
تعويل عليه.. لأن العقل معزول عن الشرع 
وأنظاره». 


العقل التجريبي 

يعيش الإنسان في وسطه الثقافي 
والاجتماعي محتاجا إلى غيره؛ إذ لا تمكن 
حياة المنفرد من البشر. ولا يتم وجوده إلا مع 
أيناء جنسه. وينتاب هذا الوجود نازعان: 
نازع اجتماعي يدفعه إلى التعاون مع بقية 
الأفراد. ونازعٌ فرديّ يدفعه إلى التنافس معهم. 
وفي كلتا الحالتين لا بدّ من انتظام الأفعال 
وترتيبها على «وجوه سياسية وقوانين 
حكمية». وهزه القوانين تدرك كلها بالتجرية 


التي تتراكم في ذات الفرد حتى تتحول إلى 


آفاق الثقاقة وألتراث - العددان )1١:*(‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل إنيسان) 1554م 





نظرية امعرفة وصراب العقل عند اين خلروة 





ملكة راسخة. العقل التجريبيء إذن» يصحح 
نفسه بالتجربة باستمرار. وهو البؤرة التي 
تلتقي فيها هموم الفرد بهموم المجتمع, 
بحيث تراكم لدى كليهما خبرة مكتسبة عبر 
الزمن. يصف د. عبد السلام المسدي النزعة 
التجريبية لدى ابن خلدون بوصفها إرضاءًا 
وضغط الرغبة بقوله: «إن قانون الحاجة هو 
المحصلة الفيزيائية لقوتين ضاغطتين: قوة 
الاقتضاء الخارجي. وقوة النزوع الداخلي, 
فالأولى تستجمع الحاجة المتسلطة على 
الإنسان بوصفها تحديًا لوجوده. والثانية 
تشكل مسعى الإنسان إلى الاستجابة 
الطبيعية»(15). 

إن وظيفة العقل التجريبي في تيسير 
المصلحة هي التي تجعله قرينا بالزمان. 
لذلك يؤكد ابن خلدون على أن العقل 
التجريبي كفيلٌ بحل جميع المعضلات 
المتعلقة في مجال فعاليته بما تسعه 
التجربة من الزمن. وهو يشرح المثل السائر 
«من لم يؤدبه والداه. أدبه الزمن»: بأن مَنْ لم 
يتعلم من أبويه. وبضمنهما المشيخة 
والأكابر. لا بن أن يتعلم من التجارب على 
توالي الأيام. فيكون الزمان بمنزلة معلمه 
ومؤدبه. 

من ناحية أخرى, لكون هذا العقل وسيطًا, 
من حيث البنية. بين العقلين الآخرين. فإنه 


آفاق الثقاقة والتراث - العددان (70. )1١‏ - ذو الحجة 1418ه - ابريل (تيسان) 1594+ 


يتردد دائمًا بين النفي والاثبات؛ لأنّ كلاً من 
العقلين الآخرين يجتذب إليه الجزء القريب 
من الوسط الرابط بين الطرفين. وهكذا تجعل 
بنية هذه العقل منه. إضافة إلى وظيفته, 
بحاجة دائمة إلى الزمن معيارًا لتأكير 


مصدراقيته. 


الفأر العملاق 

لكي يوضح ابن خلدون قصور العقل 
التجريبي عن إدراك الوقائع اللامتناهية, يزكر 
قصة تكذيب الناس لابن بطوطة فيما رواه من 
قصص البذخ والترف لدى ملوك الهند. ويمثل 
عليها بعد ذلك بقصة «ابن الوزير الذي 
اعتقله السلطان». وخلاصة القصة أن أحد 
السلاطين اعتقل وزيره وابنه الصغير. وبقي 
الاثنان في السجن. حتى كبر الولدء ولم يكن 
قد رأى أو سمع بالغنم أو البقر أو الابل؛ لأنه 
لم يشاهد في السجن من الحيوانات سوى 
الفأر. وحين فطنء. صار يسأل عن اللحوم التي 
يأكلهاء فيقول له أبوه: هذا لحم الغنم. لكنّه 
لعجزه عن إدراك الغنم. كان يتخيلها على 
هيئة الفأر. وكذلك الحال مع البقر والابل. لأن 
من طبيعة العقل التجريبي أن يقيس الغائب 
على الشاهد. دون أن ينتبه إلى خطئه. فيقيس 
الأغنام والأبقار والابل التي لم يشاهدها على 
فتران السجن الصغيرة. 

يمائل د. علي الوردي بين قصة «الفأر 





نظيرية اطعرفة وصراتب العقل عند أبن خلدون 





العملاق» هذه وقصة « نهر الجنون» 
المعروفة. حيث ألقي في أحد الأنهار عقار 
يبعث على الجنون. فشرب أهل القرية كلهم 
منه عدا الملك. فصار أهل القرية يتهامسون 
يا المتفد تاق امعدوناء أوأنك ياكس تلد 
فاضطرٌ الملك أن يشرب من ماء نهر الجنون, 
ليكون عاقلاً مثلهم. وبهذا استطاع أن يحتفظ 
بعرشه. يقول د. الوردي: «إن ابن خلدون يشير 
إلى خطأ بعض الناس الذين يحاولون مخالفة 
العادات السائرة حيث يرونها غير صالحة, 
فيتخذون عادات أخرى أصلح منها في نظرهم. 
وهم إذ يفعلون ذلك يرميهم الناس بالجنون. 
وفي هذا خطر عليهم: وربما فقدوا ما لديهم 
من جام وسلطان»(7١).‏ 

يبدو لنا أن قصة «الفأر العملاق» أوسع 
من ذلك: لأنها تشمل مخالفة العادات المألوفة 
في المجتمع, وتزيد عليها فى نقد طبيعة 
العقل التجريبي. وهي تذكرنا من حيث البناء 
والمضمون بقصة «الكهف» في جمهورية 
أفلاطون. حيث أوثق مجموعة من الناس في 
كهف منذ الطفولة. بسلاسل ثقيلة بحيث لا 
يستطيعون نهوضًا ولا حراكًا ولا التفاتا, 
وأديرت وجوههم إلى داخل الكهف. فلا يملكون 
إلا النظر أمامهم. فصاروا يرون على جدار 
الكهف أمامهم ظلال الناس وأشباح الأشياء 
التي تسقطها نار موقدة أمام الكهف. ولمًا 
كانوا لم يرو! في حياتهم سوى الأشباحء فقد 


توهموها أعيانا. وصاروا يقيسون. مثل ابن 
الوزير في حكاية الفأر العملاق. الغائب عن 
أعينهم بالشاهد أمامهم على جدار 
الكهف(18١).‏ 

أراد أفلاطون بهذه الحكاية أن ينقد العقل 
التجريبي» ويبرهن على صحة المثل والنماذج 
الخالدة,. في حين أراد ابن خلدون بها أن 
يبرهن على العكس. وهو قصور العقل عن 
إدراك الغائب عنه. وإذا استعرنا تمييز ابن 
خلدون, بين «السبب النجومي» المحلق في 
الفضاءء. و«السبب الأرضي » اللصيق بهذا 
العالم, فنستطيع القول إن أفلاطون كان يريد 
أن يقدّم تفسيرًا «نجوميًا, لبنية هزه 
الحكاية. بينما قدّم ابن خلدون تفسيرًا 
«أرضيًا» لاشتغالها. 


لوح العقل الأبيض 

المعرفة. إذن. ليست تذكرًا للمثل. كما يرى 
أفلاطون. ولا اتصالاً بالعقل الفعّال: كما يرى 
الفلاسفة. بل هي حصيلة التجربة الاجتماعية 
المتغيرة. 

لقد أعطى الله العقل التمييزي للإنسان 
ليتميز به عن بقية الحيوانات, وأعطاه العقل 
التجريبي: ليفهم به عالمه. ويذلل الصعاب 
التي تقف في طريقه. كما أعطاه العقل 
النظري: ليحظى بتصور الموجودات في 
العوالم الأخرى. وجميع هذه المراتب العقلية 


أفاق الثقافة وألتراث - العددان .5١(‏ 79 - ذو الحجة 1518ه - ابريل (نيسان) 554 1غ 





نظرية المعرفة ال 02 





«كسبية» بطبيعتها أي إنها كانت بعد أن لم 
تكن. والانسان «قبل التمييز خلو من العلم 
بالجملة, معدودٌ من الحيوانات»(15). ثم 
يحصل له الانسلاخ من الحيوانية والارتفاع 
إلى البشرية بمقدار استكماله للمعرفة في 
درجاتها الثلاث. فالإنسان - كما يقول ابن 
خلدون: «جاهل بالذات عالم بالكسب». يولد 
وعقله صفحة بيضاء. ليس فيها معرفة 
قبلية. ثمّ تبدأ التجارب الكسبية بالانتعاش 
عليها؛ لترتفع به في سلم الرقي من مرتبة 
الحيوانية إلى مرتبة الانسانية. وبالتالي فإن 
المعرفة في جميع درجاتها معرفة تجريبية 
«كسبية». أي مكتسبة بالتجربة الاجتماعية 
في العالم الفعلي الواقعي. إن احترام ابن 
خلدون للمعرفة العيانية الحدرسية في 
التجارب الخارقة لا ينتمي إلى الجزء الخارق 
فيهاء بل ينتمي إلى الجزء « التجريبي ». ولهذا 
يحرص على التأكد من مصداقيتها تجريبياء 
بالمشاهدة أو الخبر. وليس استنادًا إلى قوانين 


العقّل النظري 


العقل النظري من طبيعة مختلفة؛ في رأي 
ابن خلدون: لأنه يتعلق بعالم الملأ الروحاني 
الأعلى. وفي العالم الروحاني ذوات مدركة 
نعلم وجودها من تلقينا آثارها في أنفسنا. 
وبسبب موقع العقل التجريبي وسيطًا بين 


العقل التمييزي والعقل النظريء فإنه يستطيع 
تصور طبيعة العالم الروحاني؛ أي إن العقل 
التمييزي يدرك والعقل التجريبي يفهم, 
والعقل النظري يتلقى. والعقل التجريبي 
يحلل. وابسط تصور ممكن للأرواح هي أنها 
ذوات مجردة عن المادة. وعقل صرف يتحدد 
فيه العقل والعاقل والمعقول, وكأن حقيقتها 
الادراك والعقل فحسب. وبسبب هذا التجرد 
المطلق عن الزمان فإن الروحانيات لا تخضع 
لمعايير الإثبات الخارجية في دليل المطابقة, 
بل لا يمكن الاتصال بها إلا من وراء حجاب. 
ولا ينكشف هذا الحجاب إلا بالعيان والتجربة 
الحدسية التي لا يتوافر عليها إلا الأنبياء 
والأولياء والصوفية وذوو المواهب الخارقة 
(كالرؤية والكهانة والعرافة وغيرها). العقل 
النظري. بعبارة أوضح. فعالية سلبية لا يمكن 
البرهنة عليها سلبا ولا إيجابا؛ لأنها تشترط 
غياب العقل التجريبي أصلاً. «أمّا ما يزعمه 
الحكماء الإلهِيُون في تفصيل ذوات العالم 
الروحاني وترتيبهاء المسمّاة عندهم بالعقول, 
فليس شيء من ذلك بيقيني؛ لاختلال شرط 
البرهان النظري فيه. لأن من شرطه أن تكون 
قضاياه أولية ذاتية. وهذه الذوات الروحانية 
مجهولة الزاتيات. فلا سبيل للبرهان فيها. ولا 
يبقى لنا مدرك في تفاصيل هذه العوالم إلا ما 
نقتبسه من الشرعيات التي يوضحها الإيمان 
ويحكمها»(50). 








نظرية اطعرفة وصراتب العقل عند ابه خلدون 





الخبر والإتشاء 

يميزابن خلدون. متابعا السكاكي 
ومدرسته. بين الخبر والانشاء(١؟).‏ الجملة 
الخبرية «هي التي لها خارج تطابقه», 
والجملة الانشائية هي «التي لا خارج لها 
كالطلب وأنواعه». وسينقل ابن خلدون هذا 
التمييز نقلة مهمة يتحول بمقتضاها من 
مستوى البحث البلاغي الصرف إلى مستوى 
البحث المعرفي (الابستمولوجي). فالخبر 
تاريخيّ بالضرورة: ولهذا لا بد من إخضاعه 
للفحص العقلي التجريبي من حيث الإمكان 
المادي والمطابقة مع الخارج. في حين أن 
الأخبار الشرعية «تكاليف إنشائية» أوجب 
الشارع العمل بها حتى حصل الظن بصدقها. 
وسبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة 
والضيط » (؟5). 

هنا نلاحظ اختلاف الملكة التي تتلقى 
الخبر عن الملكة التي تتلقى الإنشاء. فهي في 
الخبر. البرهان أو النظر أو العقل التجريبي, 
بينما هي في الإنشاء الظن. وقد رأينا كيف 
يزيّف ابن خلدون ادّعاءات الفلاسفة. ويصفها 
بأنها ظنون محضة و«أوهام» و«أغلاط, 
و«تزييف أقوال باطلة». أي باختصار مجرّد 
«إنشاء» بلاغي لا دليل عليه. 

إذن» ما الفرق بين الانشاء الديني والإنشاء 
الفلسفي,, ما دام كلا الانشائين يفيد الظن 
فقط. ولا يقبل المطابقة مع الخارج؟ 


يجيب ابن خلدون أن الانشاء الفلسفي لا 
يترتب عليه غير المعرفة الظنية. بينما تترتب 
على الإنشاء الديني مصلحة فعلية. فليس 
المقصود من الإنشاء الديني الايمان وحده. بل 
حصول صفة منه تتكيف بها النفس. صحيعٌ 
أننا لا نجد الناس جميعا بمنزلة واحدة في 
كيفية التسليم به. ولكن ذلك لا يحول دون 
ترسيخ العقائد التي يدعو إليهاالانشاء 
الديني بمرور الزمن. يقول ابن خلدون: «إن 
كثيرًا من الناس يعلم أن رحمة اليتيم 
والمسكين قرية إلى الله. ويقول بذلك ويعترف 
به. وهو لو رأى يتيمًا أو مسكينا لفزّ منه 
واستنكف أن يباشره.. فهذا إنما حصل له من 
رحمة اليتيم مقام العلم. ولم يحصل له مقام 
الحال والاتصاف. ومن الناس من يحصل له 
مع مقام العلم والاعتراف مقامٌ آخر أعلى من 
الأؤل. وهو الاتصاف بالرحمة وحصول 
ملكتها. فمتى رأى يتيمًا أو مسكينا بادر إليه, 
ومسح عليه. والتمس الثواب في الشفقة 
عليه.. وكذلك علمك بالتوحيد مع اتصافك 
به("7). 

ليس المقصود من الإنشاء الدينيء إذن» 
العلم وحده. بل العلم والاتصاف به. أي العمل 
المتكرر مرّات غير منحصرة؛ لأن ملكة أي شيء 
لا تحصل إلا بتكراره حتى يتحول إلى خاصية 
حالية. تؤدي مصلحة ما في المجتمع؛ وهذه 
الخاصية أقرب إلى الطبيعة منها إلى العلم. 


آفاق الثقافة وللتراث - العددان (*8. 1؟) - ذو الحجة 1418ه - أبريل (نيسان) 1544م 





نظرية امعرفة وهراتب العقل عند اين خلدون 





«فقد تبيّن لك من جميع ما قررناه أن 
المطلوب في التكاليف كلها حصول ملكة 
راسخة في النفس. يحصل عنها علم اضطراري 
للنفس». هكذا يكون للعقل النظري وظيفة 
العقل التجريبي. وهذا المعنى للمّلكة بوصفها 
بنية تترسخ بالتكرار والتجربة هو الذي 
يحتاج إليه ابن خلدون في تصنيفه للعلوم 
والصنائع. 


" - الطور الميتافيزيقي 

وهو في نظر كونت تعديل محض للطور 
اللاهوتي, وهما يشتركان في خصائص 
عديدة. ففي هذا الطور الميتافيزيقي يريغ 
الإنسان إلى البحث عن العلل الأولى. والوصول 
إلى معرفة المطلق. لكنه يستبدل في هذا الطور 
بالعوامل الخارقة على الطبيعة «قوى مجردة 
يتصور أنها قادرة بنفسها على إحداث كل 
الظواهر المشاهدة, (55). 


؟ - الطور الوضعي 

في هذا الطور يكتفي الانسان « بالمعرفة 
النسبية», معرفة الظواهر وعلاقاتها بعضها 
ببعضء وينبذ تجريدات الميتافيزيقا. فقانون 


الجاذبية الذي وضعه نيوتن هو نموذج 
التفسير في الطور الوضعي: إنه يفسَّر 
مجموعة هائلة من الظواهر المتنوعة, لكنه لا 


يقول شيئًا عن «الثقل, و«الجاذبية. كما 
هما في ذاتيهماء فهزه أمور يمكن أن نتركها 
لتخيلاتاللاهوتيين وتدقيقات 
الميتافيزيقيين »(35). 

تكمن خطورة قانون كونت في كشفه أن 
الفكر الإنساني يمر في تطور عقلي. 
للمجتمعات من حالة معرفية إلى أخرى. وأن 
أشكال بناء المجتمع تتطور أيضاء وأن هناك 
مماثلة بين خطي التطور في الفكر الإنساني 
وأشكال مجتمعاته. يقول كونت: «لا يمكننا إلا 
بتجريد ضروري أن ندرس التطور العقلي 
للإنسان بانفصال عن تطوره الزماني؛ أو أن 
ندرس الزات الإنسانية بدون مجتمع؛ لأن 
هذين التطورين. على الرغم من أنهما 
مختلفان. ليسا مستقلين, بل يضغط الواحد 
منهما على الآخر بتأثير متصل وضروري لكل 
منهما»(07؟). 

ويمكننا أن نرسم مخطط الأدوار الثلاثة يما 
يماثل مخطط مراتب العقل عند ابن خلدون: 


تطور الفكر | اشكال بناء المجتمع 


المرحلة اللاهوتية المجتمعات البدائية 
5 

المرحلة الميتافيزيقية | المجتمعات الوسيطة 
ا 


المرحلة الوضعية المجتمعات الحديثة 











ل-ده 2 




















ا 0 الك تاك 





يتمثل الفرق بين المخططين في طغيان 
فكرة «الزمانية» على مخطط كونت, وخلق 
مخطط ابن خلدون منها. فبيئما يتحدث كونت 
عن مراحل متعاقبة في الزمان. يتحدث ابن 
خلدون عن مراتب متداخلة في مسنوى التفكير 
الواحد. وبالتالي فإن ابن خلدون لا يقرن في 
مخططه بين الزمان ومراتب المعرفة؛ لأن هذه 
المراتب يمكن أن تتزامن معا في مرحلة 

ويجد في التجربة أن بعض أفراد المجتمع 
يلجأ إلى المعرفة الحدسية (العقل النظري) 
وبعضهم يكتفي بالمعرفة التجريبية. ليس 
معنى هذا بالطبع أنه لا يربط بين المعارف 
والعقول وبين تطور أشكال المجتمع. بل 
بالعكس. وسنرى كيف يربط الظواهر المعرفية 
بالظواهر العمرانية في المجتمع ارتباطًا 
ضروريًا. وإذا فحصنا ملكة العلوم والصنائع 
لديه. فإننا سنجدها العقل التجريبي. لقد 
أخرج ابن خلدون العقل التمييزي. بوصفه 
خارجا عن إطار الزمان والمكان والمادة. من 
دائرة الزمانية, واستبقى العقل التجريبي 
وحده مرتبطًا بالزمانية. وبالنتيجة, فإن 
درجة انفتاح العقل التجريبي ترتبط وحدها 
بأشكال بناء المجتمع. وصلة قرباه الضرورية 
من ناحيتي العمران والبداوة. وما لم يجد 
العقل التجريبي دفعة إعجازية من العقل 


النظري. تبث فيه روح عصبية دينية معينة, 


قن سو برص سورع لامكا مله 
العمران في المجتمع. 


الح واشي 





4 مقدمة ابن خلدون:‎ - ١ 
5 ؟ - المصدر نفسه:‎ 
.474 المصدر نفسه:‎ - * 


حم 


- المصدر نفسه: 89١‏ 

ه-التعريف (الطبعة الملحقة بالعبر): 
1 

5 - مؤلفات ابن خلدون: 95". 

- الفكر الواقعي عند ابن خلدون: ؟4. 

/ 


مؤلفات ابن خلدون: 5 


8 - مقدمة ابن خلدون: 454. 

-٠‏ شروح على أرسطو مفقودة في 
اليونانية ورسائل أخرى: "١‏ - 455. 

١‏ - ابن رشد:١١١.‏ وهناك رسالة صغيرة 
بعنوان: (الاتصال بالعقل الفعال) 
نشرت ملحقة بكتاب ابن رشد عن شرح 
كتاب النفس لأرسطو منسوبة لابن 
رشد. وأعاد نشرها د. ماجد فخري في 
كتابه ابن رشس: --185. غير أن 
نسبتهالابن رشد موضع شك: لأن 
مؤلفها يخاطب فيها من سمّاه « مولاي 
وسيدي». ولذلك يرجح د. ماجد فخري 
نسبتها إلى ابنه أبي محمد عبدالله بن 


آفاق الثقافة والتراث - العددان )7١ 5٠(‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل إنيسان) 215844 





رشد. ثم يضيف: «وليس في الرسالة 
شيء عندنا.. سوى هذه العبارة, 
يستدلَ به على أنها ليست من وضع 
ابن رشد جملة». ولا يبعد في رأينا أن 
تكون هذه الرسالة من تلخيص ابن 
خلدون في شبابه. ولعلّ المخاطب بها 
أستاذه الآبلي. كما فعل في تلخيصه 
لمحصل الرازي. غير أن إثبات ذلك 
يحتاج إلى مزيد من التوثيق 
الفيلولوجي ومعرفة تاريخ نشخ 
المخطوطة الأصلية. والجدير بالذكر أن 
هذه الرسالة تناقش رأيي الاسكندر 
الافروديسي وثامسطيوس وتوفق 
بينهما. وكان المسعودي قد أشار إلى 
الثلاثة, إشارة سريعة لا تخلو من 
اضطراب (مروج الذهب ؟/595). وفي 
الفوزالأصغر لمسكويه: ١57‏ عند 
حديثه عن كتاب النفس لأرسطو أن 
«أجلة المفسرين اختلفوا في تفسيره, 
أعني الاسكندر وثامسطيوس ومن 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (70: ١؟)-‏ ذو الحجة 514١ه‏ - ابريل (نيسان) 1554م 


نظبرية المعرفة وهراتب العقل عند ابن خلدود 





تبعهما: لآن كل واحد منهما فهم عن 
الحكيم (أرسطو) غير ما فهمه «الآخر». 

1 - مقدمة ابن خلدون: 89. 

.9!/ المصدر نفسهة:‎ - ١1 

4 - المصدر نفسه: 19. 

.1١ا!/ ابن رشد:‎ - ١ 

55 - مع ابن خلدونء قراءات: 1584. 

.114 منطق ابن خلدون:‎ - ١١ 

- الجمهورية لأفلاطون (ترجمة حنا 
خبان: .3١5‏ 

4 - مقدمة ابن خلدون: 96". 

."914 المصدر نفسه:‎ - ٠ 

"9١‏ - ابستمولوجيا الخبر بين المسعودي 
وابن خلدون. أيوابء: العدد (15): ؟7١.‏ 

١‏ - مقدمة ابن خلدون: ه". 

19> - المصدر نفسة: 458. 

4 - عبقريات ابن خلدون: 127. 

5" - محاضرات: 1ق 

5 - موسوعة الفلسفة: ؟/ ؟١"9‏ - 7١5‏ 


٠7‏ - الفلسفة والعلوم: ٠١‏ بتصرف منا. 





حول تكوين الحقل الغربي 






دراسة نقدية لطروحات صحصد عايد الجايبري 





الملخص 
درس العديد من اليا 


حثين المعاصرين فضايا ا ااي ٠‏ وتقَلّبوا 
بين مواقف شتى .2 ٠‏ متبئين رؤى مختلفة 


مشتركة أو متباينة. معتمدين في بحوثهم 


منهجيات وأساليب قد تقترب من الموضوعية , وقد تبتعد عنها . بحسب اجتهاد 


الباحث. 


والحديث عن التراث العربي الاسلامي وهمومه حديث طويل ومتشغب . تتداخل 
فيه الرؤى التاريخية مع المقدمات والمتطلقات الفلسفية والمواقف السياسية والأوضاع 
الاجتماعية ومستويات الوعي الخاص والعام أحيانًا. 


وتأتىي محاولة الأستاذ 
محمد عابد الجابري التي دأب 
على تأسيسها منذ ما يزيد 
على عقد من الزمان واحدة 
من المحاولات الجادة. التي 
شهدها مسرح الثقافة العربية المعاصرة. هذه 
المحاولة التي ظهرت بشكل مركز ومجمل مع 
مقدمة كتاب «نحن والتراث» الذي صدر في 
بيروت عام ,198٠‏ ثم أخذت تلك الدراسة إطارًا 
أكثر اتساعاء وأنظم منهاجاء ورؤية أكثر عمقًا. 
وأثرى مادة» في كتاب «نقد العقل العربي» 
بجزأيه: «تكوين العقل العربي»(١)‏ و«بنية 
العقل العربي»(؟) في محاولة لتقديم دراسة 





تحليلية نقدية لنظم المعرفة 
في الثقافة العربية. 

في هذه الدراسة سنعرض 
معة الموصل | لما قدمه الأستاذ الجابري في 
نقده للعقل العربي بنية 
وتكويتاء متوخينء في كل ذلك. فحص جوائب 
(العلمية والموضوعية) التي وعد بها الجابري 
في دراسته لهزه المسألة الحيوية والمهمة من 
مسائل ثقافتنا المعاصرة.. معتمدين في 
منهجنا لفحص هذه الرؤية مجمل ما يحتويه 
التاريخ. وما يقرره العلم المعاصر من حقائق 
هي بمنزلة القاعدة الأساس التي ينبغفي 
الرجوع إليها في معترك الخلاف والاختلاف. 








حول ذكوين ف 2 - دداسة نقدية لطروحات محمد عابيد الجايري 





تعريف العقل 

في الفصل الأول من الجزء الأول من كتاب 
نقد العقل العربي يبدا الاستاذ الجابري 
بالتمييز بين مصطلح «فكر» بصفته (جملة 
من الآراء والأفكار التي يعبر بها ومن خلالها 
عن الاهتمامات. والمشاغل. والمثل الأخلاقية, 
والمعتقدات المذهبية. والطموحات السياسية 
والاجتماعية("). وبين مصطلح «عقل», 
بكونه أداة لإنتاج الفكر. ولكي يؤسس 
الجابري مبدأه في تحقيق «الهوية» أو 
«الجنسية الثقافية» للمفكر يعتمد القاعدة 
المعرفية القائلة: (إن المثقف لا ينتسب إلى 
ثقافة معينة إلا إذا كان يفكر داخلها)(؛). 
والتفكير داخل ثقافة معينة لا يعني التفكير 
في قضاياها. بل (التفكير بوساطتها). وهذا 
الذي يعني [التفكير من خلال منظومة 
مرجعية تتشكل إحداثياتها الأساسية من 
محددات هذه الثقافة ومكوناتها. وفي مقدمتها 
الموروث الثقافي والمحيط الاجتماعي والنظرة 
المستقبلية. بل النظرة إلى العالم. إلى الكون 
والإنسان كما تحددها مكونات تلك 
الثقافة)(ه). 


وهكذا فإن مفهوم «العقل العربي» الذي 
تعالجه دراسة الأستاذ الجابري هو الفكر 
(بوصفه أداة للإنتاج النظري صنعتها الثقافة 
العربية بالزات, الثقافة التى تحمل معها ش 
ناريخ العرب الحضاري العام. وتعكس واقعهم 


أو تعبّر عنه وعن طموحاتهم المستقبلية. كما 
تحمل وتعكس وتعبر في الوقت ذاته عن 
عوائق تقدمهم وأسباب تخلفهم)(5). 

واضح أن هذا الاختيار لموضوع الدراسة 
يستهدف اساسا الجانب الابستمولوجي, 
البحث في أدوات إنتاج الفكر لا منتجات هذه 
الأدوات. وبذلك يحاول الجابري أن يستبعد في 
الجزء الأول مسن كتابه مناقشة الجانب 
الأيديولوجي. 

ولغرض الإجابة عن السؤال: ما إذا كان 
العقل نفسه خاليًا من أي محتوى يستعين 
الجابري بتصنيف لالاند الذي يميز فيه بين 
العقل المكوؤن والعقل المكوّن. فالأول يقصد به 
(النشاط الذهني الذي يقوم به الفكر حين 
البحث والدراسة, والذي يصوغ المفاهيم ويقرر 
المبادىء)(). فهو إذن (الملكة التي يستطيع 
بها كل إنسان أن يستخرج من إدراك العلاقة 
بين الأشياء مبادىء كلية وضرورية. وهي 
واحدة عند جميع الناس)(8). أما العقل المكؤن 
فإنه (منظومة القواعد المقررة والمقبولة في 
فترة تاريخية ماء والتي تعطي لها خلال تلك 
الفترة قيمة مطلقة)(4). ولا بد من التنبيه هنا 
إلى أن وصف الملكة الاستنباطية كما عرفها 
الجايري أعلاه (واحدة عند جميع الثاس) 
مسألة عليها الكثير من التحفظ. 

ثم ينتقل الجابري إلى إجراء مقارنة بين 
«العقل العربي» و«العقل اليوناني» 





ا ا ا را ا 50 





و«العقل الأوربي الحديث والمعاصر». وهنا 
يقرر موضوعة غير مستوفية لشروط الصحة 
في رأيناء إذ يقول: (إن الحضارات الثلاث 
اليونانية والعربية والأوربية الحديثة هي 
وحدها التي أنتجت ليس العلم فقط؛ بل 
نظريات العلم)(١٠).‏ إن هذا النظر غير المسوغ 
قد يجد ما يعارضه بوثائق كثيرة من تراث 
الحضارات الأخرى كالحضارة الصينية 
القديمة. وحضارات الهند أيضًا.. لذلك لا يمكن 
قبول هذه المصادرة على علاتها. 

ثم يستعرض الجابري بصورة انتقائية, 
وباختصارٍ شديد. عددا من فلاسفة اليونان 
العقلانيين ومنهم هيراقليط؛ واناكسا غوراس 
ليخلص إلى القول: (وهكذا نجد في جميع 
الأحوال داخل الثقافة اليونانية الطبيعة أولاً 
بوصفها معطئ ابتدائيئا غير منظم ولا متميز, 
ثم تتدخل قوى أخرى تسمى «العقل» تعمل 
على إشاعة النظام في الطبيعة, وبالتالي دفع 
عجلة التكون والتطور. أما الانسان فهو في 
جوهره قبس من «العقل الكلي .)١١()...»‏ 

وحين ينتقل إلى الفلسفة الأوربية الحريثة 
مبتدءًا بديكارت وأسبينوزا عبر كانت وهيغل, 
فإنه يجد فيها تواصلاً عضويًا مع الفلسفة 
اليونانية على الرغم من المسافة الزمانية؛ 
ليخلص إلى أن مفهوم العقل في الثقافة 
الإغريقية والثقافة الأوربية الحديثة يؤكد 


تاريخية هذا العقل, أى ارتباطه بالثقافة التى 


يتحرك داخلها الشيء الذي ينزع عنه 
(الصبغة الاطلاقية)(؟١).‏ وهكذا يجد أن لبنية 
العقل في الثقافة الإغريقية - الأوربية 
الحديثة ثابتتان هماء: 
١‏ - عل العلاقة بين العقل والطبيعة علاقة 
مباشرة. 
؟- الإيمان بقدرة العقل على تفسيرها 
والكشف عن أسرارها من جهة ثانية. 
وهكذا تكون الفلسفة اليونانية - الأوربية 
قد تمحورت حول العقل - الطبيعة. أما الله 
فإنه واسطة بين العقل والطبيعة. 
يلاحظ هنا أن الأستان الجابري. وعلى 
الرغم من سعة اطلاعه على مفاهيم الفيزياء 
المعاصرة التي أبرزها في كتابه «مدخل إلى 
فلسفة العلوم»(؟1١)‏ بجزأيه. حيث نجد هنالك 
أنه يعترف بأن الفيزياء الحديثة والمعاصرة 
قد غيّرت جذريًا مفاهيم العقل اليوناني - 
الأوربي» وغيّرت كثيرًا من مبادئه (أي مفهوم 
الحتمية ومطلق الزمان - مكان) إلا أنه مع 
ذلك لا يرى على ما يبدو ضرورة للدخول في 
هذه المسألة على وجه التفصيل حينما 
يناقش العقل اليوناني - الأوربي الحديث في 
مقابل العقل العربي. وعلى الرغم من خطورة 
هذه المسألة وأهميتها المعاصرة؛ إن يتحكم 
الإنسان المعاصر إلى العلم ومعطياته عند 
النظر إلى الموقف الفلسفي - لكنه يقرر أن 
يحجم عن الدخول في معتركها ويتجاهلها 





ات ل - دداسة تقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





منتصرًا على استنتاج مفاده أن الثورة 
الابستمولوجية الحديثة, التي انطلقت مع 
نظرية الكم والنسبية. غيّرت مفهوم العقل 
نفسه! لكننا سنرى فيما يلي من هذه الدراسة 
أن المسألة لا تقف عند هذا الحدّ. بل تمتد في 
الحقيقة امتداذا عميقا لتعيد النظر في مجمل 
الأحكام التي توصل إليها الأستاذ الجابري في 
دراسته للعقل العربي. لكننا الآن نؤثر 
الاسترسال في عرض ما قدمه الجابري؛ لنرى 
أنه عندما يحاكم العقل العربي يرى فيه أنه 
يتسمأولاً «بالنزعة المعيارية,2؛ أي ذلك 
الاتجاه في التفكير الذي يبحث للأشياء عن 
مكانها وموقعها في منظومة القيم التي 
يتخذها ذلك التفكير مرجعا له ومرتكرًا.. في 
مقابل النظرة الموضوعية التي ينسبها إلى 
العقل اليوناني. والتي هي نظرة تحليلية - 
تركيبية:؛إذ يجد ,أن الحركة في الثقافة 
العربية, كانت وما تزال. حركة اعتماد لا 
حركة نقلة. وبالتالي فزمنها مدة يعدها 
السكون لا الحركة)(4 !)١‏ .. وهكذا يرى أن الزمن 
الثقافي العربي ليس إلا اجترارًا لما مضى, 
تتداخل فيه الأزمنة الثقافية حيث يجد على 
الصعيد المعرفي أن (المثقف العربي ما زال 
كما كان منن العصر الأموي, يستهلك معارف 
قديمة على أنها جديدة سواء كان مصدرها 
عربيًا خالصًا أو دخيلاً. تلك كانت حالته 
بالأمس, وتلك هي حالته اليوم)(15). أما على 


الصعيد الأيديولوجي. فإنه يرى (أن هذا 
المثقف كان. ومنذ العصر الأموي كذلك. وما 
يزال. يعيش في وعيه صراع الماضي متداخلاً 
مع أنواع الصراعات الأخرى التي يشهدها 
حاضره)(5١)..‏ وهكذا يتفق الجابري في هذه 
المسألة مع علي أحمد سعيد (أدونيس) في 
رؤيته للإنسان العربي كيانًا ماضويًا(ا١)...‏ 

وهكذا نجد أن الجابري في مفتتح دراسته 
للعقل العربي يستبق الدراسة بجملة من 
الأحكام المسبقة التي يرى أنها تحكم هذا 
العقل عموما. أما ما ابتدعه هذا العقل زاته 
في القاهرة وبغداد ودمشق والقيروان وقرطبة 
فهو ليس الإنتاج الذي ظهر فيها. وهذزه 
المواطن ليست (إلا جزرًا ثقافية منفصلة 
معزولة بعضها عن بعض(185). كما يرى 
الجابري في الوقت الذي يفصل فيه حقيقة أن 
كتاب «تهافت الفلاسفة»(19١)‏ الذي كتبه أبو 
حامد الغزالي في المشرق قد تم نقده من خلال 
«تهافت التهافت»(١3)‏ الذي كتبه أبو الوليد 
ابن رشد في المغرب.. وأن أصول الفقه التي 
وضعها مالك بن أنس في الحجاز صارت 
مصررًا معتمدًا للدراسات الشرعية 
والتطبيقات الاجتماعية في المغرب. 

إن الموضوعية التي وعد يها الجابري 
تقتضي في هذا المقام النظر إلى التاريخ 
الثقافي الأية أمة نظرة داخلية وخارجية لا 
تنفصل إحداهما عن الأخرى.. كما يتطلب 





حول تكويه العقل العربي - دراسة تقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





الموقف الموضوعي أيضًا الفصل بين المراحل 
المختلفة للزمن الثقافي. فإذا كانت تلك 
الأحكام صحيحة عند مرحلة معينة. مرحلة 
الانحلال والسقوط والجفاف الثقافي والركود 
الفكري المستلي بالقهر والاستبداد. فإن هذه 
الأحكام تصبح تجنيًّا تاريخيًا عظيمًا على 
تراث الأمة عندما تطلقئ هكذا معممة دون 


تمييز وتبصر.. 


تكوين العقّل العربي 

يختار الجابري عصر التدوين والترجمة 
إطارًا مرجعيًا عامًا لدراسته. وهذا العصر يمتد 
ما بين سنة ؟"١ه‏ إلى ١7ه؛‏ أي ما اصطلح 
عليه المؤرخون بالعصر العباسي الأول. ويبرر 
الجابري اختيار هذه الفترة بكونها ناحية 
موضوعية حيث إن (عصر التدوين هو بمنزلة 
الحافة الأساس. فهو الاطار المرجعي الذي 
يسن إليه. وبخيوط من حديد. جميع فروع 
هذه الثقافة, وينظم مختلف تموجاتها 
اللاحقة إلى يومنا هذا. فصورة العصر 
الجاهلي وصورة صدر الاسلام والقسم الأعظم 
من العصر الأموي إنما نسجتها خيوط منبعثة 
من عصر التدوين. هي نفسها الخيوط التي 
نسجت صورة ما بعد عصر التدوين. وليس 
العقل العربي في واقع الأمر شيئًا آخر غير 
هزه الخيوط بالزات)(١5).‏ 


من هذا المنطلق يؤسس الجابري اختياره 


لعصر التدوين منظومة مرجعية ينظر منها 
وفيها إلى تكوين العقل العربي وإلى محتواه. 
وفي ثنايا الفصول التسعة الباقية من الجزء 
الأول من كتابه يؤسس رؤيته البنيوية 
لتكوين العقل العربي في ثلاثة أطر أو بنيات 
معرفية هي: 
أ - البيان : ويشمل علوم اللغة والفقه وعلم 
الكلام. 
ب- العرفان : ويشمل الاتجاه الإالهامي 
المتمثل بطروحات الصوفية والباطنية. 
ج - البرهان : ويشمل علوم المنطق الأرسطي 
وما بُني عليها. 
وفي هذا يرى أن البيان العربي مؤسس 
على نظام معرفي واحد يعتمد «قياس 
الغائي على الشاهد» منهاجا في إنتاج 
المعرفة. وهذا ما يسميه بالمعقول الديني 
المقيد بالمجال التداولي الأصلى للغة العربية 
كرؤية واستشراف. من هنا كان لا بذ من 
محاكمة اللغة العربية والبحث عن أصولها 
وفصولها أولاً قبل الدخول في جوانب البيان 
العربي الأخرى (وهي الفقه وعلوم الكلام). 
فاللغة (ليست أداة للفكر فقط. بل هي 
أيضًا القالب الذي يتشكل فيه الفكر)(؟١).‏ وهذا 
صحيح., واللغة تتأثر بالبيئة؛ فهي (لا تعكس 
الظروف الطبيعية فحسب. بل تحمل معها هذا 
الانعكاس نفسه لنشره على أمكنة وأزمنة 
مختلفة.. فتكون بذلك عاملاً أساسيًاء وأحيانا 








حول دكويت العقل العربي - دراسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 


حاسمًا في تحديد نظرة أصحابها إلى الأشياء 
وتأطير تلك النظرة)(؟5). 

وفي هذه المقولة جانب من الصحة, لكنه 
لا ينبغي أن يؤخذ هكذا على إطلاقه وعفويته. 
ذلك لأن مثل هذا القول بحاجة إلى شرح لم 
يتطرق إليه الجابري. وبحاجة إلى تدقيق على 
جانب كبير من الأهمية في الحكم التاريخي 
على تطور اللغة وارتباطها بالمكان والزمان. 
لكن الجابري يقفز فوق كل هذا فيلاحظ (أن 
قاموس لسان العربء وهو أضخم وأغنى 
قاموس في اللغة العربية, لا ينقل إلينا على 
ضخامة حجمه. أسماء الأشياء الطبيعية 
والصناعية. ولا المفاهيم النظرية وأنواع 
المصطلحات التي عرفها عصره. القرن السابع 
والثامن للهجرة)(4١).‏ والسبب كما يراه هو 
الإطار المرجعي للعقل العربي. عصر التدوين: 
يأبى (إلا أن يجعل اللغة العربية الرسمية أو 
الفصيحة لغة القواميس تبقى دائمًا هي اللغة 
التي جمعت وصنعت من طرف الخليل بن 
أحمد وزملائه)(0). 

وهنا تبرز الانتقائية في النظر إلى النتاج 
الثقافي واإلى التاريخ وحقائقه.. فالجابري 
يريد على ما يبدو أن يرى في (لسان العرب) 
وهو معجمٌ لغويّ أساسًاء مصطلحات علمية 
وصناعية متجاهلاً وظيفته. ومتجاهلاً في 


الوقت نفسه وجود قواميس اصطلاحية أخرى, 
منها ما كتب قبل (لسان العرب) ومنها ما 


كتب بعده. ومنها كتاب (مفاتيج العلوم)(:؟) 
للخوارزمي المتوفى سنة 7ه ففيه الكثير 
من الأسماء الطبيعية والاصطلاحات العلمية 
والعملية المتداولة في عصره. ومنها كتاب 
(التعريفات)(/؟) للجرجاني المتوفى سنة 
5ه وكتاب (الكليات)(18١)‏ لأيوب بن موسى 
المتوفى سنة 14١٠ه.‏ وكتاب (كشاف 
اصطلاحات الفنون)(9١)‏ للتهانوي المتوفى 
سنة /8١اش...‏ 

ثم يتعرض إلى كيفية جمع اللغة العربية 
من أفواه (الأعراب). ومن ثم التنظير لها 
وتوليدها على يد الخليل بن أحمد. ثم 
تقعيدهاعلى أيدي النحاة البصريين 
والكوفيين؛ ليخلص إلى أن هذه العملية قد 
(جمدت اللغة العربية بعدما حنطتها)(:"). 
ونظرًا لان (الحياة الاجتماعية لا تتجمد ولا 
تتحنط)؛ لذلك يرى الجابري أن الحياة نفسها 
قد (انتقمت لنفسها بفرض ليجات عربية 
عامية كانت وما تزال, أغنى كثيرًا من اللغة 
الفصيحة)(9*)! فاللغة العربية بعد الخليل 
بن أحمد وتلامذته هي (لغة لا تاريخية؛ لأنها 
لا تتجدد بتجدد الأحوال. ولا تتطور بتطور 
العصور)(؟"). فهزه اللغة حسب مايرى 
الجابري (نشأت أو جمعت في عالم حسي لا 
تاريخي. عالم البدو من العربء الذين كانوا 
يعيشون زمتا ممتدًا كامتداد الصحراءء زمن 
التكرار والرتابة. ومكانا بل فضاًءًا طبيعيًا 





حول تكويه العقل العربي - ددراسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





وحضاريًا وعقليًا فارغا هادنًاء كل شيء فيه 
صورة حسية بصرية أو سمعية. هذا العالم 
هو كل ما تنقله اللغة العربية إلى أصحايها 
اليوم وقبل اليوم. وسيظل هو هو ما دامت 
اللغةالعربية خاضعة لمقاييس عصر 
التدوين وقيوده)(؟"). 

نقول: إذا كان تقعيد اللغة العربية وظهور 
علوم النحو والصرف والبلاغة قد أدى إلى 
ظهور اللهجات العامية, التي يرى الجابري 
أنها انتقام الحياة الاجتماعية من اللغة 
العربية, فما السبب في ظهور اللهجات 
العامية في أوربا في البلد نفسه. وفي إطار 
اللغة الواحدة نفسها؟ هل يوجد ما يناظر 
الخليل بن أحمد في إنكلتراء وهل تمّ ظهور 
اللهجات العامية هناك بسبب انتقام الحياة 
الاجتماعية من اللغة الأم؟ أم هي الأمية 
المعجمة التي طغت على حياة الشعوب, 
فجعلتها تنطق بكلمات تعبيرية عادت بها 
القهقرى إلى عصور ما قبل العلم, علم اللغة؟ 

إن ذلك التقييم الذي يتجاوز الكثير من 
العلمية في موضوعات نشوء اللغات 
والألسنيات وتطورها لا يمكن وصفه بأي شيء 
من الموضوعية. فكيف به الحال عند أخذه 
مأخذن الجد لإعادة تقييم تراثنا العقلي؟ ولماذا 
هذا التحامل على عالم (الأعرابي صائع 
العالم العربي) وعلى لغته.. أليس في خيوط 
هزه الرؤية ما يؤثر استلايًا استشراقيًا منحارًا 


غير منصف مرتديًا هذه المرة جلبابي 
الموضوعية البنيوية؟ 

لاستكمال فصول البيان العربي يعرض 
الجابري في الفصلين الخامس والسادس إلى 
علوم الفقه الاسلامي وعلوم الكلام. فيجد أن 
(الفقه الاسلامي كان ولا يزال أقرب منتجات 
العقلالعربي إلى التعبير عن 
خصوصيته)(؛"). ثم يرى أن (الفقه في الثقافة 
الإسلامية يقوم بالدور ذاته تقريبا الذي قامت 
به الرياضيات في الثقافة الووقانية وفي 
الثقافة الاوربية الحديثة)(5").. وهنا لا بِنّ لنا 
من التنبيه إلى الحقيقة التاريخية المعروفة 
أن الثقافة اليونانية لم تكن تمتلك 
«رياضيات» بل «هندسة وعلوم عدد» ثم 
ولدت الرياضيات (الجبر) مع الخوارزمي, 
واستكملت مع اكتشاف التفاضل والتكامل 
على يد ليبنز ونيوتن. على أننا نجد أن اللغة 
العربية (وليس الفقه) هي التي قامت بدور 
الرياضيات, كما سنرى ذلك عند مناقشة 
طروحات المتعلمين. 

وبصدد نشأة علوم الفقه وتقنين أصوله 
يرى الجابري أن التداخل الذي حصل بين 
الأخن ب (الرأي) في مجال ول(النقل) أو (الأثر) 
في مجال آخر شكل صراعًا بين وجهات نظر 
لم تكن تعتمد الأصول والمقدمات نفسها في 
تفسيرها أو معالجتها للقديم والجديد معا. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (50:١؟)‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل (تيسان) 1434 





حول تكوين اف ال 0 اك ا 2 0 000 





من إعادة التأسيس منطقيًا وابستمولوجيا 
(كما أن التنظير للخلافة والتشريع للحكم كان 
يتطلب وجود قواعد للتفكير تستطيع أن 
تسوغ الواقع وتقننه بإضفاء الصبغة 
الشرعية عليه. وهذه القواعد لم تتوافر للعقل 
العربي بشكل مضبوط إلا مع الشافعي.)(5”). 
ولذلك يرى الجابري أيضًا أن (القواعد التي 
وضعها الشافعي لا تقل أهمية بالنسبة 
لتكوين العقل العربي الإسلامي عن قواعد 
المنهج التي وضعها ديكارت بالنسبة لتكوين 
الفكر الفرنسي والعقلانية الأوربية الحديثة 
عامة)0ا”). 

على أننا نرى أن في هذا كثيرًا من المبالغة 
وتجاهلاً صريحًا لمساهمات أخرى في التقنين 
للمشرع. فنظرية الخلافة نُظر لها قبل 
الشافعي بكثير.. وكانت أول المسائل التي 
واجهت الحكم الاسلامي منذ عهد السقيفة 
والبيعة لأبي بكر.. ومن ثم ظهرت المشكلة 
ثانية على عهد الخليفة عثمان بن عفان ] 
وبعدها ظهرت في خلاف طلحة والزبير مع 
علي ]. ومن يقرا التاريخ ليرى أن للامام علي 
رؤية ونظرية شاملة في مسألة الخلافة, 
تفصح عنها مكاتباته مع معاوية بن أبي 
سفيان وخطبه في مؤيديه وأفراد جيشه في 
صفين.. كما كان لمعاوية هو الآخر نظريته. 
وكان للمرجئة نظريتهم وللخوارج رأيهم 
ونظريتهم.. كما كان للمعتزلة الأوائل على 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (50, 179 - ذو الحجة 1418ه - ابريل (نيسان) مخفا 


عهد بني أمية نظريتهم أيضًاء التي ربما كانت 
اكثر النظريات نضجاء فقامت على أساسها 
تحالفاتهم مع عمر ابن عبد العزيز ويعده 
يزيد بن الوليد.. ويقدم الأستان محمد عمارة 
عرضا وافيًا لنظرية الخلافة وأصولها 
وفصولها في كتابه «الإسلام وفلسفة 
الحكم»(8") بأجزائه الثلاثة. 

على أن ما يهمنا هنا هو أن موضوعة (أو 
قاعدة) الاستدلال بالشاهد على الغائب هي 
القياس الذي اعتمده الفقه الإسلامي. ولهزا 
القياس. كما هو معروف, شروط لازمة 
لصحته. فلو توافرت هذه الشروط لصار 
مكافئا للبرهان والقياس البرهاني القائم على 
أصول المنطق.. فلماذا إذن يرى الجابري أن 
القياس الفقهي آلية بليدة؟ 

لا نجد الجواب عن هذا في الجزء الأول من 
الكتاب. لكننا نجده في الجزء الثاني منه 
(بنية العقل العربي) حيث يقول في خلاصته: 
(إن العقل العربي عقلٌ يتعامل مع الألفاظ 
أكثر مما يتعامل مع المفاهيم, ولا يفكر إلا 
انطلاقًا من أصلء أو انتهاءًا إليه. أو بتوجيه 
منه. الأصل الذي يحمل معه سلطة السلف في 
لفظه أو في معناه. وأن آليته. آلية هذا العقل 
في تحصيل المعرفة - ولا نقول في إنتاجها - 
هي المقاربة أو القياس البياني, والمماثلة أو 
القياس العرفاني. وأنه في كل ذلك يعتمد مبدا 
التجويز كمبداً. كقانون عام يؤسس منهجه في 





حول تكوين العقل العربي - دراسة نقدية لطروحات محمد عابد الجايري 





التفكير ورؤيته للعالم)(5"). 

لو أن الجابري كان يحاكم العقل العربي 
في حالته الحاضرة الآن في عصور التخلف 
والجمود والاجترار. لوافقناه في كثير من 
نتائجه هذه. لكنه إذ يحاكم العقل العربي في 
أزهى عصور تطوره وأبهى منتجاته. فإنه 
يتجنّى على هذا العقل دون شك. إن الجابري 
يخلط الأزمنة الثقافية إذ يقرر أن سلطة 
السلف قائمة. وهل يوجد سلف دون زمن 
ساب وعهود ماضية؟ قد تكون سلطة السلف 
التي يتحدث عنها فرضت حالة الاجتهادات 
الفقهية البليدة التي يتحدث عنها في عصور 
متأخرة. لكن أن تكون آلية الاجتهاد على عهد 
تكوينها ونشوئها آلية بليدة فهذا أمرٌ لا يمكن 
أن يوصف بأي شيء من العلمية 
والموضوعية؛ لأنه مخالف لحقائق التاريخ 


الفكري لهذه الأمة. 
المعقول الديثي واللامعقول العقلي 


يميز الجابري بين «المعقول الديني» الذي 

هو القول بالاله الواحد و«اللامعقول العقلي » 

الذي هو التعدد والإشراك. ويجد أن المعقول 

الديني العربي يتحدد بثلاثة عناصر أساسية, 

هي: 

١‏ - القول بوجوب معرفة الله من خلال تأمّل 
الكون ونظامه. 


؟ - القول بوحدانية الله ونفي الشريك عنه. 


؟* - القول بالنبوة. 

هذه العناصر الثلاثة التي يتحدد بها 
المعقول الديني يتحدد بها عكسيًا اللامعقول 
العقلي. والمعقول الديني يمثل الموروث 
العربي الإاسلامي في حين أن اللامعقول 
العقلي يمثل الموروث القديم السابق على 
الإاسلام والمتمثل بالمانوية والهرمسية 
(الصابئة) والأفلاطونية المحرثة. 

مما يؤخذ على الأستان الجابري في هزه 
المسألة أنه لم يستطع أن يحدد موقفًا واضحًا 
من الجانب العقائدي للأديان المعروفة في 
المنطقة العربية وخاصةٌ الاإسلام, بصفته 
الإطار العام الذي تشكلت في داخله تلك 
الخيوط الأساسية للعقل العربي ضمن الاطار 
المرجعي الذي حددته دراسته فضلاً عن أن 
معالجة المعقول الديني واللامعقول العقلي 
توطئة لفصول لاحقة يتعرض فيها لبنية 
(العرفان).. ولما كان الإسلام ديتّا سماويًا 
وليس إبداعا أرسطيًا فقر كان الأجدر 
بالجابري أن يحدد موقفه بوضوح وصراحة 
وشجاعة من هذه البنية إن هو وجد فيها 
اختلافًا عن بنية العرفان.. 


العرفان 

هذه هي البنية الثانية من بُنى العقل 
العربي حسبما يراه الجابري.. ويمثل كما قلنا 
التيارات الصوفية والباطنية والمانوية 


افأق الثقافة والتراث - العددان (7, 1)- ذو الحجة 18١ه‏ - أبريل (نيسان) 814954 





حول تكويه العقل العربي - دداسة نقدية لطبروحات محمد عايد الجايري 





والاسماعيلية كافة, وكل ما له علاقة بالإلهام 
السماوي العلوي. ويحاول الجابري أن يكوؤن 
هذه البنية بتأسيسها على الأصول الهرمية, 
تلك الأصول التي يجد أنها ذات صلة بعيدة 
العهد بالفلسفات اليونانية - الرومانية التي 
انتقلت من اليونان إلى الإسكندرية. فحران (في 
سوريا) فالعراق وإيران!! 

في دراسة العرفان تتداخل الكثير من 
الصور والبُنى.. إذ يتداخل الإلهام الديني وما 
يؤسسه الوحي القرآني بشكل خاص مع 
طروحات العرفان الهرمسي. رؤيا هرمس 
بكيفية خاصة (والتي يعالجها الجابري بشكل 
مستفيض في الجزء الثاني من كتابه).. 
ولدراسة هذا الجانب وتكوين بنية (العرفان) 
الموحدة يستعين الجابري بكثير من تحقيقات 
المستشرقين أمثال فستوجير ودي بور وماكس 
مايرهوف وماسينون وهنري كوربان وآدم 
ميتز وبويش وغيرهم.. كل ذلك من أجل 
مجانسة الخليط غير المتجانس. والمؤلف من 
الهرمسية والفيثاغورية والفكر اليهودي 
وعلوم الكيمياء عند العرب.. نفي الوقت الذي 
تتأسس فيه الهرمسية على القول بإلهين 
اثنين: الاله المتعالي والاله الصانع. نجد أن 
الجابري يسترشد بمقاييس ماسينون للحكم 
على هرمسية هذا النص أو ذاك من النصوص 
العربية القديمة. حيث يصبح الاله واحذا (لا 
يُعبر عنه بوصف. ولا يدرك بالعقل. وإنما 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (0*, ١؟)‏ - ذو الحجة 414 ١ه‏ - أيريل (نيسان) 21554 


يتوصل إليه بالزهد والتطهير ومواصلة الدعاء 
والتبتل)(٠‏ 4). 

لقد أكدّ الجابري بشكل واضح على الربط 
بين كيمياء جابر بن حيّان والأصول 
الهرمسية. محاولاً دمج علوم الكيمياء 
العربية مع الهرمسية والغنوصية والعرفان 
الصوفي. تلك المحاولة التي لم يكتب لها 
التوفيق فيما نرى. ففي الوقت الذي يورد نضا 
هرمسيًا يؤكد فيه ضرورة عدم الخلط بين 
الفلسفة الهرمسية التي (تجعل شغلها الوحيد 
معرفة الله على أفضل وجه)(١4).‏ والتي (لا 
يدنسها أي فضول للعقل)(؟؛) نجده في موقف 
عرضه لمفاهيم جابر بن حيان لعلم الدين 
(يضم علم الشرع وعلم الحروف والفلسفة 
والتنجيم والعلوم الطبيعية والحسابية 
والهندسية وكل العلوم النظرية المؤسسة 
للكيمياء)! 

من جانب آخر يلاحظ القارىء أن الجابري 
قد تعمد على ما يبدو إبقاء هرمس شخصية 
غامضة تمامًا لم يعرّف بها. ولم يعرض 
للأقوال الواردة في هذه الشخصية ملمحا بين 
الفينة والأخرى بأصولها اليونانية على عهد 
الاسكندرية.. على أنه قد اتضح لنا من خلال 
متابعة هذه الشخصية فيما أورده المؤرخون 
الأوائل أن هناك ثلاثة هرامسة في التاريخ: 
الأول كان قبل الطوفان. وهو النبي إدريس(؟4) 
وكان مسكنه صعيد مصر. والثاني هو من أهل 





حول تكوين العقل العربي - دراسة تقدية لطروحاتنت 





بابل وينسب كونه تلميدًا لفيثاغورس, 
والثالث ظهر شمال مصر وكان طبيبا وعالمًا 
في الكيمياء. هذه المعلومات يتفق في ذكرها 
القفطي (تاريخ الحكماء)(”؛) وابن جلجل 
(تاريخ الأطباء)(4؛) وابن أبي أصيبعة 
(طبقات الأطباء)(45؛) فلماذا سكت عنها 
الأستاذ الجابري؟.. 

إن الترابط الظاهري الحاصل بين علوم 
الكيمياء وعلوم السحر عاتد فيما نرى إلى 
سرية هذا العلم (الكيمياء) وكونه غير مطاوع 
للتنظير العقلي كمطاوعة علم الميكانيك 
مثلاً.. ففي العصور القديمة. عصور ما قبل 
التدوين الاسلامي, وما بعده وحتى وقت قريب 
كانت الكيمياء لغرًا محيرًا. ذلك أن المعرفة 
النظرية لهذا العلم لم تستكمل إلا في العصر 
الحديث.. بل لم تزل هناك مغاليق لم تفهم 
بعد.. على حين أن علم الميكانيك علم مجسّد 
والكيمياء خلائط تتخذ صيرورتها عند ظروف 
خلط معينة وباستخرام عوامل مساعدة 
خاصة وهذه كلها أسرار.. 

وبصورة عامة يمكن القول إن استقراء 
تاريخ المعرفة يدلنا على أن الاتجاه العرفاني 
والنزوع إلى شيء فوق العقل أو تحته كان 
دومًا حالة يلجأ إليها الإنسان عندما يعجز 
عقله عن تفسير الظواهر الطبيعية بالأسباب 
والمسببات المعقولة. أي عندما يعجز عن بناء 
النموذج العقلي الذي يفسر. ولو بصورة 


سطحية. المتغيرات والعلائق بين تلك 
المتغيرات. ولما كان الإنسان دومًا يقف أمام 
مجهول. ولما كانت معرفته حالة متنامية 
أبذا. ولن تصل إلى الكمالء. فإن الاتجاه 
العرفاني سيبقى حاضرًا في ثقافات الشعوب 
دوهًا. 

هذا من ناحية,. ومن ناحية أخرى فإن 
تسفيه العرفان هكذاء وبالصورة التقليدية 
للرفض غير القائمة على أسس موضوعية 
علمية. لم يعد الحالة التي تستجيب لتغير 
الواقع المعرفي للإنسان. فالانسان إن يبني 
نماذج معرفية تؤلف الصورة العقلية التي 
يكونها عن الطبيعة وعن نفسه. هذا الانسان 
يستقرىء تاريخ معرفته. فيجد أن النماذج 
التي يبنيها ليست بالضرورة الحالة 
الوجودية المنفردة 010106[] الواجبة الوجود. 
فلقد أثبتت الكثير من الدراسات المعاصرة في 
الفيزياء وفلسفة العلم والباماسيكولوجيا 
وجود صيغ وتمثلات عقلية (ولا عقلية 
أحيانا) قابلة للتحقق وجوديا. فماذا يعني أن 
نعطي للحبيبات الأولية التي تؤلف نوى 
الذرات المادية صفات معنوية كاللون والطعم 
والوسامة والغرابة؟! إن نقول عدد اللون كذا 
وعدد الطعم 11270101 كذاء وعدد الغرابة كذاء 
وعدد الوسامة مسدك هو كذا؟! فهذا هو آخر 
ما توصلت إليه فيزياء الجسيمات الأولية 
تحت النووية.. أليست هذه محاولة لاستعارة 


آفاق الثقافة والتراث - الحددان .7١(‏ ١؟]‏ -- ذو الحجة 414١ه‏ - ابريل (نيسان) 81554 








حول تكوينه العقل العربي - دراسة نقدية لطروحات صحمد عابد الجايريى 


صيغ التفكير العرفاني وتقاليده (في بعض 
وجوهها على الأقل)! 

لقد كان على الأستاذ الجابري حين رفض 
العرفان القائم على الهرمسية المزعومة أن 
يرفض الالهام جملة. ويرفض الوحي والنبوة 
أصلاً. فما النبوة؟ هل في البرهان العقلي 
الاستنباطي قدرة على إثبات النبوة. أم هي 
التسليم بالغيب.. وما هو الغيبء أوليس 
الغيب تسليمًا مطلقًا يقوم به الاعتقال 
الديني.. لماذا إذن نلف وندور في رفض الايمان 
والاعتقاد الديني ولا نقول بذلك صراحة؟ 

إن العرفان هو إفراز طبيعي للوجود 
الإنساني المحدود القاصر المتنامي أبداء وهذا 
ماينبغي للعقل العلمي والموضوعي أن 
يعترف به كواقع وجودي. 


البرهان وإعادة التأسيس 

بعد أن شخّص الجابري بنية البيان وبنية 
العرفان في الثقافة العربية الإسلامية التي 
تشكلت في عصر التدوين اتجه إلى البحث في 
الجذور العقلية اللابيانية واللاعرفانية في 
الثقافة العربية الشرقية. وفي بحثه هذا لم 
يكد يجد سوى بصيصًا ضئيلاً وجده عند 


الكندي الذي عاش بين سنة 86١اه‏ - 75هاها 
ويعدّ أول فيلسوف ل «دولة العقل» في 
الاسلام دولة المأمون والمعتصم والواثق التي 
جعلت من مهامها الرسمية التصدي ل «العقل 


المستقيل» كما وظفه خصومهاء هذا التنصيي 
للعقل الذي حصل فيما يراه الجابري عندما تمّ 
التعامل بشكل صحيح مع أرسطو. 

وإذا كان الكنديي لم يعتمد البرهان 
الأرسطي. (على الرغم من اعتماده المفاهيم 
الأرسطية). فإنه قد استخدم البيان العربي في 
دفاعه عن المعقول الديني. أما الفارابي فقر 
استخدم هذا البرهان في مهمة إعادة الوحدة 
إلى الفكرء وتدارك النقص الذي عند الكندي, 
ومع ذلك فإن الفارابي كما يراه الجابري (عمر 
إلى ممارسة السياسة في الفلسفة: جمع بين 
أفلاطون وأرسطو من أجل إقرار وحدة العقل 
وبين المللة والحكمة من أجل بناء وحدة 
المجتمع. ولم يكن من الممكن لعملية الجمع 
المضاعفة هذه أن تتم بدون توظيف جوانب 
من الهرمسية)(41). وهكذا يجد الجابري أن 
الفارابي هو الآخر. وعلى الرغم من برهانيته» 
سقط في أحضان الهرمسية. كونه ألف كتابا 
في «وجوب صناعة الكيمياء»! 

أما بخصوص المساهمات الفكرية للشيخ 
الرئيس ابن سيناء فيمكن إجمال رأي الجابري 
به أنه: خرّب البيان والبرهان بمحاولته إقحام 
البرهان على البيان: أو تأسيس البيان على 
البرهان. مما فسح المجال للغزالي للطعن في 
الفلسفة والفلاسفة في كتابه «تهافت 
الفلاسفة». ولذا ينبغي على رأيه أن (نقطع 
الصلة تماما مع الروح السينوية عندما نريد 





15ؤ10آ1[00110110 مان ا ل ا 0 





انبعاقًا جديرًا لتراث العقل البرهاني 
العربي)(40). 

ثم ينتقل الجابري إلى المغرب والأندلس 
حيث يجد هنالك ضالته الشافية. فيجد الفقه 
الصحيح عند ابن حزم الظاهري الذي رفض 
التأويل. ورفض القياس, وأخذ بالقرآن والسنة 
والاجماع والعقل أصولاً أربعة لتأسيس 
الاستنباط الشرعيء فوجد فيه (مشروعا فكريا 
فلسفي الأبعاد. يطمح إلى إعادة تأسيس 
البيان وإعادة تأسيس العلاقات بينه وبين 
البرهان مع إقصاء العرفان إقصاًءًا تاما). ولأن 
(ظاهرية ابن حزم عبارة عن مشروع 
أيديولوجيا كلية متكاملة تطمح إلى تعميم 
نفسها على المجتمع ككل, فكان لا بد من 
سلطة تفرضها)(48). وهذه السلطة تيسرت 
على يد المهدي بن تومرت الموحديء الذي 
اتخذ شعار «الأمر بالمعروف والنهي عن 
المنكر» سلاحًا دينيًا واتخذن شعار «ترك 
التقليد والرجوع إلى الأصول» سلاحًا 
ايديولوجيًا. 

وبهذا الصدد نجد الجابري يكشف عن 
شخصية أخرى في هذا الاتجاه (في الجزء 
الثاني من كتابه) وهى شخصية الشاطبي, 
ومنها أي من ابن حزم والشاطبي يحاول أن 
يؤطر مشروع إعادة التأسيس البياني. 

أما في الفلسفة, فإنه يجد أن ابن رشد قد 


أخذ بالمنطق والبرهان الأرسطي الصحيح 


والدقيق. وقطع الصلة بالعرفان. كما يجد في 
ابن باجة صورة الفارابي المتحرر من 
(إشكالية التوفيق بين النقل والعقل). كما أن 
التحرر من الهرمسية وهواجسها حرر الخطاب 
الباجي من (توظيف العلم لدمج الدين في 
الفلسفة ودمج الفلسفة في الدين: ليعود القن 
كما كان مع أرسطو الأساس الذي تبني عليه 
الفلسفة صرحها)(؟4). 

نجمل ملاحظتنا على هذا الجزء من 
الدراسة في أن الأستان الجابري. إن يحاول 
تأطير ابن حزم والشاطبي في إطار واحد يمثل 
الفقه الصحيح والعودة إلى الأصولء إنما 
يتغافل عن كثير من الاختلافات الأصولية 
بينهمه فأصول ابن حزم هي غير أصول 
الشاطبي, كما هو معلوم لدى دارسي الفقه. 
وحين يحاول تأطير ابن باجة وابن رشد في 
إطارٍ واحد يمثل الفلسفة البرهانية الصحيحة 
القائمة على الأصول الأرسطية, فإنه بهذا 
يتغافل أيضًا عن ناحية مهمة تشكل سمة 
غالبة على تفكير ابن رشد. تلك هي مسألة 
التوفيق بين النقل والعقلء بين الشريعة 
والحكمة. ففي الوقت الذي يتجاوز ابن باجة 
ضرورة هذا التوفيق, يجده ابن رشد ضرورياء 
بل لقد خصّص جزءًا مهما من أعماله 
الفلسفية لهذه المسألة. يشهد على هذا كتابه 
«فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة 
والحكمة من الاتصال»(50) وكتاب «الكشف 


اث - العددان [70 11)- ذو الحجة 1814ه - ابريل (نيسان) 21454 





حول تكويه العقل العربي - دراسة 





عن مناهج الأدلة في عقائد الملة»(١5).‏ وفي 
هذا الشأن نعجب من الأستان الجابري إذ 
يحاول أن يصور مفاهيم ابن رشد بصورة 
تناقض ما يفهم منها مباشرة وبوضوح: إن 
يجد أن تصنيف ابن رشد للشريعة إلى ظاهر 
وباطن (لا يطابق تصنيف الناس إلى عامة 
وخاصة. فليس الباطن خاصا بالخاصة ولا 
الظاهر خاصا بالعامة)(؟25). ولعل ضرورة 
التلفيق هنا جعلت الجابري يستعمل كلمة 
(الباطن) بدلاً من كلمة (المؤول) التي 
استعملها ابن رشد؛ إذ يقول (الشريعة قسمان: 
ظاهر ومؤولء وأن الظاهر منها فرض الجمهور. 
وأن المؤول منها هو فرض العلماء). ثم يقول 
ابن رشد: (وبالجملة فكل ما يتطرق إليه من 
هذه التأويلات لا يدرك إلا بالبرهان. ففرض 


الخواص فيه هو ذلك التأويل. وفرض الجمهور . 


فيه هو حملها على ظاهرها من الوجهين مغاء 
أعني في التصور والتصديقء إذ كان ليس في 
طباعهم أكثر من ذلك)(”5). فما معنى فرض 
الخواص وفرض الجمهور. وما معنى هذا 
التفريق الواضح بينهما؟ وماذا يعني قول ابن 
رشد: أن ليس في طباعهم (أي الجمهور) أكثر 
من ذلك؟ ثم أليس هذا نوعًا آخر من الباطنية.. 
الباطنية العقلية؟ إن هذه المسألة تدخل في 
صميم الابن رشدية وموقف ابن رشد من 
الشريعة والفلسفة. ويغض النظر عن 
مشروعيتها أو عدم مشروعيتها فقد كان على 


أقاق الثقافة والتراث - العددإن .7١(‏ 1؟) - ذو الحجة 4148 ١ه‏ - ابريل (نيسان) 1952م 


الجابري ان يتجنب التدليس في الأفكار 

والمفاهيم التي عرضها في دراسته بهذا 

الخصوص. 

إن مشروع إعادة التأسيس الذي يطرحه 
الجابري وبالصيغة التي يدعونا بها إلى فهم 
التاريخ العربي والعقل العربي: ومن ثم إعادة 
كتابة التاريخ لا يمكن أن يكتب لها النجاح 
بذلك التفس وذلك الاتجاه الانتقائي للتراث 
العربي والعقل العربي.. ونحن نجد أن النقد 
الذي يوجهه الجابري للعقل العربي يقوم على 

أساسين هما: 

١‏ - قوة الاستلاب الاستشراقي التي جعلت 
الجابري يقرأ التراث قراءة أوربية فوقع 
بالاستلاب الذاتي نفسه الذي كان قد نبّه 
عليه هو نفسه في المدخل العام لكتاب 
«نحن والتراث» الذي شخّص في مبتدنه 
على نحو رائع اتجاهات دراسة التراث 
العربي. 

؟ - قوة الاستلاب الإقليمي الذي يجد فيما 
ابتدعه المغارية والأندلسيون الصحيح 
كل الصحيح ويقول للمشرقيين في 
العراق وسوريا ومصر والجزيرة: هذه 
بضاعتكم ردت إليكم! وأن ما تبقى من 
عقلكم المشرقي البياني - العرفاني ليس 
إلا حواشي معرفية متضائلة هنا وهناك 
عند الكندي والفارابي فحسب! 


إن إعادة التأسيس لا يمكن أن تقوم على 





حول تكوين العقل العريي - دداسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





مبدأ نسف القديم كل القديم لكونه لا يتفق مع 
أرسطو والعقل اليوناني - الأوربي الحديث. 
فهزاالعقل الذي تأسس مجددًا على يد 
ديكارت وبيكون وغاليليو قد تجاوز أرسطو 
نفسه. تجاوزه بمنهج عقلي ومفاهيمي جديد 
استفاد كثيرًا من إنجازات العرب المسلمين. 
وقد يستغرب البعض حين يعلم أن ديكارت 
قرأ كتاب «المنقن من الضلال»(04) ووقف 
تحت عبارة (الشك أول مراتب اليقين) فوضع 
تحتها خطًا أحمر وكتب في هامشه (يضاف 
ذلك إلى منهجنا). وذلك ما يخبرنا به دكتور 
محمود حمدي زقزوق(20). 

إن الحضارة. كل حضارة هي من صنع 
الشعوب. وليس من صنع فردٍ بنفسه. لذلك 
فإن اتهام حضارة بأكملها بأنها غير تاريخية 
وغير موضوعية أمرٌ غريب على العلم وغريب 
على الموضوعية. وإذا كانت هذه الأمة قد 
رزحت تحت القهر والاستعباد والاستلاب مدة 
تزيد على ثمانمائة سنة. فليس غريبًا أن 
يصبح زمنها في مرحلة تاريخية زمتا راكداء 
وتصبح ثقافتها اجترارًا مترفًا. وإذ يكون 
الانسان خلوًا من إبداع أو تطوير أو خلق جديد 
فإنه لا بد أن يصير ماضويًا يبحث في تراث 
أجداده عن ظل يظلله. وقيمة يأوي تحتهاء لكن 
هذا لا يعني أن جذور الاجترار والزمن الراكد 
وغير التاريخضي هي جزءٌ من بنية العقل 
الشعوري أو اللاشعوري للأمة.. 


القيمة العلمية للعقّل البياني العربي 

لقد أحسست مع الجابري لحظات يتلبسني 
فيها الإحباط التام: إن أجد نفسي كائتا حكم 
عليه أن يكون «عربيّا» بعقل غير تاريخي ولا 
موضوعي! لكنني بعدما تداركت توازني 
الشخصي بالعودة إلى العلم ومساهماتي 
الاقتصادية المتواضعة في ميدان الفيزياء 
النظرية الكونية وجدت أنه لا بدّ من إعادة 
قراءة الجابري وبخاصة الجزء الثاني من 
كتابه «بنية العقل العربي»؛ لأبحث مجردًا 
في الأصول والفصول بهدف استيعاب 
مخرجات دراسته البنيوية بمعزل عن رؤيته 
الذاتية وتقويمه الخاص للرؤية البيانية 
العربية. فالمنهج الذي يستخدمه الجابري 
منهج علمى معتمد في الدراسات الحديثة, إلا 
أن العلة كل العلّة تكمن في الرؤية المستلبة 
كما أسلفنا. وبمعزل عن الرؤية الخاصة, 
والتفسيرات التي يقدمهاء نجد الجابري يقر 
صراحة بأن العقل العربي يتأسس في وجهه 
البياني الرسمي (لغةٌ وفقيًا وكلاما) على 
أريعة أسس هي(55): 


١‏ - التجزتة والانفصال. 


؟ - التجدد المستمر. 
* - الاحتمال والتجوين. 
4 - النسبية. 


هذه الأشنين الآرد بعةا لتو 2 : تستغرق 
معالجتها الجزء الأعظم من الكتاب وجدها 


آفاق الثقافة والثراث - العددان ,7١(‏ ١؟)‏ - ذو الحجة 814١ه‏ - ابريل إنيسان) 1444 








حول تكوين 0 - دداسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 


تتبلور بوضوح في علوم الكلام عنثر 
المسلمين. وخاصةً في مسائل (دقيق الكلام). 
وقد أبدع الجابري في معالجة هذه باعتماده 
الكثير من الأسانيد الرصينة المستندة إلى 
أمهات الكتب والمراجع العلمية واللغوية 
والدينية الأصيلة.. ونلخص فيما يلي ما 
عرضته الدراسة. 

يتجسد مبدأ التجزئة والانفصال عند 
المتكلمين بقولهم بنظرية (الجوهر الفرد) أو 
(الجزء الذي لا يتجزاً). فالجواهر الفردة هي 
الوحدات البنائية الأولية للمادة توجد 
منفصلة متجاورة لا متداخلة. أما «الأعراض» 
فهي ما يعتري الأجسام من صفات كاللون 
والطعم والحرارة والبرودة والحركة والسكون. 
هذه الأعراض تعتري الجواهر الفردة نفسها. 

أما التجدد المستمر فقد عبّر عنه المتكلمون 
بقولهم: (إن الأعراض لا تبقى زمانين)(517) فما 
أن يوجد عرض ما حتى يزول في ثاني حال 
وجوده. ثم يعود. ثم يزول وهكذاء ولما كانت 
الجواهر لا تنفك عن الاعراض عتدهم صار 
التجدد صفة ملازمة للوجود كما يرونه. 

أما مبدأ التجويز والاحتمال فقد قال به 
المتكلمون دفعًا منهم السببية الذاتية التي 
قال بها الفلاسقة, إذ نفى المتكلمون فكرة 
الطبع؛ أي أن تفعل الأشياء بذاتها ولطبع ذاتي 
فيهاء وقالوا إن ما نلاحظه من اطراد في 
الطبيعة وصيرورتها التي تظهر. وكأن الأشياء 


تفعل بزاتها. ما هو إلا «مستقر العادة». أما 
المعتزلة. وهم الشطر الآخر من المتكلمين. فقد 
جسّدوا مفهوما أكثر تعقيدرًا من المفهوم 
الاشعري للسببية, فقالوا بأربعة مفاهيم هي: 
الاقتران والاعتماد والتولد ومستقر العادة. 
لذلك كانت رؤيتهم أكثر اتساعًا ونضجا من 
رؤية الاشعرية في هذه المسألة. 

لقد انطلق المتكلمون (أشعرية ومعتزلة) 
في رفض السببية الذاتية من مبدأ (لا فاعل إلا 
الله). ذلك أن الله عندهم هو الخالق الواحر 
الدائم الحضور؛ ولذلك فإنهم رفضوا أن يكون 
الله قد خلق الكون واستقال. فهم يرون أن الله 
يجب أن يكون حاضرًا في كل آن ومكان (حيّ 
قيوم). وبناءًا على هذا التصور يصبح 
بالإمكان تفسير الخوارق والمعجزات بكونها 
خروجا عن مستقر العادة بإرادة الله الواحد 
الدائم الحضور. 

أما بخصوص المكان المطلق والزمان 
المطلق فقد جسّد المتكلمون مفهومهم لهذا 
بقولهم إن الزمان لا معنى له دون الحركة, 
والحركة لا معنى لها دون المكان. لذلك فإن 
الزمان والمكان عندهم شيئان متداخلان في 
الحدث. وهما نسبيّان. بل ذهب المتكلمون إلى 
أبعد من ذلك, فقالوا بتجزنة الزمان إلى 
«آنات» وعدوا الحركة مجموعة الآنات 
والسكنات2. وليس مجموع النقلات. فالجسم 
الذي يتحرك أسرع من غيره تكون عدد سكناته 





ا ال - دراسة تقدية لطبروحات محمد عايد الجايري 





أقل من عدد السكنات في الآخر. وقد اتفق 
المتكلمون على هذا الرأي سوى النظام الذي 
خالفهم في رؤيته للزمان وجعله متصلاً فقال 
« بالطفرة»(58). وقرر بموجب ذلك أن الجسم 
يمكن أن يتحرك من نقطة إلى أخرى دون 
الحاجة إلى المرور بالنقاط المكانية الواصلة 


بينها! 
والآن كيف يفُسرالجايري هده 
الرؤية وكيف يؤسسهاه 


يرى الجابري أن بيئة الأعرابي الجغرافية 
والاجتماعية والفكرية تطبع جل معطياتها 
(فالطبيعة رملية والرمل حبات منفصلة 
مستقلة.. والعلاقات التي تربطها هي علاقات 
تجاور لا تداخل.)(59). وكزا بالنسبة 
لتصورهم للمكان والزمان؛ إذ يفسره بأن 
(ندرة الأشياء في الفضاء الصحراوي الواسع 
فضاء الأرض وفضاء السماء 00 تصور 
الإنسان للمكان لا ينفصل عن تصوره للشيء 
المتمكن فيه..)(50) ثم يقول (إن ربط الزمان 
بالحدث في التصور البياني إنما يعكس فقر 
التغير والحركة في البيثة الصحراوية). أما 
بخصوص التجويز والاحتمال فيقول إنه (ليس 
إلا نتيجة لمبداً الانفصال كما تكرسه البيئة 
الصحراوية في وعي سكانها.). 

على أن الجابري لم يفسر لنا بالرؤية 
نفسها مبدأ تجدد الاعراض. ولعل فقد التغير 
والحركة في البيئة الصحراوية لم يسعف 


تفسير هذا الميداً!. 

هكذا نجد أن الإفراز التحليلي المنهجي 
الذي شخّص البنى التكوينية للعقل العربي 
يتحول إلى تفسير هامشئّ ضيق يربط الفكر 
بالبيئة بشكل سمج لو اتخذناه قاعرة لتفسير 
ثقافات الشعوب الأخرى. لاكتشفنا مفارقات 
عجيبة غريبة. 

نعود الآن إلى بيان القيمة العلمية 
الصحيحة للمنطلقات الأساسية في العقل 
البياني العربي لنقول إن الأستاذ الجابري إن 
توصل إلى هذا التمييز لتكوين العقل العربي 
في صورته البيانية العالمة. وفي تحليله 
ونقده لهزه الرؤية قد انطلق ضمنيا. 
وبالتوازي من خلال سلطته المرجعية 
الخاصة. تلك هي العقلية اليونانية والعقلية 
الأوربية الحديثة؛ إذ يمكن القول إن في مقابل 
الأسس الأربعة التي ذكرناها توجد أربعة 
أسس معاكسة تؤسس الرؤية اليونانية - 
الأوربية الحديثة. وياعتماد المبدأ نفسه الذي 
تبنّاه الجابري يمكن القول إنها مختزنة في 
اللاشعور الاردي الآن. وهذه هي: 
١‏ - الاتصال. 
؟ - الثبات والانتظام. 
* - الحتمية. 
4 - المطلق. 

وفعلا فقد تكرست هذه المبادىءء ليس في 
النظرة الفلسفية فحسبء بل في نظرية العلم 


أفاق الثقافة والتراث - العددان (+7: ١؟)‏ - ذو الحجة 1118ه - ابريل (ئيسان) 21594 








حول تكويه العقل العربي - دداسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





أيضًا. لقد كانت معطيات التجربة الحسيّة 
العقلية تؤكد صحة هذه المبادىء. كان ذلك 
على عهد اليونان وعهد الرومان وحتى على 
عهد العرب المسلمين أيضًا. وتأكدت صحة 
هذه الرؤية اليونانية فعلاً في العصر الحديث, 
أعني عصر غاليليو وكبلر ونيوتن وماكسويل, 
فتجسدت مبادىء الاتصال والانتظام 
والحتمية والمطلق بوضوح تام في مفاهيم 
الفيزياء الكلاسيكية وقوانينهاء وفي 
الرياضيات الكلاسيكية أيضًا بكونها آلة 
التحليل والاستنتاج؛ إن تجسدت في حسبان 
التفاضل والتكامل الذي أسسه لينبز وإسحق 
نيوتن. وفي الفيزياء بدا واضضا لنيوتن أن 
الزمان شيءًٌ مستقل يجري بمعزل عن المكان 
وعن الأحداث, بل هو المنظومة المرجعية التي 
تقاس إليها الأحداث, والمكان يوجد ولا حاجة 
للمتمكن فيه. أما الصيرورة والتغيّر فإنها 
تخضع لقوانين الحتمية. أما الفضاء المطلق. 
المنظومة المرجعية للمكان: فقد كان لا بد من 
افتراضه. لذلك جاءت فكرة «الأثير» تلك 
المادة العجيبة الغريبة التي تملاً الكون 
المنتظم الثابت. وهكزا صار الكون آلة 
ميكانيكية كبيرة أفصحت عن فهمه فلسفيًا 
رؤية عمانوئيل كانت. وعبرت عنه قوانينه 
وسننه قواعد الفيزياء الكلاسيكية ورياضيات 
التفاضل والتكامل. 

إلا أن المفاجأة الكبرى جاءت مع بداية هذا 


آفاق الثقافة والتراث - العددان )1١,70[‏ - ذو الحجة 418١ه‏ - ابريل (تيسان) 15+ 


القرن. فقد وجد الفيزيائيون أن هنالك ظواهر 
كثيرة (الأصياف الذرية,الانبعاث 
الكهروضوني. سرعة الضوء في الأثير وسرعة 
الارض فيه. تصرف الجسيمات الأولية النووية 
وتحت النووية.إلخ). هزه الظواهر لم يعد 
بالإمكان تفسيرها وفهمها دون اللجوء إلى 
افتراضات أساسية وجذرية جديدة, قد تناقض 
مبادىء العقل اليوناني الأوربي الحديث الذي 
قامت عليه الفيزياء الكلاسيكية. 

لذلك كان على ماكس بلانك عام )١1901(‏ أن 
يفترض أن الإشعاع الكهرومغناطيسي المتصل 
عبارة عن كمات منفصلة من الطاقة, وبذلك 
استطاع تفسير ظاهرة إشعاع الجسم الأسود. 
وباستخدام المبدأ نفسه تمكن أنيشتين عام 
(14.85) من تفضسير ظاهرة التأثير 
الكهروضوئي.. ثم جاء الأنموذج الذري 
وتحليلات رذر فورد عام .)111١(‏ ومن ثم جاء 
أنموذج نيلز بور عام (*191) ليثبت أن العالم 
يقوم على الانفصال والتجزئة قانونًا عاما 
يحكم المادة والطاقة. 

وبصدد المطلقء مطلق المكان والزمان, 
جاءت نظرية النسبية الخاصة لأنيشتين عام 
(105) لتنفي وجود مثل هذا المطلقء فصار 
المكان والزمان شيئين نسبيين يتداخلان في 
الحدث. ولا وجود للأثير.. 

ثم جاء فيرئر هاينرنبرغ عام (4؟15) بمبدأ 
اللايقين الذي أفضى إلى القول بالتجويز 








حول تكوين العقل العربي - دراسة تقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





والاحتمال! فنتائج القياس وحصول الأحداث 
ليست أمرًا حتميًا بل هي محتملة! 

وهكذا تكللت هذه الأعمال والكشوف 
بتأسيس نظريتي الكم والنسبية. ثم جاء بول 
ديراك عام (0؟19١)‏ ليزاوج بين فكرة 
هاينرنبرغ ومبداً التكميم وقواعد النسبية؛ 
ليستنتج منها نظريته التي تتضمن مبدأ 
التغير والتجدد الدائم (الاعراض لا تبقى 
زمانين) وتنباً بوجود الجسيمات المضادة. 

لقد أحدثت هذه الثورة العلمية هزة عظيمة 
في كيان المفاهيم الفلسفية والمسلمات 
الفكرية للعقل الأوربي الحديث. فصار لزامًا 
على العقل الأوربي المعاصر أن يفارق 
مسلمات العقل اليوناني. إلا أن هزه المهمة لم 
تكن سهلة. فلو رجعنا إلى تاريخ العلم 
المعاصر لوجدنا أن كثيرًا من الفيزيائيين 
القدامى والجدد عارضوا بشدة النتائج 
الفلسفية التي أفضت إليها نظريتي الكم 
والنسبية(١5).‏ فبقي آرنست ماخ معارضًا 
لفكرة وجود الذرة حتى وفاته عام 2151١5‏ 
وكذلك أنيشتين لمبدأ التجويز والاحتمال حتى 
وفاته عام ,١104‏ وكذلك فعل دي بروي 
وشرودنفر على الرغم من أنهم كانوا من أنشط 
المساهمين في نظرية الكم. بل لقد قام 
العديد من الفيزيائيين ومنهم ديقيد بوم 
بمحاولات جادة لوضع نظريات جديدة تفسّر 
الظواهر الذرية والكمية على أسس نظرية 


أخرى. تعتمد مبدأ الثبات والحتمية, وقد 
دعيت هذه ب «نظريات المتغيرات الخفية» 
11111 قعأطقتية 17> مع88100 2 ولا زال 
الكثيرون من الفيزيائيين الأوربيين 
المعاصرين يحاولون جاهدين على السبيل 

هكذا نجد أن للمفاهيم التي قال بها العرب 
المسلمون من المتكلمين سكان الصحراء 
الفقيرة. أصحاب الزمن الراكد والعقل 
اللاتاريخي واللاموضوعي بحسب تقييم 
الجابري». صدئ حقيقيا في الزمن المعاصر 
بعلمه المعاصر.. زمن الكم والنسبية(؟5). 

أخيرًا نؤكد أن قراءة التراث. وبالتالي ما 
ينتج عنها من إعادة كتابة للتاريخ» ينبغي 
أن تتخن من منظومة العلم الشاملة مرجغا 
للحكم على مفرزات الثقافة والحضارة: وأن 
على المفكر المجتهد بنزاهة أن يفصل بين 
المبادىء والأصول الفكرية والتوظيف 
الأيديولوجي لها حقا. 





الحواشي_. 


١‏ - تأليف محمد عابد الجابري, وقد صدرت 
الطبعة الثانية عن دار الطليعة ببيروت 
سنة 159886 

؟ - صدر الكتاب عن مركز دراسات الوحدة 


العربية ببيروت سنة /1955ام. 


آفاق الثقافة والتراث - الدان [-7, 51] - ذو الحجة 414١ه‏ - ابريل (نيسان) 1554م 








لاه العربي - دداسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





" - تكوين العقل العربي: ٠ .١١‏ - تكوين العقل العربي: 6. 

+ - المصدر نقسه: "١ .١‏ - المصدر نفسه: 9/. 

ه - المصدر نفسه: .١‏ ؟” - المصدر نفسة: 89. 

5 - المصدر نفسه: .١‏ ” - المصدر نقسه: 81 

/ا - المصدر نفسة: .١5‏ 4 - المصدر نفسة: /91. 

8 - المصدر نفسة: .١5‏ ه” - المصدر نفسه: 48. 

8 - المصدر نفسة: .١5‏ 5” - المصدر نفسة: .١٠٠١‏ 

.١٠٠١ المصدر نفسه: 18. لا" - المصدر نفسه:‎ - ٠ 

١‏ - المصدر نفسه: .٠١‏ 8 - الإسلام وفلسفة الحكم. 

.٠١4 تكوين العقل العربي:‎ - 9 .١1/ المصدر نفسه:‎ - ١ 

3 - مدخل إلى فلسفة العلوم. 5 - المصدر نفسه: 19. 

4 - تكوين العقل العريي: ؟4. ١‏ - المصدر نفسه: .١51/‏ 

8 - المصدر نفسه: 48. 47 - المصدر نفسة: .١51/‏ 

5 - المصدر نفسه: 48. "4 - أخبار العلماء بأخبار الحكماء. 
١‏ - الثابت والمتحول. 4 - تاريخ الأطباء. 

6 - تكوين العقل العربي: !4. 5 - عيون الأنباء في طبقات الأطباء. 
9 - تهافت الفلاسفة. 5 - تكوين العقل العربي: 548. 

0 - تهافت التهافت. /ا؛ - المصدر نفسه: /0:". 

."١١ تكوين العقل العربي: 57. - المصدر نفسه:‎ - ١ 

؟” - المصدر نفسه: /الا. 8 - المصدر نفسه: ."١4‏ 

؟؟ - المصدر نفسه: /ال. ٠ه‏ - فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة 
4 - المصدر نفسه: 94. والحكمة من الاتصال. 

8 - المصدر نقسه: 09. 1- الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد 


5 - مفاتيح العلوم. المللة. 
/؟ - التعريفات. ؟ه - تكوين العقل العربي: ١؟".‏ 
- الكليات. “اه - فصل المقال: ص"". 


4 - كشاف اصطلاحات العلوم. 4 - المنقز من الضلال والموصل إلى ذي 


اث - العددان [0 07 11) - ذو الحجة 1414ه - ابريل (نيسان) 544 اع 





حول تكوين العقل العربيى - دراسة نقدية لطروحات محمد عايد الجايري 





العزّة والجلال. 
0 - المنهج الفلسفي بين الغزالي 

.١ وديكارت:‎ 

5ه - بنية العقل العربي: .١185‏ 

لاه - دلالة الحائرين: .١٠١8‏ 

- لقد رفض النظام تجزتة الزمان مما 
الحركة والانتقال في المكان المجزأ 
فاضطرته نظريته المنسجمة مع ذاتها 
إلى القول بالطفرة. أي إمكانية حصول 
الانتقال المكاني من موقع إلى آخر دون 
المرور بالنقاط بينهماء ولو أننا قابلنا 
هذا المفهوم مع المفاهيم المعاصرة 
للانتقالات الإلكترونية داخل الذرة 
لوجدنا أنه تنبؤٌ صحيح. ولعل من 
المدرهش حقا أن هذه الطفرة في مفهوم 
نظرية الكم المعاصرة تتولد أيضًا 
بسبب تجزئة المكان والابقاء على 
الزمان متصلاً. 

4 - بنية العقل العربي: .57١‏ 

٠‏ - المصدر نفسهة: ؟4؟. 

"١‏ - الفيزياء فكر وفلسفة. 

؟5 - عت#انامعك5 عط1“ ,آفائتكت .8 .21 
علة!؟ك] *”سقلدع]- لخ علنكلد<1 04 عسسل/ا 


,للا الدع عتكلتامعء5 لصه غطع نامط1” 


1994 ,مخغد للج .701.2 


المصادر دالمزاجم سس 

الجايري : محمد عايد . 

- تكوين العقل العربي. سلسلة نقد العقل 
العربي١.‏ ط؟. دار الطليعة, بيروت. .١1588‏ 

- بنيةالعقل العربي. سلسلة نقد العقل 
العربي". ط١.ء‏ مركز دراسات الوحدة 
العربية, بيروت, 1985. 

- مدخل إلى فلسفة العلوم. ج؟, ط؛, دار 
الطليعة. بيروت؛ .١987‏ 

ابن ميمون : موسى (ت "١ه‏ ). 

- دلالة الحائرين: تح. حسين أآتاي. منشورات 
جامعة أنقرة: أنقرة, 191/4. 

ابن رشد : أبي الوئيد محمد (ت ١١ذه).‏ 

- فصل المقال وتقرير مابين الشريعة 
والحكمة من الاتصالء المكتبة المحمودية, 
القاهرة, .١95/‏ 

ابن رشد : أبي الوليد محمد (ت١0١0ه).‏ 

- الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة, 
دار الآفاق الجديدة,. بيروت. /191. 

حجال : محمد عاكف. 

- الفيزياء فكرٌ وفلسفة. العين, .١151/8‏ 

الطائي : محمد باسل . 
-لى نكلو عه عطة/١‏ عقلتاصعك5 ع1 
حضة الع سمط عتصتماو1 تقل ]1 

ممق اك كله .701.2 .لإ كنوع اناطع 50 


19294, 








مراجعة من وجهة نظر عربية ل : 









مؤرخون - مستشرقون - كتاب - خياليون 





ببقلم الد كتور : محمد الدعمي - كلية التربية للبىات _ جامعة بغداد * 





أظهرت الكتابات الغربية حول الماضي 
العربي الاسلامي. منذ العصر الوسيط. كيف 
تختلط الحقيقة التاريخية بالخيال كي تتطور 


على نحو صورة شائعة. نصف تاريخية 
ونصف أسطورية. فإن القرن التاسع عشر 
(عصر الثورة الصناعية). الذي نزع نحو 





لأنها قصيرة : كان هدف الحياة العريية هو أه (تلود) أده تلو حرا . أد تلون 
شجاغًا . أه تكو حكيمًا . يبنما كانت جهود الشعوب الأخرى. ولم تزل. تنصب 
8 أن (يمتللوا) - أه يمتللوا الثروة . أه يمتللوا اطعرفة . أه يمتللوا اسمًا... 
وأخيرا كانت نهاية الإنساه العري مشرفة كما كانت حياته مثيرة : 
قليل مه البدو أصابهم سوه حظٍ اموت على فراش هه القش . 


ريتشارد بيرتن «المقالة الختامية , لترجمته ( ألف ليلة وليلة ) 









الموضوعية والدقة العلمية. شهد تبلور 
ظاهرتين مهمتين. من ناحية أولى, أصبح 
الفصل بين حقول التاريخ والاستشراق والأدب 
أكثر وضوحا من ذي قبل؛ ومن ناحية ثانية, 
أظهر أدب هذه المرحلة استجابة قوية وتفاعلاً 
جليًا مع الأنظمة العلمية المستقلة كعلم 


* عضو اتحاد الأدباء العرب. عضو اتحاد المؤرخين العرب. رئيس نادي الجمهورية الثقافي/ بغداد. عضو الهينة الاستشارية 
لمجلة 01311211 2254 8110018 مستشار في بيت الحكمة ببغداد 





يقظة الاهتمام الغربي بالطاصي العربي - مؤرخوه - مستشرقود - كتاب - خياليون 





الانسان والتاريخ والآثار. بيد أن هذه الحدود 
الفاصلة لم تنف الأدب إلى جزيرة منقطعة, 
ذلك أنه راح يتأرجح بين حقول المعارف 
الجديدة. آخدًا من هذا ومن ذاك. وهكذا كان 
الاهتمام الأوربي المتزايد بالماضي العربي 
الإسلامي يتغذى ويتعزز مستثمرًا التطورات 
السريعة التي طرأت على هذه الحقول. وعلى 
التاريخ والاستشراق خاصة. 

واحدة من الأساليب المهمة في تناول الفكر 
الغربي في القرن التاسع عشر تتلخص في 
مباشرته نقطة التقاء بين تيارين فكريين 
غربيين واسعين: الأول تاريخيء والثاني 
استشراقي. فمن ناحية أولى. كان هذا عصر 
حركات الإحياء والانيعاث المتعددة - 
الكاثوليكية والإغريقية. والوسيطة على نحو 
خاص؛ إذ عبرت هذه الحركات الانبعاثية عن 
بحث الانتلجنسياء عن أساس صلب للتيقن 
من خلال استحضار العصور السابقة, 
والارتداد إلى قيمتها النبيلة المتلاشية(١).‏ 
ومن ناحية ثانية. كان هذا هو عصر «النهضة 
الاستشراقية» )١(‏ ععصهة2155م6 1 لامع م0, 
وهذه النهضة أو اليقظة تمثلت في إطلاق تيارٍ 
جارف, يرنو لاكتشاف الشرقء معلنًا نهاية 
النهضة الأوربية (المستقلة) المعتمرة على 
فكرة إحياء الثقافة الأوربية الكلاسيكية("). 
لقد حطمت هزه «النهضة» الاستشراقية 
الجديدة الخيال الغربيء الذي طالما راود 


الأوربيين في كونهم حضارة ذاتية الاعتماد, 
ليست يحاجة إلى الاعتماد على غيرها من 
الحضارات خارج أوربا. لقد أميط اللثام عن 
حضارات عظيمة دفينة تحت الأتربة خارج 
أورباء وهي حضارات لم تكن أقل شأنًا 
وتشكيلية (في تكوين أوربا ذاتها) عن سواها 
من الحضارات الأوربية الكلاسيكية. إن ما 
شهدته أوربا في القرن الماضي بسبب تصاعد 
حملات التنقيب الآثاري في الشرق, (والتي 
تجايلت مع الثورات المعرفية في حقول 
الألسنية وعلم الانسان والدراسات النصية 
والترجمة والنظريات التاريخية الجديدة من 
بين غيرها) عرض العقل الغربي لرجات وعي 
عميقة وبالغة الأثر. 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن عملية نبش رموز 
حضارات الشرق الأقصى القديمة وفكها 
(الهندية والصينية على نحو خاص) لم تقلل 
من شأن الشرق العربي الاسلامي في الغرب» 
ذلك أن هذا هو شرق أوربا المباشر المعروف, 
والشائع(؛) والنمطي(5) إن «أوريندا 
القديمة». إذا ما استعرنا تعبير هرمان ملفل 
61111 المفضل لتحديد شرقناء لم تعد ذلك 
الشرق الغرائبي والخيالي المفعم بالتصويرات 
الحسية فقط, كما كانت عليه الحال في عصر 
الكلاسيكية الجديدة 517 2160-0135512. ففي 
عصر الثورة الصناعية. راح البعد الزمني 
يمتد بسرعة مذهلة إلى الوراء. مميطًا اللثام 


آفاق الثقافة والتراث - العددان [*7١؟]‏ - ذو الحجة 814١ه‏ - ابريل (نيسان) مخ ذا 





يقظة الاهتمام الغربي باطاضي العربي - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليون 





عن حضارات وعصور لم يسبق أن خطرت 
ببال أحد قبلاً. 

إن التنقيبات الآثارية في وديان الأنهار 
العظيمة الدافئة,. إضافة إلى فك رموز الكتابات 
المسمارية والهيروغليفية, راحت تلقي الضوء 
لأول مرة على ثقافات معقدة غائرة في القدم, 
الأمر الذي أدى إلى شد الخيال الاستشراقي 
واستنفار عدد كبير من العقول الذكية. لقد 
جعلت تنقيبات كل من سومر وبابل وأكد 
ونينوى, إضافة إلى فلسطين ومصر. الإنسان 
الغربي يدرك أن اليونان وروما لم تكونا حقًا 
فجر الحضارة الانسانية. أما الإسلام. الذي 
كان مشكلة الغرب التاريخية المستديمة منذن 
العصر الوسيط(5). فقد بدا بسبب ذلك محطةً 
مهمة في تواصل تاريخي غير منقطع (وليس 
حدثا تاريخيًا مفاجئا. كما كان بعضهم يظن) 
خص هذا الإاقليم الذي وازى وبِنَّ (أحيانًا) 
الحضارات الكلاسيكية الأوربية. 

لقد ظهر الإسلام؛ ديتا توحيدياء في المنطقة 
ذاتها التي شهدت ظهور اليهودية والمسيحية؛ 
وكظاهرة تاريخية. أرسى هذا الدين أسسًا 
واحدة من أبرن قمم الحضارة البشرية في 
العصر الوسيط عندما كانت أوربا منشغلة 
خلاله في ابتياع «صكوك الغفران». وفي 
حرق الفلاسفة على الخازوق بوصفهم سحرة 
ومشعوذين. 

لهذه الأسباب. لم يُكتف بتطبيق أساليب 


آفاق الثقافة وائتراث - العددان 41١ ١7*(‏ - ذوالحجة 1518ه - إيريل (نيسان) 815342 


البحث العلمي الموضوعية التي أتاحها 
«التاريخ الجديد» على الحضارات الشرقية 
القديمة, بل تم استثمار هذه الأساليب كذلك 
لفهم الإسلام على نحو أفضلء بوصفه واحدًا 
من أعظم أحداث التاريخ العربي والشرقي. لقد 
شهد القرن التاسع عشر إعادة التركيز على 
الإسلام في الفكر الأوربي. بوصفه حدقًا 
تاريخيًا استثنائيا. ذا أثر. ما انفك يتواصل 
عبر التاريخ حتى اليوم. أما الرسول الكريم 
محمد صدىالل عليه وسلم فقد تمت دراسته (من وجهة 
نظر دنيوية) بوصفه «عقل العصر المدبر» 
14 1135]65 . كما قال رتشارد بيرتن 
7 2,؛ في حين تمت مباشرة دراسة 
«الخلافة» بصفتها واحدة من أعظم 
المؤسسات التاريخية (التي طورها الإنسان). 
والتي يمكن «مقارنتها فقط بالامبراطورية 
الرومانية»(7). لهذا شهدت الأعوام الأولى من 
القرن الماضي تحورًا في النظرة للاسلام 
عكست. ربما للمرة الأولى في التاريخ الغربي, 
صراعًا مستعرًا بين الآراء الأوربية الموروثة من 
العصر الوسيط من ناحية. وبين الآفاق 
الواسعة والمتفتحة التي أفرزتها طرائق تسجيل 
التاريخ العلمية والنقدية من ناحية ثانية. 
وبيغض النظر عن جميع العوائق الموروثة, أدى 
الكبر الأوربي الوسواسي (في أنهم أكثر تفوقا 
من الأمم الأخرى) إلى بحث مضن عن المزيد من 
المعارف حول الأمم الشرقية. كما أدى ذلكء. من 





يقظة الاهتمام الغري بالطاضي العربي - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليون 





ناحية أخرى, إلى بحث مثابر عن المصادر 
الثقافية الأصلية, وعن أسلوب جديد لتشكيل 
أفكار أوربا عن العرب والاسلام. وقد تميّز هذا 
التيار عامةٌ بسيادة النزعة العقلانية القوية, 
التي أفادت كثيرًاء على الرغم من إخفاقها. في 
الالمام بالجوانب فوق المادية للإسلام كتعقيد 
تاريخي من التطورات ذات الابعاد الروحية. 
وعلى الرغم من ذلك؛ تعزز البحث عن الوثائق 
والمواد العربية على نحو تدريجي. حتى غدا 
طلب المراجع العربية والمخطوطات شيئًا 
أشبه ما يكون «بالجنون», أو «الحمى» بين 
المستشرقين على نحو خاص. قال «يول 
مول» 71011 110165 سكرتير الجمعية الآسيوية 
في تعليق طريف له حول عملية كتابة تاريخ 
للخلافة الإسلامية العربية... لأن الخلافة 
كانت على مدى خمسة قرون بيد العثمانيين 
وهم من أصل غير عربيء إنه: «لا يمر شهر في 
أوربا دون ظهور عمل يضيف شيئا لهذه 
المواد(ة). وفي عام 1848م أدلى هذا 
المستشرق بحديث مهم يبرز الأهمية 
الاستثنائية للمخطوطات العربية وقتذاك: 
«إن تداول المخطوطات, ذلك الأمر الذي كان 
مستحيلاً قبل عقدين من الزمن, هو الشاهد 
على التقدم الذي حققته جمهورية الحرف في 
عصرنا. إن المرء ليدرك الآن تلك الغيرة 
الغريية التي كانت تحاط بها المخطوطات 
سابقاء وهي مكبلة بالسلاسلء كما كانت 


الحال في فلورنسا: فغاليًا ما كانت الفهارس 
تخبا. أو ينكر وجودها كما كانت عليه الحال 
في روما والاسكوريالء. فكانت جميع الاعارات 
للخارج مرفوضة تقريبا إذ كانت تعدّ بقايا 
أتربة أكثر من كونها أدوات للعمل(4). 

والحقيقة. لم تكن المصادر العربية أو 
«مادة عربي» 'إهتث 01 )٠١(3120]6‏ جزءًا 
من الطبيعة التي سبغت, كما قال مول. «روح 
العصر»(١١)‏ فقط. ولكنها أتاحت كذلك ملعيا 
وخلفية فكرية لعدد من الكتّاب, الذين أرادوا 
أن يمتطوها:لتأدية «دراما» الطموح 
الشخصي. لقد تم توظيف المواد العربية 
والإسلامية أرضًا بكرًا وفضاءً واسعا يمكن أن 
يجهز هؤلاء الطموحين بأفكار جديدة لم 
يسبقهم إليها أحد. لاحظ الرسالة الشخصية 
التي أر سلها تشارلس دوتي ]م1200 إلى 
زميله المستشرق هوغارث 250823118 عارضًا 
فيها دوافع تأليفه كتابه الشهير «الصحارى 
العربية»: 

«لقد كانت مجلدات (الصحارى العربية) 
تنطوي على بعد شخصي., فواحد من الأسباب 
الرئيسة لتأليفها. إضافة إلى اهتمامي بحياة 
الساميين داخل الخيام. هو بغضي للإنكليز 
الفكتوريين: ذلك أني تمنيت أن أبين أن هناك 
شينا آخر» (؟1). 

وأكد دوتي في خطاب أخر إلى هوغارث. 
على تطلعات موازية. كالرغبة بالاشتهار, 


آفاق الثقافة والتراث - العددان .7١(‏ 71) - ذو الحجة 1414ه - أبريل [ئيسان) لمكؤامغ 





يقظة الاعتمام الغربي باطاضني العربي - مؤرخوه - مستشرقوه - كتاب - خباليون 





وبإغناء الأدب الانكليزي, إن كشف أن المواد 
العربية يمكن أن تيسر له إحياء التفوق الادبي 
الذي تمتعت به اللغة الإنكليزية في القرون 
الوسطى: 

«لم تكن نيتي الرئيسة في تاليف مجلدات 
(الصحارى العربية) هي عرض لرحلات 
شخصية بين أبناء شعب ذي أهمية توراتية 
بقدر ما كانت تتجلى في بذل الجهد المثالي 
لاستئناف التقليد الأقدم الذي أرساه الشعراء 
جوسر وسبنسرء مقاومًا بكل ما أوتيت من قوة 
تردي اللغة الإنكليزية: فبينما يتوجب لعملي 
أن يكون مهما بالنسبة للمستشرقين, فإنه 
يجب أن يكون ذلك مساهمة حياتي. حتى 
اللحظة: في الأدب»(١1).‏ 

ومن ناحية ثانية. لم تكن الأفكار والمواد 
العربية حقلاً بكرًا مفتوحا أمام العقول الذكية 
(من أمثال دوتي). التى أرادت استكشاف 
العوالم المنسية للبرهنة على عبقريتها. ذلك 
أن مثل هذه الأفكار والمواد الجديدة أتاحت 
كذلك فرصا ذهبية للكتاب الفاشلين في 
الغرب من خلال استثمار فرص رحلاتهم إلى 
الشرق. وقد عبّر جيمس ماكنتوش 
5مس 31 (الذي أرسى أسس الجمعية 
الأوربية في إنكلترا) عن ذلك بوضوح حين 
ذكر: 

«لقد كافحت لخلق وتوجيه روحية عامة 


بين هؤلاء الذين كانت مساهمتهم الوحيدة في 


آثاق الثقافة والتراث - العددان [١.١؟)‏ - ذو الحجة 1518ه - أبريل (نيسان) 1954م 


زيادة المعرفة تتأتى من الخزائن الشرقية. فقد 
حاولت ترويج الشعارات العامة للتقليد 
التاريخي الذي كان يبدو. حتى اللحظة... أمرًا 
منسيًا» .)١4(‏ 

لقد شهد عصر الثورة الصناعية تصاعدًا 
غَيْرَ مسبوق في حقل الكتابات التاريخية 
الجديدة حول الشرق العربي الاإسلامي. وقد 
حظيت الخلافة بأهمية خاصة في هذا 
المضمار؛ إذ كتب ديفيد برايس 27106 أربعة 
مجلدات بعنوان «استرجاع حولي أو استذكار 
للأحداث الرئيسة في التاريخ المحمدي» 
(١31481--١(185م).‏ ولا ريب في أن المصالح 
البريطانية المتعاظمة في الأقاليم الممتدة بين 
الهند والبحر المتوسط كانت وراء اضطلاع 
جون مالكولم 113160170 بتأليف « تاريخ بلاد 
فارس» (5١186م)‏ «وهو تاريخ يتصل بقوة 
بتاريخ الخلافة العربية الإسلامية التي 
ازدهرت لثمانية قرون في شبه جزيرة إيبرياء 
إذ سجّل جون انطونيو كوند 0206© عام 
(تاريخ الهيمنةالعربية على 
إسبانيا). فحظيت التصادمات العسكرية التي 
تركت آثارًا عميقة في النفس الأوربية باهتمام 
خاص في هذا التاريخ. ولهذا السبب تبع 
تاريخ كوند حول التصادمات بين العري 
وأوربا تاريخ آخر تناول الحروب الصليبية؛ إذ 
لم يكن من قبيل المصادفة أن تشهد الفترة 
الممتدة بين ؟١18م‏ و18775م نشر كتاب ج. 





بي بالطاضي العري - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليوك 





ف. ميشود 121103110 «تاريخ الحملات 
الصليبية». ليس لمراجعة هذه التصادمات 
حول الأرض المقدسة في فلسطين فقطء. بل 
كذلك استجابة للاهتمام الأوربي الانبعاثي 
المتصاعد « بعصر الفروسية». 

ولأن هذه النوعية من الأعمال التاريخية قد 
تركزت على فترات العداء والاحتكاكات 
العسكرية. فإنها أخفقت في إلقاء الضوء على 
أعظم حدث في التاريخ العربي. وهو ظهور 
الإسلام وشخصية الرسول الكريم محمد صن الله 
عليه وسم. ولكن مع تزايد الاهتمام بتطوير 
«الأسلوب النقدي» للبحث التاريخي. ظهرت 
الحاجة إلى دراسة شخصية الرسول الكريم 
صلى الله عليه وسلم بقدر أكبر من العقلانية مقابل 
تضاؤل النزعة العدوانية المتعامية, التي 
ميزت الكتابات الأوربية منذ العصر الوسيط 
حتى القرن التاسع عشر. فعلى سبيل المثال, 
بدلاً من عنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم 
«نقيضًا للمسيح»(15). رجلاً أرسل لهدم 
الكنيسة. وعقابًا لها كما اعتاد الغربيون 
الاعتقاد. بدأ مؤرخو هذا القرن (وللمرة الأولى) 
بوصفه رجلاً كان «يحاكي» التقاليد الدينية 
المنزلة السابقة (اليهودية والنصرانية). وقد 
وجد هذا المنطق الجديد صداد في كتابات 
كارلايل 0371/16 والكاردينال نيومن وإرفنغ 
8 من بين آخرين من رجال القلم 
المعاصرين. إضافة إلى استحواذ هذه الفكرة 


على دراسة أبراهام غيغر 6618617 المنشورة 
عام *18م(15). 

لقد شكلت عمليات اكتشاف المخطوطات 
العربية والإسلامية الأصلية وترجمتها 
وتبادلها قبيل انتصاف القرن التاسع عشر 
عاملاً دافعًا وتوليديًا في سبيل تغيير الأدب 
التاريخي الغربي وتطويره حول الإسلام 
بعامة, والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم 
بخاصة. والحق. أن حديث مول (الذي تمت 
الإشارة إليه سابقًا) يمثل مرحلة جديدة في 
طرائق الاستقبال الغربي للإسلام وما تبعها 
من كتابات حول تاريخ الاسلام. خاصةً بعد 
أن بدأت أسماء الباحثين العرب. من أمثال 
الطبري والمسعودي وابن خلدون. وابن الأثير, 
وابن سعد. والواقدي. وغيرهم. تزحف إلى 
صفحات تواريخ المستشرقين وإلى الدوائر 
المختصة. لهزه الأسباب صار من الممكن تأمل 
تأليف تواريخ عملاقة تحاول تحقيق تحليلات 
عقلانية مقبولة نسبيًا للماضي العربي 
الإسلامي. فكان كتاب آلوي شبرنغر 5161861 
«رحياة محمد وتعاليمه» (3كمذ - مكل 
واحدًا من هزه المؤلفات التي حاولت إماطة 
اللثام عن عظمة الإسلام, حدثًا تاريخيًا ذا 
بعد كوني. على الرغم من محاولة المؤلف 
الخاطئة لاإزالة القيمة الروحية المحيطة 
بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم(19). أما 
كوسن دي برسيفال 26106921 فقد عد النبي 


آفاق الثقافة والتراك - العددان 7 )1١‏ - ذو الحجة 1214ه. - ابريل (نيسان) 21454 





ه الاهتمام الغربي باطادي العربي - مؤرخوهد - مستشرقود - 





محمرًا صلى الله عليه وسلم والإسلام أداة سياسية 
في تكوين العرب وإطلاقهم كأمة لأول مرة في 
التاريخ. لقد احتوت المجلدات الثلاثة لاحد 
كتبه (/14841 -1848م) على تصويرات «شبه 
فوتوغرافية » لشخصية الرسول(18١).‏ منصبةً 
على الوصف الشكلي على حساب الابعاد 
العقائرية والاجتماعية. وقد لاحظت انعكاس 
هذا الميل إلى الاستحضار الفوتوغرافي 
لشخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في 
كتابات واشنطن إرفنغ «محمد وخلفاؤه ». 
وتنبغي الاشارة هنا إلى أن كتاب الباحث 
اليهودي غوستاف فايل 111 «النبي محمد» 
(184حم) الذي كان واحدًا من مصادر إرفنغ 
الأساسية. يعد محطة مهمة في تاريخ التأريخ 
الغربي للإسلام والعرب. أما كتاب فايل المهم 
الثاني « تاريخ الخلفاء» (بخمسة مجلدات, 
5 - ١186حم)‏ فإنه لم يكن فقط واحدًا من 
نتائج حماسة المؤلف, الذي استقر مدة طويلة 
في القاهرة. ثم في الجزائر. بل كان كذلك من 
إثمارات طموحه الشخصي فى «مفاجأة» 
الغرب بكتاب كلاسيكي عملاق يضاهي 
«تاريخ البابوات» 1١84(‏ - 1871م). وعلى 
المرء الاعتراف بأن فضل فايل في هذين 
العملين الضخمين يتجلى في اعتماده 
المصادر العربية الأصلية كالطبري(195١).‏ كما 
تنبغي الاشارة إلى أن كتابه « تاريخ الخلفاء» 
يتناول تكون الخلافة وتطورها كمؤسسة. 


أفاق الثقافة والتراث - العددان (١؟.‏ ١؟)‏ - ذو الحجة 518١ه‏ - ابريل (نيسان) 1592+ 


إضافة إلى تفحخص تشعباتها وتنوعاتها. 
كالخلافة الفاطمية في مصر والأموية في 
الأندلس على نحو خاص. وينتهي السرد 
التاريخي الرئيسي إلى سقوط خلافة بغداد 
عام /5؟1١م,‏ إن عدّ فايل قصة الخلافة «واحدة 
من أعظم أحداث التاريخ»(١٠)‏ كما أكد مول 
ذلك في أثناء تعليقه على هذا الكتاب المهم. 

وعلى الرغم من أن التاريخ الاجتماعي 
لفترة الخلافة الطويلة التي درسها فايل لم 
يحظ بالكفاية من الاهتمام, إلا أن المجلر 
الثاني من «تاريخ الخلفاء» يحاول تجسيد 
البون من خلال توشيج التغيرات السياسية 
والاجتماعية بأدي المرحلة,. إن كان فايل 
يعتقد أن هذه هي الفترة الأولى من التاريخ 
العربي الإسلامي, التي تشهد تواصلاً بين 
الأدب والحياة والسياسة(١5).‏ أما المجلدات 
التالية فإنها حاولت رصد عناصر التردي 
والتشرذم وتحليلها. تلك التي ألمت بالخلافة 
العباسية المركزية. مع إشارة خاصة إلى 
التذمر الداخلي المستشري. وإلى الاحتجاج 
المدني» اللذين مهمّدا الطريق أمام العدو 
الخارجي؛ لوضع نهاية للخلافة في بغداد. ولا 
بِنَ من الاشارة هنا إلى أن كتاب الكاردينال 
نيومن المهم والمنسي « تصويرات تاريخية: 
الترك وعلاقتهم بأوريا» (الجزء الأول. 5 1817م) 
يؤكد مثل هذه الآراء في بحثه تسرب العناصر 


الأعجمية البطيء والهدّام إلى النسيج الداخلي 








ا 3 باطاصي العربي - مؤرخوه - مستشرقود - كدان - خيا 





للخلافة العباسية إيّان مرحلة تراجعها 
ونكوصها. 

لم يظهر الصدى الأقوى لكتاب فايل على 
يابسة القارة الأوربية, بل ظهر في الجزر 
البريطانية عندما حاول رجل اسكتلندي اسمه 
وليم مور 111011 اتباع خطى فايل. ولكن هذا 
الأمر لم يمنع مور من التعامل مع الإسلام 
وشخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من 
وجهة نظر مسيحية تبشيرية: إذ تأسس كتابه 
«رحياة محمد وتاريخ الإسلام» (1885- 
١0م‏ على قناعات القرون السابقة الحافلة 
بالتحامل الطائفي والضغينة أحيانًا. ويعدّ 
مدخل مور هذا مهمًا بداخل مهاد فكري كان 
يستعر فيه جدل حاد في بريطانياء وهو جدل 
يتمحور حول: فيماإذا كان توسع 
الامبراطورية البريطانية الاستعماري 
يستوجب أن ترافقه حملة تبشيرية لتحويل 
مسلمي المستعمرات إلى المسيحية. وقد عبر 
مور عن القناعة الخاطنة التي كانت تراود 
بعضهم في أن المسلمين سيحتضنون 
المسيحية تلقائيًا في يوم ما(١1١).‏ وكما فعل 
فايل قبله. ألف مور كتاباء عدّه الباحثون 
أنذاك مرجعا أساسيًا لدراسة تاريخ الخلافة, 
بعنوان «الخلافة: نشوؤها. تدهورهاء 
سقوطها» (1851م). إننا إذا ما أردنا تقييم 
منطلقات مور الفكرية الأساسية. علينا أن 
نرجع إلى مقولته سينة الصيت التي اقتبسها 


نصًا: «سيف محمد والقرآن هما أسْدٌ أعداء 
الحضارة والتحرر والحقيقة الذين شهدهم 
العالم حتى اللحظة»(؟59). هزه المقولة 
المطوية على التعامي تدل على أن مؤلفات 
مور لم تكن مشربًا علميّا دقيقا لغيره من 
الباحثين الغربيين الذين تبعوه. 

ولكن على الرغم من هذا النوع من اللغط, 
إلا أن هذه الفترة من القرن الماضي شهدت 
ظهور عدد من التواريخ الأخرى التي حاولت 
إضاءة دور العرب في الماضي وإعادة تقييم 
حضارتهم مقارنةًٌ بغيرهم من الأقوام الأخرى. 
لقد ألف كل من أوغست مولر 1)1111615 وهانئس 
بروتز 8211012 وغوستاف لوبون 808 ع[ 
وفلهاوزن وث. نولدكة عا17510106 مصنفات 
حول الماضي العربي والإسلامي استهدفت 
تنوير القارىء الغربي الاعتيادي أكثر من 
استهدافها أقلية المستشرقين المتخصصين. 
لقد أكد بروتز على أن انتقال الحضارة العربية 
الاسلامية إلى أوربا من خلال صقلية وإسبانيا 
كان شرطًا مسبقا لاطلاق حركة النهضة 
الأوربية وما تلاها من التطورات التي تبعت 
000 سلطة الكنيسة الوسيطة(74). وقد أكد 
رجال الأدب من أمثال اللورد ماكولي 
/13ناة2136 وويم موريس 18101115 ذات الفكرة 
فيما بعد. ويمتاز كتاب لوبون «حضارة 
العرب» عن سواه بسبب إقلاله من الأهمية 
التي كان يخص يها المفكرين الغربيين 


اث - العددان (70. 71) - ذو الحجة 1414ه - أبريل (نيسان) 21994 





يقظة الاهتمام الغربي بالطاضي العربي - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليون 





الجاني العسكري في الفتوحات العربية 
الاسلامية. وبديلاً عن هذا الاعتقاد الأوربي 
السائد والشائع. عرض لوبون صورة أكثر 
تماسكًا ومنطقية للمساهمات العربية 
الاسلامية في فنون السلام بدلاً عن فنون 
القتال. بل إنه ذهب إلى حد التوكيد على أن 
«جامعات الغري عاشت 0560١‏ عام على كتب 
جيرائهم العرب»(58). 

كما شهدت أعوام أواسط القرن التاسع عشر 
طبع بعض التواريخ الأوربية ونشرهاء تلك 
التي بحثت حقبًا معينة ورصدت جوانب 
مهمة من تاريخ الحضارة العربية الاسلامية. 
حظيت الأندلس وخلافتها باهتمام ودراسة ر. 
دوزي 1002 الذي تعد مساهماته في هذا 
الحقل مساهمات مهمة بسبب ارتكانها إلى 
الأساليب النقدرية للبحث التاريخي, 
واعتمادها المصادر العربية الأصيلة. وقد اتبع 
اثنان من الباحثين الإسبان, هما: كوديرا يزدن 
10 وجوليان ياتاراغو 2,1231380 خطى 
دوزي في محاولتهم تقييم دور إسبانيا 
المسلمة الجوهري في عملية نقل المعارف 
والعلوم العربية إلى أوربا. وفي الوقت ذاته 
كان ميشال أماري 411311 يسلح نفسه بلغة 
العرب في جهد مثمر لتتبع التأثيرات العربية 
في أوربا ما قبل عصر النهضة من خلال قناة 
أخرى, هي صقلية المسلمة(5؟). 

ولم تخل حركة الاهتمام بتاريخ العرب في 


أوريا عصر الثورة الصناعية من الأصوات 
التي درست ماضينا بضمن جدليات صراع 
الحضارات ودورات تطورها كونيًا. وقد ارتبط 
هذا التيار الفكري آنذاك بالتيارات الشوفينية, 
ذات المسحة الآرية المتحاملة على العرب 
ودورهم في التاريخ. وهنا علينا أن لا ننسى 
أن هذه الفترة شهدت ظهور أوائل الكتاب 
العرب والمسلمين من أساطين النهضة. وهو 
الأمر الذي قد يكون وراء الكثير من الجدل 
والمبارزات اللفظية حول الأهمية الحقيقية 
للحضارة العربية الإسلامية بضمن رؤيا 
كونية لتاريخ الحضارة الآدمية. لنلاحظ مثلاً 
أن كلاً من جاكوب بوكارت 810011816 
وليوبولد فون رانكة 131016 قد اشتركا في 
نظرة سالبة للعرب وللإسلام وللرسول الكريم 
صلى الله عليه وسلم. ففي كتابه «تاريخ العالم» 
(1881---1888م) ذهب بوكارت إلى أن نمو 
الخلافة وما رافقها من حملات عسكرية ضد 
أوربا إنما كان تهديدًا لأمم أوربا الجرمانية, 
ولأممها الجنوبية المتحدثة باللفات 
الرومانسية. تلك الأمم التي تمكنت في عصر 
آخر من احتواء المد العربي. ودحر «التهديد» 
الإسلامي, بحسي رأيه(70). ومن المؤسف أن 
هذا المؤرخ لم يكن ليتريث في إطلاق النعوت 
غير اللائقة على شخصية الرسول الكريم صلى 
الله عليه وسلم(8؟), معتقنًا أن هذا الأسلوب الفظ 


يمكن أن يقل من شأن رجل تمكن من تغيير 





يقظة الاعتمام الغربي باطامني العربي - مؤرخوت - مستشرقون - كتاب - خياليود 





تاريخ العالم. إن (تمايز الأجناس البشرية) لا 
يمكثل عنواتا لأهم كتب الكاونت غوبينو 
للوء5 001 00105 فحسبء بل إئنه يمقل 
مفتاحًا لجدله العرقي المضاد للأمم السامية, 
وبخاصة العربء ذلك أنه يذهب إلى حدّ 
الاعتقاد المتعالي بأن تاريخ العالم ينزع إلى 
عزل الآريين من «الشقر طوال القامة» في 
سبيل أن يكونوا «سادة الأرض»(19). وحتى 
حين يتعامل غوبينو مع التاريخ العربي 
الإسلامي. يحاول تطبيق جدله العرقي هذا 
على تحليله للانقسامات الفرقية والطائفية, 
التي طفت على سطح الفقه الاسلامي, مدعيًا 
أن هذه الانشطارات إنما هي تأثيرات آرية 
«على دين» «سامي بطبيعته الأصلية, 
متناسيًا أن المسيحية التي يعتنقها هو إنما 
ظهرت في المشرق العربي وبين أقوام ساميّة. 
وقد تبلور هذا المنطق العرقي المؤسّس على 
«الأسطورة الآرية» في كتابات مفكر آخر. هو 
آرنست رينان 12037 الذي أكد على السمة 
الدينية الروحية للأقوام السامية بوصفها 
رديفًا لترديهم في الجدل العلمي: ولنكوصهم 
في الحقول العقلية: يقول رينان بصراحة 
متناهية إن «الساميين منحوا الآريين أكثر 
الأفكار الدينية بساطةً وتساميًا. فيما منح 
الآريون الساميين الأفكار الفلسفية والعلمية 
التي كانت تنقصهم. إن التاريخ الأخلاقي 
للعالم إنما هو خلاصة تفاعل هذين 


العنصرين»(0"). بل إن رينان يتمادى في 
التعميم الاثني 
الساميين. كما هي الحال في اللغات السامية, 
ليسوا «مخلوقات حيوية»(١").‏ وتأسيسا 
على ذلك يقدم رينان دراسته الشهيرة 
المعنونة «محمد وأصول الفكر الإسلامي»: 
لكي يوشج بين العواطف الدينية والأقوام 
السامية. ولكي يعدّ الأقوام الآرية التي آمنت 
بالإسلام أقوامًا «مهزومة». رضخت للإرادة 


إلى درجة الادعاء بأن 


السامية. فنراه يحاول اصطناع جدران (من 
إبداعه هو) داخل الاسلام الواحد, مميرًا بين ما 
يسميه ب «الإسلام الأصلي» وبين الإسلام في 
تطوراته التالية على أيدي المسلمين الآريين 
على نحو خاصء بحسب خط تفكيره. بل إنه 
يطور في هذا الجدل إلى درجة الادعاء بأن 
جميع المنجزات الفكرية والعقلية التي 
قدمتها الحضارة العربية - الإسلامية هي من 
نتاج المسلمين الآريين الذين دخلوا الاسلام 
عنوة بحسب ادعاثه. وعلى الرغم من أن هذه 
النظرية المتمحورة حول الأسطورة الآرية قد 
دحضت فيما بعد من قبل فلهاوزن(؟"). إلا 
أنها لم تختف قط؛ إن إنها استقرت في قعر 
بعض العقول الأوربية. مؤثرة في مواقفهم 
تجاه الأجناس غير الآرية. وكمثال على 
تواصل هذا التيار الشوفيني يمكن للمرء أن 
يستذكر تمييز ماثيو آرنولد 570010, الناقد 
والشاعر البريطاني الشهير. بين الهيلينية 


آفاق الثقافة والتراث - العددان ( 25 1)) - ذو الحجة 1414١ه‏ - ابريل (نيسان) 21954 





يقظة الاهتمام. الغربي بالطاضي العربي - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليو 


والهبرية(؟؟) حمكته ماع11 
بوصفهما تيارين غير متناظرين في تاريخ 
الحضارة الاإنسانية(4"). كما وجد هذا التمييز 
بين الآرية والسامية صداه عبر المحيط 
الأطلسي وقتزاك في اعتزاز رالف والدو 
إمرسون 11061501 بالتراث «الرجولي الآري», 
وبقوله الشهير إن «الدين والشعر هما كل 
حضارة العرب»(8"). 


تله لريع أاع لآ 


خائفة 

لأن تواريخ عصر الثورة الصناعية هي في 
جوهرها. كشف لطبيعة المعرفة الأوربية 
بالماضي العربيء فإننا نجدها تعبّر كذلك عن 
عدد آخر من الجواني الفكرية والمحكات 
الايديولوجية التي كانت سائدة آنذاك. لهزا لا 
يمكن دراسة هذه التواريخ والكتابات حول 
العرب وحضارتهم في التاريخ دون وضعها 
إزاء خلفيتها الفكرية ومتطلباتها المعاصرة 
الهاجسية القابعة في قعر العقل الأوربي, 
الذي كان يسجل التاريخ العربي بطريقته 
الخاصة؛ ليقدمه للقارىء الغربي كي يقبله 
بشيء من التعامي اللانقدي. إن اللهجة التي 
تسود هذه التواريخ لهجة تعكس موقف 
التفوق والخيلاء الذي أضفاه التقدم المادي 
والعلمي في أوربا في عصر الثورة الصناعية 
والتوسع الامبراطوري. وفي هذا المضمان لا 
تقل العقلانية أهمية, بوصفها إفرارًا للنفعية 





المادية 321511 1تية)11)ل] عن غيرها من 
إفرازات هذا العصر. إن تمّ اعتمادها مدخلا 
وحيذا لهذا التاريخ. بغض النظر عن الأبعاد 
الروحية والقيم الرمزية الكامنة فيه وفي 
شواخصه: في قصة الرسول الكريم صلى الله 
عليه وسلم, مثلاء بالنسبة للعرب وللمؤمنين 
عامة. لقد خدم الكمّ الهائل من المعلومات 
والبيانات التاريخية,. وهو بحد ذاته من 
نتائج اتساع حركة نقد النص والترجمة 
وغيرها من الأنشطة الفكرية, في تعزيز أجواء 
الموضوعية التي تنأى بنفسها عن العواطف 
الموروثة. التى تسعى هذه الأعمال التاريخية 
إليهاء على الرغم من أنها لم تفعل شيئا 
جذريًا حيال إدراك التعمق في حقائق الحماس 
القومي والدوافع الروحية التي تحلّى بها 
مسلمو الفتوحات الأوائل على سبيل المثال. 
ولكن. لسوء الحظ. تواصلت مؤثرات نقاط 
الانطلاق المتحاملة والموروثة من العصور 
الماضية لدى المؤرخين الجدد. على الرغم من 
محاولاتهم التحرر منها نحو أجواء الحيادية. 
وهي محاولات ينبغي ملاحظتها والإشادة بها 
على أقل تقدير. لقد تمّ استثمار المعارف 
الجديدة والمصادر التاريخية الأصلية 
وتوظيفها أدوات عقلية لتسويغ الأفكار 
الموروثة بدلاً من الانتفاع بها على طريق 
تطوير أفكار جديدة وآفاق واسعة. إنه لمن 


المؤسف أن يذهب المؤرخون الغربيون. بسبب 





يقظة الاهتمام الغربي بالطاضي العريي - مؤرخوه - مستشرقون - كتاب - خياليود 





ذات روحية التعالي وتقديس الذاتء إلى تطبيق 
معايير غربية أوربية على تاريخ عربي لا يمت 
بصلة إلى هذه المعايير والمقاييس. فتماشيا 
مع نموذج المؤرخ غبون 010502 في (تدهور 
وسقوط الامبراطورية الرومانية) راح 
المؤرخون الغربيون يحاولون تتبّع نمط 
الازدهار والتدهور في تاريخ الإسلام, والخلافة 
على نحو خاص. وهكذا تم تقديم مرحلة صدر 
الاسلام على أنها المكافىء لازدهار 
الامبراطورية الرومانية, بينما تم عدن العصر 
العباسي المبكر بوصفه القمة التي ارتقتها 
«دولة» الخلافة العربية الإسلامية. أما الفترة 
اللاحقة. فقد عدت مرحلة التدهور 
والشيخوخة (داخليًا وخارجيا) التي آلت إلى 
سقوط مؤسسة الخلافة. وهكذا اكتفى هؤلاء 
بالتعامل مع ماضينا العربي بوصفه نموذجا 
نوعيًا يعكس نمط الازدهار - التدهور الذي 
يصح على جميع المؤسسات الكبرى في 
التاريخ» متناسين البعد الروحي للدين الجديد 
والاعتبارات المحلية الخاصة بالأمة الاسلامية 
العربية . 

الحواشجي 





-١‏ حول إنشاء الحركات الإحيائنية 
والانبعاثية وانتشارها في أوربا عصر 
الثورة الصناعية وتأثيراتها في الثقافة 


الشائعة والذوق بعامة. يراجع: محمد 


الدعمي (انتصار الزمن: دراسة في 
اساليب معالجة الماضي في الفكر 
الإحياني) (بغداد: دار آفاق عربية, 
65م ). وكذلك: 
01 طأمتوحتكة عط1 ,بوإعلاعنم خم ل 
ممصلاء8 :.دقد]8 ,ععلتتطصوع) عصستل 
بك5ع217 الالملا لتتونكيه1] عط 2ه وومرم 
01 تطوع01[ لل رع 1السصهدك ععزام ,(1966 
كةططاء 8 01 .الملا :مامعصطآ) معل0 
70 بذوعرم 
أما حول تبلور هذه الحركات على نحو 
سياسي داخل البرلمان البريطاني وتحت 
اسم « حركة إنكلترا الفتاة». يراجع: 
صطو1 0م" بلموع1 .11 وعاتهمكه 


ع8 عمجملا عطا له 5تعصمملاح 


1 12111101 :1ع ططع 1/101 
لهع 2011‏ تحترعزوع 1لا آذ ”دوع ناموط 
1 .مم ,(1961 ,أمء5) 14 ,مم0 

7 


؟ - لقد تم استخدام تعبير «النهضة 
الاستشراقية». بمعنى يقظة أوربا 
لاكتشاف الشرق إبان القرن الماضيء من 
قبل إدغار كوينت في كتابه: 
كدماع ناع" دعل عنمع0 (141ام). 
* - لوخرع 0 عط ,موضطء5ك ل«مطتنرمكا 
لاع 07 15ل0ع18 5”ع2 10لا نع2155300 رع ك1 


1880 - 1680 ,بأمدظ عط مه قتلص][ 01 





يقظة الاهتمام الغربي بالطاضي العربي - مؤرخوه - مستهرقون - كتاب ‏ خياليون 


لاا امه عاعفا8 - نمستعللوط .0 .قمونا 
لالطلا وتطمسامة : كلا .]) عملااعكر 
11 .م ,(1984 ,ذوعرط 
ب.فلت بغآ0 .201 2 مه دانوعا لتمصع8 
عطا 01 كصقتده 1115 ما ,00ل 1ال0 امل“ 
,(1962 ,1[8© :مملمم.آ) أموط 211001 
-1 .مم 
ه - بللأعأواعل2 ]1 1 10010 
لع تو بلاعلا) ولصمت0 .11165 11اء131 
.6 2 ,(1961 رووع:2 .الملا علمما 
5 - 05 وللاعالا تتتعاوع/اا ,لتتعط نم5 117 ]1 
وععث ع2001 غطا 1 طتنهاو1 
لاخملآ هقط : .81255 ,عع تلتطصسة2) 
.8 .م ,(1978 بووعرط 
" - مقتبس من حديث يول مول بمناسبة 
نشر كتاب غوستاف فايل (تاريخ 
الخلافة) في تموز 18645م: 
3 2115طاع] عتصوك“* ,مم1صنادآ .324 .10 
,”قطمتله عط 1ه :11150182 1:5زع/11 
.م اقوط ع8/1001 عطا 01 5مقتره)1]115 
137 
- المصدر السابق: ."1١/‏ 
1 - المصدر السابق: /1". 
٠‏ - استعملت هزه العبارة أصلاً عنوانًا 
لكتاب: 
01 لع1لة81ا عط" ,بلاعانائء84 بزطامؤو[1 


/7اع]) لتفاعمط لومعتلء84 مز لإطوعهم 


آفاق الثقافة والتراث - الحددان (+07 1؟) - و الحجة 1514ه - ايريل (نيسان) 81554 


1١ 
1 


1 


/ا1 


18 





بققع21 الالدنا علهلا : .تمصو ,ورم حول[ 
ْ1977 
- .318 .م ,مهاس« مز لعاممني 
- مقتبس في : 
0 عانآ عط1 بطتيهعه1] .0 2[ 
0101 :مه00ممآ) قطعبوط وعماموق 
.114 .م ,(1928 
- المصدر السابق: ,.١١8 - 1١4‏ 
- 11800" ,ممهلا .8 .30 مذ لعامن© 
مذ ,”متومعط 01 دمقتردم)ت1 مم8 
.م بأققظ ع2/1:001 عط 01 مسقتره1115 
.344 
.25 - 24 .م بلتاعط م50 
- 38 85 ه151" ,طعناط “ال .ال 
ذا تمع[طمط لم111 
مذ ,”1800 ععصتك لاطمفتع 111510110 
.م بأققظ 18/110016 عط 01 كصقتده1ت11 
304 
- المصدر السابق: رةه 
لكتلمتصعت0© ,لند5 1718 لموصلط 
مدوع؟1 2 ععلعلاناه10 :مملدمل) 
2 -151 .مم ,(1978 بلتتق 
- 319 .2 ,م001110آ[ 
- المصدر السابق: /١١"؟.‏ 
- المصدر السابق: ١؟7.‏ 
.305 .م باعناط1 
.151 .م ,12-5210 م0001 





يفظلة الأهدمام الغخربي باطامني العربي - سؤرحون - مستشرفود - كتان 3 خداليون 





4 - يراجع : .308 .م باعنا] 
- المصدر السابق: 8:08. 
85 ديراجع المصدر السابق: 718 715 اك" 
؟ - .208 .م ,5210 
8 - المصدر السابق: 38 35 5:08. 
9 ,432 - 431 .جرم ,طوتخطاعك 
٠‏ - مقتبس في : 
لمة ل[مصتث" بقنرتداكث .11 12012"آ1 


01 وهة5ل] تنة[نارهط عط ده تتقمعك] 


لإلاماقلط عط 02 لدضتول ,”ناموط 
1 .م ,(1967 ,.]00) 28 ,موعل1 01 
"١‏ - .145 .م ,5910 
؟" - .307 .ص بكاعناط 
0" - للمزيد من التفاصيل حول تأثيرات 
رينان في ماثيو آرنولد. يراجع: 





4 - 551 .مم بونزقام 

4 - يجب الاشارة هنا إلى واحد من أعمال 
آرنولد التي تمجد عبقريات أبطال عرب 
كالامام علي وأبنائه الحسن والحسين 
(ع) بسيب انطوائها على سجايا 

«أرية» بحسب رأيه. يراجع: 
مقاومء كة“ ,ل10ممرخ ببرعط ج11 
01 15ه0/اآ غط1 مز ,”نجواط برمزوووط 
111 .7001 .ل10[ممعث ‏ بتععطل و1 
,.0) لضة صهالتمسعدكطة :مملدم) 
0 .م ,(1903 ,لعا سا1 
5" - عط1 ,مموتعصط 70100 طمله]1 
05101 85) غ2 .701 171/011 ماع مده 
و/80 متهن لتنة طتالقتة ممغخطعنه1] 


7 .م ,(1904 


الحا 





بقلم الأستاذ الدكتور : توفيق سلطان اليوزبكي - جامعة الموصل - كلية الآداب - الموصل - العراق 





تعد اليهودية )١(‏ من أولى الديانات السماوية. وقد أطلق على الذين دانوا بها اسم 
اليهود: ويعتقد جمهرة من المؤرخين أنهم هاجرو من الجزيرة العربية؛ فسكن فريق 
منهم في بلاد بايل؛ حيث كانت هناك الأقوام السومرية والأكادية والكلدانية: ثم 
انتشرواضي العراق وبلاد الشام: وأنهم كانوا بدوا يتجولون, فأطلق الكنعانيون على 
الذين سكئوا منهم فلسطين ب (العبرانيين ) (5؟) ؛ لعبورهم نهر الغرات: وقد رجع فريق 
منهم إلى العراق أيام الكلدانيين في عهد ملكهم نبوخذ نصر, عندما هاجم فلسطين سنة 
.م وفتحها ونفى اليهود إلى بابل: وسمي هذا الحدث في التاريخ ب (الأسر البابلي 
لليهود)؛ فتغرقوا في بابل وآشور ووصل قسم متهم إلى بلاد فار س( )2‏ 


وبعد وفاة نبوخذ نصر سنة 55١‏ ق.م. 
ضعفت المملكة الكلدانية فغزاها الفرس سنة 
4 ق.م. بقيادة كورش الأخميني (الفارسي), 
وأخضع العراق للسيطرة الفارسية, وأذن لمن 
يرغب من اليهود بالعودة إلى فلسطين(4). 

ولما غزا الاسكندر المقدوني الشرق خضعت 
له فلسطين والشام والعراق وفارسء وفي عهد 
نيرون انتقم من اليهود: لتعاونهم مع الفرس», 
فدخل القدس وأحرق الهيكلء وقتل أعداذًا 


كبيرة فهرب من هرب منهم إلى مصر وسوريا 


والعراق وأوريا في حدود سنة «لامزة). 
إن أغلب عقاش اليهود الدينية مستوحاة 
من عقائد الأقوام التي عاشوا بينها في بلاد 


الشام والعراق, فقد كانوا يطلقون على الله 
اسم (الوهيم). كما أن أسماء آلهة اليهود في 
العراق تدل على أصلها الأكادي في الغالب, 
فالاله (بعل) الذي جعله بنو إسرائيل منافسًا 
ليهوه (الاله). كما ظلت عبادة الشمس والقمر 
والنجوم قائمة لدى بني إسرائيل. ففي زمن 
النبي حزقيال كان اليهود في الهيكل يسجدون 
أمام الشمس. مولين وجوههم شطر المشرق. 
وقد أحدث النبي يوشع الإصلاح العظيم, فقد 
أمر الكهنة. كما جاء في سفر الملوك: «أن 
يخرجوا من هيكل الرب جميع الأدوات 
المصنوعة لبعل ولعشتاروت وأحرقها كما 
أحرق مواكب الشمسء. وأضحى يهوه إله بني 





ا ان الك 





إسرائيل. وبذلك انتقل اليهود من تعدد الاله 
إلى التوحيد»(5). ومع ذلك فقد بقيت أثار من 
عقائدهم السابقة, فقد شبه اليهود الله 
بصفات لا يقرها العقل ولا الإيمان2. فقالوا 
بحقه إنه ينام (انتبه لم تنام يا رب؛: وتيقظ 
من رقدتك). كما جعلوا لله ولذا فقالوا: (عزير 
ابن الله)(). ووصفوا الله بصفات البشر. كما 
جاء في التلمود: (فهو يحب ويبغض ويضحك 
ويبكي ويستحيي ويلبس التمائم,. ويجلس 
على عرش تحيط به طائفة من الملائكة 
يقومون بخدمته. ويدرس التوراة ثلاث مرات 
في كل يوم)(8). 

وقد اجتمعت كلمة اليهود على القول: «إن 
الله فرغ من خلق السموات والأرض واستوى 
على العرش يوم السبت مستلقيًا على قفاه, 
واضعًا إحدى رجليه على الأخرى»(4). ولم 
تجتمع فرق اليهود على الاعتراف بالأنبياء 
الذين سبقوا موسى كإبراهيم وإسماعيل ومن 
جاء بعدهم. على الرغم من أن الأنبياء الذين 
ظهروا في بني إسرائيل كثيرون في الفترة 
الواقعة ما بين إبراهيم الخليل وموسى(١٠).‏ 

وهو دليلٌ على ضعف إيمانهم بأغلبية 
انبيائهم, وانتشار الكذب والفساد والمنكر 
بينهم. جعلهم يرفضون الاعتراف بهم 
وطاعتهم.: بل إنهم اعتدوا على بعضهم بالقتل, 
واتهموهم بالاتهامات الباطلة. ونسبوا 
لبعضهم الزنا والفسق(١١).‏ ومن الأمثلة على 


ذلك: لما هرب لوط من سخط الرب على قومه 
انهموه بجريمة الزنا بابنتيه فقد ورد في سفر 
التكوين(؟١).‏ (وصعد لوط من صوغر وسكن 
الجبل وابنتاه معه.. فسكن الغار. وقالت 
الكبرى للصغرى أبونا قد شاخ, وليس في 
الارض رجل يدخل علينا.. وهلمي نسقي أبانا 
خمرًا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً, 
فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة, ودخلت 
الكبرى واضط جعت مع أبيهاء, ولم يعلم 
باضطجاعها وقيامها. وقامت الصغرى 
واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها 
وقيامهاء فحملت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت 
الكبرى ولذا ودعت اسمه (مؤاب) وهو أبو 
المؤابيين» والصغرى أيضًا ولدت ولذا ودعت 
اسمه (بن عمرانء وهو ابن بني عمران)(؟1). 
وقد اتهم غيره من الأنبياء بشتى التهم 
الفاحشة فحق قول الله فيهم. فقال تعالى: 
#أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم 
استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون#(14). 
وقوله تعالى فيهم: #لعن الذين كفروا من بني 
إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم, 
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدونء كانوا لا 
يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا 
يفعلون#(19). كما أصرّ فريق منهم على 
الكفر والاشراك فعبدوا غير الله. فقال تعالى: 
#واتخذ قوم موسى من بعده من حليّهم 
عجلاً حجِسدًا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا 





أنمة العقائد اليهودية 8 الحضارة 





يهديهم سبيلاً اتخذوه وكانوا ظالمين 15(8). 

وتزعم أغلب الفرق اليهودية أن النبوة في 
بني إسرائيل فقط. ولذلك فهم ينكرون نبوة 
عيسى ومحمد ورسالتهما. باستكناء 
السامرية والعيسوية الذين يقرون بصحة 
نزول الوحي عليهما(7١).‏ فعقاك هذه الفرق 
تختلف بعضها عن بعضء فالعنانية (نسبة 
إلى عنان بن داود) ظهر في خلافة المنصور 
العباسي. فقد ألف كتابًا في تفسير التوراة. 
وأدخل فيه أحكامًا جديدة من اجتهاده. كما 
أنكر التلمود(18١).‏ والفرقة الأخرى العيسوية 
(نسبة إلى عيسى بن يعقوب الأصبهاني) من 
يهود أصبهان. فقد أدخل تعديلات كثيرة على 
العقائر والأحكام اليهودية(19). 

وأما فرقة الربانية. فهم يؤمنون بالتوراة 
والتلمود التي هي من تصنيف أحبارهم, 
ويقال لهم الفريسيون: لأنهم يؤمنون بما جاء 
في الأسفار التي ألفها أحبارهم 
وفقهاؤهم(١2).‏ وفرقة السامرة (تنسب إلى 
بلدة سامرة قرب نابلس) وهي لا تؤمن 
بالتوراة التي بأيدي سائر اليهود. فيقول 
الشهرستاني(51): (إن لغتهم غير لغة اليهود. 
وزعموا أن التوراة كانت بلسانهم. وهي قريب 
من العبرانية. وهم لا يؤمنون بالأنبياء يعد 
موسى ويوشع). 

ويبدو مما ورد ذكره أن التوراة التي 
يتداولها اليهود قد دُونت بعد عهد النبي 


موسى بمدة طويلة. فحرّفت وأضيف إليها 
وبما تتفق مع رغبات ونزعات وميول زعماء 
الفرق والكتبة. مما أصبح من المتعذر الفصل 
بين ما جاء به موسى في التوراة وما حذف 
وأضيف إليهاء ويرجح المؤرخ سوسة(؟؟) أن 
الوصايا العشر كانت من أصل الشريعة التي 
كتبت على (لوحي الشهادة) التي جاء ذكرها 
في التوراة. وقد وردت في القرآن الكريم آياتْ 
تؤكد تحريفهم للتوراة. فقال تعالى: إأمن 
الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه 8(4؟) 
وقوله تعالى أيضًا: #إفويلٌ للذين يكتبون 
الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله 
ليشتروا به ثمنا قليلاً فويل لهم مما كتبت 
أيديهم وويلٌ لهم مما يكسبون©(4؟). 

أما أهم مصادر الشريعة اليهودية فهي 
التوراة. وذكر رجال الدين اليهود أن موسى لم 
يترك لهم شريعة مكتوبة. وإنما ترك شرائع 
وتعاليم شفوية. تلقاها التلاميز من المعلمين. 
ووسعوا فيها جيلاً بعد جيلء هؤلاء ألفوا في 
المعاهد والمدارس الفلسطينية والبابلية ما 
أطلق عليه اسم التلمود الفلسطيني والتلمود 
البابلي(15). وقد كتب التلمود الفلسطيني بين 
القرنين الثالث والخامس للميلاد وكتبه 
حاخامات اليهود في طبرية, والتلمود البابلي 
كتب في العراق في القرن الخامس 
للميلاد(5؟). ولكل من هذين التلمودين طابعه 
الخاص. ولغتهما مختلفتان تمثلان لهجتين 





ا ان مكلك 





آراميتين. فقد كتب التلمود القلسطيد 
بالآرامية الغربية. والتلمود اليابلي لهجته 
الآرامية الشرقية. وحجم التلمود البابلي أكبر 
من التلمود الفلسطيني بأريعة أضعافء ويقع 
في 4 صفحة: ويطبع عادة في اثني عشر 
جزءًا. وقد استغرق وضعه أكثر من ألف عام أي 
بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن 
الخامس الميلادي(07؟). وفي التلمود عبارات 
تؤكد مبدأ الاستعلاء والتفوق العنصري 
لليهود على بقية شعوب الأرضء الذين هم في 
نظرهم بمرتبة عبيد لهم, لأنهم شعب الله 
المختار. وحقهم في جميع خيرات الأرض. 
لذلك كانوا حريصين أن لا يطلع الغير على 
التلمود إلا من وافقهم ميولهم ونزعاتهم 
العدوانية, خوفًا من ثورة العالم المسيحي 
ضد اليهود. وقد أخفوه أربعة عشر قرنًا حتى 
سنة 47؟1م. فقد أمرت الحكومة الفرنسية في 
باريس إحراق التلمود علناء وقد أحرق فيما 
بعد عشرات المرات في مختلف الأزمان 
والأقطار, وقد علق المستشرق ديورانت على 
ما ورد في التلمود بقوله: (إن الربانيين 
والحاخاميين أخذوا يفسرون التوراة حسب 
أهوائهم بالشكل الذي يرضي غرائزهم الشريرة 
ونزوعهم إلى استعلائهم على بقية أجناس 
البشر)(78). 

وكانت أول طبعة كاملة للتلمودين 


الفلسطيني والبابلي بعد أن مرًا في ظلَ عهود 


النسخ والمسخ والتحريف والاضافة. تلك التي 
طبعت خلال سني 0؟19- 1554م في 
البندقية بإيطالياء. وقد أحرق فيهاسنة 
8م (59): لأنه ورد فيه بعض التعاليم 
القائلة إن المسيحيين هم سافلو الأخلاق لا 
يستحقون المحبة والعدل. لذلك فقد قرر 
المجمع اليهودي المنعقد في بولونيا سنة 
١م‏ حذف هذه التعاليم التى تهين 
الأغيار(: *). 

وقد أثار التلمود الجدل بين طوائف اليهود 
في هل الشريعة الشفوية (التلمود) من عند 
الله وتجب طاعتها؟ فآمن منهم بأنها أوامر 
من عند الله. وأضافوها إلى أسفار موسى 
الخمسة. فتكونت منها جميفا التوراة, 
واتخذت صورتها النهائية المعروفة ب 
(المشنا) التعاليم الشفوية. ووضعت لها 
شروح, وأنكر فريق منهم أنه من عند الله 
وإنما هو من وضع الحاخاماتء وقد اخنلف 
اليهود في تفسير المشنا وأحكامه. وحاولوا 
تفسيره بما يتلاءم وطبيعة العصر[١”).‏ 

وقد ألف كتاب التوراة في أدوار مختلفة مما 
جعله مملوءًا بالارتباكات والاختلافات 
والروايات المرتبة والمصنوعة. ففيها 
الأقاصيص. وبها سفر أشعيا. والأساطير, 
والقطع الروائية. والنبن التعليمية؛ والأناشيد 
الدينية. والأغاني الحربية, والقصائد الغزلية 
والخيالية. والمجموعات الحكمية 








أزمة العقائد اليهودية 8 الحضارة 





والشرعية(؟2). 

وقد اتفق شراح العهد القديم على تعدد 
النسخ التي جمعت منها كتبه الخمسة, وأهم 
هذه النسخ نسخة (ألوهيم) و(يهوا) و(التثنية) 
ونسخة (الكهنة)التىي تخص العقائد 
والمراسيم. وأخبار الهيكل كتبها الكهنة في 
الأسر البابلي لليهود(""). وقيل: إن النسخة 
الأولى للتوراة كتبت في عهد موسى. وأمر 
بوضعها في (تابوت العهد) أو (الأمانة) وعدم 
طلوعها إلا في كل سبعة من السنين: لإسماع 
بني إسرائيل. كما وضح كيفية وضعها في 
تابوت العهد(؛") فضاعت هزه النسخة, 
وكذلك نسخ العهد التي ضاعت في أيدي 
عسكر نبو خزنصر. ولما ظهرت نقلوها 
بوساطة عزرا النبي» وضاعت تلك المنقولة في 
حادثة (انتيوكس) فقد جاء في تفسير إنجيل 
مثى [انمحى كثير من كتب الأنبياء؛ لأن اليهود 
ضيعوا كتبا لا لأجل غفلتهم. بل لأجل عدم 
ديانتهم؛ ومزقوا بعضها وأحرقوا بعضها)(ه"). 

قيل: إن التوراة أودعت طيلة مدة مُلك بني 
إسرائيل عند الكاهن الأكبر الهاروني(7”5). وقد 
ضاعت أيضا. وهي التوراة التي جاء بها 
موسى فقام أحبار اليهود بتدوين توراة 
حاولوا أن تكون قريبة من التوراة التي فقدت 
مع تابوت العهد. وأضافوا إليها أفكارهم 
وآراءهم: لأن التوراة المفقودة كانت تحوي 
اعترافات صريحة بمجيء عيسى ومحمد(0"). 


وقد وردت في القرآن الكريم آياثْ تشير إلى 
تحريفهم للتوراة فقال تعالى: من الذين 
هادوا يحرفون الكلم عن موضعه (0), وقال 
تعالى أيضا: #فويلٌ للذين يكتبون الكتاب 
بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا 
به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم 
ويل لهم مما يكسبون #(:"). 

وأما المصدر الآخر من مصادر الشريعة 
اليهودية فهو كتاب (يشوع) الذي يلي التوراة 
والتلمود في الآأهمية. ويبحث في العقيرة 
اليهودية في الأرض المقدسة(١4).‏ ومنهم زبور 
داوود فقد قصد به ابن النديم (المزامير) وهو 
أصل عبراني» وهو في السريانية أيضًا 
(مزمور). وقد ورد في القرآن الكريم بلفظ 
(الزبور) والظاهر أن اللفظة من أصل عربي 
جنوبي ومعناها (الكتاب)(١4)‏ وقد عدّها ابن 
النديم: مائة وخمسين مزموزا(؟4) وتتضمن 
المزامير الحكم العقلية دون الأحكام الشرعية. 

والمصدر الأخير من مصادر الفكر الديني 
عند اليهود هو الفقه. وهو مصدر مهم لفهم 
أحكام التوراة ويسميه اليهود ب (المدراش) 
ويتضمن أقوال حاخامات اليهود. والاخذ بها 
على درجات. منهم من يعول عليه. ومنهم من 
يعدّه من قبيل القصص والمثال والمواعظ 
تساق كعبر وليس كاعتقاد ولغتها عبرية(؟4). 

وقد ذهب بعض علمء الآثار المعنيين 
بحضارات الشرق الأدنى والقديم إلى القول إن 








ان امالك 


الشريعة اليهودية في أساسها العقائدي 
مستقاة من الشريعة الكنعانية على أنهما 
شريعة واحدة. فيشير (أولمستيد)(44) الخبير 
في تاريخ فلسطين القديم إلى أن الكنعانيين 
وضعوا أول شريعة في شكيم (نابلس). التي 
تعنّ عاصمة الكنعانيين في فلسطين2 وهي 
المركز الديني الرئيس والمقدس. حيث هيكل 
إلههم (بعل) هناك, والفضل يرجع إلى 
حمورابي وشريعته في حمل الكنعانيين على 
إعادة النظر في شريعتهم. وإضافة زيادات 
وتنقيحات إليهاء وجعلوها شريعتهم الخاصة 
بهم. وأدخلها اليهود في كتبهم المقدسة والتي 
جاءت في التوراة. ويؤيد ذلك ماذكره 
(وترمان)(45) بقوله: (وهكذا إن بني إسرائيل 
الموسويين وجدوا شرائع معدة ومهيأة, 
فعملوا بها في مسيرة حياتهم في أرض 
كنعان). 

فقد أثبتت التحقيقات الآثارية عدم وجود 
فاصل ثقافي بين عقائش الكنعانية واليهودية, 
فيؤكد هذه الحقيقة العالم الآثاري 


(كوجنبرت)(47) فيقول: لقد ثبت الآن أن دين 


العبرانيين كانت عناصره الجوهرية قد 
استقيت من آراء كانت متراكمة؛. ومن معتقدات 
كانت شائعة بين الأقوام السامية في المشرق.. 
وأن الوثائق القديمة برهنت بما لا يتطرق إليه 
الشك على أن انعزال اليهودية عن غيرها في 
الزمن القديم لم يكن سوى خرافة بحتة. كما 


ذهب المؤرخ (بريستيد)(/؛) إلى القول: إن بني 
إسرائيل عندما جاءوا إلى بلاد كنعان كانت 
المدن الكنعانية ذات حضارة قديمة وعريقة 
نشأت منذ ألف وخمس مئة سنة؛ فقد عاشوا 
في منازل متقنة وحكومة وصناعة وتجارة 
ومعرفة بالكتابة, اقتبسها هؤلاء العبرانيون 
الساذجون من مواطنيهم الكنعانيين, فقد 
أحدث امتزاجهم مع الكنعانيين تغيرات 
جوهرية في حياتهمء: فغادر بعضهم سكنى 
الخيام. وشرعوا يبنون بيوتا كبيرة كبيوت 
الكنعانيين, وخلعوا عنهم الجلود التي كانوا 
يلبسونها. ولبسوا ثياب الكنعانيين 
المصنوعة من المنسوجات الصوفية الزاهية. 
ويقول المستشرق ديورانت(48) إن أصل عقيدة 
اليهود مأخوذة من أساطير الجزيرة العربية, 
فكانت المعين الغزير الذي احتوى قصص 
الخلق والطوفان, التي يرجع عهدها إلى ثلاثة 
آلاف سنة قبل الميلاد, وقد أخذ اليهود بعضها 
من الأدب البابلي في أثناء أسرهم, وربما أنهم 
أخذوها قبل هذا التاريخ من مصادر سامية 
وسومرية كانت في بلاد الشرق الأدنى. ويؤكد 
المؤرخ سوسة(؟4) على: أن مدوناتهم الدينية 
وغير الدينية مأخوذة من الثقافات القديمة من 
عهود السومريين والكنعانيين والفينيقيين 
والأكاديين والبابليين والآشوريين والكلدانيين 
والمصريين. ويقول لوبون(00) عنهم: (لم يكن 
لليهود فنون ولا علوم ولا صناعة ولا أي شيء 





تقوم به حضارة. واليهود لم يأتوا بأية 
مساعدة مهما صغرت في إشادة المعارف 
البشرية. واليهود لم يتجاوزوا قط مرحلة 
الأمم شبه المتوحشة التي ليس لها تاريخ). 
ويقول طه باقر المتخصص في تاريخ الشرق 
الأدنى القديم: (إن هيكل سليمان المشهور كان 
بنائية من صور, وبني بموجب تصميم معبد 
كنعاني وفي زخرفته وتزويقه. وكذلك قصور 
ملوكهم في فلسطين, حتى إن كلمة (هيكل) 
أخزهااليهود من كلمة (هيكال) 
الكنعانية)(١6).‏ 

كما أن اللغة الكنعانية هي اللغة الأصلية 
القديمة التي كانت سائدة في فلسطين قبل 
مجيء موسى وأتباعه بعدة قرون. وقد 
اقنبسها اليهود من الكنعانيين, ثم تكونت بعد 
ذلك اللهجة العبرية المقتيسة من الأرامية بعد 
مرور أكثر من خمسمائة عام على دخولهم 
أرض فلسطين(01). ويشير الخربوطلي(57) إلى 
مدى أثرهم في الحضارة الانسانية فيقول: 
ليس لليهود فلسفة نظرية أو عملية أو فنية, 
وليست لهم حضارة تطبع دعوتهم الدينية 
بطابع يجمع بين الدين والدنياء أو بين 
العبادة والعلم تساير حضارات الشعوب التي 
تجاورهم أو التي عاشوا بين ظهرانيهم. وأن 
إنتاجهم الحضاري في أدوار حياتهم كان 
ضنيلاً جدا. ولم يستطيعواأن يفغزوا 
الحضارات الانسانية الأخرى في مجالات 


أنمة العقائد | ليهودية 8 الحضارة 





الآداب والعلوم والفنون والفلسفة. وكل 
محصولهم الديني والثقافي والفكري هو تلك 
المواعظ والترانيم التي أوقفوها على أنفسهم؛ 
وذلك لميلهم إلى العزلة التي كانت سببًا في 
انشغالهم بالسحر والشعوذة. وأصبحت 
العقلية اليهودية تختلف في تفكيرها 
واتجاهاتها عن عقلية البشر جميعا. 

وفي العهود الإسلامية نعم اليهود كغيرهم 
من طوائف أهل الذمة بالتسامح والعدل 
الإسلامي. واقتدى خلفاء المسلمين بتعاليمه 
ووصايا الرسول [ فيهم. كما أن الثقافة 
العربية الإسلامية كانت منهلاً مفتوحًا 
للجميع؛ فقد مارسوا أعمالهم وحرياتهم أسوة 
بالمسلمين. فأقبلوا عليهاء فمنهم من تأثر 
وأثّر في الحضارة العربية الاسلامية, وأقلهم 
تِأقَرًا وتأثيرًا فيها هم اليهود(؛2). فقد تأثر 
قلة قليلة منهم بالمؤثرات الفكرية التي سادت 
العصر العباسيء وأدى ذلك إلى ظهور الفرق 
الكلامية والفقهية اليهودية, وردت أسماؤهم 
في كتب التاريخ والملل والنحل جاؤوا بآراء 
مناهضة وناقدة للعقائش اليهودية, منهم أبو 
عيسى إسحاق بن يعقوب الأصفهانيء. وعنان 
ابن داوود(ةه). 

ويبدوأن ظهور هذه الآراء والحركات 
الدينية والفكرية عند اليهود بسبب تأثرهم 
بالفلسفة اليونانية. التي نقلها العرب 
المسلمون. والتي كان لها أثرها في الفكر 





أزهة العقائد ١‏ لدهودية 8 الحضصارة 





اليهودي. والتي جاءت في التوراة لتكوين 
فلسفة دنيوية لتفسير الكون. ومن هنا كان 
ارتباط الفلسفة اليونانية القديمة الوثنية في 
الشرائع اليهودية ف (يهوا) عند اليهود هو كل 
شيء. في حين كان اليونان يعدّون (جوبتر) 
أبا الآنهة ورب الأشياء وصاحبها. ويتضح من 
ذلك أن الاختلاف في التسميات فقط. فأصبح 
جوبتر صورة ليهوا(؟ه). 

ولم تعرف الفلسفة اليهودية في العصور 
الإسلامية إلا من ملخصات الفارابي وابن 
سينا. ومن الترجمة المشوهة للأفلاطونية, 
فقد أخن معظم المفكرين اليهود معلوماتهم 
عن الفلسفة اليونانية من التراجم العربية 
ومن شروح المسلمين, وكتبوها بالعبرية. ولم 
يستخدموا أساليب المتكلمين المسلمين 
فحسب.ء بل استخدموا دقائق مناقشاتهم 
نفسها20). وفي ذلك يقول المستشرق 
ديورانت(28) (لم يكن لليهود القابلية الفكرية 
والعلمية على الابداع الفكري. فحتى التصوف 
اليهودي تأثر بالزرادشتية وبالأفلاطونية 
الحديثة باستبدال الفيض الإلهي بعملية 
الخلقء وتأثروا بالتصوف الاسلامي 
وبالكنيسة المسيحية والمتصوفة الهنود 
والمصريين). ويؤكد صاحب المقالة في دائرة 
المعارف اليهودية(55) على أن الفلسفة 
اليهودية جاءت عن طريق تأثرهم بالفلاسفة 
العرب. ولذا لم يكن لهم فلسفة؛ لأنه لم يكن 


لهم من كتب فيها. 

أمافي مجال العلوم الأخرى. فقد كان 
اليهود يتلقون علومهم ولغتهم العبرية في 
بيت المدراش(50). فأخذوا العلوم والآداب عن 
اليونان عن طريق المسلمين في عصور 
الخلافة العباسية(١5),‏ حيث ازدهري الكيفنة 
العلمية والفكرية طيلة العصور الإسلامية, 
وبلغت أوج عظمتها في العصر العباسي, 
فاستفادوا من العلوم العربية الإسلامية التي 
كانت سائدة في البلاد الاسلامية, وترجموها 
إلى العبرية؛ لا سيّما في علوم الطبيعة والطب 
والآداب والفلك والتنجيم والفلسفة والهندسة 
والرياضيات. وكانوا في كل ذلك لا يمثلون إلا 
قلة قليلة منهم. ومن دان في الإسلام. 

ويبدو مما مرٌ ذكره أن اضطراب العقائد 
والأفكار اليهودية. التي عاشها اليهود طوال 
قرونها الطويلة بعد النبي موسى قد شكلت 
أزمة فكرية وحضارية لدى اليهود جعلتهم 
عاجزين عن إبراز حضارتهم أو دورهم 
الحضاري في الحضارة البشرية, وكانت عاملا 
تشتتهم البشري في أصقاع الأرض 
وفي حقدهم على الشعوب الأخرى 
وحضارتهم. 


رئيسًا في تشتد 


١‏ - اليهودية: جاءت من كلمة (هاد) وتعني 
تاب. وقد لزمهم هذا الاسم لقولهم 





لموسى (إنا هدنا إليك) من عبادة العجل, 
أي رجعنا وتضرعنا وتبنا (الشهرستاني: 
الملل والنحل ج١.‏ ص .)4١١‏ 

؟ - العبرانيون: جاءت من كلمة (عبري) التي 
ترجع إلى الفعل الثلاثي (عبر) بمعنى عبر 
النهر أو الوادي أو قطع مرحلة من 
الطريق. وهي تدل في مجملها على 
التجوّل والتنقّل. ويرى القلقشندي: أن 
تسميتهم بالعبرانيين إنما جاءت من اسم 
أحد أحفاد نوح بن عابر بن شالخ بن 
أرفخشند بن سام بن نوح (صبح الأعشى 
جاء ص52" ). 

* - نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق: 
١ه‏ 

4 - العراق قديمًا وحديقًا: 47. 

« - تاريخ مختصر الدول: ١؟.‏ 
5 - اليهود في تاريخ الحضارات الأولى: 59 
وما بعدها. 

/ - سورة التوبة: .". 

8 - قصة الحضارة: /١4‏ 1/8- 19. 

9 - الملل والتنجل: ١/9١؟.‏ 

.5١9/١ المصدر نفسه:‎ - ٠ 

.١؟ بذل المجهود في إفحام اليهود:‎ - ١ 

5 - انظر الاصحاح 4. الآية 5٠١‏ - 55, 
الاصحاح ,١5‏ الآية "٠‏ - #5, الغزالي: 
نظرات في القرآن: 505. 

.5:8 نظرات في القرآن:‎ - ١ 


أزمة العقائد ا لبهودية 8 الحضارة 


4 - سورة البقرة: 41. 

9 - سورة المائدة: 8/ا - ولا 

.١4/4 سورة الأعراف:‎ - ١5 

١7‏ - الفصل في الملل والأهواء والتحل: 
4/١‏ 

- التلمود : يشمل (المشنا) و(الجمارا) ولا 
يختلف التلمودان إلا في الجمارا 
(الشروح) فهي في التلمود البابلي 
أربعة أمثالها في التلمود الفلسطيني, 
ولغة الجمارا البابلية والفلسطينية 
آرامية. أما لغة المشنا فهى العبرية, 
وألفاظ من لغات مجاورة. والتلمود 
كتابٌ طب أكثر مما هو كتاب ديني, 
فيصف أجهزة الجسم وأعضاء التناسل 
والأمراضء. وفيه كثير من الخرافات 
الطبية والطرق السحرية. وتجد في 
مجلدات التلمود أيضًا القصص وشؤون 
الزراعة والمهن والتجارة والضرائب 
والسياسة والميراث وبعض الشعائر 
الدينية والقوانين الجنائية. 
.خ. 5.نآ بدتلءمملء نزعصظ طوتبوعل 16 

14م .1951 

وأنظر : الملل والتحل: ؟/54. 

9 - رسالة في الرد على الرافضة: .١44‏ 

٠‏ - المصدر نفسه والصفحة نفسها. 

١‏ - الملل والتحل: ؟/58. 

- العرب واليهود في التاريخ: 154. 





0-0 ان المحم تلك 





"؟ - سورة النساء: 535. 
4 - سورة البقرة: 9/. 
5 - الملل والتحل: ؟ و54. 
5 - بلنلططله'1 سممتسمنقوعلوط عط]' ,تزتع مان 
104 ,ام 
0 - العرب واليهود في التاريخ: .١74‏ 
8 - قصة الحضارة, "7١/١‏ وما بعدها. 
9 - 1لعمهلء لزع مط اماع ل ع1 
.701 ,1969 ,لالظ لممهمةت) 
- العرب واليهود في التاريخ: .١75‏ 
"١‏ - قصة الحضارة: .١١/١4‏ 
9" - اليهود في تاريخ الحضارات الأولى: ؟/ 
6لا 
«م - أبو الأنبياء: 719. 
4" - انظر مجلة الخرطوه: التلمود: /5. 
© - رسالة في الرد على التنصارى 
(مخطوطة) ورقة ١؟‏ -58. 
5" - الفصل في الملل: .١١‏ 
"ا - بذل المجهود في إفحام اليهود: .١4‏ 
8" - سورة النساء: 45. 
4 - سورة البقرة: 09. 
٠‏ - علم ابن النديم باليهودية والنصرانية: 
؟4, مجلة المجمع العلمي العراقي. 
١؛‏ - ,صطتنهأ[15 02 129لعمملعلزاعمط عطل 
.1154م 


1 - الفهرست وم 
"4 - أيو الأنبياء: "47. 


5 - 01 /1م]ون11 ,لمعاوجرام .1 .م 
.106 م بقتالاك لصة عمإوعلوط 
4- العرب واليهود: 110. نقلاً عن 
(وترمان). 
١‏ - المرجع نفسه نقلاً عن (كوجنيرت). 
4 - العصور القديمة. الترجمة العربية: .١158‏ 
0 - قصة الحضارة: /١‏ 58" -./ا". 
8 - العرب واليهود: ١؟5.‏ 
٠‏ - اليهود في تاريخ الحضارات الأولى: ١١‏ 
وار 
١‏ - مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة: 
3 لوه 
؟ - مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة: 
1/5 
9ه - الإسلام وأهل الزمة: ١٠6؟‏ - .,56١‏ 
4ه - تاريخ أهل الذمة في العراق: 18". 
ده - الملل والنحل: :5١5‏ الفصل في الملل, 
١‏ علم ابن النديم عن اليهودية 
والنصرانية: .15١ - 1١89‏ 
5 - جذور الصهيونية: ؟8. 
لاه - .16م ,7011 ,8 طوتبوعل ع1 
- قصة الحضارة: .١"35/1١4‏ 
وه - ,701.1 بقتلءمملءزعصظ اوتتعل ع1 
.16م 
٠‏ - المدراش (المدراس) نوع من البيوت 
المقدسة عند اليهود لدراسة التوراة. 
- .90 .م روطقتث لطة ذللاعل ,مأعازه 0 





أنمة العقائد ١‏ ليهودية 8 ا لحضارة 





المصاطصد والمراجمخ سس السلفية/ يومباي - الهند, 1981 
أ-المصادر الأولية ب - المراجع الحديثة والأجتبية 
- القرآن الكريم اوريغور : ضياء الكاتب التركي. 
ابن حزم : أبو محمد علي بن حزم الأندلسي - جذور الصهيونية. ترجمة إبراهيم 
(ت 5هاهم 556 ام). الداقوقي, طبع وزارة الثقافة والإرشاد. 
- الفصل في الملل والأهواء والتنحل. طبع بغداد, 1955, 
مكتبة المثنى ببغداد, الخانكي بمصر. باقر : طه. 
ابن العبري : غريغوريوس بن هارون - مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة. نشر 
الملطي (نت قذكه/ 1586م). شركة التجارة والطباعة المحدودة, بغداد, 
- تاريخ مختصر الدولء. المطبعة الكاثوليكية, و1 
بيروت 1988. بريستد جايمس هنري. 
ابن النديم : محمد بن إسحاق (ت وهم -العصور القديمة. الترجمة العربية, دار 
/4٠م).‏ بيروت: 5؟19. 
- (الفهرست) سلسلة روائع التراث العربي, الحسني : عبد الرزاق. 
نشر مكتبة خياطء بيروت. - العراق قديمًا وحديفًا. مطبعة العرفان, 
الشهرستاني : أبو الفتح محمد بن عبد صيداء 19585. 
الكريم بن أبي بكر (ت 848ه/ 8١1م).‏ الخريوطلي : علي حسني. 
- (الملل والنحل). نشر مصطفى البابي - الإسلام وأهل الذمة. مطابع شركة الإعلانات 
الحلبي - مصر. .195١‏ الشرقية, 19595. 
القلقشندي : أبو العباس؛ أحمد بن علي (ت ديورانت : ول. 
اكزه - 418 ام). - قصة الحضارة. طبع الإدارة الثقافية 
- صبح الأعشى في صناعة الانشاء المطبعة بجامعة الدول العربية. 
الأميرية. القاهرة. .١1517‏ السمؤال. 
المقدسي : أبو حامد محمد (ت 88اه/ - بذل المجهود في إفحام اليهود. رسالة 
؟148م). مخطوطة بدار الكتب المصرية. 


- رسالة في الرد على الرافضة, نشر الدار سوسة : أحمد نسيم. 





ل ل ال 





- العرب واليهود في التاريخ, طبع دار 
الاعتدال. دمشق. 
صبري : أيوب. 

- رسالة في الرد على الرافضة. مخطوطة بدار 
الكتب المصرية. القاهرة. 
العقاد : عباس محمود. 

- أبو الأنبياء الخليل إبراهيم. سلسلة كتاب 
اليوم. مطابع أخبار اليوم, القاهرة. .١19851‏ 
علي : جواد. 

- علم ابن النديم باليهودية والنصرانية, 
بحث بمجلة المجمع العلمي العراقي, 
المجلد / لسنة .155١‏ 
الغزالي : محمد بن محمد. 

- نظرات في القرآن, مطبعة السعادة. مصر, 
“#/1 1 


غنيمة : يوسف رزق الله. 

- نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق, 
مطبعة الفرات,: بغداد, 4؟157. 
لوبون : غوستاف. 


- اليهود في تأريخ الحضارات الأولى. مطبعة 
حجازي. القاهرة, .196٠‏ 
مجلة الخرطوم. 
- التلمود. العدد ,.١١‏ السودان لسنة 1551., 
اليوزيكي : توفيق سلطان. 
- تأريخ أهل الذمة في العرق. نشر مكتبة دار 
العلوم - الرياض, .١5/87‏ 
01 لالاماولط ,لدعاأكهملاج 1 الم -24 
3110 عمتاوع201 
]151 01 3تلعمماءنإعصظ ع1 بمعطة© - 25 
02007] بلاعلعآ 
18110110" ملقتسصلاوع 221 عط]1' ,نزتعطجمزن - 26 
.11041 
بقطهتم لتة طذانع1 ,ماع زه 1.١‏ .5 -27 
ركاملا نلعلا 
لعامتط بقتلعمه1علإعصط طوابوعل عط1] - 28 
الث.ة.نا لآ 
طكاع1 عط]1 -29 
.69 81.2 ,[ممقموك] 


ب102601ء ع8 








مخشاد-ت- 


نماذج حبة من المؤسسات التربوية العتيقة: 
نافع حبة من المؤسسات التربوية العتيقة: 





توطئة 


يبدو أن المحضرة كانت تطلق في عصور خلت على 
المدارس القنرآنية في بلاد المغرب؛ فقد ذكرها الونشريسي 
في فتاويه: ثم انحسر استعمال هذا المصطلح: وبقي حيًا في 
بلاد شنقيط؛ علمًا فيها على مؤسسة تربوية ثقافية, 
يمكن أن توصف بأنها جامعة؛ شعبية؛ بدوية متنقلة, 
تلقينية: فردية التعليم؛ طوعية الممارسة . 


-١‏ فهي جامعة بما تقدم للطالب من 
معارف موسوعية متنوعة. تشمل علوم 
القرآن والسنة واللغة والآداب والتاريخ 
والسير والمنطق والحساب والهندسة 
والجغرافيا والفلك والطب.. 

؟ - وهي شعبية تفتح أبوابها أمام جميع 
الطلاب. من مختلف المستويات الثقافية, 
والفئات العمرية, والجنسية 


والاجتماعية. لكل حسب حاجته: ووفق 
طاقته الذهنية ومستواه العلمي. 
و - وهي بدوية متنقلة تبعا للحياة البدوية, 


حصسيث قترافق الحي البدوي في حله 





وترحاله. 
وهي تلقينية كسائر مؤسسات التعليم 
الإسلامي العتيقة.. حيث كان التلقي من 
أفواه الرجال قوام العملية التربوية. وقد 
تمسك الشناقطة في كنف المحضرة 
بنصائح العلماء القدامى, الذين حذروا 
من أخذ العلم من بطون الكتب دون 
تصحيحه على الشيوخ. 

وهي فردية التعليم في طرفي العملية 
التربوية (الأستان والطالب). حيث يقوم 
فردٌ واحد هو «المرابيط» (شيخ المحضرة) 
غالبا بتلقين الدروس. وباسمه عادة 








نماذع حية مه المؤسسات التريوية العتيقة : المحاضر ا لشنقيطية 8 حصر مختلف 





تعرف المحضرة. والغالب أيضًا أن يكون 
لكل طالب الحق في تلقي درس خاص به 
يختاره لنفسه وفقٌ مستواه ورغيته 
وطاقته الذهنية. مما يتيح له التقدم في 
دراسته دون عوائق. 

ومن المألوف. مع ذلك, أن ينيب شيخ 
المحضرة بعض طلبته المتقدمين في 
تدريس الطلبة الأدنى مستوى. كما أن 
بعض الطلبة ينتظمون في «دولة» 


(زمرة) تأتلف على متن واحد,. ودرس 


واحد.. 

1 - والمحضرة مؤسسة طوعية. حيث يبذل 
الشيخ علمه ووقته عادة دون مقابل 
مرتب على التلاميذء أو على أوليائهم. 
ويجسّد غياب نظم الرقابة والمحاسبة 
قوام طوعية الدراسة بالنسبة للطالب, 
حيث يوكل عادة إلى رغبته في التعليم, 
فهو رقيب على نفسه. مسؤول عن 
اختياره. مفوضُ في شأنه. يأتي 
المحضرة متى شاءء ويدرس متى شاء. 
ويغيب متى شاءء ويتخير أستاذه بحرية, 


ويستبدل به غيره متى شاء(١).‏ 

كان للمحضرة. بسماتها تلك. دورٌ فريد في 
تاريخ المجتمع الشنقيطى وجواره؛ فقد ظلت 
موريتانيا لمدة قرون طوال « بلادًا سائبة», أو 
«على فترة من الأحكام» أو «منكبا برزخيّا» 
حسب تعبيرات مختلفة لبعض علماء 


البلاد(؟). ولا يعني ذلك عدم وجود أي نوع من 
السلطة السياسية؛ فقد كانت هناك. في بعض 
الفترات. وفي يعض المناطق, إمارات 
ومشيخات. وأشكال مختلفة من مظاهر الولاء 
والحنين لسلطة مركزية. قائمة على مشارف 
البلاد. ومحاولات أو دعوات لإقامة دولة 
راشدة في البلاد. لكن صحراء الملثمين ظلت 
منذ سقوط دولة المرابطين (صنهاجة الجنوب) 
في أواخر القرن الخامس الهجري خالية من أي 
سلطة مركزية جامعة, كتلك التي عرفتها 
بلدان أخرى من حولها. 

ولعل «المحضرة» استطاعت أن تسنّ ذلك 
الفراغ الكبير الناجم عن غياب السلطة 
المركزية. فقد أنتجت, أو عززت. البُنى 
الاجتماعية والثقافية. التي صانت للبلاد 
هويتها. وحققت لها من الترابط والتجانس ما 
لا يتأتى أحيانًا للسلطة السياسية أن تحققه. 

وإلى ذلك. كانت المحضرة مجلى فرادة هذا 
المجتمع. الذي استوطن صحراء الملثمين, 
واتخذها منطلقًا للإشعاع بالإسلام وبالثقافة 
العربية في أعماق أفريقيا. 

لقد ابتدع المجتمع الصحراوي - الشنقيطي 
(الموريتاني لاحقا)(”) هذه المؤسسة التربوية 
العتيدة نموذجا بكرًاء طوعه لظروف بيئته 
الخاصة. فانطبعت به حياة المجتمع؛ واختمر 
به تاريخه على مر القرون. 

وقد شهدت المدن - المحطات, التي ازدهرت 





نماذع حية مه المؤسسات التربوية العتيقة : المحار | لشنقيطية 8 عصر مختلف 


بفضل تجارة القوافل. حركة علمية على 
جانب من الأهمية غير يسير.. 

فقد وصفت (أوداغست) بكثرة المساجد.. 
وكان بتلك المساجد معلمون يدرسون 
القرآن(4). 

وكان في مدينة غانة (وهي على الأرجح 
كومبي صالح بشرق موريتانيا) ١١‏ مسجذاء 
وفيها فقهاء وحملة علم. وكان مع كل مسجد 
مدرسة لتعليم اللغة العربية والدين(ه). 

أما (ولاته) فإن رجالها «محافظون على 
الصلوات وعلم الفقه وحفظ القرآن»(5). 

أما (تيشيت) فقد أسست من أول يوم على 
العلم. فقد بناها الشريف عبد المؤمن أحد 
تلامذة القاضي عياض .)١(‏ 

وكذلك كان الحاج عثمان - وهو أيضًا من 
تلامزة القاضي عياض - من مؤسسي مدينة 
(وادان) التي وصفت بأنها «واديان مليء 
أحدهما علمًا وديتاء والآخر مليء نخلاً وتمرًا. 
وكان فيها شارع يسمى «شارع العلماء», 
وفيها برز أول مخطوط موريتاني محفوظ في 
الفقه المالكي. 


أما (شنقيط). فقد طبقت شهرتها العلمية 
الآأفاق. حتى عرفت البلاد كلها باسمهاء 
وأصبحن النسبة إليها نسبة إلى العلم 
والمعرفة. 

وبين شنقيط وودان تقع أطلال مدينة 
تنيكي المندثرة, التي يقال إنها كانت - مع 





مصر - أكثر بقاع الدنيا علمَّا في القرن 
العاشر الهجري. وكان بها ثلاثمائة فتاة 
يحفظن موطأً الامام مالك(7). 

ومع ذلك كله. لم تشهد الحركة العلمية أوج 
انتشارها في صحراء الملثمين إلا في «العهد 
المحضري ». وذلك بانعتاقها من إسار المدينة, 
وانطلاقها في أفاق البادية الرحبة. في تحدٍ 
كبير لقوانين علم الاجتماع, التي ربطت. منذ 
أيام ابن خلدون, بين التعليم والعمران 
البشري. أو الحضارة (الاستقرار في الحواضر)؛ 
فقد كان من مظاهر فرادة المحضرة والمجتمع 
الذي ابتدعهاأنها نمت خارج الحاضرة, 
وحققت ذلك التواصل الحميم بين رحلتي 
الإنسان في الحياة: رحلته في البحث عن الماء 
والمرعى. ورحلته في طلب العلم وابتغاء الدار 
الآخرة. وحدثت تلك المواءمة الغريبة بين 
الجل والترحال الدائبين وبين طلب العلم 
وإنتاجه وإشاعته. تلك المواءمة التي أنتجت 
«مدارس على ظهور العيس. باهى بها العلامة 
الشنقيطي المختار بن بونه الجكني (؟ثاها) 
حين قال: 
ونحن ركب من الأشراف منتظم 

أجل ذا العصر قدرًا دون أدنانا 
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة 
بها نبيّن دين الله تبيانا 

ولئكن استبدل الناس اليوم السيارات 

والطائرات والسفن بالعيس. فإنهم في 





نماذع حية مه المؤسسات ١‏ لتريوية ١‏ لعنيقة : المحاحر ١‏ لشنقيطية 3 حعصر مختلف 





موريتانيا ما زالوا يشعرون بالحاجة إلى 
استبقاء تلك المدارس التي حملتها ظهور 
العيس طويلاً في أعماق الصحراء. وهم في 
ذلك يتحسسون السبل الكفيلة بتوطين 
المحضرة والمواءمة بينها وبين المدينة 
والبيئة الجديدة والعصر القلب. 

ونرمي في هذه الورقة إلى استجلاء مكانة 
المحضرة في العصر الحاضر بالمقارنة بينها 
وبين المدرسة النظامية ظروفًا وعطاء., 
والالمام بجوانب من أزمة التعليم المحضري 
في موريتانيا. وصولاً إلى ما اتخذ من إجراءات 


أولا : من المحضرة إلى المدرسة 

أدت المحضرة دورًا كبيرًا في صياغة ملامح 
الشعب الموريتاني. وتحديد سماته المميزة. 
فقد جعلت البادية وطنًا للمعرفة. وأشاعت 
الأدب والثقافة في أطراف الصحراء. وهذيت 
طباع الأعراب. فرقت أحاسيسهم. ولطفت 
مشاعرهم. وتفتقت قرائحهم,. فكانوا أساتذة 
لأهل الحواضر علمًا وخلقًا. وكذلك حولت 
المحضرة الصحراء إلى جسر ينقل الدين 
وثقافته وقيمه إلى أعماق الغابة. 


ولمى يكن منالسهل على المجتمع 
الموريتاني أن يتخلى عن المحضرة. وقد 
انطبعت بها حياته على مر العصور؛ لذلك فقد 
اتخزها رياطًا لمقاومة الغزو الاستعماري 


مطلع القرن العشرين الميلادي. وتحصّن بها 
حين انسدت أمامه سبل المقاومة بالسلاح. 
فكان الصراع حاذًا منذ أوائل القرن العشرين 
بين المحضرة. رمز الأصالة والثبات, وعنوان 
الهوية. وبين المدرسة النظامية صنيعة 
الاستعمار. 

فقد استوحت السلطات الفرنسية من 
تجربتها في الجزائر وتونس, وحاولت أن تقنع 
المجتمع الموريتاني والمجتمعات الأفريقية 
المجاورة بالتخلي عن المحضرة؛ واحتضان 
المدرسة. وأنشأت لهذا الغرض مدارس على 
مشارف موريتانيا بكل من سانلويس 00 - 
السنغال) وجنه وتنبكتو (مالي), 
شوطاء. فأسست بعض المدارس في ا 
السنغال, وفي المذر ذره وبوتلميت.. ثم في 
تجكجة.. وعملت الادارة الاستعمارية على 
كسب ثقة المواطنين واستدراجهم. فقبلت في 
المراحل الأولى أن تكون العربية لغة الدراسة 
في هذه المدارس. وحرصت على أن تستقطب 
إليها أبناء الأعيان؛ للرفع من منزلتها 
الاجتماعية في عيون العامة.. وإمعانًا في 
إبعاد الشبهة عنها سمتها - حتى في 
الأدبيات الفرنسية - «مدرسة» (1)12073558)» 
وحاولت إقناع أهل البلاد بأنها لا تختلف عن 
المحضرة إلا في كونها تقدّم المعرفة بطريقة 
أدق. وبأسلوب أنجع. علاوة على أن كلا من 





نماذع حية مه امؤسسات التريوية ١‏ لعنيقة : المحاصر ١‏ لشنقيطية 4 عحصر مختلف 





المعلمين والتلاميذ فيها يتلقون مساعدات 
وتشجيعات لا يتلقاها أهل المحضرة. 

وحاولت السلطات الفرنسية استمالة 
شيوخ المحاضر. فرصدت مساعدات للشيوخ 
الذين يأمرون تلاميذهم بالتفرغ لدراسة اللغة 
الفرنسية في بعض الأوقات. كما استعملت 
بعض أساليب الضغط والاكراه؛ لإغلاق 
المحاضر التي لا تنصاع. 

ولم تّجِدٍ كل تلك الإجراءات نفعاء فقد ظلت 
المحضرة تؤدي رسالتهاء وكانت نسبة الإقبال 
على المدارس النظامية ضعيفة. ولم تكن 
الأسر ترسل أبناءها طواعية إلى المدرسة, 
وإنما ترسل بعضهم تحت الضغط. حيث 
فرضت السلطات على بيوتات الأعيان ضريبة 
إرسال أحد أبنائها إلى المدرسة. وكانوا 
يفعلون ذلك كارهين مضطرين: ويتلقون 
بالمناسبة من الأسر الأخرى التعازي ومشاعر 
التعاطف. 

وهكذا فإن عدد تلامين المدارس النظامية 
في موريتانيا- وبعد ثلاثين سنة من 
السيطرة الاستعمارية - لم يكن يتجاوز 415 
تلمين (عام .)1991١‏ 


وقد لخص أحد رجال الإدارة الفرنسية 
نتيجة الصراع بين المحضرة والمدرسة بعد 
نصف قرن قائلاً: 

«إن التعليم التقليدي راسخ الجذور, وأنه 
ينال كل السكان. وأن إجراءات دمجه في 


المدرسة الفرنسية (من خلال مواد عربية) لم 
تلقّ رضى السكان» (8). 

على أن هذه المقاومة الثقافية بدأت 
تضعف منذ فجر الاستقلال, فقد نما اقتناع 
الموريتانيين شينا فشيئا بأن المدرسة 
أصبحت مدرستهم. ولم تعد «مدرسة 
النصارى»؛ ومن هنا فإنها لم تعد تشكل خطرًا 
على عقائد الأبناء. 

وهكذا تطورت أعداد تلاميز المرحلة 
الابتدائية منذ عهد الاستقلال بالوتيرة التالية: 

.1956: "4,54 تلمين 


4.6.٠.8: 1910/8‏ تلمين 


١10,80١: 8‏ تلمين 

- 74,.048:1994 تلمين 

وبهذا الرقم ارتفعت نسبة «التمدرس» في 
موريتانيا إلى أكثر من ,/٠١‏ ولم تكن تتجاوز 
// قبل نحو ثلاثين سنة .)١958(‏ 

ومع ذلك فإن نتائج التعليم النظامي, 
بمختلف مراحله وشعبه. ما تزال ضعيفة:؛ إذا 
ما قورنت بالأعباء التي تتحملها الدولة 
نحوه (نحو 8؟/ من الميزانية العمومية), 
ويتحملها المجتمع (بناء المدارس - شراء 
اللوازم المدرسية - الصرف في الغالبية 
العظمى من الحالات على التلامين والطلبة). 
وهي نتائج ضئيلة أيضًا إذا قيست بنتائج 
التعليم المحضري. الذي ينال فئات أوسع من 
السكان. ولا يحمّل الدولة ولا المجتمع أي 





ا م ال ل ال الا ا 0 0 





عبء يذكر. 

لنتأمل هذه الأرقام : 

في الإحصاء العام للسكان سنة ١910‏ 
تبين أن 70.605 فرد (من مجموع 
4 تفوق أعمارهم العاشرة) قد تلقوا 
ضربًا من ضروب التعليم. وصرح 51١/155‏ 
من هؤلاء بأنهم تلقوا تعليمهم في المحاضر 
والكتاتيب دون غيرهاء بينما تلقى 15795 
تعليمًا نظاميًا إضافة إلى التعليم التقليدي, 
وهناك ”1,5 فرد فقط صرحوا بأنهم تلقوا 
تعليمًا عصريًا خالصا. 

ويعني ذلك أن "8421 من المتعلمين لم 
يرتادوا المدرسة النظامية وأن 7٠:4‏ فقط من 
المتعلمين لم يرتادوا المحضرة. 

وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حققه 
التعليم النظامي بعد ذلك. إلا أن آخر إحصاء 
عام للسكان )١1988(‏ يبرز استمرار تفوق 
التعليم التقليدي في إشاعة المعرفة. فقد تبين 
من الإحصاء أن 4 من السكان الذين تبلغ 
أعمارهم ١‏ سنوات فأكثر, قد تلقوا ضربنا من 
ضروب التعليم: /75.١‏ تلقوا تعليمًا تقليديًا 
مقابل *:251 تلقوا تعليمًا نظاميا. 

وتطرح هذه الأرقام تساؤلاً جاذا حول 
جدوى التعليم النظامي. إذا قورنت الكلفة 
بالنتيجة.. فهل من الملائم أن تظل الدولة 
تنفق ربع موارد ميزانيتها العامة على نظام 
تعليمي لا يستفيد منه إلا خمس السكان؟ 


ومن هناء أليس من الضروري الالتفات إلى 
التعليم المحضريء. ومحاولة توظيفه إلى 
اقصى حد ممكن في مغالبة الجهل والأميّة؟ 
على الرغم من أن للتعليم المحضرى أيضًا 
مصاعبه ومعوقاته التي تحتاج إلى معالجة. 


ثانيًا : في أزمة المحضرة 

أدت المحضرة طيلة قرون دورًا كبيرًا في 
حياة المجتمع الصحراوي - الشنقيطي؛ فقد 
كانت محركًا أساسيًا للتاريخ فى المنطقة, 
كما كانت آخية تشد إليها المجتمع. فتعدل من 
مساره وتثبت من مقومات هويته. وكان 
المجتمع يحميها ويحتمي بها. لكن التحولات 
العاصفة التي شهدها المجتمع الموريتاني - 
والمجتمعات البشرية من حوله - تطرح سؤالا 
هامًا حول وظيفة المحضرة اليوم وغذًاء بل 
حول قابليتها للبقاء والاستمرار. فليست 
المحضرة - وإن عظم دورها - إلا خلية في 
نسيج اجتماعي واقتصادي أخذ في التغير 

فقر نمت المحضرة في رحاب البادية 
الفسيحة بين قوم تمثل الألواح والكتب والابل 
والأبقار قوام حياتهم المادية والمعنوية. 

وليس من السهل أن تستل المحضرة من 
المحيط الذي نشأت فيه. وتزرع في بيئة 
جديدة مختلفة. دون أن تفقد روحهاء أو تخسر 
حِزْءًا كبيرًا من خصائصها. 





نماذ- حية مه المؤسسات التربوية ا لعتيقة : المحاضر | لشنقيطية 8 حصر منتلف 





لقد تضافرت عوامل عديدة منذ مطلع القرن 
العشرين. فأصابت من بينة المحضرة ومن 
المحضرة ذاتهاء فكان الاستعمار أولاً. ولعله 
لم يكن أعظم تلك العوامل خطرًا على الرغم 
من الحرب الضروس التي شثها على 
المحضرة. فقد كان للمحضرة. في حالة 
التحدي. من عوامل المناعة. ما مكنها من أن 
تغالب الأخطار المحدقة (هجرة العلماء وتفرغ 
بعضهم للجهاد. ومطاردة بعض المحاضر, 
ومغريات الضرة الجديدة؛ المدرسة. ومضايقة 
المحاضر التي لا تنصاع لأوامس الإدارة 
الاستعمارية.. إلخ). 

على أن جهود المستعمر لم تكن عديمة 
التأثير. فقد كان الحصول على الاستقلال 
كافيا لتؤتي الشجرة التي بذرتها الإدارة 
الاستعمارية من قبل أكلها. وأخن الشباب 
يرتادون أكثر فأكثر مدرسة ضرار أناطوا بها 
آمالهم في المجد والحياة الكريمة. 

وكان قيام الدولة بهياكلها المختلفة عاملاً 
مهما في تثبيت السكان؛ واستقطابهم إلى 
المراكز الحضرية. وتقويض ركن آخر من 
الأركان التي قامت عليها من قبل حياة 
المجتمع و« مؤسساته» التربوية. 

ثم جاءت السنون العجاف: دورة طويلة من 
الجفاف. استغرقت نحو عقدين من الزمنء بدءًا 
من أواخر الستينات, قوّضت دعائم الاقتصاد 
الريفي. فانهارت الثروة الحيوانية والزراعية, 


واقشعرت الأرض, فانحسر غطاؤها النباتي, 
وزحفت الرمال. فزحفت أعداد كبيرة من البدو, 
ومن سكان القرى نحو العاصمة ونحو حواضر 
البلد الكبرى: يطلبون العمل والقوت والدواء 
والسلوان. 

وهكذا انقلبت البنية العمرانية للبلاد في 
نحو ٠١‏ سنة.. ففي سنة ١915‏ كان البدو 
الرحّل يشكلون نسبة 54 من سكان 
موريتانيا. وانخفضت هذه النسبة عام ١910‏ 
إلى ؟""/. وفي عام 1188 لم تعد هزه النسبة 
تتجاوز ؟١/.‏ 1 

وكانت نواكشوط مثالاً حيّا لهذا التحول, 
فقد ارتفع عدد سكانها من نحو 0.6٠6١‏ نسمة 
عام ١957‏ إلى نحو 5.00...6٠١‏ نسمة بعد أقل 
من "٠١‏ سنة. 

ترى هل تستطيع المحضرة أن تعيش 
والحال هذه؟ .. ففي غياب البقرة والناقة 
الحلوبء وندرة من المزارع والقوافل, 
تحمل حصادها. فتمير طلاب المحضرة.. وفي 
غياب أشجار القتاد. والصمغ العربي, الذي 
ينتج عملة الاقتصاد البدوي الأثيرة؛ وندرة في 
سائر أشجار البلاد. وفي مائها ومرعاها.. في 
ظروف كهزه. لا يجد طلبة المحاضر وشيوخها 


5 


مايقيمون به أود حياتهم. ويبنون به 
الأعرشة التي تكنهم. بل لا يجدون ذواتهم.. 
ومن وراء ذلك كله. ثمرة التحول: نكوص 


على الأعقاب في صورة توق إلى مستقبل 








نماذج حية مه ا الا ا 02100 


مختلف. يصرف الشبان عن المحضرة. فيولون 
وجوههم شطر مدرسة تومن لخريجيها عملا 
وجاهًا ونفودًا ومالاً في مجتمع جديد.ء تبدلت 
كن انق شد اكه من مووي 

تلك أزمة المحضرة: أزمة محيط تعيش فيه 
وتنمو.. وأزمة وظيفة, أو أزمة آفاق.. ومن بين 
هذا وذاك أزمة مناهج ونظم وطرائق. تتيح 
لهزه المؤسسات التربوية العتيدة أن تتنفس 
هواء المدينة دون أن تختنق. وأن تتجدد من 
الداخل, فتستجيب لحاجات المجتمع دون أن 
تتحلل وتنهار. 

ولو كان بالإمكان التخلي عن المحضرة 
لهان الأمر. لكن المحضرة ما تزال ضرورية في 
حياة المجتمع الموريتاني, لا لأنها صمام أمان 
في خضم التحولات العاصفة. أو مقوم هوية 
وعنصر تميز فحسب, بل لأنها أيضًا المؤسسة 
التربوية الأقل كلفة, والأكثر مردودا (على الأقل 
في المستوى الكمي الأفقي). فليس في 
مؤسسات التعليم النظامي بصيغتها الراهنة 
ما يمكن أن يكون بديلاً عن المحضرة سواء في 
وظيفتها التعليمية,. أو في مجمل وظائفها 
الحضارية. 

لذلك لا بد من التفكير في صيغ لاستحياء 
المحضرة. وتطويعها لظروف الحياة الجديدة. 


ثالثًا : نحو تتعديث ال محضرة 
منذ أوائل السبعينات - على أثر تقرير 


أعدته اليونسكو - بدا واضحا أن لا بديل 
للمحضرة. إذا أريد محو الأمية. وتعميم 
المعرفة بكلفة يسيرة ووسائل محدودة. 

وأخذ تحديث النظام التعليمي التقليدي 
وصيانته قسطا من اهتمام الدولة 5 
الأفراد والجمعيات الأهلية, إضافة إلى بعض 
المنظمات الدولية. 

وتمثل هذا التوجه في إنجاز دراسات حول 
التعليم الأصلي وسبل تحديثه. والمواءمة 
بينه وبين التعليم العصريء وفي استحداث 
هياكل ومؤسسات ترعاه. أو تستلهم منه. وفي 


إجراءات أخرى لتثبيت المحضرة وتحديثها. 


-١‏ ضي الدراسات 

انتدب البنك الدولي بالتعاون مع اليونسكو 
خبيرًا (011015ا20 1.6 4015.) عهد إليه بدراسة 
وضع التعليم المحضري في موريتانيا. وقد 
أقام الخبير الدولي في موريتانيا من سنة 
4 إلى سنة 1978., وزار عددًا من المحاضر, 
ودرس مناهجها. وظروف الدراسة والحياة 
فيهاء وقدّم مقترحات لتطويرهاء ووضع خلاصة 
بحثه في دراسة نشرت في يناير 19979 بعنوان: 
اطع مع تعومع "1 تناك هأمعلتمةمناء 1 

عنصم دآ مع أعصده]نلهت عناوتسة|ك1 

وفي سنة ١994‏ أعنّ الأستان محمد الأمين 
بن محمد سالم دراسة حول (إمكانات تنمية 


التعليم الأصلىي في موريتانيا) في إطار 





نماذع حية مه 1 لمؤسسات ا لتربوية ١‏ لعتيقة : ال 200 


برنامج للتربية القاعدية. ترعاه اليونسيف 
بالتعاون مع كتابة الدولة؛ لمحاربة الأمية, 
وللتعليم الأصلي. 

وقد زار الخبير عدذا من المحاضر. واستطلع 
أوضاعها. وقدم مقترحات بشأن تطويرها. 
وفي إطار البرنامج المذكور أعدت استبانة 
تتضمن أسئلة وجهت إلى شيوخ المحاضر, 
ومعلمي المدارس الابتدائية, وأولياء طلبة 
المحاضر. وتلامين المدارس النظامية. بغية 
استطلاع الأوضاعء واستيضاح الآراء والأفكار 
حول منزلة كل من المحضرة والمدرسة في 
المجتمع. وسبل المواءمة بينهما. 

وقد كان التعليم المحضريء. علاوة على 
ذلك,. محور اهتمام عدد من الباحثين 
والمؤسساتء فقد نشرت المنظمة العربية 
للتربية والثقافة والعلوم عام ١101‏ دراسة 
حول المدارس القرآنية في موريتانياء أعدّها 
الأستاذان المختار بن محمد موسى وتركي بن 
رابح. 

كما نشرت لنا كتابًا بعنوان «بلاد شنقيط: 
المنارة والرباط» استعرضنا فيه جوانب من 
أثر المحاضر في الحياة العلمية والإشعاع 


الثقافي والجهاد الديني في بلاد شنقيط 
(موريتانيا). 

واهتم عددٌ من الطلاب بدراسة التعليم 
المحضري في أطروحات ورسائل جامعية. لعل 
من أهمها رسالة الأستان محمد الصوفي بن 





محمد الآمين (المحاضر الموريتانية وآثارها 
التربوية - الرياض ١5‏ 4١ه).‏ وأعنّ الباحث 
محمد المصطفى بن الندى دراسة عن «دور 
المحاضر في موريتانيا» (1985م). 


" - في الهياكل والمؤسسات 

لم يكن في موريتانيا غداة الاستقلال إلا 
خمسة جامعيين فقط, لذلك كان على الدولة 
منذ فجر الاستقلال أن تستعين بخريجي 
التعليم المحضري في إدارة بنى الدولة الفتية. 
وأن تولي هذا النمط من التعليم عناية خاصة, 
تتيح له الانسجام مع الحياة الجديدة 
للمجتمع والدولة. 

وكان معهد بوتلميت للدراسات الإسلامية 
قبلة طلاب المحاضر في الستينات. وفي 
منتصف السبعينات أنشأت الدولة «المعهد 
العالي للدراسات والبحوث الإسلامية» 
بنواكشوط؛ ليؤمن لطلاب المحاضر. الذين 
يلتحقون به عن طريق مسابقة, تعليمًا 
نظاميًا جامعيا. واكتتب هذا المعهد - كسابقه 
- أساتذة من شيوخ المحاضر في خطوة 
عملية لتوظيف الخبرات العلمية التقليدية في 
مؤسسات التعليم النظامي. 

وفي الثمانينات أنشأت الدولة مديرية 
مكلفة بالتعليم الأصلي. وألحقت عام ١4817‏ 
يكتابة الدولة لمحاربة الأميّة. وعني هذا 
القطاع الوزاري المستحدث برعاية التعليم 





نماذع حية هه امؤسسات التربوية العتيقة : ا لمحاخر ١‏ لشنقيطية 8 عصر مختلف 





الأصليء وبالاستفادة من مؤسساته في 
مكافحة الأميّة. سواء عن طريق الحملات أو 
عن طريق الفصول الدراسية المنتظمة. 

وتصرف كتابة الدولة إعانات نقدية رمزية 
تتراوح بين "6٠٠6٠6‏ 0.2608" أوقية (نحو ٠١١‏ 
7٠١ -‏ دولار أمريكي) سنويًا لنحو ١٠٠١‏ من 
شيوخ المحاضر. 

كما قامت كتابة الدولة بتنظيم عدة 
ملتقيات حول التعليم التقليدي. من أهمها 
الملتقى الوطني. الذي نظم في يوليو 1558, 
وشارك فيه نحو ١5١‏ من شيوخ المحاضرء. من 
مختلف أنحاء البلاد. ودرس سبل تطعيم 
المناهج المحضرية بمواد عصرية. 

وفي مطلع التسعينات أنشأت الدولة, برعم 
من البنك الاسلامي للتنمية. مركز التكوين 
المهني لطلاب المحاضر. وهو مركز يهتم 
بإكساب طلاب المحاضر خبرات مهنية تؤهلهم 
للاندماج في الحياة المهنية النشطة. 

وكان للمبادرات الخاصة (من جمعيات أو 
أفراد) دورها المتميز في الاهتمام بالتعليم 
المحضري و« عصرنته». ويطبع هذه 
المبادرات طابع عام من الاقتناع بضرورة 
تمدين المحضرة (أي توطينها في المدن). 
وإعادة تنظيم الدرس المحضري. بصيغ 
عصرية شبيهة بالصيغ المعتمدة في المدارس 
النظامية. ويعني ذلك أن المبادرات المشار 
إليها اهتمت بمضمون التعليم المحضري. 


فأرادت أن تستبقيه. متخلية عن قالبه 
الأصيل. منحازة إلى قوالب أقرب إلى 
«الحداثة ». 

وهكذا نشأت مؤسسات محضرية مدرسية, 
أو محاضر في لبوس عصري. أخذت من 
المحضرة درسها. فأولت المواد الدينية 
واللغوية عناية خاصة,. وأخذت من المدرسة 
نظمها ووسائلها التربوية وظروفها. فانتقلت 
من الخيمة والعريش إلى البيوت الصلبة, 
ووضعت السبورة والدفتر مكان اللوح, ونظمت 
الدراسة في فصول ومستويات ومواسم زمنية, 
وانتقلت من الدرس القردي إلى السدرس 
الجماعيء. واعتمدت أسلوب الامتحانات 
المنظمة. وشهادات ختم الدروس على النحو 
المألوف في المدارس الأخرى. 


وكان من أهم هذه المؤسسات: 

- مدارس القلاح : شبكة مدارس كان 
للمرحوم الحاج محمود با فضل تأسيسها 
والسبق بها في مجال تحديث التعليم 
المحضري. 

تأسست هزه الشبكة بميلاد مدرسة 
«جول» عام .194١‏ ولم تنجح مضايقات 
السلطات الاستعمارية في تثبيط عزيمة 
الحاج محمود با. الذي تمكن من تحويل 
مدرسة «جول» إلى شبكة مدارس تنتشر في 
جنوب موريتانيا. وفي السنغالء وماليء 





نماذع حية مه المؤسسات التريوية العتيقة : المحاضر | لشتقيطية 8 عصر مختلف 


وغينيه وليبيريا. والكاميرونء وزايير 
والكونغو. 

- مدارس ابن عامر : شبكة مدارس أسسها 
محمد الأمين الشيخ عام 19519م. ونظمها في 
مساقات دراسية تهتم أساسا بالقرآن 
والحديث. متدرجة من مستوى المرحلة 
الابتدائية إلى مستوى الثانوية العامة. وقد 
انتشرت هذه المدارس في أطراف البلاد. وبلغ 
عددهاء إلى عام ,١9882‏ نحو ١6١‏ مدرسة. 
وكان يقوم على التدريس فيها معلمون 
متطوعون يتلقون بعد انتهاء الموسم الدراسي, 
الذي قد لا يتجاوز ثلاثة أشهر. إعانات رمزية 
بسيطة جذا. 

وكان عطاء هذه المدارس طيبًّا في مجال 
تعليم المرأة القروية خاصة. 

- معهد عبدالله بن عباس للدراسات 
الإسلامية:. أسس هذا المعهد عام 1584م. 
ويديره منذن تأسيسه الأستاذ محمد فاضل بن 
محمد الأمين. ويشترط هذا المعهد على 
الراغبين في الالتحاق به حفظ القرآن. ثم 
يخوضون مسابقة يتاح للفائزين فيها 
التخصص عبر أربع سنوات من الدراسة 
الجامعية في علوم القرآن والحديث. أو علوم 
الفقه وأصوله. وتشترك الشعبتان في تدريس 
مواد عصرية. منهاالعلوم الطبيعية, 
والرياضيات, والفيزياء. والكيمياء. والفلسفة, 


واللغات الأجنبية (الفرنسية أو الانجليزية). 





ويرتكز هذا المعهد في المواد الأصلية 
(علوم القرآن والحديث والفقه واللغة.إلخ) 
على مؤلفات العلماء الموريتانيين. 

- معهد خالد للمعارف الإاسلامية: أسس 
هذا المعهد عام 05١4١ه‏ - 1185م. ونصٌ 
على أن من أهدافه تكوين شباب «يعتز 
بانتمائته الاسلامي والمحضريء ويدرك إدراكًا 
كاملاً حق الاسلام والمحاضر عليه». 
ويتخصص طلابه في شعبة من خمس شعبء 
هي: علوم القرآن. والسنة, والفقه. واللغة 
العربية. والدعوة والارشاد. 

- معهد إبراهيم الخليل: تأسس هذا المعهر 
في مطلع التسعينات,. وزاوج بين أنماط 
مختلفة من التعليم. فهو يستقبل طلابًا 
يتابعون دروسًا منتظمة في مستوى جامعي, 
وينظم دورات متخصصة للطلاب الراغبين في 
التعمق في باب من أبواب المعارف (دورة 
العقيدة - دورة الطهارة - دورة الصلاة - 
دورة البيوع - دورة الشفعة - دورة المواريث 
- دورة الكسور والحساب.إلخ). 

ويرعى المعهد كذلك سلسلة من الدروس 
المسجدية. تنتظم في رحاب الجوامع؛ كما 
ينظم دورات متخصصة لمساعدة التلاميذ 


الراغبين في خوض امتحانات الثانوية العامة 
(البكالوريا). وتقوم في حضن المعهد روضة 
قرآنية مختصة في تحفيظ كتاب الله للصغار. 
ويتضمن منهاج المعهد. في أقسامه المنتظمة, 








نماذج حية مه المؤسسات ١‏ لتريوية ١‏ لعنيقة : المحاضر ا لشتقيطية 8 عصر مندتلة 





دروسًا في الرياضيات والإنجليزية والفرنسية. 
وقد انتشر هذا النمط من المدارس والمعاهد 
انتشارًا كبيرًا في مختلؤ أرجاء اليلاد. 


؟ - في إجراءات تثبيت المحاضر 
وتدعيمها: 

تعكس البحوث والدراسات والهياكل 
والمؤسسات التي أشرنا إليها آنفًا تنامي 
الاهتمام بتحديث التعليم المحضري 
وصيانته. لكن لسائل أن يسأل: إلى أي حدّ 
ساهمت تلك الدراسات. وتلك البُنى2, في حل 
المعادلة الصعبة المتمثلة في صيانة 
المحضرة - من جاني - بوصفها مقوم هوية 
ونون مغرف لا يديل عنة بحتى الآن في 
التعليم النظامي المعاصر بموريتانيا.ء وفي 
تطويرهاء من جانب أخر. بوصفها خلية في 
نسيج اجتماعي متغير, محكوم في سيرورته 
التاريخية المعاصرة بالخضوع لنواميس 
العصر بما فيها نظمه التربوية واهتماماته 
المعرفية المستجدة؟ 

لقد أثارت البحوث والدراسات الاهتمام 
بالظاهرة المحضرية. وكشفت جوانب فرادتها 
وغناهاء وندبت إلى إعادة بنائها وتشكيلها في 
ضوء حاجات المجتمع والبيئة والعصر. 1 

أما المدارس المحضرية (أو المحاضر 
المدرسية) فقد جسدت ذلك الشعور المركب 
الغريب: الشعور بأهمية بقاء المحضرة 


واستمرارهاء. والشعور في الوقت ذاته بأن 
المحضرة آيلة إلى الزوال. ويأن لا سبيل إلى 
مقاومة زحف المدرسة النظامية. وأن لا حل إلا 
بالمزاوجة بين المدرسة والمحضرة في نمط 
تربوي وسيط. يأخذ من هذه ومن تلك. يحاول 
أن يخلف المحضرة بخير. ويحاول أن ينافس 
المدرسة النظامية أو يقاومها بخيرء وتشكل 
المعاهد المحضرية بموقعها ذلك ضرائر 
خطيرة الشأن للمحاضر. ولكنها ما تزال 
عاجزة عن أداء الوظيفة التي تؤديها - أو 
تستطيع أن تؤديها - المحضرة. 

لذلك تبقى صيانة المحضرة وتحديثها 
حاجة قائمة, ومعادلة صعبة. تحتاج إلى حل, 
أو إلى جملة حلول تبحث عنها الدولة 
ومؤسساتها. والمجتمع. ومؤسساته الحديثة 
(كل يعمل على شاكلته). ويسعى سعيه. 

وتنصب الجهود في هذا الشأن في اتجاه 
حل مشكلات أساسية متداخلة. تشكل جانبا 
مهما من أزمة المحضرة: مشكلة الموارد, 
ومشكلة الآفاق: ومشكلة المناهج. 

أما مشكلة الموارد. فمن الجلي أن المنحة 
الرمزية المتواضعة. التي تقدمها الدولة 
لشيوخ المحاضر. ليست حلاً لها ألبتة. لكن 
الدولة تسعى حاليا إلى إقامة شبكة من 
المشروعات المساندة الصغيرة بالتعاون مع 
اليونسيف؛ لتأمين الحد الأدنى من موارد 
العيش لتلاميذ المحاضر وطلابها. وتأمل 





نماذع حية مه المؤسسات التربوية العتيقة: المحاضر | لشنقيطية 8 عصر منحتلة 





الدولة في إنجاز مشروعات تختلف من موقع 
إلى موقع تبعّا لخصوصيات البينئة 
واحتياجاتها الاقتصادية (مشروعات زراعية 
صغيرة في المناطق الزراعية. ودكاكين لبيع 
الغاز. ومطاحن في المراكز القروية 
والحضرية. إلخ). 

أما فيما يتصل بآفاق العمل والدراسة 
النظامية. فيتيح المعهد العالي للدراسات 
والبحوث الإسلامية والمعاهد الجامعية 
الأهلية فرصة لتعليم نظامي يعده كثير من 
الشباب مدرجة للتوظيف وارتقاء المناصب, 
كما أن الدولة قد أنشأت شعبة بكالوريا 
أصلية. يستطيع طلبة المحاضر أن يتقدموا 
إليها بصفتهم مترشحين أحرارا. ولعل التجربة 
الأهم في هذا المجال هي تجربة المراكز 
المهنية؛ فهناك مركز مهني تابع لمعهد 
عبدالله بن عباس. وقد أقام التجمع الثقافي 
الإسلامي دورات للتكوين المهني في إطار 
نشاط معهده (معهد إبراهيم الخليل). 

وتعزز هذا الاتجاه بإنشاء المركز المهني 
لطلاب المحاضر. الذي فتّح منذ سنة 1994م 
شعيًا لتعليم الكهرباء واللحام والبتاء 
والنجارة والميكانيكا والمنشآت المعدنية, 
وأضاف هذاالعام )١1595(‏ ورشة سابعة 
للمعلوماتية, قصرها على الطالبات. ويوفر 
المعهد لطلبته تكوينا متوسطًا مدته سنتان. 

قضية المناهج : قضية مطروحة بإلحاح 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (» ١‏ ١؟)‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل (نيسان) 1594م 


على البقية الباقية من المحاضر. ونقصدر 
بالمناهج هنا المقررات الدراسية. فما زال 
التعليم المحضري محصورًا - إلا فيما ندر - 
في المواد الدينية واللغوية (الفقه. ورسم 
القرآن وتجويده. والعقائد, والسيرة النبوية 
الشريفة. ومصطلح الحديث,. والنحو والصرف. 
ودواوين الشعر. ومدونات الشعر الجاهلي 
خاصة.إلخ) أما الحساب والعلوم الطبيعية 
والجغرافيا ونحوهاء فهي مواد تكاد تستأئر 
بهاالمدرسة. على الرغم من أن بعض 
المحاضر (كانت) تدرسها. ولكن في إطار ما 
يعرف «بالمتمات» عادة. وهي مواد يتوسع 
بها الذين نالوا حظا وافرًا من المعرفة في 
شعبها الأساسية المألوفة. 

ولأن طالب المحضرة مدعو للانخراط في 
الحياة العامة النشطة يومًا ماء طالبًا في 
مؤسسات نظامية. أو تاجرًا أو موظفا.إلخ» فقد 
ارتفعت الدعوات منذ السبعينات إلى تطعيم 
المنهاج المحضري ببعض مواد التعليح 
المدرسي الحديث. 

وتمّ في السبعينات اختيار محاضر 
نموذجية. رتبت فيها دروس من الرياضيات 
وبعض المواد العلمية. لكن التجربة لم تعمر, 
على الرغم من انصياع شيوخ المحاضر لها 
وقبولهم بها. 

وتسعى كتابة الدولة لمحارية الأميّة, 
وللتعليم الأصلىي حاليّاء إلى اختيار ١١١‏ 





ل الت اللا ا 0 





محضرة تجريبية, تمّ بالفعل انتقاء 5 منهاء 
موزعة بين مناطق الحوض الشرقيء والبراكنة, 
ونواكشوط. اختيرت ليطبق فيها منهاج 
محضري معدّلء. يتضمن دروسًا في الرياضيات 
والتربية الصحية. 

وقد وقع الاختيار على محاضر تقع على 
مقربة من مدارس نظامية في محاولة للربط 
بين النظامين التعليميينء. وعبر صيغ من 
التبادل تحقق التكامل. بحيث يكون 
باستطاعة معلمي المدرسة أن يكملوا مجهود 
شيخ المحضرة بتقديم دروس في الحساب 
ونحوه في محضرته. ويكون باستطاعة 
المدرسة أيضًا أن تستفيد من شيخ المحضرة 
وكبار طلبتها في تدريس بعض المواد الأصلية 
كاللغة والمواد الدينية. 

وسينظم خلال هذا العام ملتقى تكوين 
لفائدة بعض شيوخ المحاضر. حول تدريس 
الرياضيات والتربية الصحية. 

وبعل ؛ 

فإن تحديث التعليم المحضري. وصيانة 
المحضرة, وتوظيفها على نحو أفضل في نشر 
القراءة والكتابة والمعرفة الأساسية. كل ذلك 
ما يزال في معظمه مشروع عمل للمستقبل, 
على الرغم من أهمية الخطوات التي أنجزت 
في سبيله. 

وسيكون على أجهزة الدولة ومؤسسات 
المجتمع أن تبذل مزيرًا من الجهد؛ لبلورة 


تصور أدق لوظيفة المحضرة في سياق العصر, 
وسبل صيانتها وتنميتها. وإمكانات الربط 
بين النظامين التعليميين (التقليدي والحديث) 
القائمين في البلد. ربطًا واعيًا بصيرًا بغاياته. 

أما وظيفة المحضرة؛ فينبغي أن يصان 
جوهرها. لتظل صمام أمان ومقوم هوية, 
ومعدّل مسار بما تبث من المعارف الأصلية, 
وتشيع من القيم الفاضلة. فبالمحضرة 
ودراساتها الدينية تظل موريتانيا ذلك البلد 
الذي يؤوي نسبة عالية من حفّاظ القرآن 
الكريم. وبها وبدراساتها اللفوية تحتفظ 
موريتانيا بسمتها المميزة.. حيث عدّها بعض 
الباحثين مركز اللغة العربية وعلومها الأهم 
خلال القرون الثلاثة الأخيرة(9). وبالمحضرة, 
ومجمل عطائها المعرفي. تظل موريتانيا 
قادرة على حمل رسالة الإسلام وثقافته, 
والاشعاع بها بكل تلقائية في أعماق أفريقياء 
من خلال التجار والمنمين» وسائر أولئك الذين 
يضربون في الأرض. يبتغون من فضل الله 
فإذا هم فى سعيهم لكسب الرزق ينشرون 
الدعوة بأكثر الطرق عفوية وبساطة. فيمكنون 
للإسلام وثقافته حيثما حلوا. 

وسيظل المجتمع, علاوة على ذلك. بحاجة 
إلى علماء متبحرينء يفتون. ويقضون, 


ويدرسون. ويربون. ويعيدون إنتاج المعارف 
التي تلقوها من شيوخهم. وليس كالمحضرة 
مؤسسة تستطيع أن توقر للبلاد هذه الفئة من 





نماذع حية سه أمؤسسات ا لتريوية العتيقة : المحاضر ا لشنقيطية 8 عصر ملاتلف 





«الأطر العليا» من أمثال الشيخ محمد 
محمود الشنقيطي. شيخ طه حسين. الذي 
أطراد في كتابه «الأيام»(١3).‏ والشيخ محمد 
الأمين الشنقيطي مدرس الحرم النبوي, 
صاحب «أضواء البيان في تفسير القرآن 
بالقرآن», والشيخ محمد أمين بن فأل الخير 
الشنقيطي (موضوع الكتاب الأول في سلسلة 
أعلام البصرة الصادر عن وزارة الأوقاف 
والشؤون الدينية بالعراق). وكثير من 
أضرابهم. 

وليس من المطلوب. ولا من الممكن. أن 
يكون خريجو المحضرة كلهم من هذه الفئة, 
بل إن بعض طلابها يكتفون بتحصيل زاد 
معرفي يحملونه ليتفرغوا بعد ذلكء إما لتدبير 
شؤون الحياة والكسب والمعاشء وإما لمتابعة 
الدراسة في مؤسسات أكاديمية حديثة. 

وإذا كان باستطاعة المحضرة أن تخرج 
طلابًا من الرعيل الأول دون أن تتبدل كثيرًا. 
فإن عليها أن تغير بعض ما بنفسها لتعر 
الفئة الثانية من طلابها لما هم مقبلون عليه 


من دراسة نظامية أو عمل وكسب. 

ومن أجل الجميع. ومن أجل هؤلاء خاصة, 
ينبغي أن يعاد ترتيب أولويات المنهاج 
المحضريء فلئن عدت مواد كالحساب والطب 
والجغرافيا من «المتمات» في العرف 
المحضري القديم, فإن من مقتضيات التناغم 
مع العصر. والاستجابة لحاجاته. أن تتقدم 


هذه المواد أو بعضها: لتكون مبادئها حاضرة, 
وعلى نحو جديد. في الدرس المحضري خلال 
مراحله الأولى.. كما أن دروس الآداب والأخلاق 
وقواعد السلوك. التي كانت المحضرة تلقنها 
لطلابهاء يمكن أن تتوسع وتتكيف: لتشمل ما 
تتطلبه حياة الفرد في الجماعة الحضرية, 
وحياته وحياة الجماعة في ظلّ الدولة من 
آداب وأخلاقيات (التربية المدنية). 

على أن منهج تدريس هذه المواد ينبغي أن 
يكون «منهجا محضريًا» يحمل من دم 
المحضرة ومن روحهاء. حيث يتم تدريس 
الرياضيات والجغرافيا والمواد العلمية 
ونحوها بمداخل دينية: كلما أمكن ذلك.. 

وليس مطلوبًا من المحضرة. ولا ينبغي 
لها. أن تتحول إلى ورشة لتعليم النجارة؛ أو 
الحدادة مثلا. لكن وجود مراكز مهنية أو 
ورشات للتدريب قصير الأمد (وربما ورشات 
متنقلة) على مقربة من المحضرة. قد يعين 
الطلبة الذين يرغبون في أن يزاوجوا بين 
الاستزادة من المعرفة في رحاب المحضرة 
واكتساب خبرة مهنية تعينهم على مواجهة 
أعباء الحياة. وينبغي في هذا الصرد مراعاة 
خصوصيات البيثة. فلكل من المناطق 
الزراعية. والمنجمية. ومناطق الشواطىء. 
والمراكز القروية. أو الحضرية سوقه المهنية 
وحاجاته الخاصة. وينبغي أن تكون تلك 
الحاجات نصب العين في رسم منهج التعليم 








نماذع حية مه ١‏ مؤسسات ١‏ لتربوية ١‏ لعتيقة : ا محادر ١‏ لشنقيطية 8 عصر مختلف 


في محضرة الموقع. أو وضع برامج التأهيل 
المهني لفائدة طلاب المحضرة. 

ولأن الأمر يتطلب حدًا أدنى من الموارد غير 
المتوافرة. فإن من الضروري إيلاء عناية 
خاصة للأوقاف. نشأة وتنمية. بما فيها 
الأوقاف الاستثمارية خاصة.. وهذا ميدان لم 
يحظ بعد باهتمام كبير من ذوي اليسار في 
موريتانيا. ولعله أفضل سبيل لتأمين موارد 
منتظمة لدعم المحاضر. 

أما الربط بين التعليم التقليدي والتعليم 
الحديث: فيحتاج إلى خطوات أكثر جرأة مما تم 
حتى الآن. من الضروري فعلاً أن يتجه مجهود 
التقريب بين المحضرة والمدرسة إلى حل 
إشكالات عملية قائمة: كيف تعترف المؤسسة 
الأكاديمية والادارية الحديثة بخبرة علماء 
أجلاء لا يحملون شهادة الدروس الابتدائية, 
ومع ذلك لا يجد حملة الدكتوراه غضاضة في 
التتلمز عليهم؟ كيف تحتسب للطفل الذي 
يحفظ القرآن في العاشرة أو قبلها ثقافته 
المحضرية نظير جزء ذي بال من الدراسة 
النظامية؟. 


تلك قضايا مهمة حقا. لكن مجهود 
المواءمة ينبغي أن يمضي إلى أبعد من ذلك, 
فهناك حاجة إلى إعادة استكشاف المحضرة 
من الداخلء وإلى حقن التعليم النظامي 
بجرعة من دم المحضرة.. 

لقد أجمع المعلمون الذين تمّ استجوابهم 





في موريتانيا على أن تلاميز المدارس 
النظامية الذين مروا بالمحضرة يحققون في 
الغالب نتائج مدرسية أفضل من نظرائهم 
الذين لم يحظوا بقسط ممائل من التعليم 
المحضري. وهنا نكتة ينبغي الوقوف عندها 
وتدبرها؛ لاستكناه السرّ الذي يجعل التعليم 
المحضري أنجع في تفتيق الأذفان. وصقل 
المواهب. وتنمية الملكات الفكرية للناشثة.. 

وللاستمداد من المحضرة والاستلهام منها 
ينبغي أن يفكر القائمون على التعليم 
النظامي مليا في المفارقة القائمة بين 
مدرسة. تستنزف الموارد. وتنتج قليلاً, 
ومحضرة تقنع باليسير. وتنتج كثيرًاء بين 
طلاب يرون العلم غاية. فيجدون في سبيل 
تحصيله. ويعانون من أجله شظف العيش, 
راضين مطمئنينء وبين آخرين يريدون التعلم 
سلما لنيل شهادات. ثم للحصول على مناصب 
وتحصيل مكاسب مادية. ومع ذلك لا يفتؤون 
يعاملون مدرستهم بدلال. يضربون لأبسط 
سببء. وكأن لهم مثة في قبول التعلم' 
ويلحفون في طلب المنحة,. وابتفاء اليسر 
والسهولة بين معلم ملحوظ بعين المهابة 
والمحبة والاإجلال (شيخ المحضرة). وآخر قد 
يرهبه تلامزته. ولكنهم قليلاً ما يحبونه 
وكثيرًا ما يغمزون منه ويلمزون (معلم 
المدرسة)!. 

لسنا بصدد عرض مشروع جاهز في هذا 


نعاذج حية هه المؤسسات التريوية العتيقة: المحاضر | لشنقيطية 8 عصر مختلف 


السبيل. وإنما هي دعوة للتفكير.. وهي في 
الوقت ذاته دعوة مقابل دعوة: دعوة إلى 
مراجعة مناهج التعليم العصري ونظمه. 
مقابل الدعوة إلى تحديث التعليم التقليدي, 
ومراجعة نظمه ومناهجه؛ فليست المدرسة 
النظامية كما ورثناها عن المستعمر كيانًا 
مقدسا لا ينبغي المساس به. بل إنه من 
الضروري إمعان النظر في هذا الكيانء بنية, 
ورسالة؛ وآليات عملء لا لتأصيله فحسب - 
وذلك مطلوبٌ دون شك - ولكن لتكييفه أيضًا 
مع حاجات البيئة وخصوصياتها. ولإحكام 
ربطه بوجدان المجتمع والأمة؛ ليحمل نفسًا 
من تلك المحضرة القنوع المعطاء. 

إن المحضرة بحاجة إلى أن تأخذ من 
المدرسة: ما في ذلك شكء لكن المدرسة أيضًا 
يحاجة إلى أن تقترب أكثر من المحضرة. في 
سعي إلى موقف قوام تتبلور فيه معالم تعليم 
أصيل معاصر غير مسخ ولا هجين. 

إلا يكن ذلك, يعش المجتمع حيتا من الدهر 
حالة انفصام حرجة. موزعا بين خريج 
محضرة. غريب في عصره. لا يملك عملة 
التداول الرائجة في بيئته. مثله - إن هو أراد 
الانخراط في الحياة العامة - مثل أصحاب 
الكهف. حين بعثوا بورقهم إلى المدينة. وبين 
خريج مدرسة يوشك أن يكون المنبت لا أرضًا 
قطع ولا ظهرًا أبقى. 


آفاق الثقافة والتراث - الصدان (»1:7؟) - ذو الحجة 1418ه - ابريل (نيسان) 1534 





١-لمزيد‏ منالتفاصيل حول 
سمات المحضرة. راجع كتابنا. 
بلاد شنقيط - المنارة والرياط 
(ص "5 وما بعدها). 

؟ - الشيخ محمد المامي (ن 5لثاه). 

" - تتداخل مصطلحات «صحراء الملثمين», 
«بلاد شنقيطء». و« موريتانياء في 
دلالاتها الجغرافية:؛ دون أن تتطابق 
كليًاء لذلك نعمد أحيانًا للحديث عن 
« صحراء الملثمين » أو «بلاد شنقيط» 
لنحيل على دلالة جغرافية - اجتماعية 
أوسع من تلك التي توحي بها 
«موريتانيا» فى حدودها السياسية 
الحالية. 

4 - المسالك والممالك: /84. 

© - المسالك والممالك: ؟/31. 

5 - الرحلة لابن بطوطة: 55١‏ 557. 

- حياة موريتانيا (الحياة والثقافة) 

للمختار بن حامد: 5. 

/ - انظر : بلاد شنقيط: 355 

4 - المستشرق الفرنسي عضو مجمع اللغة 
العربية جاك برك. 

."4"/١ الأعمال الكاملة لطه حسين:‎ - ٠ 





نماذع حية مه امؤسسات التربوية العتيقة : اط<اعتر | لشنقيطية 8 حصر مختلف 


المراجةخ 








ابن بطوطة. 

- الرحلة (تحفة النظار في عجائي الأسفار) 
المطبعة الأزهرية بمصر 45١1١اه‏ - 1918م. 
البكري 2 أبو عبيد. 

- المسالك والممالك . تح. أدريان فان ليوفن, 
وآندري فيري. بيت الحكمة,. الدارة العربية 
للكتاب. تونسء. 1997. 
الحسن : أحمد. 

- الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر 
الهجري (دكتوراه دولة - تونس 1985). 
الدليشي الخالدي : عبد اللطيف. 

- الشيخ محمد أمين الشنقيطي.ء وزارة 
الأوقاف والشؤون الدينية. سلسلة أعلام 
البصرة؛ بغدان. ١.4١ه‏ - (198م. 
الشنقيطي : أحمد الأمين. 

- الوسيط في تراجم أدباء شنقيط, ط؛. 
مكتبة الخانجي. مؤسسة منير, القاهرة, 
01 
طه حسين. 

- الأعمال الكاملة:؛ (الأيام). دار الكتاب 


اللبناني؛ بيروت. .118٠‏ 


ابن طوير الجنة : الطالب أحمد. 

- رحلة المنى والمنة. (مرقون). 
محمد الأمين بن محمد سالم. 

- دراسة حول إمكانات تنمية التعليم الأصلي 
في موريتانيا (مرقون). 
محمد الصوفي بن محمد الأمين. 

- المحاضر الموريتانية وأثارها التربوية, 
رسالة جامعية. ‏ الرياض: 1405اه. 
محمد المصطفى بن الندى. 

- دور المحاضر في موريتانياء مرقون. 1185. 
المختار بن حامد. 

- حياة موريتانيا (الجزء الثاني - الحياة 
الثقافية). الدار العربية للكتاب. تونس, 
10 
النحوي : الخليل. 

- بلاد شنقيط. المنارة والرباط؛ المنظمة 
العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس, 
/31 ا .١‏ 

مضع مستيممعدء علساظ :5زه0 :اهن عا عغتلمط - 

-8 عناوتحته ك1 أمعمرعمعزعكمع '1 تناد علما 

.8 58114 - عتمماتسة لطا مع أعصده :ل 

عل عمغاطمعم ,توكنهك؟ لى :عنوع85 /ل- 


غ518 11/آ2 لله عمتدء0 0001 عتنأاناء 








تعريف التراث 

قبل الحديث عن واقع اللخطوطات في 
الجزائر أقدم تعريمًا وجيرًا للتراث: 
وذلك لكون المخطوطات تشكل دعامة 
رئيسة في التراث الانساني عامة. 








و يه 5 
عبد الكريم عوفي 
معهد اللغة العربية وآدابها 





لقد أجمعت كتب اللغة ومعاجمها على أن كلمة (التراث) مأخوذة من الفعل (ورث), 
والتاء فيه ميدلة من الواو. وقد جاء في لسان العرب لابن منظور الإفريقيء عن ابن 
الأعرابي : أن الكلمة مشتقة من الفعل (ورث) » وهي تفيد المعنى الذي تفيده كلمات 
أخر. وهي: (الورث والقرث: والوراث؛ والارث: والاراث).. كما أجمع الدارسون على أن 
المراد بالتراث كل ما خلفه الرجل لورثته» وقد شاعت كلمة (التراث) دون غيرها 


لكترة الاستعمال. 


أما التراث كقضية فكرية. فقد نظر إليها 
المفكرون من زوايا عدة. ولذلك كثرت 
تعريفاته. ودار نقاشُ كبير بين الباحثين 
بشأنه: إذ يفسر عند الكثير وفق المرجعية 
الفكرية والأيديولوجية. ولما كان هذا الأمر لا 


يعنينا فيما نحن بصدده. فإني أستأنس برأي 
قدمه أحد المفكرين الاسلاميين المعاصرين. 
هوالدكتور اكرم ضياء العمرى. وذلك 


لشمولية هذا الرأي. يقول عن التراث: «هو ما 
ورثناه عن أآبائنا من عقيدة وثقافة وقيم 
وآداب وفنون وصناعات وسائر المنجزات 
الأخرى المعنوية والمادية. بل إنه يشتمل على 
الوحي الالهي (القرآن والسنة) الذي ورثناه عن 
أسلافنا... والوحي الإلهي لا يقبل الانتقاء 
والاختيار منه. أو محاولة تطويعه للواقع؛ أو 
التفكير بتوظيفه لتحقيق مصالح خاصة أو 





التراث الجزائري أمخطوط بيه الأمس واليوم 





عامة. بل هو إطار يحكم الحياة. ولكنه يدعها 
تتطور داخله. وإذا انفلتت خارجه. فقد وقع 
انحراف لا بد من تقويمه. وقد حذر القرآن 
نفسه من محاولة الانتقاء هذه [إذ قالى 
تعالى](*): #أفتؤمنون ببعض الكتاب 
وتكفرون ببعضء فما جزاء من يفعل ذلك 
منكم إلا خزيّ في الحياة الدنيا ويوم القيامة 
يُردَون إلى أشْدّ العذاب(4). وأما المنجزات 
البشرية الحضارية والثقافية, فإنها قابلة 
للانتخاب والتوظيف وفق الرؤية المعاصرة, 
وحسب الحاجة والمصلحة(ة). 

هذا هو المفهوم العام للتراث في الفكر 
الاسلامي. لكن ماذا يعني هذا المصطلح في 
حقل المخطوطات؟. وما الدور الخطير الذي 
يؤديه التراث المخطوط في نقل العلم 
والمعرفة؟. وكيف كان حاله بالأمس؟. وما 
واقعه-اليوم؟. وما أشهر مراكزه؟. وما المجالات 
المعرفية التي يمثلها؟. وما قيمتها؟. وماذا 
ينتظر منا؟. 

هذه التساؤلات وغيرها كثير. تحتاج منا 
إلى إجابات مطولة؛ لأن تراثنا المخطوط 
أطبقت عليه الجدران. وبقي حتى يومنا هذا 
مجهولاً. لا يعرفه أبناء الوطنء ولا أبناء الذين 


انتجوه. 


وهذا البحث يحاول الإجابة عن بعض 
التساؤلات المطروحة. ويسعى إلى تحديد 
معالم تراثنا المخطوط. ونعتقد أنه محاولة 


وضع لبنة لتجريد صرح حياتنا الثقافية, 
ومساهمة في بعث الوظيفة التي من أحلها 
وجد تراثنا. 

والتراث في مجال المخطوطات يراد به: 
«كل ما وصل إلينا مكتوبًا في أي علم من 
العلوم» أو فن من الفنون. أو هو كل ما خلفه 
العلماء في فروع المعرفة المختلفة. ولهذا 
فالتراث ليس محدذا بتاريخ معيّن. إن قر 
يموت أحد العلماء في عصرنا فيصبح ما 
خلفه مكتوبا تراقًا بالنسبة لنا»(5). 

إن التراث المخطوط يعدّ دعامة من دعائم 
التراث البشري عامة. فهو يؤدي دورًا خطيرًا 
في نقل العلم والمعرفة والحضارة: ويعرفنا 
مدى تمسّك الأمة بأصالتهاء « وهو عامل ثورة 
وبناء إذا ما أحسن استعماله ودراسته فى 
هدي النظرة الصائبة والنهج الموضوعي 
الملتزم » (7). 

إن التراث العربي الاسلامي في مجالات 
المعرفة الانسانية يتبوأ المركز الأول من حيث 
الكم والكيف. «إذ إنه لم يحدث في التاريخ أن 
احتفظت لغة من اللغات بكل خصائصها 
ومقوماتها. واستعصت على التحريف 
والتبديل كما حدث في اللغة العربية؛ لأنها 
لغة القرآن الكريم ولغة العبادة بالنسبة 
للمسلمين على اختلاف أجناسهم وألوانهم 
وألسنتهم. وارتباط اللغة بالدين هو الذي كتب 
لها البقاء والخلود. وجعلها تحتفظ بنقائها 





عجر 


اا 23100000 





وأصالتها على مرور الزمن. وهذه الميزة 
الفريدة التي امتازت بها اللغة العربية جعلت 
المخطوط العربي أطول مخطوطات العالم 
عمزا وأكثرها عدذاء فمن ورائنا أربعة عشر 
قرا من التراث المخطوط. وهو تراث ضخم لا 
يتوافر لأي أمّة من الأمم. ولا في أي لغة من 
لغات البشر»(8). 

ولهذا أقدمت الدول العربية والاسلامية, 
وكذلك الدول الغربية على جمع التراث 
وصيانته وحفظه من الضياع. وتقديمه للقراء 
لينتفعوا به. 

وإذا كان التراث العربي والاسلامي قد لقي 
العناية الكاملة في كثير من البلدان العربية 
والإسلامية, ولا سيّما المخطوطات التي تشكل 
دعامته الأساسية, فإنه في الجزائر ما زال لم 
يلق العناية اللازمة له؛ إذ إن المحاولات التي 
قام بها بعض الأفراد لم تكن في مستوى كنوز 
التراث التي تحتفظ بها المراكز الرسمية وغير 
الرسمية. ولذلك يحق لنا أن نقول: إن من يريد 
الوقوف على واقع المخطوطات اليوم في 
الجزائر سيصاب بخيبة أمل وبالدهشة 
والعجب: لأن مخطوطات الجزائر على الرغم 
من كثرتها وتنوعها. وعلو قيمتها الفكرية. إلا 
أنها محاطة بجملة من الظروف التاريخية 
والثقافية والطبيعية والبشرية. حجبتها عن 
أعين الناس عبر أزمنة طويلة؛ إذ بقيت حبيسة 


الرفوف. والدهاليز. والصناديق الخشبية. 


والأكياس. تتعرض للتلف والضياع. بل الموت 
كلما مرت السنون. 

٠‏ ومن الأسباب التي جعلت المخطوطات 
الجزائرية على الحال المزكورة نذكر الآتي: 


-١‏ عامل الاستعمار 

لقد عمل المستعمر الفرنسي على إحلال 
اللغة الفرنسية محل اللغة العربية, وعلى 
طمس الشخصية العربية الإسلامية طيلة فترة 
الاحتلال. وما يزال أثره يسري في المجتمع 
الجزائري إلى يوم الناس هذا. فالمحتل حرق 
آلاف المخطوطات والوثائق. كما سرّب آلافًا 
أخرى إلى بلاده للانتفاع بهاء وقد فعل ذلك 
لالحاقه بفرنسا لغة وديثا وسلوكًا وفكرًا؛ 
لقطع الصلة بين الفرد الجزائري وتراثه 
الخالد. 


؟ - عامل الطبيعة 

نعلم حِميعًا أن بقاء المخطوط مدة طويلة 
دون حفظ وعناية أمرٌ يعجل باندثاره, 
ويسلمه لعاديات الزمن, فتأتي الأرضة 
والرطوبة والحشرات والجراثيم عليه 
فيستحيل بعد مدة إلى هشيم؛ فأغلب 
المخطوطات التي سلمت من أيدي المستعمر 
كانت محفوظة تحت الأتربة, والكثير منها 
مازال مدفوناء ولم يُعرف سبيله؛ لأن الذين 


دفنوه ماتوا في عهد الاحتلال. 





التراث الجزائري اطتطوط بين الأسهس واليوم 





؟ - العامل اليبشرىي 

يعدّ الانسان شريكًا في بقاء المخطوطات 
في الجزائر على الصورة السلبية المذكورة؛ 
لأن مالكيها يعتقدون أنها ملك لهم كأي عقار 
موروث. لا يحق لأحد أن يقترب منهاء فهم 
يجهلون قيمتها الفكرية والحضارية. ولذلك 
فالكثير ممن يحتفظون بالمخطوطات يصدون 
من يريد الاطلاع عليها. ويفضلون الابقاء 
عليها كما هي, كأنهم يتبركون بها؛ لاعتقادهم 
أنها تحمل ريح الأولين. 

ولعل أسوأ ما يتعرض له تراثنا المخطوط 
في السنين الأخيرة. ما يقوم به بعض الغفلة 
والجشعين ممن يؤمّون بيت الله الحرام؛ لأداء 
فريضة الحج والعمرة. فهؤلاء يهربون 
المخطوطات ويبيعونها بأبخس الأثمان؛ 
ليشتروا بها أرذل الأشياء. وما درى هؤلاء أنهم 
يبيعون تراث الأمة. وهو شيء لا يباع ألبتة, 
مهما ارتفع ثمنه. 


- انصراف الجهات الرسمية ضي 
الدولة عن الاهتمام بهذه الكثوز 

وكأن الأمر لا يعنيهم على الرغم من وقوف 
بعض المسؤولين على القطاعات الثقافية 
والتربوية من حين لآخر على مخطوطات في 
المعارض التي يتفقدونها. وكأن المخطوط في 
نظرهم تحفة أثرية. تجمل بها المتاحف 
والمكتبات؛ فلا يختلف حال هؤلاء عن حال 


المالكين له ممن لا يعرفون قيمته العلمية, 
فالجميع يتبرك به ويشمٌ رائحته وكفى. 

إن هذه العوامل وغيرها ساعدت على تقزيم 
تراثناء وهو أمر خطير ينبغي أن يتداركه أولو 
الأمر؛ لأن مراكزه - على اختلاف أنواعها؛ من 
زوايا وخزانات ومكتبات ومساجد وقصور 
وأضرحة وأقبية وكتاتيب - ملأى بالكنوز 
النادرة التي تمثل فنون العلم والمعرفة 
الانسانية المختلفة, من دينء وفلسفة؛. وطب, 
وزراعة. وفلك. ومنطق. وفقه. وعبادات, 
وتوحيد. وأصول. ولغة, وأدب. وبلاغة, وشعر, 
ورياضة؛ وتاريخ؛ وسير. ورحلات. وجغرافية, 
وتراجم؛ وكيمياء. وحسابء وميقات, وتفسير. 
وقراءات. وحديث. وتصوف,. وغير ذلك مما 
تفرع عن هذه الأصول. وفي هذه الحقول 
المعرفية التي تمثلها مخطوطات الجزائر يجد 
المرء مخطوطات نفيسة. بعضها كتب بخط 
مؤلفيها. بل فيها ما يرقى إلى القرون الأولى, 
التي ازدهرت فيها حركة التأليف والترجمة, 
فهزه المخطوطات هي المرآة العاكسة لحضارة 
أمتنا عبر العصور المختلفة. 

وإذا كان التراث - كما ذكرنا- يربط 
حاضرنا بماضيناء فإن هذه الفنون المعرفية 
خير ما يعطي صورة حقيقية عن الجهود الني 
بذلها أجدادنا من العلماء والمفكرين. ومدى 
إسهامهم في بناء الحضارة الإنسانية. ثم إن 
هذا الأمر مدعاةٌ إلى البحث في هذا الحقل 


أفاق الثقافة وانترات - العددان (7١؟)‏ - ذو الحجة 814١ه‏ - ابريل (نيسان) 1944+ 





المعرقي؛ لابراز الدور الفعال الذي قام به 
الأسلاف. ولاماطة اللثام عن الكنوز الدفينة 
ونفض الغبار حمهاء وتقريبها من الطلية 
والباحثين: لينتفعوا بهاء ويزاوجوا بين علوم 
الأولين والمعاصرين. وبذلك نضمن استمرار 
الصلة بين التراث والمعاصرة. ونقدم إنتاججا 
للأجيال اللاحقة تتوافر فيه أسباب الرقي 
الفكري والتطور الذي تشهده المدنية كل يوم. 

إن الدارسء إدا أراد الوقوف على أماكن 
وجود المخطوطى في الجزائر. يجدها في كل 
مركز علمي ينشده؛ إن تنتشر المخطوطات في 
ربوع الوطن شساء وجنوبًا وشرقًا وغربا. ولا 
يمكن القول إنه سوجودة في منطقة دون 
سواها باستشء ,سهرق في الكمية؛ إذ تمتاز 
بعض مناطق ,سبوب في الصحراء بكثافة 
المخطوطات في مراكزها العلمية, كما لا يخلو 
بيت من توافر عدن من المخطوطات في الفنون 
المعرفية المختلفة التي سبق ذكرها. 

إن مراكز المخطوطات في الجزائر ما تزال 
مجهولة. وما غرف منها عددُ قليل؛ لأن البحث 
في مجال التراث المخطوط محفوف بجملة من 
العوائق مما ذكرناه سابقًا. كما أن بعض 
المتعالمين والمثقفين يصفون كل من يعمل في 
هذا الحقل المعرفي بالسلفيء وأنه من أصحاب 
الكتب الصفراء. ومن جماعة الحواشي 
وحاشية الحاشية. وما درى المغرورون من 
هذه الفئة أنه لولا هذه الكنوز المعرفية, لما 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (+1. ١؟)‏ - ذو الحجة 514١ه‏ - ابريل (نيسان) 8155/2 


ل 00 





وصلوا إليه من مكانة في المجتمع. ومع هذا 
فالمخلصون من أبناء الآمة ممن يعملون على 
تغيير هزه النظرة الضيقة يزدادون وعيًا 
بدورهم الحضاري2. وسوف يأتي يوم تكون 
الغلبة لهم؛ إن شاء الله تعالى. 


مراكز المخطوطات في الجزائر 

مراكز المخطوطات في الجزائر - كما ذكرنا 
آنفا - كثيرة. وما زالت مجهولة لدى الباحثين 
والطلبة. وسأحاول تقديم أسماء المراكز التي 
تم الوقوف عليهاء أو تناهت إلينا أخبارٌ عنها 
من خلال المصادر الشفوية, أو المكتوبة, مع 
ذكر العدد الإجمالي للمخطوطات التي يحتفظ 
بها كل مركز - ما أمكن - مع العناية ببعض 
المراكز لتقريب الصورة للاخوة الباحثين 
والمهتمين بالتراث. 

وهذه المراكز يمكن تقسيمها إلى قسمين 
رئيسين. هما المراكز الرسمية. والمراكز 
الخاصة. 

وفيمايلى ذكر لمعلومات حول هذه 
المراكز: 


أولا : المراكز الرسمية 

وأعني بها المكتبات العامة التي تشرف 
عليها هينات رسمية وعمومية. ومن أبرزها: 

١‏ - المكتبة الوطنية الجزائرية 

تعدّ المكتبة الوطنية الجزائرية المؤسسة 





التراث الجزائري اأطخاطوط بين الأصس واليوم 





الأولى في البلاد التي تعنى بقضايا الكتاب 
المخطوط والمطبوع: أنشنت بمرسوم صدر في 
ه نوفمير 1865م الموافق للعام الهجري 
.١‏ تضم حوالي أريعة آلاف مخطوطة(4), 
في شتى فنون المعرفة الإنسانية. وليس 
صحيحا ما ذكره المرحوم عبد الكريم 
الدجيلي. قبل عشرين سنة أن «في المكتبة 
الوطنية الآن في الجزائر بعض المخطوطات 
الشانوية,(١٠).‏ جمعت مخطوطاتها من 
المساجد والزوايا والكتاتيب القرآنية, منذ 
الأيام الأولى للاحتلال الفرنسي؛ إذ إن 
المستشرقين. وبعض الضباط والمدرسين, 
وهواة جمع المخطوطات انتشروا في أنحاء 
متفرقة من البلاد في أثناء الحملات 
الاستعمارية. وحاولوا جمع ما يقع بين 
أيديهم من مخطوطات ووثائق, وبذلك كونوا 
النواة الأولى للمكتبة الوطنية. وقد ازدادت 
مقتنيات المكتبة الوطنية بعد الاستقلال. عن 
طريق الشراء. والإهداء. وهزه المخطوطات 
بالعربية. واللاتينية, والفارسية: والتركية, 
والفرنسية. 

وقد عمل المستشرقون والجزائريون عبر 
قرن ونصف قرن من الزمن على إنجاز عددٍ من 
القوائم والفهارس للمخطوطات التي دخلت 
المكتبة؛ لتسهيل مهمة الباحثين: وكانت 
حصيلة تلك الجهود مجموعة من الأعمال 
العلمية. 


وأهم فهرس أنجز لمخطوطات المكتبة 
الوطنية الجزائرية فهرس (فانيان), الذي أنجزد 
سنة 1857م. وما يزال حتى اليوم من أهم 
الفهارس التي تحتفظ به المكتبة الوطنية, فهو 
المفتاح الذي يستعمله الباحثون في الحصول 
على المخطوطات التي يريدون الاطلاع عليها, 
ونظرًا لأهمية الفهرس. وحاجة المكتبة 
الوطنية خاصة والعربية عامة. ولندرته, فإن 
المكتبة الوطنية أعادت طبعه سنة 1998م, 
مع مقردرمة لمدير المكتبة,. الأستان محمر 
عيسى موسىء بين فيها حاجة الباحثين إلى 
الفهرسء ودوره :في إثراء الثقافة الوطنية, وتم 
توزيعه على مراكز المخطوطات والتراث في 
العالم. وذلك في إطار التبادل العلمي. وتعمل 
المكتبة أيضًا على ترجمة الفهرس. فقد شرعت 
مع طلبة معهد علم المكتبات. في جامعة 
الجزائر على ترجمة ثلاثة أقسام منه. بمعدل 
4 عنوان. من مجموع /1 مخطوطة. 

أما الفهارس والقوائم الاسمية التي أنجزها 
الجزائريون لمخطوطات المكتبة منذ انطلاق 
الثورة التحريرية حتى يومنا هذاء فهي على 
النحو التالي: 

-١‏ فهرس مخطوطات المكتبة الوطنية 
(تكملة لفهرس فانيان): أعه عبد الفذني 
أحمد بيوض. 

؟!-السجل العام لمخطوطات المكتبة 
الوطنية (تكملة لفهرس بيوض): لعل 





واذ محمود بوعياد. مدير المكتبة 
الوطنية سابقا. 


* - سجل مكمل لمخطوطات المكتبة الوطنية 


الجزائرية: لعله من وضع موظفي المكتبة 
الوطنية. وقيل: إن واضعيه هما: رابح 
بونار وجلول بدوي. 

4؛- سجل مخطوطات الأمير عبد القادر 
وحسن بن رحال الموجودة بالمكتبة 
الوطنية: لعل واضعه محمود بوعيان 
مدير المكتبة الوطنية سابقًا. 


6.- فهرس مخطوطات مكتبة ابن حمودة 


(ملحق بالمكتبة الوطنية): أعرّه حسن 
غوارزو. وهو باحث من نيجيرياء زار 
المكتبة الوطنية الجزائرية؛ لإنجاز بعض 
المتطلبات العلمية؛ فانتهز الفرصة وأعلٌ 
الفهرس المذكور. في جويليه سنة 
ام 


5 - الفهرس التحليلي للمخطوطات العربية 


التي لم تشملهاآدوات الضبط 
البيبليوغرافي في المكتبة الوطنية 
الجزائرية (القرآن وعلومه. والحديث 
وعلومه. والسيرة النبوية. والفقه): إعداد 
نعيمة بن عاشور. وفتيحة بونفيخة, 


وخطيبة لمياء دواقي, وليندا شقره. وهن 


الترات الجرائري المخطوط بيه الأمسه واليوم 





المكتبة الوطنية الجزائرية: أنجزه موظفو 
المكتبة الوطنية مع طلبة معهد علم 
المكتبات. وهو مستخرج من الفهرس 
السابق. 


/ - الفهرس الوصفي المفصل للمخطوطات 


العربية التي لم تشملها أدوات الضبط 
البيبليوغرافي في المكتبة الوطنية 
الجزائرية «دراسة تحليلية - علم 
النحو»: ابن الناصر بكير وحركات 
العلمي. وهما طالبان في السنة الرابعة 
بمعهد علم المكتبات والتوثيق في 
جامعة الجزائر. 


9 - فهرس مخطوطات علم النحو في المكتبة 


الوطنية الجزائرية: انجزه موظفو المكتبة 
مع طلبة معهد علم المكتبات. وهو 


مستخرج من الفهرس السابق. 


٠‏ - الفهرس الوصفي للمخطوطات العربية 


التي لم تشملها أدوات الضبط 
البيبليوغرافي في المكتبة الوطنية 
الجزائرية (التاريخ. والرحلات, 
والرياضيات وعلم الفلك) القسم الرابع: 
طاهر بن سالم؛. وفتحي غرارمي, ومفتي 
يزيد لخلف. وهم طلبة في السنة 
الرابعة بمعهد علم المكتبات والتوثيق 


طالبات في السنة الرابعة بمعهد علم في جامعة الجزائر. 
المكتبات والتوثيق بجامعة الجزائر. ١‏ - الفهرس الوصفي للمخطوطات العربية 
- فهرس مخطوطات العلوم الاسلامية في التي لم تشملها أدوات الضبيط 





ل ا 


البيبليوغرافي في المكتبة الوطنية 
(الأدب). القسم الثالث: سليمة بلقاسم, 
وشفيقة حائد. طالبتان في السنة 


الرابعة بمعهد علم المكتبات والتوثيق 
في جامعة الجزائر. 

- فهرس مخطوطات علم الأدب في 
المكتبة الوطنية: أنجزه موظفو المكتبة 
مع طلبة معهد علم المكتبات وهو 
مستخرج من الفهرس السابق. 

1- فهرس مخطوطات علم الأدب في 
المكتبة الوطنية: أنجزه موظفو المكتبة 
الوطنية, مع طلبة معهد علم المكتبات, 
وهو مستخرج من الفهرس السابق. 

وتوجد في المكتبة الوطنية مائتان وثلاث 
وستون رسالة من الرسائل المتبادلة بين 

الأمير عبد القادر الجزائري والقادة الفرنسيين, 

وغيرها من الوثائق العامة. 

وتسعى المكتبة إلى اقتناء مخطوطات 
جديدة عن طريق الشراء والهدايا. فقد حصلت 
في منتصف ديسمبر 1115م على ثمان 
مخطوطات من إهداء وزارة المجاهدين. كما 
تعمل على الاستفادة من الأجهزة العلمية 
الحديثة في تخزين المعلومات والقراءة 
باستعمال الحاسوب والسكانار والأقراص 
المليزرة. وغير ذلك من الوسائل كالميكروفيلم 

والميكروفيش. 

؟ - المكتية المركزية في جامعة الأمير عبد 





القادر بقسنطينة 

وفيها مائة وخمسون مخطوطة. 

'" - المكتبة المركزية في جامعة عين 
الباي بقسنطينة 

وفيها ثماني وأربعون مخطوطة. 

وقبل إعداد هذا البحث حاولت الوقوف على 
العدد الجديد من المخطوطات في المكتبتين,, 
لكني فوجئت بتناقص العدد؛ لأن الأيدي 
الشفية امقدى إليها وعيقة بها ْ 

4 - المكتبة المركزية في جامعة الجزاش 

وهي من أوائل المكتبات الجامعية في 
البلاد التي عملت على جمع المخطوطات. لكن 
فرنسا أحرقت الكثير منها. ولم يبق فيها اليوم 
سوى مخطوطتين حسب ما أعلمني مدير 
المكتبة. 

ه - مكتبة نظارة الشؤون الدينية بباتنة 

وفيها سبعون مخطوطة, وقد أعددت لها 
فهرسا. نشر في مجلة معهد المخطوطات 
العربية. المجلد 4". الجزء الثاني. سنة 
5م 

5 - مكتبة المركز الثقافي بقسنطينة 

فيها مائة وسبعون مخطوطة. وقد علمت 
أن وزارة الشؤون الدينية نقلتها إلى مديرية 
التراث بالوزارة. وللمكتبة فهرس أعده بعض 
طلبة علم المكتبات في جامعة قسنطينة, 
وقفت عليه أخيرًاء ولكنه غير متداول. 

٠!‏ - مكتبة ثانوية ابن زرجب بتلمسان 





الترات الجزائري اطخطوط بين الأهس واليوم 





وفيها مائة مخطوطة. وقد استفسرت عنها 
مدير الثانوية فلم يجبني. 

م - مكتبة جمعية الأبحاث والدراسات 
التاريخية بأدرار 

فيها مخطوطات كثيرة ونفيسة لعلماء من 
المنطقة, ولم أتمكن من الوقوف على العدد 
الإجمالي لمخطوطاتها؛ لأنها في نماء مستمر 
بفضل مجهودات الجمعية. 

49 - مكتبة مديرية التراث بوزارة الشؤون 
الدينية في العاصمة 

وهي من المكتبات الغنية بالمخطوطات؛ 
لأن الوزارة جمعت فيها المخطوطات من 
المراكز الثقافية وبعض المساجد من أنحاء 
عدة في الوطن. وقد بلغ عدد مخطوطات 
المديرية 7٠١‏ مجلد. 

٠‏ - مكتبات نظارات الشؤون الدينية في 
الولايات 

وهي موجودة في كل ولاية من ولايات 
الوطن, بعضها نقل إلى وزارة الشؤون الدينية. 

١‏ - مكتبات المساجد الكبرى 

ولا سيّما مساجد الجنوب. وكذا في بعض 
المدن الكبرى في المناطق الأخرى. ويغلب على 
هذا النوع من المخطوطات طابع العلوم 
الشرعية واللغوية. 

١١‏ - مكتبات بعض المراكز الثقافية ودور 
الثقافة في الولايات 

هذا النوع من المكتبات يحتفظ بعدد قليل 


من المخطوطات: لأنها حديثة النشأة, 
والعناية بجمع المخطوطات أمرٌ لا يعرف 
قيمته كثيز من الناس في مجتمعنا. 

- المكتبات والخزانات العامة في 
القصور والأضرحة في مناطق الجنوب 

كأدرار. وتمنراست, وتندوف, وبشار, 
وايليزي. والوادي؛ وورقلة. وهذا النوع من 
الخزانات ينتشر بكثرة ويزخر بنفائس 
المخطوطات. 

4 - مركز الوثائق التاريخية 

يوجد المركز في الجزائر العاصمة. وهو 
يحتفظ بعدد كبير من المخطوطات والوثائق 
تخص مجالات معرفية متنوعة. 

ه١1‏ - متحف المجاهد في الجزائر العاصمة 

وهو من المتاحف الكبرى في الوطنء وقد 
سعى القائمون عليه إلى جمع الوثائق 
والمخطوطات من أنحاء مختلفة. 

1 - خزانة الجامع الكبير في العاصمة 

تحتفظ هذه الخزانة بست وعشرين مجلدا. 

هذه بعض المراكز الرسمية التي تحتفظ 
بالمخطوطات وتشرف عليها جهات رسمية في 
الدولة. وهناك مراكز أخرى لم نتمكن من 
الوقوف عليها. لعلنا نقف عليها مستقبلاً. 

وأشير إلى أن المخطوطات في هذه المراكز 
وغيرها لا تخص مجالاً معرفيًا معيتاء بل 
تشمل العلوم المختلفة. وفيها المخطوطات 
المفردة والمجاميع. وهي متنوعة المعارف. 





ل 0 ا ا 





وأغلب هذه المكتبات لم تعد لمخطوطاتها 
فهارس فنية. باستثناء المكتبة الوطنية, وما 
أعد لبعضها من فهارس بحاجة إلى إعادة 
نظر؛ لتسهيل مهمة الباحثين في الانتفاع بها 


ثانيًا : المراكز الخاصة (الأهلية) 

إن المخطوطات في المراكز الخاصة قياسًا 
إلى ما في المراكز العمومية كثيرة. وهي 
تنتشر في التراب الوطني كله. خاصة في 
ولايات الجنوب. وفيما يلي أهم هذه المراكز 
التي استطعنا الوقوف عليها من خلال 
الزيارات الميدانية, أو بالرجوع إلى الدراسات 
التي كتبت حولها: 

١‏ - الخزانات الشعبية في منطقة أولف 
بالجنوب 

تمتد منطقة أولف بين توات غربًا وعين 
صالح شرقًا. وأغلي مخطوطات هذه الخزانات 
أثرت فيها الأمطار الطوفانية التي نزلت 
بالمنطقة سنة 1155م, فأتلفت أعدادًا كبيرة 
منهاء وما سلم منها تعرض للمحو والرطوية. 
ويمكن تقسيم هذه الخزانات إلى المجموعات 
الآنية: 

أولاً : خزائن بلديتي: أولف وتمقطن, ومنها: 
أ- خزانة سيدي أحمد العالم (ت ؟54١ه):‏ 

وفيها أربعون مخطوطة في علوم الشرع, 
واللغة, والطب. والتصوف. وعلوم أخرى, 


وقبل النكبية كانت عامرة بالمخطوطات. 


ب- خزانة الطالب داده سيدي أحمر 
(915١ه):‏ جل مخطوطات الخزانة أتلفت 
يسبب النكبة المزكورة: إن سقط عليها 
سقف المنزل» وكلّ ما بقي فيها هو ست 
مخطوطات في الفقه. واللغة. 

ج - خزانة الشيخ الباي بالمدرسة القرآنية: 
مجموع المخطوطات فيها اثنتان 
وعشرون مخطوطة. جلبت من خزانة 
ساهل أقبلي. وهي محفوظة بطريقة 
جيدة, وتشمل الفقه. والتاريخ: والحديث, 
والعربية. وغيرها من العلوم. 

ثانيًا : خزائن مرتبطة بالعائلات: ومنها: 
أ- خزانة الطالب محمد بن أحمد الأغزيري: 
وتحتفظ بعشر مخطوطات؛ ثلاثة في 
التاريخ. وسبعة في الفقه. 

ب - خزانة عائلة باشيخ بتقراف: وفيها سبع 
عشرة مخطوطة في الفقه والحديث 
واللغة. 

ج - خزانة الشيخ عبد الرحمن ين محمد 
البرمكي: وهو من أقطاب العلم في 
المنطقة, وصاحب التآليف الكثيرة. 
وتحتفظ بست مخطوطات فقط أما 
مؤلفاته فتوجد في مركز أحمد بابا 
للدراسات بتمبكتو. 

ثالقًا : خزائن بلدية أقبليء ومنها: 

أ- خزانة عائلة عقباوي بزاوية بونعامة: 

ترتبط هذه الزاوية بقبيلة كنته التي 





تنتمي للفاتح عقبة بن نافع الفهري, 
أسست سنة ١6١٠ه.‏ وتحتفظ اليوم 
بستين مخطوطة. في علوم الشرع: واللغة, 
وعلوم أخرى. 

ب - خزانة أركشاش: لا يعرف بدقة العدد 
الذي تحتفظ به من مخطوطات. ولعل 
أهم ما تحتفظ به هو مخطوط (تينغ 
بويا) أي (قتل بويا). وهو عبارة عن 
كتاب قران [كذا كتب عنه]. وهو يقع في 
٠‏ صفحة. 

رابعًا : الخزائن المرتبطة بالعائلات: ومنها: 
أ- خزانة الشيخ محمد بن مالك بساهل: 
كانت هزه الخزانة عامرة بالمخطوطات. 
لكنها ضاعت بسبب الطوفان الذي شهدته 
المنطقة سنة 1155م, وكل ما بقي فيها 
إحدى وأربعون مخطوطة, في الفقه واللغة 
والأدب والحديث والتاريخ. 

ب- خزانة المنصور بأقبلي: وتحتفظ 

بائثنتين وعشرين مخطوطة في علوم 


06 


وتمتاز هذه المجموعات في منطقة أولف 
بالقيمة التاريخية؛ لأن أغلبها لعلماء 
المنطقة. وتؤرخ للأحداث التي عاشها السكان 
عبر الأعصر المختلفة. كما أنها تعكس الجانب 
الفكري لسكان المنطقة. ونمط الحياة التي 


عاشوها. 


ولا بد من الاشارة إلى أنه لا يخلو بيت في 


ا ا 20 





المنطقة من وجود عدد من المخطوطات. وهي 
ظاهرة تعكس حرص سكان مناطق الجنوب 
على التزود بالعلم. 

١‏ - مكتبات أدرار (توات» وقرارة. وتدكلت): 

وهذه المكتبات توجد أيضًا في الجنوب 
بالصحراء في ولاية أدرا. وهي من أغنى 
وآخصب الخزانات الشعبية بالمخطوطات, 
وكثير منها من إنتاج علماء المنطقة. ومنها 
على سبيل المثال لا الحصر: 

أ - مركز توات : 

فيه اثنتا عشرة مكتبة موزعة على القصور , 
التي بنيت في المنطقة, وأشهرها: ْ 
١‏ - مكتبة كوسام : وهي تقع في بلدية 

جديدة, وفيها أكثر من مائة مخطوطة. 

؟ - مكتبة بني تامر : وتقع في بلدية ثيمي. 
"ا - مكتبة وجلان : وتقع في بلدية تسابيت. 
؛ - مكتبة زاوية سيدي حيدة. 

ب - مركز تنجرين : 

وأغلب مخطوطات هذا المركز في الطب, 
والفلك. ومن أشهر خزائنه: 

١‏ - خزانة المطارفة: وفيها ثمان مائة مجلد. 
؟ - خزانة أقسطن: وتقع في بلدية دلدولء 
ومخطوطاتها تخص العقاقير الطبية. 
“- خزانة أولاد عيسى: وقد تعرضت 

مخطوطاتها للضياع. 
4 - خزانة تنركوك: وأغلب مخطوطاتها في 
علوم الدينء والتاريخ. 





ل 0 ل الل 





ج - مركز تدكلت : 
ويقع هذا المركز في الجنوب الغربي من 
ولاية أدرار. ومن مكتباته: 
١‏ - مكتبة أقبلي الزاوية: وفيها ثلاث وستون 
مخطوطة. 
؟ - مكتبة ساهل القديم: وفيها مائتان 
وثماني عشرة مخطوطة. 
ومن المكتبات الأخرى في ولاية أدرار أيضًا: 
١‏ - مكتبة الحاج مبارك بن صالح: وفيها 
ثلاث مائة مجلد. 
؟ - خزانة محمد باي بالعالم: وتحتفظ 


* - خزانة السيد بلقاسم: وفيها أكثر من مائة 
جلد. 


؛ - خحزانة زاوية بوده: وفيثها ثلاث مائة 
مجلد. 


5 - خزانة محمد الصديقي: وفيها سبعون 


مجلدًا. 
' - مكتبية الشيخ التهامي صحراوي 


وفي مكتبته عشرون مخطوطة سلمت من 
المستعمر وعاديات الزمن؛ إذ كانت مكتبته 
عامرة بالمخطوطات في أيام الثورة 
التحريرية الكبرى. وخبأها تحت الأرضء لكن 
عاديات الزمن أتت عليها. وقد أعددت لما بقي 
منها فهرساء نشر في مجلة المورد العراقية, 
المجلد الثامن عشر. العدد الثالث. سنة 





ام 

4 - مكتبة زاوية مولى القرقور بسريانة - 
ولاية باتنة: 

تحتفظ هذه المكتبة بستين مخطوطة في 
مجالات معرفية مختلفة. وقد أعددت لها 
فهرسًا علميًا شاملا سوف ينشر قريبا. 

5 - مكتبة الشيخ المهدي البوعبدلي في 
نواحي وهران: 

لقد جمع المرحوم البوعبدلي عدذا كبيرًا من 
المخطوطات, وكون مكتبة نفيسة. وقد توفي 
رحمه الله ولا ندري إلى من آلت مكتبته 
العامرة. وفي علمذ! أن مخطوطاته لم تفهرس 
فهرسة علمية. وفي أكتوير 1191م أعلمني 
أحد العاملين في حقل المخطوطات في وهران 
أن مخطوطات مكتبته بدأت تتعرض للاختفاء. 

5 - مكتبة الشيخ نعيم النعيمي: 

وهو أحد رجالات جمعية العلماء المسلمين 
زت 19174م) كانت له مكتبة عامرة بنفائس 
المخطوطات في قسنطينة. وقد حاولت 
الوقوف عليها فلم أفلح. وقيل: إن وزارة 
الشؤون الدينية حاولت نقلهاء ولعلها آلت إلى 
ورثته. 

/ - خزانة الزاوية القندسية ببشار 
(القنادسة) 


كانت هذه الخزانة في عام ١59٠‏ تحتفظ 
بأكثر من ثلاثة آلاف مخطوطة. لكن المستعمر 
الفرنسي أحرق نسبة كبيرة منهاء والباقي 


الترات الجزائري المخطوط بيه الأمس واليوم 





نقلها إلى فرنسا. وهذا حال كل المراكز العلمية 
في تلك الفترة. 

م - خزانة الزاوية العثمانية (علي بن 
عمر) في طولقة - ولاية بسكرة: 

تعن هزه الخزانة من أغنى الخزانات في 
منطقة بسكرة. بل في الجزائر عامة. وقد كان 
للزاوية العثمانية دور رائد في الحركة 
الإصلاحية في الجزائر خلال القرن العشرين: 
إن تخرج فيها جمهرة من العلماء. وتحتفظ 
اليوم بمخطوطات في شتى فنون المعرفة 
الإانسانية. وقد حرص شيوخها على الحفاظ 
عليها وتمكين الباحثين والدارسين من الوقوف 
عليها. فهي تشمل مخطوطات في علوم القرآن, 
والفقه, واللغة, والأدب: والمعاجم, والتفسير. 
والحديث, والجغرافية, والتراجم والسير. وفيها 
مخطوطات كتبت بالفارسية والتركية. وليس 
لهذه الخزانة فهرس فني, والعمل جار مع 
زميل لي لإعداد فهرس لهاء ضمن مشروع بحث 
(إحياء التراث). الذي كلّفت برئاسته في 
جامعة باتنة. 

4 - مكتبة زاوية ابن عبد الصمد بباتنة: 

نشطت هذه الزاوية خلال القرن العشرين 
وعمل شيوخها على نشر العلم والاصلاح, 
فتجمع لديها مثات المخطوطات بفضل 
العلاقات التي تربطها بالزوايا المجاورة في 
الاوراس والمناطق الشرقية من الجزائر. 

وقد كان لشيخها (محمود ين عبد الصمد) 


اثنتان وعشرون مخطوطة من تأليفه. لكن 
المستعمر الفرنسي أتلف محتوياتها. وما بقي 
منها ضاع بعد الاستقلال. كما ضاعت 
مخطوطات كثيرة من مكتبات وخزانات 

٠‏ - مكتبة زاوية الشيخ الحسين بسيدي, 
خليفة - ولاية ميلة: 

تعد زاوية الشيخ الحسين الواقعة في ولاية 
ميلة إحدى ولايات الشرق الجزائري؛ من 
كبريات الزوايا التي حافظت على الثقافة 
الوطنية من خلال ما تزخر به من آثار فكرية 
لعلماء يمثلون حقبا تاريخية مختلفة, ومن 
جهات متعددة في العالم العربي والعالم 
الإسلامي. 

وقد كانت الزاوية إلى عهد قريب تحتفظ بما 
يزيد عن ستة آلاف مخطوطة غير التي تحتفظ 
بها الأسر, لكن معظمها ضاع بسبب من 
الأسباب السالفة الذكر. ففرنسا أحرقت جزءًا 
منهاء وهربت ما وجدت فيه منفعة؛ وروادها 
من المغرب وتونس والجزائر أخذوا أعداذا مما 
سلم من المستعمر على سبيل الإعارة ولم 
يعيدوها. كما أن الطبيعة فعلت فعلها بمرور 
الزمن فيما تبقى منها اليوم: وأخبرنا مالكوها 
أن كيسين كبيرين من المخطوطات أحرقا؛ لأن 
الرطوبة والأرضة أتت عليها؛ فتخلصوا منها؛ 


لأنهم يجهلون طرق معالجتها وترميمها, 
كالتعقيم. وطرق تنظيف الورقء: وفك الأوراق 








التراث الجزائري المخطوط بيه الأصسه واليوم 


المتلاصقة. واستكمال الأجزاء الناقصة. وغير 
ذلك من العوامل المكثفة لمواد الكتابة, 
وتعقيم الأغلفة الجلدية. وتحتفظ الزاوية 
اليوم بأربع مائة مخطوطة. وفيها نحو مائة 
مخطوطة في حالة سيئة من أثر الرطوبة 
واللصق. وتحتاج إلى حملة علمية عاجلة 
لإنقاذها وترميمها. 

وفيها مخطوطات مفردة ومخطوطات 
مجموعة في النحو والصرفء والبلاغة, 
والأدب؛ والتشعر. والتراجم. والتفسير, 


المجال المعرضي 
الفقه وأصوله 
علوم اللغة 


التوحيد والعقائد 




















والقراءات, والفقه. والحديث, والأصولء. والطب: 
والفلك. والمنطق. وغير ذلك مما تفرع عن هذه 
الأصول. وقد تبين بعد فحصها أن فيها 
مخطوطات نفيسة ونادرة لا توجد نسخ منها 
في أماكن أخرى في العالم. كما أن بعضها 
بخط مؤلفيها.ء ومنها ما يرقى إلى القرون 
الأولى للهجرة النبوية. 

والجدول الآتي يوضح المجالات المعرفية 
الذي تشملها مخطوطات الزاوية وعدد كل فن 
معرفي. وكونه مفردًا أو مجموها: 













































































ومن المخطوطات النادرة التي تحتفظ بها 
الزاوية, أذكر على سبيل المثال لا الحصر: 

١‏ - إنشاد الضوال وإرشاد السؤال: 

لأبي عبد الله محمد بن هانىء اللخمي (ت 
““/اه). نسخة كتبت في القرن الثامن» اي 
بعد زمن المؤلف بنحو سبعين عاما. وقد 
شرعت في استنساخها لتحقيقهاء وهذا الكتاب 
في الأصل هو كتاب (المدخل إلى تقويم اللسان 
وتعليم البيان) لأبي عبد الله محمد بن هشام 
اللخمي (ت لالاده). وقد أعاد ابن هانىء 
ترتيبه وتبويبه. وهو يعالج ظاهرة اللحن في 
الغرب الاسلامي. وهو من نوادر المخطوطات 
العربية. 

؟ - شرح الجمل الكبير: 

لابن عصفور الإشبيليء وقد وقف عليه 
أستاذنا الدكتور صاحب جعفر أبو جناح 
محقق الشرح الكبير. فتبين له أن الشرح الذي 
حققه ليس الشرح الكبير, كما اعتقد؛ لأن في 
مخطوط زاوية الشيخ الحسين زيادات وأبواب 
لا توجد في الشرح المحقق. وهذه النسخة 
أيضًا فريدة في العالم حسب ما أعلمني 
الدكتور صاحب والدكتور خليل إبراهيم 


العطية. 


* - ديوان أبي تمام: 

رواية أبي على إسماعيل القالي (ت 5ه"اه). 
كتبت النسخة بالخط المغربي, وفي حواشيها 
شروح وإضافات وإشارات إلى اختلاف الشعر 


التراث الجرائري المخطوط بيه الأصس واليوم 





المروي. ومنه نسخة في الأسكوريال بمدريد, 
حسب ما أعلمني أستاذي الدكتور خليل 
إبراهيم العطية. 

وهناك مخطوطات كثيرة في مجالات 
معرفية أخرى تعد من النوادر. سيقف عليها 
القارىء في الفهرس العلمي الذي أعددته 
لمخطوطات الزاوية. وهو فهرس روعيت فيه 
شروط الفهرسة الفنية,. وهو الآن قيد 
التبييض: ليجمع في الحاسوب ثم يوجه 
للطبع, آمل أن يرى النور قريبا ليستفيد منه 
دارسو التراث في المراكز المتخصصة بالتراث 
في داخل الوطن وفي خارجه. 

١‏ - مكتبات منطقة وادي ميزاب في ولاية 
غرداية 

يعد المجتمع الاباضي في منطقة بني 
ميزاب في ولاية غرداية مجتمعا متميرا من 
حيث الحياة الاجتماعية والثقافية 
والاقتصادية والدينية. وتزخر المنطقة عامة 
بموروثات ثقافية وحضارية واكبت عمارة 
المنطقة منذ ما يزيد عن عشرة قرون, ولذلك 
نجد المخطوطات فيها كثيرة ومتنوعة. وهي 
تتوزع على مكتبات تربو على المائة مكتبة. 
فالمستشرق الألماني (جوزيف فون هاس) في 
دراسته «أبحاث في بعض المخطوطات 
الاباضية, سنة 1974م أحصى )٠٠١(‏ مكتبة 
منها في الجزائر (819) مكتبة بوادي ميزابء 
و(ه) مكتبات موزعة على وادي ميزاب» وثمة 





الترات الجزائري اللمخطوط بيه الأمس واليوم 





مكتبات لم يشملها الإحصاء. ولكن مجهودات 
كثيرة تقوم بها جمعيات في المنطقة لحصرها 
وفهرستها. 
وقد تعددت وجهات النظر في توزيع هذه 
المكتبات والخرّانات, فجمعية التراث توزعها 
على النحو الآتي: 
١‏ - مكتبات عامة كمكتبة القطب ببني يزقن. 
؟ - مكتبات تابعة للعشائر كمكتبة أل يدّر. 
* - مكتبات تابعة للمعاهد والمدارس الحرة, 
كمكتبة الإاصلاح والحياة بغرداية 
والقرارة. 
4- مكتبات تابعة للمساجد. كمكتبة 
(إيروان). 
5 - مكتبات تابعة للجمعيات الثقافية, 
كمكتبة جمعية التراث. 
-١‏ مكتبات خاصة. كمكتبة الحاج سعيد 
بغرداية. ومكتبة الشيخ المطهري بمليكة. 
وهناك من يقسم هذه المكتبات إلى: 
١‏ - مكتبات المساجد والمعاهد العلمية. 
؟ - مكتبات الهيئات الاجتماعية والثقافية. 
' - مكتبات الباحثين والمهتمين بالثقافة 
والمخطوطات. 
ولتقريب الصورة للقارىء أخصّ هذه 
المكتبات بالفقرات اللاحقة. وذلك لإبراز الدور 
الفعال الذي تقوم به بعض الجمعيات 


الثقافية في المنطقة؛ لخدمة التراث في 
السنوات الأخيرة, مع العناية ببعض مقتنيات 


إحدى 1 لمكتيات. 


جمعية التراث بالقرارة ودورهاضي 
حماية المخطوطات 

هي جمعية أسسها مجموعة من الباحثين 
الشباب وبعض الأساتذة الجامعيين من أبناء 
المنطقة. هدفها جمع التراث المخطوط 
وترميمه وتنظيمه والحفاظ عليه: بالتصوير 
والتسجيل والنسخ والطباعة والنشر. 
ومشروعها (دليل مخطوطات وادي ميزاب من 
الفكرة إلى الإنجاز). وهزه الفكرة ظهرت 
بوادرها في عام 15117م. وسرعان ما لقيت 
استحسانًا في نفوس عشاق التراث. 

وقد أنجزت الجمعية أعمالاً رائدة لست 
مكتبات. أقدم فيما يلي خلاصة ثلاثة أعمال 
منها لأن المقام لا يسمح بالدخول في 
تفاصيلها: 

أولاً : مكتبة آل يدّر 

تحتفظ هذه المكتبة ب (594) مخطوطة, 
وفيها )١194(‏ مجموع. وتمتاز هذه المخطوطات 
بقلة تأثرها بالعوامل الطبيعية مقارنة 
بالمكتبات الأخرى. وتشمل مخطوطاتها 
الميادين الآتية: 
١‏ - التفسير : )٠١(‏ مخطوطة. 
١‏ - علوم القرآن : )١5(‏ مخطوطة. 
- علوم الحديث : (0”") مخطوطة. 
4 - أصول الدين : (8؟) مخطوطة. 





ه - أصول الفقه (4) مخطوطات. 

5 - الفقه )١40(‏ مخطوطة. 

- التاريخ (4؟) مخطوطة. 

- علوم اللغة (هه) مخطوطة. 
48- الحكم (59) مخطوطة. 

٠‏ - علوم الطب والكيمياء والحساب والفلك 
والتنجيم (؟5) مخطوطة. 

-١‏ موضوعات أخرى كتفسير الأحلام 
والرسائل وأدب المناظرة )5١(‏ 
مخطوطة. 

5- منظومات شعرية وتخص المجالات 
المختلفة السابقة )١7١(‏ مخطوطة. 
ثانيًا : مكتبة الشيخ عمى سعيد بغرداية 

تضم مكتبة الشيخ (هه) مجموعة و(١1)‏ 
عنواثا. يوجد ضمنها مخطوطات بخط 
صاحبهاء ولكن أغلبها مصاب بالرطوبة 
والأرضة. وهي تخص علوم: القرآن والتفسير, 
والحديث. وأصول الدين. وأصول الفقه؛ والفقه, 
والتاريخ والسير. واللغة, والشعر. والطبيعة 
والرياضيات: والطبء والفلك. 

ثالفًا : مكتبة الشيخ البكري بالعطف 

تضم مكتبة الشيخ (95"؟) كتاب. منها 
(18) مخطوطة في علوم مختلفة.. وتمتاز 
باحتفاظها بمخطوطات نادرة ككتاب «جامع 
الأزكوي في فقه الاباضية) الذي يرقى إلى 
القرون الأولى للهجرة. وكتاب «مسائل أبي 
عبيدة) وغيرهما من الكتب النفيسة. وتشمل 


الترات الجزائري الماطوط بيه الأمده واليوم. 





المخطوطات علوم: التفسير. والحديث. وأصول 
الدين. وأصول الفقه. والفقه. والتاريخ والسير, 
واللغة. والشعر. والحكم والوصاياء والطبيعة 
والحياة. وموضوعات أخرى. 

وأذكر أن كثيرًا من مخطوطات المكتبات 
المذكورة وغيرها تخص الفكر الإباضي» وقد 
عملت بعض دور النشر الخاصة بالاباضيين 
على نشر كثير من مخطوطات علماء المنطقة 
في الجزائر وخارج الجزائر. 

كما أنجزت الجمعية مراحل متقدمة لعدل 
من المكتبات المبرمجة في المشروع. ولعلها 
تفرغ من إعداد فهارسها وطبعها قريبًا. وقد 
بلغ مجموع البطاقات المنجزة لمخطوطات 
وادي ميزاب (5400) بطاقة. وهو عدد يمثل 
العشر مما تحتفظ به مكتبات وادي 
ميزاب(١1).‏ 

وتقوم جمعية التراث في وادي ميزاب 
بمجهودات للحصول على وسائل راقية. تمكن 
الباحث من الوصول إلى المخطوطات التي 
يرغب في قراءتها. كتوفير الفهارس, وأدلة 
المخطوطات,. والميكروفيلم, والميكروفيش؛ 
والحاسوب» وينك المعلومات؛ ل هذه 
الوسائل والتقنيات الحديثة توفر الجهد 


والوقت السريع للباحث بدل التنقل إلى 
مسافات بعيدة. 

١‏ - مكتبة علي الزغداني: 

قاضي الحراكتة في ولاية أم البواقي في 





التراث الجرائري اطخحطوط بيه الأمسه واليوم 





شرق الجزائر. ويحتفظ ورثته في المكتبة 


اليوم بثماني عشرة مخطوطة في علومٍ 


١٠‏ - مكتبة الأستاذ أحمد بن السايح 
ببسكرة: 

والرجل إطار مثقف في المركز الثقافي في 
ولاية بسكرة, وهو من محبي التراث والقائمين 


على جمعه. وفي مكتبته عدد من المخطوطات. 


وقد أعدّ أحد الأساتذة فهرسًا لبعض 
مخطوطاته. لكنه غير مستوف للعناصر 
البطاقية التوصيفية, كما أنه لم يصف سوى 
)١9(‏ مخطوطة. وما عند الرجل أكثر من ذلك 
مرتين؛ وأخبرني الرجل أن بعض المخطوطات 
التي جمعها تأثرت بعاديات الزمن. 

- خزانة محمد زقادبا ولاد جلال‎ - ١4 
ولاية بسكرة:‎ 

وتحتفظ بستين مجلدًا. 

5 - مكتبة الدكتور مختار بو عناني: 

وه وأستاذ علوماللغة وتحقيق 
المخطوطات في معهد اللغة العربية وآدابها 
بجامعة وهران. والرجل من محبي التراث, فقد 
جمع عددًا كبيرًا من المخطوطات عن طريق 
الجمع والشراء والتصوير. وقد أعلَّ لبعضها 
فهرسًا في الأيام الأخيرة, وهو مخطوط باليد, 
ولعله ينشر قريبا. 

75 - خزانة زاوية محمد المختار بن تفغ 
بن الأعمش الجكاني: 


في مدينة تندوف. وبها حوالي خمس مائة 
مخطوطة. في شتى فنون المعرفة الإنسانية, 
وأقدم مخطوط بها نسخ في ١4‏ هجرية. 

١١‏ - خزانة أهل العبد بقصر الرماضين 
(الدويرية): 

في مدينة تندوف أيضاء وبها حوالي مانة 
مخطوط, وما يقرب من مائتي وثيقة تاريخية. 

هذه بعض المراكز العلمية التي تحتفظ 
بالمخطوطات في الجزاشس. بعضها وقفت عليها 
وعاينت مقتنياتها. وبعضها الآخر تناهت إلي 
أخبارها من خلال الأحاديث الشفوية مع 
رجالات العلم, أو من خلال بعض الكتابات 
الصحفية. أو الأحاديث الإذاعية والتلفازية, 
والندوات الفكرية والملتقيات الوطنية التي 
حضرناها. 

وثمة مراكز أخرى تعد بالمنات مازالت 
مغمورة لا يعرف الباحثون عنها إلا أسماءهاء 
كما أن للأفراد والأسر مخطوطات لم يتم 
الكشف عنها بعد. وهي من النوادر. وتمثل 
معارف شتَّى. 

وفيما يلي ذكر لأسماء بعض الخزانات 
والمكتبات المشهورة. مما لم يصل إليها 
الباحثون لكشف محتوياتها لأسباب يطول 
شرحها: 
-١‏ خزانة زاوية الهامل في بوسعادة, ولاية 

الجلفة. 


؟ - خزانة زاوية سيدي سلام بولاية الوادي. 





التراث الجزائري ا 2 





* - خزانة زاوية الناظور للشيخ الحملاوي, 
في ولاية قالمة. 
4 - خزانة زاوية سيدي خالد في ولاية 
بسكرة. 
5 - خزانة زاوية سيدي أحمد بن موسى 
بمدينة كرزاز في ولاية بشار. 
5 - خزانة عين ما ضيفي ولاية الأغواط.. 
| - خزانة الزاوية المختارية في أولاد جلال, 
ولاية بسكرة. 
- خزانة الزاوية الزيانية في القنادسة, 
ولاية بشار. 
4 - خزانة الزاوية الحملاوية في شلغوم 
العيد, ولاية ميلة. 
٠‏ - خزانة الزاوية التيجانية في تماسين, 
ولاية ورقلة. 
١‏ - خزانة الزاوية الدرقاوية بمدينة سيدي 
بلعباس. 
١‏ - مكتبة الشيخ المرحوم عبد المجيد ابن 
حبة بالمغير في ولاية وادي سوف. 
١١‏ - مكتبة الشيخ المهاجر بولعران. 
14 - مكتبة الشيخ شعيب بتلمسان. 
- مكتبة ابن الفكون في مدينة قسنطينة. 
1 - مكتبة ابن إسماعيل في وهران. 
والمخطوطات الجزائرية هُرْب الكثير منها 
في أثناء الاحتلال الفرنسي إلى مكتبات 
ومتاحف فرنسا وإسبانيا وألمانيا وهولنده 


وإيطاليا وبريطانيا وتركيا وغيرها. وهذه 


المخطوطات من ميراث الأمة العربية 
والاسلامية يتوجب على القائمين على حماية 
التراث المطالبة باستردادها. 

أما من حيث العمل على التعريف 
بالمخطوطات الموجودة في المراكز المذكورة, 
على اختلاف أنواعها. ومحاولة صيانتها. 
وحفظها. وفهرستها. وتحقيقها. ودراستها, 
ونشرهاء فإن جهودذا فردية قامت هنا وهناك, 
تكفل بها بعض الغيورين على تراث الأمة 
بصفته الواجهة الحضارية للمجتمع, وتتمثل 
هذه المحاولات في قيام بعض الأساتزة على 
تحقيئى ونشر جملة من الكتب لعلماء 
جزائريين وغير جزائريين؛ كما أن الجامعات 
بدأت تسمح بتسجيل الأطروحات الجامعية 
في موضوعات تحقيق التراث ودراسته, 
وللجامعة المركزية في العاصمة قصب السبق 
في هذا المجالء والملاحظ أن معاهد اللغة 
العربية وآدابها ومعاهد التاريخ هي الأكثر 
اهتمامًا بهذا الحقل المعرفي. 

أما في مجال التعريف بمراكز المخطوطات 
والفهرسة والصيانة فالمحاولات أيضا قليلة؛ 
لأنها فردية ولا يتلقى أصحابها الدعم المادي 
والتشجيع المعنوي, ولذلك عندما ننظر إلى 
المجهودات المبذولة في ميدان التراث: في 
ضوء المنجزات الكبرى التي قامت في البلدان 
العربية والاسلامية, فإننا نجد نسبتها ضئيلة 
جدَا ولا تعكس القيمة الحضارية للكنوز التي 





0 ال ا 





تحتفظ بها المراكز المنتشرة في أنحاء الوطن. 
فالحصيلة العامة للفهارس والقوائم 
والدراسات المنجزة حول مخطوطات الجزائر 
منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم 
تقدر ب )5١(‏ عملاً. ويمكن تحديدها كالاتي: 

١‏ - ما أنجزه المستشرقون: 

)1١5(‏ عملاً. والمتداول منها اليوم في 
المكتبة الوطنية (") فهارس. وهي من نوادر 
المطبوعات. 

؟ - ما أنجزه الجزائريون: 

(5؛) عملاً. ما بين فهرس وقائمة وكتاب أو 
دراسة, والمتداول منها قليل جذًاء وهو فهرس 
د/ عبد الكريم بن محمد, والفهارس المنشورة 
في المجلات. ومنها فهرسان ودراسة لصاحب 
هذا البحث2, وبعض فهارس جمعية التراث 
بالقرارة, لكنها في إطار محدود. والكتب 
المطبوعة. وأما الباقي فمركون فوق الرفوف 
في المكتبة الوطنية, وفي معهدي علم 
المكتبات. بجامعتي قسنطينة والجزائر. 

ولا شك أن الجميع يدرك أن العمل في حقل 
المخطوطات محفوف بجملة من العوائق 
والصعوبات, ولذلك أكرر فأقول: إن معظم 
المحاولات والجهود التي بذلت في سبيل 
تحقيق هذا الرصيد المعرفي حول مخطوطات 
الجزائر؛ من فهارس وقوائم ودراساتء قد تمت 
وفق إمكانات شخصية (علمية ومادية) 


محدودة. إذ جل الذين وقفت على أعمالهم, 


باستثناء المستشرقين, عملوا دون دراسة 
لعلم المخطوطات. وكيفية فهرستها. بما في 
ذلك صاحب هذا البحث. وكذلك طلبة معاهد 
علم المكتبات, فهم يتلقون تكويتا في 
الفهرسة العامة للكتب المطبوعة, ولا تقدم 
لهم أية معارف حول علم المخطوطات. 

والعمل في حقل المخطوطات. ولا سيّما 
«فهرسة المخطوط من أصعب الأعمال 
العلمية»(5١).‏ وذلك لما يمتاز به عن غيره من 
خصوصيات,. في نواح عديدة, يعرفها الخبراء 
في هذا المجال. والمفهرس يحتاج إلى ثقافة 
واسعة. وإحاطة بفنون المعرفة الانسانية 
شتى. ومهارات خاصة؛ ينميها بالتدريب 
والممارسة, حتى يتمكن من قراءة المخطوط 
قراءة سليمة تمكنه من استخراج العناصر 
الأساسية المطلوبة في التوصيف أو التحقيق 
والدراسة. 

وهذا ما يؤكده خبير معهد المخطوطات 
ومديره السابق الأستاذ عصام محمد الشنطي 
في قوله: بضاعة فهرسة المخطوطات العربية, 
بضاعة نادرة وصعبة. وتحتاج إلى شغف, 
وصبر. وأناة. وثقافة تراثية واسعة. وخبرة 
ترائثية طويلة»(19). 

إن المقبلين على فهرسة المخطوطات في 
الجزائر قليلون جذاء وهذا أمرٌ لا يقتصر على 
الجزائر وحدهاء بل هو عام في البلاد العربية, 
ولو أردنا حصر العقبات التي تعترض 





المفهرسين ومعدي القوائم في الجزائر. لأمكن 
القول: إنها تعون في انعدام الثقافة التراثية. 
وعدم وجود مركز لإحياء التراث وإعداد 
الإاطارات التي تقوم على الصيانة والترميم 
والحفظ والفهرسة. وكثرة المخطوطات 
وتوزعها في أنحاء مختلفة من البلاد, وعدم 
طبع الفهارس المنجزة. وقلة العاملين في هذا 
الحقل, وغير ذلك من العناصر التي يعرفها 
المشتغلون في الميدان. 

وللتغلب على هذه العقبات لا بل من 
إشاعة الثقافة التراثية. وتعريف الناس قيمة 
المخطوطات وأثرها الفعّال في نقل العلم 
والحضارة, وإنشاء مركز لإحياء التراث. وطبع 
الفهارس المنجزة. وجلب الفهارس المنجزة 
في المراكز العلمية المختلفة خارج الوطن إلى 
المكتبات, والكتب الأخرى المساعدة على 
البحث, وإدخال مادتي: علم المخطوطات. 
ومناهج تحقيقها ودراستها. في المناهج 
التعليمية في علم المكتبات. وجمع التراث 
المتفرق في المراكز المختلفة. واستخرام 
النكنولوجيا الحديثة في الفهرسة؛ كالحاسوب 
والاقراص المليزرة. 

لذلك ألتمس من كل المسؤولين عن قطاع 
الثقافة. أن يوسعوا دائرة الاهتمام بالتراث: 
وألا يحصروه في الآثار الخاصة بالمباني 
والعمران. وأن ينسقوا الجهود مع الجهات 
المعنية في كل البلدان العربية والاسلامية, 


ا ا ل 0 





للعناية به: لأن تراثنا لم يلق العناية الكاملة 
لظروف سبق ذكرها. ولأننا نؤمن أن هذا 
التراث إذا لم تعتن به الجهات الرسمية في 
الدولة. وبقي محجوبًا على الباحثين 
والدارسين فإنه سيضيع وتضيع معه أمال 
الأمة بكاملها. 

وعلى ضوء ما تقرّم يمكننا أن نطرح 
السؤال التالي: ماذا ينبغي أن نفعل لننقن ما 
بقي من هذه الكنوز التراثية التي ينهشها 
السوس في كل لحظة. قبل أن تستحيل إلى 
تراب؟ 

إن الجواب يعرفه الجميع؛ وهو أن إنقاذ هذا 
التراث من الضياع وبعثه لوصل الحاضر 
بالماضي مهمة الجميع, ولا سيّما الحكومة 
ممثلة في وزارات: الاتصال والثقافة, والتعليم 
العالي والبحث العلمي. والتربية الوطنية, 
والسياحة, والمجاهدين. والشؤون الدينية, 
وكل المؤسسات التي لها علاقة بهذا الجانب. 

ونعتقد أن السكوت عن هذا الواقع الخطير 
الذي يوجد عليه تراثنا جريمة في حق تراثنا 
الإنساني: لأن هذا التراث - الذي أنتجه 
العلماء الجزائريون وغير الجزائريين - فيه 
خلاصة الفكر العربي والإنساني. بل فيه ما لم 
يرَالنور منن أنتجه أصحابه. ولذلك فإن 
انتماءنا الحضاري للأمة العربية والإسلامية, 


التي شرّقت بالحضارة وغرّيت, وأكدت فعلها 
في حركة التقدم المعاصر. كل ذلك يفرض 








ل اق 


علينا القيام بحماية هذا التراث من الاندثار. 
وفي اعتقادي أن أؤكد الأمور التي ينبغي 
القيام بها عاجلا هي: 

-١‏ سعي الحكومة. عن طريق مؤسساتها 
المزكورة أنفا إلى الحفاظ على عشرات 
الآلاف من المخطوطات التي تتعرض كل 
يوم للتلف,. من جراء العوامل الطبيعية, 
وذلك بسن قانون حماية التراث 
المخطوط - كما فعلت مع الآثار - اقتداءً 
بالدول العربية في المشرق والمغرب 
العربيين. 

؟ -الإسراع في القيام بمسح شامل لجل 
المراكز. العامة والخاصة:؛ وذلك عن طريق 
بعثهاء والتعريف بهاء وبما تحتفظ به من 
مخطوطات, وإعداد فهارس لها. حتى 
يسهل على الباحثين الانتفاع بها في 
أبحاثهم العلمية المختلفة. والكشف عن 
هذه المراكز العلمية وما تحتفظ به من 
كنوز تراثية. عمل تقوم به كل الأمم, 
وتحرص عليه الجامعات ومراكز البحث 
العلمي, وتنفق عليه أموالاً كبيرة. وليس 
أمرًا مبتدعا. 

*- التعجيل أيضًا بتصوير المخطوطات 
وترميمها وحفظها في أماكن لاثقة, 
تراعى فيها قواعد الحفظ. التي تكفل 
عمرا طويلا للمخطوطات. حتى تستمر 
في أداء وظيفتها. 


- نيذ فكرة الاستهتار بالتراث والاستخفاف 
بالمشتغلين فيه؛ لأن ذلك يؤلم النفس, 
والترويج لهذه الفكرة في وسط الطلبة 
والمثقفين أمرٌ جلل: لأنه يعني فصل 
حاضر الآمة عن ماضيهاء. وآمة بلا ماض 
لا تتسش لعل كبا ومررقيات كما هلم 
العارفون - كان سببًا في قيام النهضة 
الغربية. ولو لم تكن له مكانة عظيمة, 
لما تزاحمت عليه دول الغرب تقتنيه 
وتحفظه وتدرسه. والمخطوطات - كما 
ذكرنا - تشكل الجزء الأكبر والأهم في 
هذا التراث. 

- إطلاع طلبتنا على المناهج العلمية 
المتبعة قديمًا وحديثاء في تحقيق التراث, 
ودراسته. ونشره. وإمدادهم بخبرات 
العلماء الذين سبقونا في هذا المجال؛ من 
العرب ومن المستشرقين. 

5 - إدراج مادتي: علم المخطوطات ومناهج 
تحقيق المخطوطات ونشرها في العلوم 
الإنسانية. ولا سيما في معاهد علم 


المكتبات. والعلوم الإنسانية عامة؛ وذلك 
في مرحلتي الليسانس والدراسات العليا 
بقسميها (الماجستير والدكتوراه). 

7 - ترغيب طلبتنا في علم المخطوطات, 
وتكليفهم بإعداد بحوث علمية في هذا 
الحقل المعرفي, كإنجاز مذكرات التخرج؛ 
والماجستير والدكتوراهء, في إعداد 





الفهارس العلمية للمخطوطات(4١),‏ 
وتحقيق النصوص ودراستها. اقتداء 
بالجامعات العربية والغربية. 


8- السعى لإنشاء مركز وطنيء وإنشاء 


مشاريع ووحدات البحث على مستوى 
المعاهد والجامعات ومراكز البحث 
العلمي.ء يُعنى فيها بجمع التراث, 
والتعريف به. وصيانته. وحفظه., 


وفهرسته. وتحقيقه. ودراسته. ونشره. 


9-دعوة مالكي المخطوطات لتزويد 


الجامعات ومراكز البحث العلمي بما 
يحتفظون به من مخطوطات,. أو بصورٍ 
منها لأجل حفظها من الضياع, والانتفاع 
بها في الأبحاث العلمية. 


٠‏ - التنسيق مع الهيئات العلمية ومراكز 


البحث العلمي خارج الجزائر, ولا سيّما 
معهد المخطوطات العربية التابع 
للجامعة العربية, وهو الهيئة التي 
أوكلت إليها مهمة جمع المخطوطات 
وصيانتها,. وحفظهاء. وفهرستها, 
وتنصويرها. وتحقيقها.ء ونشرها في 
البلدان العربية. 

١'-إقامة‏ معارض سنوية ودورية 
للمخطوطات, العامة والخاصة,. في 
الجهات المختلفة من البلاد. ولا سيّما 


في أثناء انعقاد الندوات والملتقيات 
ا لفكرية دَأت الطابع الذ لثقافي, 


ل ا 0 ل 0 


1# 


وهات 





وتخصيص جوائز لأجود المخطوطات 
المعروضة. وهذه المعارض تساعصر 
أيضًا على إشاعة الثقافة الترائية بين 
الناس. 

على الجهات الرسمية في الحكومة, 
ومؤسسات التعليم. والمراكز العلمية, 
ودور الطباعة والنشر. أن تشجع 
القائمين على إحياء التراث. وذلك 
بتقديم المساعدات المادية والتسهيلات 
المعنوية, لإنجاز الأعمال التي يقومون 
بها. 

إفساح المجال لتكوين الاطارات الفنية 
الماهرة. في صيانة المخطوطات 
وترميمها. وذلك عن طريق إقامة فترات 
تدريبية, في داخل الوطن أو في خارجه. 
كإرسالهم في شكل بعثات إلى المراكز 
المتخصصة. في البلدان العربية أو في 
بعض البلدان الإسلامية التى تعنى 
بالتراث. أو البلدان الغربية. 

إنجاز تحقيقات علمية حول مراكز 
المخطوطات في الجزائر. وتقديمها 
للجمهور عبر وسائل الاعلام المختلفة, 
كالتلفزة. والاذاعة الوطنية, والاذاعات 
الجهوية, والجرائدء والمجلات: والكتب. 
محاولة الاستفادة من الخدمات 
التكنولوجية الحديثة, ككاستعمال 
الحاسوب والأقراص المليزرة. وبنك 





الترات الجرائري المخاطوط بيه الأمس واليوم 





المعلومات والارتباط بالشبكة الدولية 
(الانترنيت) وغير ذلك مما له صلة 
بالتطور العلمي في مجال خدمة 
التراث. لأن هذا الأمر يوفر كثيرًا من 
الجهد. ويختصر المسافات للباحثين في 
إنجاز الأبحاث العلمية التي تخدم 
تراثنا. 
إننا نعتقد أن التعجيل بتطبيق هذه 
المقترحات عمليًا في الميدان» مما يساعد على 
إيراز الدور الحضاري والثقافي للمجتمع 
الجزائري, عبر الأعصر المختلفة. بل هذا ما 
يمكننا من إنقان آلاف المخطوطات التي طواها 
النسيان, وأتت عليها قرون طويلة. وهي تثن 
تحت الأتربة وعاديات الزمن. إن كشفها مهمة 
الجميع. وبعثها لتؤدي وظيفتها الفكرية 
يُعطي صورة حية وفكرة صادقة عن مكانة 
العلماء الجزائريين من حيث عنايتهم بالفكر 
الانساني. ومدى مساهمتهم في ترقيته 
وتطويره. 
وإذا تحقق هذا المبتغى نكون قد أقمنا 
جسور الاتصال بين الحاضر والماضيء وأدينا 
رسالتنا في نقل العلم والمعرفة, وهيأنا 
للأجيال سبل الانتفاع بالاسهامات التي 
قدمها أسلافنا في حقول العلم والمعرقة. 
وأخيرًا فإن العودة إلى التراث وإحيائه في 
ضوء ما ذكرته لا يعني ألبتة العودة إلى 
الكتب الصفراء والتشبث بها كلية. بل العودة 





إليها تكون في ضوء المعطيات الفكرية 

والحضارية المعاصرة. مع العمل على تحقيق 

تزاوج فكري بين أسس الأصالة والمعاصرة. 
والله أسأل التوفيق والسداد 


الحواشهي 





١‏ - أنجز هذا البحث ضمن مشروع البحث 
الذي غعهد إلي برئاسته في المعهد, 
بعنوان «إحياء التراث». 

؟ - اللسان (ورث) 5 / .3١7‏ 

” - زيادة اقتضاها السياق. 

؛ - سورة البقرة : 68. 

ه - التراث والمعاصرة: /ا؟. 58. 

5 - مناهج تحقيق التراث بين القدامى 
والمحدثين: ,. 

/ - بحوث ودراسات في اللغة, د. حاتم 
صالح الضامن: ؛. وإسهام العراقيين 
المعاصرين في تحقيق التراث, له أيضا:١.‏ 

4- الحلقة الدراسية للخدمات المكتبية, 
(دمشق ؟ - ١١‏ أكتوبر 1لا19م): 584. 

4 - بلغ إحصاء مخطوطات المكتبة الوطنية, 
سنة ”1959م (4948") مخطوطة. ينظر: 
المخطوطات الإسلامية في المكتبة 
الوطنية: ؟85/. 

٠‏ - ملاحظات حول الخزائن المخطوطة في 
تونس والجزائر والمغرب: .5٠١‏ 

١‏ - فهرس مخطوطات «إروان» دار التلاميد 


لكك ا ا 0 ا 020 





بالعطف: صء ل. 
- المخطوطات العربية في الغرب 
الإسلامي: 505. 

٠‏ - قضايا التعريف بالمخطوطات. الجهود 
المبذولة وأوجه القصور: .١"١‏ 

4 - أخن بهذزه الفكرة منذ سنوات معهد علم 
المكتبات في جامعتي قسنطينة 
والجزائر العاصمة. وأعد طلبة المعهدين 
مجموعة من الفهارس لمخطوطات 
المكتبة الوطنية. ويعض المكتبات 
الأخرى. 


تم الاستعانة في إعداد هذا البحث 
بمجموعة من المصادر والمراجع؛ منها 
الزيارات الميدانية لبعض المراكز العلمية 
والمقابلات مع بعض الشيوخ ورجالات العلم, 
وكذا بعض الكتابات التي وردت في الصحف 
والمجلات والأسبوعياتء وما استمعنا إليه في 
الندوات الفكرية والملتقيات, أو الاذاعة 
والتلفزيون. ومن أهم المصادر والمراجع 
المطبوعة والمخطوطة أذكر على سبيل المثال 
لا الحصر: 

الضامن : حاتم صالح. 


- إسهام العراقيين المعاصرين في تحقيق 
التراث. مطبعة المجمع العلمي العراقي, 
العراق. ٠195م.‏ 


-يحوث ودراسات في اللغة, دار محكمة 
للطباعة والنشر. العراق. ١4١١‏ ه - 
59ام. 


سعد الله : أبو القاسم. 


- تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى 


القرن الرابع عشر الهجري, الشركة الوطنية 
للنشر والتوزيع. الجزائر. ١40١ه‏ - 
ام 


- تاريخ الخزائن الخاصة في أولف: مذكرة 


التخرج لنيل شهادة الليسانس في التاريخ 
(مخطوطة). إعداد الطالب: الحمدي أحمد, 
معهد الحضارة الإسلامية, وهران: 1994م. 
العمري : أكرم ضياء. 


- التراث والمعاصرة «كتاب الأمة». رئاسة 


المحاكم الشرعية والشؤون الدينية. ط؟, 
قطرء 6ام. 
عوفي : عبد الكريم. 


- تقرير حول المخطوطات في الجزائر. بحث 


ألقي في الاجتماع الثاني للهيئة المشتركة 
لخدمة التراث العربي في القاهرة. يومي 
١9‏ ديسمبر 1145م, (مخطوط على 
الحاسوب). 

- الحلقة الدراسية للخدمات المكتبية 
والوراقة (دمشق ؟ - ١١‏ أكتوير. ؟191م): 
مطبعة جامعة دمشق. ؟99١اه‏ - ؟اؤوام. 
دليل مخطوطات وادي ميزاب: 

أ- فهرس مخطوطات آل يدّر في ولاية 





التراث الجزائري المخطوط بيه الأمسه واليوم 





غرداية. 
ب - فهرس مخطوطات الشيخ عمى سعيد في 
ولاية غرداية. 


ج - فهرس مخطوطات مكتبة الشيخ البكري 
في ولاية غرداية. 
د - فهرس مخطوطات مكتبة إروان «دار 
التلاميذ» في ولاية غرداية. 
إعداد: جمعية التراث. القرارة. ولاية 
غرداية. الجزائر, 1991 - 1998م. 
عوفي : عبد الكريم. 
- زاوية أحمد بن يوزيد مولى القرقور بسريانة 
(نشأتها ومخطوطاتها). ولاية باتنة 
(مخطوطة). 1995م. 
- فهرس مخطوطات الشيخ التهامي صحراوي 
بباتنة - الجزائر, مجلة المورد. المجلد 
الخامس, العدد الأول: العراق. 89/١اه‏ - 
89ام. 
عمار : براهمية. 
- فهرس موضوعي لمخطوطات المركز 
الثقافي الإسلامي بقسنطينة (مذكرة 
ليسانس في علم المكتبات). كساسرة 
محيي الدينء معهد علم المكتبات. جامعة 
قسنطينة. الجزاشر, ٠199م.‏ 


مزلاح رشيدء وكريم مراد. 

- فهرس موضوعي لمخطوطات مكتبة جامعة 
الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية 
بقسنطينة (مذكرة ليسانس في علم 


المكتبات). معهد علم المكتبات. جامعة 
قسنطينة, الجزاتر. 1549م. 
يحيى : عاشور. 

- فهرس موضوعي لمخطوطات مكتبة القطب 
ببني يزجن (مذكرة ليسانس في علم 
المكتبات). معهد علم المكتبات. جامعة 
قسنطينة, الجزائر, /1941م. 
عوفي : عبد الكريم. 

- فهرس نظارة الشؤون الدينية بباتنة. مجلة 
معهد المخطوطات العربية, المجلس 94", 
الجزء الثاني, القاهرة, 1595م. 
بلقاسم سليمة. وحائد شفيقه. 

- الفهرس الوصفي للمخطوطات العربية التي 
لم تشملها أدوات الضبط الببليوغرافي في 
المكتبة الوطنية (الأدب). القسم الثالثش - 
(مذكرة ليسانس في علم المكتبات 
والتوثيق). معهد علم المكتبات والتوثيق, 
جامعة الجزائر, 1998م. 

- قائمة المخطوطات بالمكتبة المركزية في 
جامعة قسنطينة: مصلحة الفهرسة, 
(مخطوط). جوان ١159م.‏ 
الشنطي : عصام محمد. 

- قضايا التعريف بالمخطوطات,. الجهود 
المبذولة وأوجه القصور,. مجلة معهد 
المخطوطات العربية (عدد خاص بندوة 
العيدن الذهبي)), المجلد: :4٠‏ الجزء: 2١‏ 
5ه - 1595م 





التراث الجزائري المخطوط بيه الأمس واليوم 





فتيحة بونفيخه. ونعيمة بن عاشور. 49 /١١‏ 1555م (مخطوط). 
- كشاف المخطوطات الاسلامية في المكتبة أحمد : محمد عبد القادر. 
الوطنية الجزائترية التي لم يشملها الضبط - المكتبة الجزائرية وعنايتها بالكتاب 
الببيليوغرافي. مجلة الموافقات. مجلة العربي المخطوط. مجلة معهد المخطوطات 
المعهد الوطني لأصول الدينء العدد: 4, العربية بالقاهرة, المجلد 18. الجزء .١‏ 
السنة الرابعة, الجزائر. 415١ه‏ - 1998م. القاهرة, ؟19١اه‏ - 15107م. 
الإفريقي : ابن منظور. الدجيلي : عبد الكريم. 
- لسان العرب؛ ترتيب يوسف خياطء دار - ملاحظات حول الخزائن المخطوطة في 
لسان العربء بيروت. /15/8. قتونس والجزائر والمغرب. مجلة المورد. 
مبروك : مقدم. المجلد ". العدد 4: وزارة الإعلام والثقافة 
- المخطوطات داخل الخزانات الشعبية خلال العراقية, بغداد, 1914م. 
القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين 2 -الملتقى الولائي الأول حول رجال الفكر 
ب (توات وقرارة وتدكلت). لمخطوطة). مركز والاصلاح في منطقة الأوراس: تنظيم نظارة 
الأبحاث والدراسات التاريخية, أدرار, الشؤون الدينية بباتنة يومي 5. ا جوليه 
/31وام. 5م (محاضرة حول زاوية ابن عبد 
- المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي: الصمد) لأحد أبناء الزاوية. 
مجموعة من الأساتزة, الدار البيضاء. عوفي : عبد الكريم. 
المغري؛ ٠195م.‏ - من مراكز المخطوطات في الجزائر (زاوية 
عوفي : عبد الكريم. الشيخ الحسين بسيدي خليفة ولاية ميلة 
- مراكز المخطوطات في الجزائر - أماكنها نموذجا). (مخطوطة), 1998م. 
ومحتوياتهاء. مجلة معهد المخطوطات عبد التواب : رمضان. 
العربية. المجلد 4", الجزء الأول. القاهرة. - مناهج تحقيق التراث بين القدماء 
6ام. والمعاصرين, مكتبة الخانجيء القاهرة. ط١,‏ 
الشنطي : عصام محمد. 5ه - 5لقام 


- مشكلة الفهرسة البحث عن حلء. بحث ألقي 12 عل كنتند5نامددد كعل المكمقع عناعملمكة0 - 
في الاجتماع الثاني للهيئة المشتركة 601008 ع2 سقمعة نحط عترع أخ "1 عناوغطامتاطنظ 


لخدمة التراث العربي بالقاهرة. يومي 1١4‏ - .5 - عتقعاح ' علقصمتنة81 عموغطامتاطزظ 





00 له دا 


إلى السواك 





الدكتور : محمود الحاج قاسم محمد - الموصل - العراق 





أولا - السواك في اللغة والتاريخ 


السواك في اللغة 


ساك الشيء سوكا؛ أي دلّكه. واسم العود المسواك, يُذكر ويؤدّث. والسواك ما يدلك به 


الم من العيدان(١)‏ ويرجّح بعضهم استعمال كلمات السواك أو المسواك العربيتان بدله 


من كلمة الفرشاة الأعجمية. 


السواك في التاريخ 

هناك اختلاف بين الباحثين في تاريخ 
استعمال السواك. وفي معرفة أول من 
استعمله من الأمم. يقول الباحث ولتر لويس: 
«إن استعمال السواك موجود في كتابات 
البابليين: التي تعود إلى خمسة آلاف سنة 
قبل الميلاد. ومنهم انتقل إلى الرومان 
واليونان». ويقول: «إن عملية الاستياك كانت 
معروفة لدى اليهود. كما كانت معروفة لدى 
المصريين القدامى».. ويضيف: «ركان 
الصينيون يستعملون نكاشات الأسنان. ثم 
اخترعوا بعد ذلك فرشاة الأسنان. التي كان 


يصنع شعرها من شعر الخنزير. ومن هناك 
أحضرها الرحالة الشهير ماركوبولو, وعرفها 
لأوربا التي لم تستعملها إلا قبل "٠١‏ 
عام » (5). 

«أما في الأمريكتين. فكان برهم أول من 
كتب عن الاستياك في سنة ١714‏ في 
جامايكا. ويذكر أن من الهنود الحمر, والسكان 
من أصل أفريقي من يستعمل العيدان 
والأخشاب القصيرة من أنواع عديدة من 
الأشجار: لتنظيف أسنانهم, ويضيف أن 
الأمريكيين يؤثرون بعض أنواع الأشجار التي 
يفضلها أجدادهم الأفارقة»(95). 








ويقول الأنطاكي عند التحدث عن الأراك: 
«أراك. ويسمى السواك. وهو عربي لم يذكره 


اليونانيون»(4) 


ثانيا - رأي الدين في العناية بالأستان 
والسواك: 

من جملة ما حرص الإسلام فيه على صحة 
الفرد حرصه على نظافة أسنانه؛ فقد فرض 
القرآن علينا الوضوء قبل كل صلاةء وسن 
الرسولء صني الله عليه وسلم؛ فيه المضمضة ثلاث 
مرات لكل وضوء؛ لتزول رواسب الأطعمة وما 
خلفته من بقايا. كما أمر الرسول؛ صبي الله عليه 
وسلم. باستعمال السواك. وحبب استعماله 
لأصحابه, واستعمله هو نفسه طيلة حياته 
في حقبة من الزمن لم تكن تعرف فيه 
الوسائل الطبية الحديثة في وقاية الأسنان. 
وبذلك كانء صني الله عليه وسلم؛ أول من أمر 
بالعناية بنظافة الفم وقام به. وحفظ صحة 
الأسنان في تاريخ الطب الوقائي عند 
المسلمين. يقولء صني الله عليه وسلم: (السواك 
مطهرة للفم. مرضاة للرب). رواه البخاري 
وأحمد والنسائي والترمذي. 

وورد في الصحيحين (أن النبيء صلي الله عليه 
وسم. كان إذا قام من الليل يشوص فاه 
بالسواك). كما ورد في الصحيحين أيضاً أن 
رسول الله؛ مني الله عليه وسم. قال: «لولا أن أشق 
على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». 


ا الف كات 


وعن علي, كرم الله وجهه. قال: قال رسول 
الله. صني الده عليه وسم: «لولا أن أشق على أمتي 
لامرتهم بالسواك عند كل وضوء». رواه 
الطبراني في الأوسط. 

يتضح من أقواله. صدي اده عليه وسم , أن 
مستعمل السواك في أحسن حال. وذلك من 
وجهة تكرار إزالة اللويحة. بتكرار استعمال 
السواك في اليوم. كما تتضح النظرة العلمية 
المدققة في قوله, صدي الله عليه وسم. أيضاً. حيث 
ثبت حديثاً زيادة تراكم الجراثيم مباشرة بعد 
الانتهاء من تناول الطعام بفترة قصيرة, الأمر 
الذي جعل الرسولء صلي الله عليه وسلم. يوصي 
بإزالة هذه الترسبات, التي لا تزول إلا بالحك 
الآلي نهاراً وليلاً. 

وقد اقتدى الصحابة به. صلي الله عليه وسلم, 
حيث كانوا يحملون مساويكهم معهم أينما 
ذهبواء ويربطونها في ذوائب سيوفهم,. وكان 
نساء الصحابة يحملن السواك في خمرهن. 
وقد .ولي الترسشول: سد ينامنبه وس عض 
أصحابه يهمل في نظافة أسنانه حتى أصفر 
لونها. فقال لهم: «....... استاكوا يرحمكم 
الله». 

وقد وردت أحاديث كثيرة حول السواكء لا 
يتسع المجال لذكرها جميعاً ومن يود 


الاستزادة يراجع صحيح البخاري في 
الأبواب «كتاب الجمعة. كتاب الوضوء, كتابي: 


فرض الخمس. وكتاب المغازي ». 








20 لك الك اللكئك 


ثالثا - رأي الأطياء العرب وا مسلمين 
بالسواك: 

تناول أغلب الأطباء العرب والمسلمين 
فوائد السواك بالتفصيل. ونكتفي هذا يسرد 
آراء بعضهم. يقول الرازي (١8؟‏ - 5١4‏ أو 
ام - هكم - 150 أو 579م) في 
«المنصوري»: «السواك يجلوالأسنان 
ويقويها إذا كان باعتدال, ويشد اللثة 
ويسمنها ويمنع الحفر. ويعين على طيب 
النكهة. ويخفف عن الرأس والفم. وفم المعدة 
بعض التخفيف. وينبغي أن يستاك بخشب 
فيه قبض ومرارة. والإسراف في السواك يذهب 
بصقل الأسنان. فتسرع إليها الأوساخ, 
ويزعزعها ويرقهاء ويضعف اللثة ويقصرها». 
وينقل الرازي في الحاوي: من كتاب عيسى بن 
ماسويه في تدبير السنة. قال: «السواك يجفف 
اللسان؛ ويطيب النكهة, وينقي الدماغ: ويلطف 
الحواس. ويجلو الأسنان ويشد اللثة. وينبغي 
أن يستاك كل أحد بما يوافقه. ومما ينفع 
المحرور قضبان الخلاف. والذين لثتهم ضعيفة 
قضبان الطرفاء » (ه). 

ويقول ابن سينا (1/:0" -147"8ه - 98.١‏ - 
"١٠ه)‏ في القانون: «... السواك ... فيجب أن 
يستعمل بالاعتدال ... وإذا استعمل السواك 
باعتدال. جلا الأسنان وقواها ... ومنع الحفر, 
وطيب النكهة. وأفضل الخشب بالسواك ما فيه 
قبض ومرارة .)١(»‏ 


ويضيف مهذب الدين أبو الحسن علي بن 
أحمد بن هبل البغدادي (- ١١5ه‏ - "517ام): 
«والذي يستحب أن يستاك به هو الخشب, 
الذي يجمع إلى القبض المرارة. والخولنجان 
جيد للسواك. وخشب الأراك. وأصل الشوك 
المسمى القتاد. وهو الكار الذى صمغه 
الكثيراء » (7). 0 

ويقول ابن القيم ١١9١ > هاله١ - 591١(‏ 
- ٠188م)‏ في مادة سواك: « وأصلح ما اتخذ 
السواك من خشب الأراك ونحوه. ولا ينبغي أن 
يؤخذ من شجرة مجهولة. فربما كانت سما 
وينبغي القصد في استعماله. فإن بالغ فيه, 
فربما أذهب طلاوة الأسنان وصقالتها ... ومتى 
استعمل باعتدال جلا الأسنان, وقوى العمود, 
وأطلق اللسانء ومنع الحفرء وطيب النكهة, 
ونقى الدماغ, وشهى الطعام ... ومن أنفعه 
أصول الجوز».. «وفي السواك عدة منافع: 
يطيب الفم, ويشد اللثة. ويستحب كل وقتء 
ويتأكد عند الصلاة والوضوء, والانتباه من 
النوم. وتغير رائحة الفم ....»(08). 

ويقول الأنطاكي (من أبناء القرن العاشر 
الهجري - السادس عشر الميلادي): «أراكء 
ويسمى السواك. عربي لم يذكره اليونان .. 
يقرب من شجر الرمان. إلا أن ورقه عريض 
سبط. لاا ينتشر شتاءً.ء مشوك له زهر إلى 
الحمرة. يخلف حباً كالبطم أخضر ثم يحمر ثم 
يسود حَيَسَلق وذلك الأسضان جكودة يحطق 


أن - العددان [7: 1؟) - ذو الحجة 418١ه‏ - إبريل (نيسان) 1592م 





/ 


ٌ 


الأسنان ويقوي ويصلح اللثة وينقيها من 
الفضلات» (4). 

وعثرت مؤخراً على منظومة شعرية من 
٠(‏ بيتاً). ناظمها متأآخر مجهول (مخطوطة, 
مكتبة الأوقاف. الموصلء رقم ١4/١15‏ مجموع) 
يصف فيها فواشك السواك وكيفية استعماله. 
نذكر منها ما يلي: 

«ويندب أن تستاك عرضاً وفي ال 

لسان طولاً كذا المنصوص في شرح عمدتي 

وكل قضيب لين ذو خشونة 

به يحصل المسواك من غير دعوتي 

ولكنما الأولى الأراك لأنه 


سواك رسول الله هادي البرية» 


رابعا - المساويك 
4 - أنواعها: 


يتخز السواك من الفروع الرفيعة, أو 
المدادات الأرضية لعديد من الأنواع النباتية, 
والأنواع التي استطعنا إحصاءها من المصادر 
المختلفة كانت: 
64 - المساويك التي جاء ذكرها في كتب 
التراث الطبيء التي ذكرناها سابقاً. 
وهي: 
أ - الأراك 


(21502عم 2130118 5) 
ب - الخولنجان (جوز السدوان) 
(213582ع معتصاماخ) 


ْ دعوة للعودة إلى السوات 


ج - أصل الشوك المسمى (القتاد) 
(21501021ل كناك عزوم ) 
ذ - الخلاف (صنف من الصقصاف) 
(2عة تاملاوعة تله 5) 
ه - الطرفاء 
لدع الدع حتتقصسسة [1) 
و - الزيتون 
(2ع0ممتتناء وع01) 
ن -الجوز 
(12عع1 5سمقاع ال) 
4 - المساويك المستعملة في الجزيرة 
العربية. 
أ- العتم (وهو الزيتون الجبلي, أو 
البري) 
ت#عاقوء01 و016) 
ب - السَمر (وهو من شجر العضاة, 
وهو ما عظم من الشجر وله 
شوك) 
(282ع110م5 3أعوعظ) 
ج - الآراك 
(2ع6215م 210201013 5) 
د - المسواك 
(دمدء0:ثأم5 3013 نجع010) 
ويؤكد أغلب الباحثين على أن أفضل المساويك 
ما اتخزت من شجر الأراك. وعلى سبيل المثال 
نذكر بعض الأقوال في ذلك: 
يقول الدكتور عبدالله عبدالرزاق: «إن أحسن 








دعوة للعودة إلى السواك ظ 


المساويك هي التي تتخذ من شجر 
الأراك .)١٠١(‏ 
ويقول الدكتور البتانوني: ٠‏ ولكن أفضل 
السواك ما اتخن من المدادات الأرضية لنبات 
الأراك وقد يتخذ من فروعه الخضراء ». ويقول: 
«إذا ذكر السواك دون تحديد لنوع معين. فإنه 
مقصود به ما اتخن من نبات الأراك. وهي 
شجيرة من الفصيلة الزيتونية, كثيرة الفروع, 
أوراقها خضراء متقابلة. وأزهارها صغيرة, 
صفراء مخضرة. تترتب في عناقيد. والثمرة 
صغيرة تحمر ثم تسود عند نضوجها. وتعرف 
باسم (الكباث). أما الثمار الغضة فتعرف 
باسم (المرد)»(١١).‏ 
٠‏ وينمو الأراك في الأماكن الحارة والاستوائية, 
وفي السعودية يكثر في منطقة عسير. وأطراف 
مكة؛ والمدينة. وكذلك ينمو في اليمن: وبلاد 
الشام؛ وطور سيناء, والسودانء وايران» وشرق 
الهند»(7١).‏ 
4 - المساويك المستعملة في الهند 
والباكستان("١):‏ 
١‏ - جنس من النباتات البقولية 
يخرج منها مادة تدعى السنا 
(بلغة الحجاز) 
(212أناعءاكلنة 035516)) 
ب- مجموعة من النياتات 
والأعشاب البقولية 


(لةلتاطم)(2أدوع7200 وأعوعهم ) 





ج - القثاء الهندي 
(لاع8) (دماعتتضمص علوعمة) 
د - ازادرخت (فارسية): ويسمى في 
مصر زنزلخت. وفي الشام جرود 
(ععلا) (لمع1نم] ملاعم زلوجم) 
ه - الأراك 
(2ع1واعم لاله ؟521) 
4 - المساويك المستعملة في أفريقيا(؛ :)١‏ 
أ - درج أو ذرح 
(0[0جرععم نزت فوتلم) 
ب - الأراك 
(120واعم 2ن ل52112) 
ع ج«التمز مدي 
(وع1لهآ) (5نالمتتمصسة1) 
د - لم أعثر عليها في القواميس 
(وعل نوالالاه طاصة .1) 
ه - لم أعثر عليها في القواميس 
لوعموء17) 
و - الاسم الأول يدعى في اليمن 
(كرشو) والاسم الثاني بمعنى 
(بلون الصداً) 
بوعمعع بصع وأاعل821) 
ويستعمل في غرب أفريقياء وجزر الهند 
الغربية. ويدخل في تركيب بعض معاجين 
الاسنان. 
4 - مساويك مستعملة في مناطق غير 


محددة في المصادرزة 20 


م 
0 اي ذف كلت 


أ- الأسحل . سفستيان . سبستيان , 
أطباء الكلبة 
(مالاط1 ملل ته ). 
ب - بشام (اليمن) . بلسان . بلسم 
مكة 
(تطناتتتة215ط0م0 12مطام لتتحجزه2)) 
ج - السرح , قرة ؛ طريح (شجرة) 
(59ممتتة2 2ط0308)) 
د - لم أعثر عليها 
كلوط 
ه - اسم نبات له عدة أنواع 
(متدعه1) 
و- اسم للعائلة السزبية 
(ع2عع113ك1) 
ز- لم أعثر عليها 
(101 .0). 
ع المور 
(8/1358). 
ط- يستعمل في أمريكا (لم أعثر 
عليها) 
(ة12ط012 ذنخ]) 
4 - كيفية تحضير المساويك: 
يفضل اختيار المسواك الرطب. سواء كان 
فرعاً. أو جزءاً من المدادات الأرضية؛ لأنه يكون 
محتفظاً بالمواد الحيوية فيه. ويسهل مضغه. 
فلا يسبب جروحاً للأنسجة المحيطة 
بالأسنان. 


وبعد اختيار حجم السواك المناسي - الذي 
يستحسن أن يكون طوله ١5‏ سم وقطره ١‏ سم 
للإنسان البالغ. وأقل من ذلك للأطفال - وبعد 
تنظيفه بالماء والصابون وتنشيفه. تزال 
قشرته الخارجية عن أحد طرفيه بمقدار ١‏ سم 
بشكل دائري. يدق بوساطة آلة حادة, أو 
يمضغ بالأسنان حتى تظهر الألياف الموجودة 
تحت قشرة السواكء التي تختزن المواد المفيدة 
لأنسجة الفم والأسنان. 

«وقد أثبتت إحدى الدراسات أن عملية 
مضغ السواك هذه تعادل تماماً التطبيق 
الموضعي للفلورايد على الأسنان. سواء كان 
ذلك بالمعجون أو بوضعه في عيادة طبيب 
الأسنان. ذلك أن مادة الفلورايد تنساب من 
بين ألياف السواك على أسطح الأسنان في 
أثناء مضغه... وبعد أن تبرز الألياف التي 
تشبه إلى حد كبير الفرشاة. تغسل بقليل من 
الماء؛ لإزالة الرواسب العالقة من الفم. وتنشف 
جيداً. ثم يبرى الطرف الآخر للسواك كالقلم, 
وذلك ليكون حاداً دقيقاً. يصلح نكاشة لإزالة 
بقايا الطعام العالق بين الأسنان. وأخيراً 
يوضع السواك. بعد الاستخرام, في غلاف 
نظيف خاص به. وليس كما يصنع بعض 
العامة الذين يضعونه في جيوبهم. فيختلط 
بما علق بها من رواسب وأوساخ»(11). 

4:” - كيفية استعمالها: 

يفضل قبل استعمال السواك المضمضة؛ 





٠‏ 21 اذك الذككك ظ 
ظ 


لإزالة الترسبات وفضلات الطعام من الفم, ثم 
يغسل طرف السواك بقليل من الماء: لطرد 
الأوساخ التي قد تكون عالقة بين أليافه, 
وعند تنظيف الأسنان العلوية ينصح بوضع 
جزء من أليافه عند منطقة التقاء اللثة 
بالسن. مع دفع السواك إلى أسفل بحركة 
متوسطة الشدة. وليس معاكساً لوضع اللثة؛ 
لتفادي جرحهاء وبالنسبة للأسنان السفلية 
تكون حركات السواك من أسفل إلى أعلى. 
ويجب تنظيف أهم منطقة تتراكم فيها 
الترسبات والفضلات وهي أعناق الأسنان. 

وينصح بإبقاء السواك داخل الفم بعد 
تنظيف الأسنان فترة. ومضغه عدة مرات؛ 
للاستفادة من مكوناته المفيدة لأنسجة الفم 
والأسنان, ولزيادة إفراز اللعاب الذي يفيد في 
تنظيف الأسنان, وفي التخفيف من الوسط 
الحمضي داخل الفم. وفي مكافحة ميكروبات 
الفم الضارة. 

وأخيراً ينظف طرف السواك بعد استعماله 
مباشرة. ويجفف. ويوضع في مكان طاهر 
ونظيف. 

ويستعمل هكذا حتى إذا ضعف وتاكلت 
أليافه. بعد يومين أو أكثر, يقطع هذا الجزء 
ويستعمل جزء آخر لتبقى أليافه نظيفة 


ومفيدة دائماً. 


خامسا - الدراسات العلمية التي 


أجريت على السواك: 

قبل الدخول في صلب الموضوع لابد من 
ذكر شيء عن بعض المعارف الحديثة التي 
توصل إليها طب الأسنان الحديث. فمن 
المعروف أن الأسنان تسبح دوماً في اللعاب, 
وتكسو كل سن سليمة طبقة رقيقة من هذا 
اللعاب. وتلتصق بهاء فإذا ما اتسخت هذه 
الغلالة اللعابية, فإن الأسنان يعلوها الكلس 
والأوساخ, التي تضم بين جنباتها الجراثيم. 
ولقد وجد العلماء أنه. حتى بعد تلميع 
الأسنان, تتكون هذه الغلالة في أقل من ساعة, 
ولا يزداد سمكها عن ميكرون واحد. وحالما 
تتكون هذه الغلالة تبدأ الجراثيم الساكنة في 
الفم في الالتصاق بها. 

أما إذا لم يتم إزالة هذه المادة الرخوة 
باستمرار. ولمدة 4؟ ساعة. فيتضح., بالنظر 
إلى الأسنان. وجود رواسب رخوة عند اتصال 
اللثة بأعناق الأسنان. وقد أثبت العلماء أن 
مضغ الطعام للمواد الليفية لا يمنع تكون 
هذه الرواسب الرخوة. 

ولم يتمكن العلماء طتى الآن من معرفة 
كيفية التصاق هزه الرواسب الجرثومية 
انمه الأسنان. ولكنه ثبت أن هذه 
الالتصاقات تزداد داخل أفواه الأشخاص غير 


القادرين على تنظيف أسناتهم باستمرا 
وسرعان ما تبدأ الجراثيم الفمية بتكوين 
مستعمراتها الاستيطانية, وحينئز يبدأ نهجها 





الاحتلالي على الأسنان. 

وتسمى الجراثيم الملتصقة بأسطح الأسنان 
(اللويحة السنية 

(عناعة1م 1060181). وقد عدّها علماء العصر 
الحالي والقديم العامل الأساس في نخر 
الأسنان وأمراض اللثة التي تصيب الأنسجة 
المحيطة بالأسنان. كما أثبتت البحوث 
الحديثة أن الجراثيم المستوطنة في اللويحة 
السنية تغير شكلها وكميتها على الدوام: 
وكذلك طرق التصاقها بأسطح الأسنان: وبذلك 
يزداد عتوها ويتمركز تأثيرها في كل الأنسجة 
الرخوة (اللثة) والصلبة (الأسنان). 

وقد يقل معدل تكوين هزه الالتصاقات 
بتأثير المواد الغزائية وقوامها. وكذلك 
التركيب الكيميائي والفيزيائي للعاب 
الأسنان. ومما توصل إليه العلماء أنه كلما 
ركد اللعاب ازدادت ترسبات اللويحة السنية. 
التي تشجع على استيطان الجراثيم: وأنه 
كلما ازداد سمك هذه اللويحة ازداد تمثيلها 
الغذائي, وبالتالي ازدادت مقاومتها للإزاحة 
باستعمال أي آلة كالفرشاة مثلا(7١).‏ 

وقد أجريت على السواك عشرات الدراسات 
العلمية متعددة الأغراض والأهداف. ومختلفة 


في تصاميمها وطرق تنفيذهاء ومتنوعة في 
عيناتها وأماكن إجرائها؛ ويلحظ أن جل هذه 
الدراسات جرت على أيدي أناس ليسوا يعرب 
ولا مسلمينء مما لا يدع مجالا للشك في نزاهة 


١‏ ا ا ات 


نتاتجها وموضوعيتها. ومما يدعم القول إن 

إعجاز هذا الدين قد يظهره ويبينه أناس من 

غير أهله. 

وقد قام الدكتور طه أحمد صالح 

ربابعة,جزاه الله خيراً. في كتابه (المسواك) 

بتصنيف تلك الدراسات؛ وذكر تفاصيلها 

ونتائجها. وسأذكر خلاصة نتائج تلك 

الأبحاث والدراسات(18): 

8 - الدراسات السريرية أو الاكلينيكية: 

5 - دراستان (اللدكتور ربابعة) سنة 
4 كان الهدف منهما تقييم 
فعالية السواك في إزالة اللويحة 
البكتيرية من على أسنان أناس 
بالغين. 

- دراسة (توماس ليست) عام ١988‏ 
الهدف منها تقييم قدرة السواك على 
إزالة اللويحة البكتيرية مقارنة 
بفرشاة الأسنان. 

6- دراسة (دانيلن. طبيب أسنان 
دانماركي) قام بدراسة في كينياء 
لمقارنة قدرة السواك ومعجون 
الأسنان على إزالة اللويحة البكتيرية 
مع سواك بدون معجون. 

6 - دراسة (الطبيبة السويدية أولسون) 
سنة 1978 التي أجرتها في أثيوبيا. 
وكان هدفها معرفة قدرة السواك 
(اسمه بالأثيويية الميفاكا) على 








- 22 لك الذكككت 


العناية بالأسنان. 

6 - دراسة من قبل (زوتة) في نيجيريا 
عام 1980, كان هدفه فيها معرفة 
قدرة السواك على إزالة اللويحة 
البكتيرية بمقارنته بفرشاة الأسنان. 

6 - دراسة (ووله الكيجا) في نيجيريا 
عام ,.198١‏ كان هدفه معرفة قدرة 
السواك على تنظيف الأسنان مقارنة 
بفرشاة الأسنان. 

والنتائج التي يمكن استخلاصها وإيجازها 
من هذه الدراسات جميعها هي: 

_- نقصان المتوسط الحسابي للويحة 

البكتيرية باستعمال السواك بنسبة 
تتراوح من 4١‏ - د ءدكا/. 

ب - وجد أن السواك فمّال مثل فرشاة 
الأسنان في السيطرة على اللويحة 
البكتيرية, وأحياناً يتفوق أحدهما على 
الآخر بنسبة قليلة. 

ج - يمكن أن يوصى باستعمال السواك كأداة 
للعناية بالأسنان؛ لأنه: فَعَال ومألوف 
لدى الناس,. ورخيص الثمنء وبالمقابل 
فإن الفرشاة غالية الثمن. والمعجون 
أكثر غلاءً. 

6 - الدراسات المختبرية المحضة: 

5 - تجربة (الدكتورة براون) عام 191/9 

في جامعة لندن؛ لتحديد ما إذا كانت 


بعض أنواع المساويك تحتوي 


مركبات ضد بكتيريا ال ]م5176 وأنواع 
أخرى من البكتيريا التي توجد في 
الفم. 

6 - التجربة التي أجريت من قبل 
(روتيمي) في نيجيريا: لتقصي 
احتمال احتواء بعض المساويك 
المستعملة في مقاطعات نيجيريا 
الغربية على خواص مضادة 
للميكروبات. 

6 - تجربة (السعيد وآخرون) سنة 1١91١‏ 
في نيجيريا؛ للتثبت من فعالية 
بعض أنواع المساويك ضد ميكروبات 
الفم. 

وكانت نتائج هزه التجارب جميعها 

بإيجاز كالتالي: 

أ- أظهرت جميع أنواع المساويك بعض 
الخواص المضادة للميكروبات. كان 
لبعضها تأثير في كبح نمو بعض أنواعها 
مثل أمع]5. 

ب - وجد أن أغصان بعض الأنواع أكثر تأثيراً 

في الميكروبات من الجذور. 
هب" - الدراسات المختبرية السريرية: 

- دراسة (مصطفى وصادق) سنة 
17 في مصر؛ لمعرفة تأثير 
معجون الأسنان الحاوي على 
خلاصة السواك. 

ه* - دراسة قام بها(مجموعة من 


آناق الثقافة والتراث - العددان (0+. ١؟)‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل (نيسان) 1144 





ا الت 


الباحثين في كلية طب الأسنان في 
قسم أمراض اللثة في الرياض). كان 
الهدف قياس أثر خلاصة السواك 
المأخوذ من شجر الأراك في تخفيض 
نسبة اللويحة البكتيرية بالمقارنة 
بمحلول الكلورهيكسدين. الذي 
يستعمل طبياً للغاية نقسها. 

8" ” - دراسة قام بها (باحثان هنديان) سنة 
5 ؛ لقياس قدرة خلاصة شجرة 
داعءآ! والسنط 2022012 التي يؤخذ 
منهماالسواك مقارنة بمعجوني 
أسنان في السيطرة على اللويحة 


البكتيرية. 
وكانت نتائج هزه الدراسات جميعها 


بإيجان: 

أ- تناقصت اللويحة البكتيرية في المجاميع 
التي استعملت معجون أسنان حاويًا 
خلاصة السواك بنسبة كبيرة مقارنة 
بالذين استعملوا معاجين (بدون خلاصة 
السواك). 

ب - كان نمو ال 51601 معدوماً في مجموعة 

السواك وقليلاً جداً في الكلورهيكسدين. 
8 - الدراسات الإحصائية: 


8 - دراسة قام بها(أوجو فيتمي 
وآخرون) في نيجيريا سنة 1584, 
لمعرفة مقدار الأسنان المقلوعة 
والمتسوسة والمحشوة في طبقات 


سكانية اجتماعية مختلفة. 

5 - دراسة قام بها (بوتاهيمي) سنة 
» في الهند؛ لمعرفة مقدار نسبة 
تسوس الأسنان في الأرياف والبوادي. 

- دراسة قام بها (أدوتوتو وآخرون) 
سنة !157 في غانا؛ لجمع 
المعلومات عن أنواع المساويك 
المستعملة هناك, والحالة (السنية) 

9 - دراسة قام بها (جورج) سنة 1988, 
في جامبيا؛ لتقييم الطرق المختلفة 
في تنظيف الفم والأسنان وأثرها في 
النخور واللثة في مدارس جامبيا. 

6 - دراسة قام بها (كارلسون وآخرون) 
سنة 1187, في السودان: لمعرفة 
التوزيع الكمي ل 50626 لدى 
السودانيين. 

وكانت نتائج هذه الأبحاث بشكل موجز 

كما يلي: 

أ- إن استعمال السواك منتشر في أغلب 
أقطار أفريقياء. وإن معظم السودانيين 
يستعملونه. 

ب- نسبة الأسنان المقلوعة والمحشوة 
والمتسوسة عند الذين يستعملون 
الفرشاة والمعجون أعلى بكثير من الذين 
يستعملون السواك. 





0-6 لك لكك 


سادسا - الخصائص الكيميائية 
للمساويك: 

لقد ثبت مختبرياً - نتيجة دراسات أجريت 
في مناطق مختلفة في العالم - أن السواك 
يحتوى عددًا من المواد الكيميائية المفيدة 
ا عامة. والفم خاصة.. وأن أهم تلك 
المواد هي: 

- الفلورايد: 

من الثابت اليوم أن الفلورايد يقوي 
الأسنان. ويجعلها ذات صلابة كافية لمقاومة 
الأحماض البكتيرية, التي تسبب تسوس 
الأسنان. كما يخفف من تركيز الوسط 
الحامضي للويحة البكتيرية التي تساعد على 
تسوس الأسنان: كما يساعد الأسنان على 
إعادة بناء نفسها وشفائها من التسوس, 
وأخيراً فإن الفلورايد يساعد في تقوية اللثة. 

وإضافة إلى شجر الأراك هناك الكثير من 
الأشجار التي تتخذ منها المساويك. والتي 
تحنوي مقادير معقولة من الفلوريدات. فقد 
أثبت البروفسور جاويا (08218©) )١15(‏ أن 
الأنواع التالية من الأشجار تحتوي النسب 
المقابلة من الفلورايد: 


26 2 و1عوعع م 


0,2 تناكل 
10 رعع لآ 
05 28 1151215ل 


وجاء في بحث أجري في نيجيريا: 


«كانت درجات تآين الفلوريدات في لحاء 
خمسة أنواع من المساويك. التي تستخدم في 
أوساط قبيلة اليوريا بنيجيريا كما عيّنها - 
الدكتور دافيسون, الأستان بجامعة نيوكاسيل 
تتراوح بين ",؟, ١1,7‏ ميكروغرام»(١٠؟)‏ 

5:” - القلويات: 

ثبت أن المساويك المأخوذة من أشجار 
عائلة (128218 عدءه 120]24) تحتوي مواد 

قلوية مرة الطعم. وقاتلة للميكروبات, 

وقابضة للأوعية الدموية, وذات أثر 

مسكن(١0).‏ 
5 - الأحماض والمواد الصمغية: 

وهي ذات تأثيرات قابضة رابطة لأنسجة 
الفم وبخاصة اللثة. فتشدهاء إضافة إلى أنها 
تكن طبقة عازلة على ميناء السن. فتحفظه 

من التسوس(؟3). 

4:5 - جاء في بحث الدكتور محمود 
رجائي المصطيهي ومجموعته(؟37): 

أنه بعد التحليل الكيميائيى للمساويك 
المأخوذة من شجر الأراك تبين أنها تحتوي 
إضافة للمواد السابقة: 

أ- فيتامين (ج) ومادة السيتوسترول» 
والمادتان من الأهمية بمكان كبير في 
تقوية الشعيرات الدموية المغزية للثة... 
علاوة على أهمية فيتامين (ج) في 
حماية اللثة من الالتهابات. 


ب - عمادة راتنجية تزيد من قوة اللثة. 





يي اك ا كلت 


ج - مادة الكلوريد والسيليكات. وهي مواد 
معروفة بأنها تزيد من بياض الآسنان. 

د - ثبت أن لها تأثيرًا في وقف نمو البكتيريا 
بالفم. وذلك بسبب وجود مادة تحتوي 
على الكبريت. وكذلك مادة التريمثيل 
آمين؛ التي تخفض من الآس الأيدروجيني 
للفم. 

5 - وجاء في نتائج التجارب التي 
أجريت في كلية الصيدلة. جامعة 
الرياض(74): 

أ- يحتوي السواك على العفص,ء ولهذه المادة 
تأثير مضاد للتعفنات والاسهالات. كما 
يعد العفص مطهراً للثة والأسنان» ويشفي 
جروحها. ويمنع نزيف الدم منها. 

ب - كما أن هناك مادة في السواك لها علاقة 
بالخردل, وهي (5102181102). وهي عبارة 
عن جليكوزيد. وهزه المادة تساعد على 
الفتك بالجرائيم. 

5 - دلت تجارب الصيدلي صلاح الدين 
الحنفي في أبحاثه في رسالته الجامعية على 
عود الأراك(5١؟)‏ أنه يحتوي المواد التالية: 

أ- أملاح معدنية, تبين بعد تحليلها كميائياً 
أن فيها شوارد (البنزيتات. والكلور, 
والفحمات,. والصوديوم, والكبريتونز, 
والكالسيوم. والفوسقات, وبلورات 
السيليس). 

ب - المواد العطرية الزيتية (ذات رائحة زكية 


تشبه رائحة السواك). 

ج - مواد سكرية مختلفة (النشاء والمواد 
الصمغية واللعابية. ومواد سكرية 
بسيطة). 

د- مواد أخرى مثل (النشادر. وحموض 
غولية. وهي حموض هيدروكسيلية. وقد 
أشارت بعض الكتب إلى أن تفاعل السواك 
قلوي خفيف, ولهذا التفاعل تأثير دوائي 
هام. فكثير من أمراض الفم تفيدها 
الأوساط القلوية أكثر من الحامضية. 


سابعا - ماذا ندعو للعودة إلى السواك9: 

بيّنا فيما سبق أن الخصائص للنباتات, 
التي تتخذ مصادر للمساويك. تتفق عموماً مع 
الآراء العلمية الخاصة بمتطلبات رعاية صحة 
الفم, ويمكن تلخيص الأسباب التي تجعلنا 
ندعو بإلحاح للعودة إلى استعمال السواك بما 
يلي: 

- أسباب دينية : 

حيث تبين مما سبق أن استعماله دوما 
وبشكل منتظم. يعدّ جزءا من مبادىء الدين 
الحنيف؛ وهذا يعني أن الدين الاسلامي, الذي 
قدّم للناس أداة مفيدة وسهلة ورخيصة الثمن؛ 


للحفاظ على سلامة أسنانهم وصحة أفواههم, 
وبالتالي أجسامهم. إنما يكون بذلك قد حقق 
قيمة إنسانية وخلقية معأ إلى جانب إضفائه 


على الموضوع بعداً إيمانياً كبيراً. يمتد من 





دعوة للعودة إلى السواتكة 


الدنيا إلى الآخرة. ذلك هو الفوز برضا الله. شعيرات الفرشاة طرية غير صالحة. 
جل جلاله. لذاء فاتخاذ قول الرسولء صلى الله وكذلك تصبح مستودعاً للجراثيم 
عليه وسلم: « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب » والأوساخ, بعكس السواك الذي يمكن 
شعاراً يتمكن المسؤولون عن الرعاية الصحية التحكم به. بالنسبة للطول والقطر 
أن يقوموا بتعليم الأطفال والكبار. ويرغبون واللين. لكل فرد حسب حالته بقصّه 
في استعمال أنسب أنواع المساويك بدلا من وقضمه. 

إنفاق وقتهم في تعداد مزايا فرشاة الأسنان و - الدلك الخفيف بالسواك ينشط دوران الدم 

ومعاجينها. في أنسجة اللثة واللسان. وكذلك يزيد 

77 - أسباب طبية : من التقرن اللثوي للغشاء المخاطي, 
]| - يعد السواك بمنزلة فرشاة طبيعية وبالتالي تزداد مناعتها ومقاومتها 

مثالية. ذات فوائكد صحية؛ لاحتوائه على للالتهابات. 

مواد مطهرة لأنسجة الفم. ومفيدة /” - أسباب نفسية واجتماعية: 

للأسنان. أ- للسواك خصائص منعشة لا تتوافر في 

ب - إن أوعية الخشب الموجودة في السواك 20 ألياف فرش الأسنان. 
تمثل أنابيب شعرية. تزيد من فعالية ب - للسواك رائحة طيبة. تكسب صاحبها 
التنظيف أكتر من الألياف الصناعية غير رائحة زكية عطرة. وتخفي رائحة الفم 
الأنبوبية(55). الكريهة. 

ج - إن المواد المطهرة. والمنظفة. والقاتلة 2 ج - يمكن استعمال السواك في أي وقت وفي 
للميكروبات. التي تحتويها المساويك, أي مكان. بينما يتعذر هذا مع الفرشاة 
يدوم أثرها لفترات في الجسم. بينما والمعاجين. 
يزول أثر الفرشاة. وما عليها من معجون د - بالنسبة للأشخاص الذين لا يتقبلون 
بعد فترة قصيرة لا تتجاوز عشرين استعمال الفرشاة والمعجون - حيث 
دقيقة(0؟). يتقيؤون عند استعمالها - يعن استعمال 

د - للسواك طعم مميز يسبب زيادة في إفراز السواك خير وسيلة للحفاظ على سلامة 
اللعاب. مما يساعد على زيادة الدقاع اللثة والأسنان لديهم. 
العضوي للجسم والقم. ه - وهناك حكمة أخرى في استعمال 


ه - بمرور الأيام, وكثرة الا ستعمال. تصبح السواك. بعد أن يصبح عادة. ويستعمل 





عدة مرات بالنهار. يساعد في هذه 
الحالة في عملية الإقلاع والابتعاد عن 
التدخين عند الكبار. وعن مص الأصبع 
عند الصغار. 
4:7 - أسباب اقتصادية : 
إن الميزة الكبرى لاستخدام المساويك تكمن 
في ' 
أ - توافرها ورخص ثمنها مقارنة بالفرشاة. 
ب - إن استعمال السواك بطريقة سليمة 
يغني تماماً عن استعمال المعاجين 
المستوردة. 
جح - إن استعماله يغني عن استعمال المواد 
الطبية المستوردة والمستعملة لتنظيف 
الترسبات على الأسنان. 
د - لا يحتاج السواك إلى كمية كبيرة من 
الماء. كما هي الحال مع الفرشاة. 


الحواشي. 





.١44/؟ لسان العرب المحيط:‎ - ١ 


أتقام عمتصوعكء طاععا :ه10 120021 -2 


0108م متطامث لدعتلءع81 "ممتاعع1اء55 
-431 ,1979 
* - المسواك وصحة القم والأسنان: 14. 
4 - التذكرة في الطب: ."8/١‏ 
© - المنصوري في الطب: ؟؟؟ - 8؟5؟. الحاوي 
في الطب: 18./9. 
5 - القانون في الطب: .184/١‏ 


ليك اناا ارك السواك 


- المختارات في الطب: ١/19؟.‏ 
8 - الطب النبوي: 849-74/8. 
9 - التذكرة في الطب: ."8/١‏ 
٠‏ - السواك والعناية بالأسنان: 4". 
١‏ - نباتات في أحاديث الرسول: ؟١٠.‏ 
١‏ - السواك والعناية بالأسنان: 5". 
١‏ - المسواك وصحة الفم والأسنان: ١؟,‏ 4" 
44 مه 
4 - دور السواك في رعاية صحة الفم: .*/١‏ 
- السواك والعناية بالأسنان: ا" 
المسواك وصحة الفم والأسنان: ؛", 58. 
5 - المسواك وصحة الفم والاسنان: ؟؟. 
17- «راستعمال السواك لنظافة الفم 
وصحته». مختصرة بتصرف. 
- لمزيد من التفصيل يراجع: المسواك 
وصحة الفم والأسنان: /ا8-/اه. 
8 - المسواك وصحة الفم والأسنان: 4", نقلاً 
عن 
01 23110121 الاع م لخ" .11.5 بقأاكقدك 
مدعتلم] 2ه .[ "علصدام لمعامم ه10 
2 - 419 :55 ,.ووث بأدعدا 
٠‏ - دور المسواك في رعاية صحة الفم, 
مجلة منبر الصحة العالمي, 6:", 
ه58١‏ 
١‏ - المسواك وصحة الفم والأسنان: 4". 
- المسواك وصحة الفم والأسنان: 4". نقلاً 


عن 





اي اله الذككك 





لصة مماطكلة طتدمطك لمسصصسصط امكح 
'آه ععضدء ادع اك“ ,أدسدزث 7<20<اسمطه 1/1 
لونه صذ علوللاقلط ,ىاعلاهة ع مابوعء 
لمعنتعه1 - معمتلتمطام 2 صما عمعاع رط 
,انمث .81.11ظلا "أمامم برعا 
*" - استعمال السواك لنظافة والفم وصحته., 
بحث قدم للمؤتمر العالمي عن الطب 
الاسلامي؛ الكويت, 1981. 
4 - السواك والعناية بالأسنان: 45-48. 
8 - المسواك والعناية بالفم والأسنان: 49- 
6١‏ 
5 - نباتات في أحاديث الرسول: .٠١٠8‏ 


1” - المسواك وصحة الفم والأسنان: 51. 


الأنطاكي : داود. 

- التذكرة في الطب. مطبعة محمد علي 
صبيح. القاهرة, 5ه1اه. 
البتانوني : كمال الدين حسن. 

- نباتات في أحاديث الرسول. 
البغدادي : مهذب الدين بن هبل. 

- المختارات في الطب. حيدر آباد الدكن, 
الهند, ؟5اه. 
الرازي : محمد ين زكريا. 

- المنصوري في الطبء تح. د. حازم البكري 


الصديقي. منشورات معهد المخطوطات 
العربية. الكويت. /15/41م. 

- الحاوي في الطبء حيدر آباد الدكن, الهند. 
1م 
ربابعة : أحمر طه صالح. 

- المسواك وصحة الفم والأسنان, مطابع 
الشرق؛ عمان, ١1991م.‏ 
السعيد : عبد الله عبد الرزاق. 

- السواك والعناية بالأسنان. ط", الدار 
السعودية للنشر. 1988م. 
سيرل : أ.. أنونو 

- دور السواك في رعاية صحة الفم, مجلة 
منبر الصحة العالمي. 1588م. 
ابن سينا : الحسين بن عبد الله. 

- القانون في الطب. طبعة مصورة بالأوفست, 
مكتبة المثنىء بغداد. 

- الطب النبوىء دار العلوم الحديثة: بيروت - 
لبنان: 19/17م. 
المصطيهي : محمود رجائي. 

- استعمال السواك لنظافة الفم وصحته؛ 
المؤتمر العالمي الأول عن الطب الإسلامي, 
الكويت. 5ام. 

-لسان العرب. ترتيب يوسف خياط دار 
لسان العرب. بيروت - لبنان. 


آفاق الثقافة وانتراث - العددان (+7, )7١‏ - ذو الحجة 4398 ١ه‏ - ابريل (نيسان) 94ؤاغ 





أساسيات جماليات تجميم الأشرطة 
الكتابية في العمارة الإسلامية 


تع دالأشرطة الكتابية من العناصر 








بقلم الدكتور 
مصطفى عمد الرخيم مشهد سيد 


الزخرفية الجمالية والاتصالية ذات 
الصلة الوثيقة بالعمارةالعربية 
الاسلاميةالقديمة أفادت كثيرا في 
الدراسات التاريخية والعلمية: إلى 


أستاذ التصميم المساعد 
كلية الفنون التطبيقية 
جامعة حلوان - مصر 





جانب الناحية الأثرية: ذلك بأنها 
أمدتنا بمعرفة التسلسل التاريخي الصحيح. للخلفاء والسلاطين والملوك؛ مع تحديد 
فترة حكمهم؛ وتعرف الاصطلا حات التي كانت سائدة في وقتهم: وأسماء الصناع 
وألقابهم الحرفية» ومكان الصنع وتاريخه: وهي معلومات لا تهتم بها المؤلفات المعاصرة 
الآ نادراء مما جعل ذكرها في النصوص الأثرية المصدر الوحيد تقريبًاء ويمكن تصنيفها 
أو تقسيمها إلى أنواع ثلاثة: أشرطة دينية: ووثائنية تذكارية: وتعليمية تؤثر في 
سلوك ال متلقي ‏ 

كان الشريط الزخرفي الكتابي. وما يزالء 
يضفي على المتلقي إحساسًا بالطمأنينة 
والشعور بالراحة. حينما تقع عليه عيناه 


الكتل المعمارية الصمّاء. وأحالها إلى نوع من 
الحركة والبهجة في المظهر. فتولدت عنه 
مساحات جديدة. وعلاقات جديدة وإيقاعات 


متنوعة. أضفت العمارة على المبنى مسحة 


ويقرؤه. فيتآثر به ويؤثر في سلوكه. وتنقله 


من الحياة المادية إلى الروحية. ولو للحظات. 


وكما حرّك هذا العنصر الانسان حرك أيضًا 


جمالية ووظيفية وزخرفية, وكأنه متحف 
مجاني مفتوح. يستنطق المشاهد أحجاره. 





أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في العمارة الإسلامية 





ويطالعها على مدى اليوم كله. 

وقد أغفل المعماريون المعاصرون. أحقية 
هذا العنصر في العمارة العربية الاسلامية 
الحديثة. متناسين أهمية دوره الوظيفي 
والتثقيفي: والاعلامي, والسلوكي - عفوا أو 
عمرًا - فانحسرت المباني حاليًا منه, أو كادت 
تخلو. واكتفوا بوضعه في المباني الدينية 
ودور العبادة: وكأن هذا العنصر قاصرٌ عليها, 
في حين كان يشمل قديمًا جل المباني العربية 
بأنماطها ووظائفهاء حتى الحصون والقلاع لم 
تخل منه. 

ونقدم في هذا البحث دراسة لبعض القيم 
الجمالية والوظيفية للأشرطة الكتابية. مع 
أساسيات تصميمها وتنفيذزها. من خلال 
دراسة ميدانية وأكاديمية. تعين الدارسين 
المتخصصين والأثريين عند حفظها وترميمها 
أو كتابتها وتسجيلها. إن لا بدّ من إعطاء هذا 
العنصر حقه بصفته عنصرًا جماليًا اتصاليا 





تقسيم المساحات الخاصة بالأشرطة الكتابية إلى مساحات أصغر تتفق مع 
التشكيل الجمالي للمينى وعلاقته يالأشرطة الأخرى. سبيل أم عباس بالقاهرة 





في العمارة العربية الحديثة - كما كان قديما 
- حيث تزيل الأشرطة الكتابية التلوث 
البصري عن عين المشاهد من بينته. هذا ما 
يمكن للمعماري أن يقوم به. بإفساح المجال 
للمبدعين فيه حتى ينتشر ويقوم برسالته 
كما كانت من قبل. وذلك عن طريق وضع 
أساسيات ومبادىء: لتصميم الأشرطة 
الكتابية وتنفيزها في العمارة العربية 
والاسلامية. يسترشد بهاالفنانون, 
والخطاطون: والمصممون. والمعماريون, 
ومرمّمو الآثا. عند تصميم الأشرطة الكتابية 
وتنفين كتابتها. أو ترميمها لما في ذلك من 
الكشف عن خصائص القيمة الوظيفية 
والاتصالية. والأثرية. والجمالية. والإعلامية, 
التي تؤديها الأشرطة الكتابية الجدارية في 
العمارة العربية الإسلامية. ودورها في مظهر 
التصميم الداخلي والخارجي. وعلاقتها 
بالبيئة, زمانا ومكاناء وبعض مبدعيها. وما 





الثراء اللوني في الأشرطة الكتابية وعلااقته بالعمارة الخار جية . سبيل أم 
عياس بالصليبة بالشاهرة 



































أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في العمارة الإسلامية 





حل الزوايا والأركان والانتقال فوق المستويات. سبيل أم عباس بالقاهرة 





تعرضنا لهذا الموضوع إلا عندما رأينا فقدان 
العمارة العربية الاسلامية الحديثة. ذات 
الطابع المتميز والأصيل, عفوا أو عمدًاء عنصرا 
زخرفيًا اتصاليًا جماليًاء كان يسهم قديمًا في 
تجميل البينة الخارجية والداخلية. وتزيل 
التلوث البصري عن عين المتلقي وتؤثر في 
سلوكه. 

ونقتصر فى هذه الدراسة على الأشرطة 
الكتابية المنفذزة بالخط العربي, لآايات 
الزكر الحكيم. أو الأحاديث النبوية. أو 
القدسية. أو الأدعية الدينية. أو الحكم 
المأثورة. أو النصوص التذكارية الوثائقية 
التي تشغل مساحة عرضية على جدار المبنى, 
ومنفذة بخامات متنوعة. داخل العمارة 
العربية والاسلامية وخارجها. وتعدّ احد 


العناصر الزخرفية الاتصالية والاعلامية, 


والأثرية الهامة. التي تتفق مع البينة: مكانًا 
وزماناء وتعكس الأسلوب الحضاري والثقافي 
لفترة ما. وقد تصاحبها عناصر زخرفية 





بغرض إثراء الشريط الكتابي. وتنقسم 
الأشرطة الكتابية من حيث الشكل والمضمون 
إلى: 
١‏ - أشرطة ذات طابع ديني. 
١‏ - أشرطة ذات طابع تذكاري وثائقي. 
- أشرطة ذات طابع تعليمي تؤثر في 
السلوكيات. 
هذا وينتهج البحث الدراسة الميدانية 


القيمةالجمالية والوظيفية 
للأشرطة الكتابية 

تعددت القيم الجمالية والوظيفية للأشرطة 
الكتابية في العمارة العربية الإسلامية, 
ويمكن التركيز على العناصر الآتية. لأهميتها 
بالنسبة للعناصر الأخرى: 


التوليف بين الخامات 

الغرض من الأشرطة الكتابية الحصول على 
قيمة جمالية. تتعلق بمظهر الأسطح 
المعمارية وإثراء التشكيل المعماري. حيث 
يطعم البناء بأشرطة كتابية من خامات 
مختلفة. كالرخام أو الخزف أو الأحجار أو 
الأخشاب أو الجص,. مما يعكس علاقة تبادلية 
ذكية لعدة تأثيرات جمالية. تتعلق بمظهر 
الجدار. وبالتالي المبنى. لا يمكن تحقيقها 
باستخدام خامة واحدة منفردة. 





أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في العمارة الإسلامية 





إعادة تقسيم العلاقات 

وتحرك هذه الأشرطة الكتابية الكتل 
والمساحات المعمارية القوية الجافة الصماء. 
خاصة ذات الارتفاعات العالية. تبث فيها قدرًا 
من الحيوية والحركة. حيث تعيد هذه الأشرطة 
تقسيم المساحات العرضية هندسيًا مرة 
أخرى, وفق معادلة رياضية أو حسابية أو 
نظرية جمالية. يقصرها المعماري أو المصمم 
الداخلي, ينتج عنها تولد علاقات جديدة, 
تكسر حدة ضخامة المبنى. وتجعل فيه رقة 
وعذوبة, نتجت عن علاقة الأجزاء بعضها مع 
بعض. وعلاقةالكل بالجزء. من خلال 


مساحات هذه الأشرطة. 














8 


بمقارتة هذا الشكل بالأصل يتضح دور الغراغ الايجايي في كتابة الأشرطة 
الكتابية وتأئيره الفعال في القيم الجمالية 


الجركة والاتجاده 

وتنتقل عين المشاهد دون ملل مع الشريط 
الكتابي2. من اليمين إلى اليسار, حيث اتجاه 
الخط العربي. فلا يمكن قراءته من الاتجاه 
المعاكس - من اليسار إلى اليمين - فيجبر 
المتلقي للتواصل معه أن يتجه إلى أوله من 
اليمين حتى نهاية النص اتجاهاء كما تنتقل 
العين أيضًا في ذبذبة وحركة على التركيبات 
البسيطة والمعقدة للشريط وتشكيلات النقط 
والإعجام وغيرها من العناصر المالئة في 
حركة مستمرة دائبة لأعلى ولأسفل حتى 
نهاية الشريطء وعلى هذا تكون هناك حركتان 
للعين؛ حركة على التفاصيل في الاتجاهات 
الأربعة حول الحروف خاصةً الحروف الراجعة 
- التي تجعل العين تتحرك جيئة وذهابًا - 
والانتقال مع النص من بدايته إلى نهايته, 
فتتكؤن الحركة الثانية. 


التراء اللوني 

قد يكون إضفاء قدر من التباين اللوني, لشد 
النظر. وجذب الانتباه. بقدرٍ محدد. هادنًا 
رقيقًا أحياناء أو قويًا يقفز إلى عين المشاهدء 
ليركز بهذا الشريط على عناصر دون الأخرى, 
ذلك يكون مفيدًا في خدمة التصميم الداخلي 
في العمارة حسب الرؤية الجمالية. هذا ما 
يكون في حسبان المعماري مسبقاء ويحققه 
الخطاط في تهيئة بيئة المبنى والتأثير في 


آفاق الثقاق الترأث - العددان (1:0) - ذو الحجة 4ه - ابريل (نيسان) 54 جلاع 











أساسيات جماليات تصميم الأشرطة | لكتابية في العمارة الإسلامية 





المتلقي من الألوان المستخدمة الحارة 
والباردة. أو بدرجات اللون الواحد فيحدث 
للعين إبهارًا أو صدمة للمشاهد؛ قد يكون هذا 
مهما في جزء من أجزاء المبنى يراد التركيز 
عليه. مثل المحاريب, أو المداخل في المساجد 


وغيرها من المباني الرسمية. 


حيادية الاتصال 

الكتابة عنصر اتصالي في المقام الأول 
وتأتى بعد العبارات المنطوقة والألفاظ في 
الافصاح عن الفكر والتعبير عنه(١).‏ ومن 
المعروف أن اللفظ يفهم الحاضر فقط. أما 
الخط فهو يفهم الغائب والحاضر. وهو عنصر 
اتصالي ليس فيه إسقاطات. كالايماءات أو 
الحركات ونبرات الصوت والمواد المصاحبة 
له. لذلك تتحقق الحيادية في الجانب 
الاتصالي عن اللفظ وما يصاحبه. وذلك ما 


تعكسه الكتابات على الأشرطة الجدارية. 


المعلوماتية 


تفيد الدراسات التاريخية والاجتماعية 


والعلمية إلى جانب الناحية الأثرية؛ لأن هذه 
الأشرطة قد أمدتنا بكثير من المعلومات. عن 
اسم المنشىء وألقابه في الأعمال المعمارية, 
أو اسم الآمر بالصنع. أو مالك العمل وألقابه 
في الأعمال الفنية المصنوعة. كما أن بعضها 
يتضمن اسم الصانع وألقابه الحرفية. ومكان 

















الأية قبل وضع التشكيل عليها حيث تلعب التشكيلات دورا فعالة 
في القيم الجمالية 





الصنع وتاريخه. وهي معلومات أهملتها 
المؤلفات المعاصرة. مما جعل ذكرها في 
نصوص الكتابات الأثرية المصدر الوحيد 
تقريبا(؟). 

الاضافات الحضارية 

تعكس الإضافات الحضارية للطراز أو 
الأسلوب الفني لشخصية مصمّمي هذه الفترة, 
حذفًا وإضافة. أو تطويرًا وتعديلاً وتحسيتاء؛ أو 
قد يتولد عن هذه الأشرطة معالجات تقنية 
غير شائعة الاستعمالء كانخفاض مستوى 
الشريط كله في الحفر عن مستوى الجدارء كما 
في مسجد الناصر قلاوون بالقاهرة. وكذلك 
فيه «ترية» خاير بك بحلب ١55ه‏ - 
4م والشريط منفذ على الحجر مكتوب 
بخط التثلث. ويبدا بالبسملة(*) - ويظهر هذا 

















أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في العمارة الإسلامية 





الشريط أسبقية المعالجة الفنية لمسجد 
قلاوون على غيره. ذلك ما يفيد في إعادة 
ترتيب التسلسل التاريخي وتوارد الآفكار أثرا 


وتأثرا وتأثيرا. 


التأثير في السلوك 

حيث إن بعض هذه الأشرطة ذات وظائف 
دينية وروحية وتعليمية. فتعلي من ثقافة 
الإنسان وتنعكس على سلوكياته. فتحثه على 
الارتقاء بروحه وجسده. كما أن لها تأثيرًا 
وجدانيا في سلوك المتلقي. وهي أحد مبادىء 
علوم التربية وأساسياتهاء الناتجة عن ترسيخ 
القيم الدينية والروحية في مادة الشريط 
الكتابي. 


ربط الفن بالعقيدة 

وإذا كانت العقائد الأخرى قد اصطحبت 
فنونًا تخدمهاء على نحو مااستخدمت 
العقائد الأخرى التصوير والنحتء فإن الإسلام 
اصطحب فنا واحذاء لازمه وخدم أغراضه 
خدمة تعلو على كل أنواع الفنون مجتمعة(4). 
ذلكم هو فن الكتابة, بها دون القرآن2 وبها 
ذونت علوم المسلمين. وبها ارتبطت أجزاء 
دولته. وبها جملت المباني الدينية ودونت 
معارف المسلمين أصيلة ودخلية. وفي كل ما 
أدته الكتابة من أغراض شتَّىء. وكانت شينا لا 
يفارق العقيدة. ولا يبعد عنها. تلازمت معها 


تلازما لا معدى عنه(ة). 


الربط بين الداخل والخارج تصميمًا 
تعمل الأشرطة الكتابية على الربط ما بين 
داخل العمارة وخارجها. حيث يمكن ترديد 
بعض هذه الأشرطة من خامة البناء نفسهاء 
وبالطريقة نفسها في التنفيز - على 
العضادات, أو المداخل أو القباب - فتكون 
بمنزلة افتتاحية ومقدمة لما سيراه الداخل فى 
العمارة؛ مما يوجد ربطا يزيد من الوحدة 


العضوية. خارج البناء وداخله. هذا ما تفتقده 








يبدو هذا الأثر كأنه متحف مفتوح للجماهير . سبيل أم عباس بالقاهرة 


أقاق الثقافة والتراث - العددان (50. ١؟]‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل إنيسان) 71544 








5510 جماليات تصميم الأشرطة الكتابية في ا لعمارة الإسلامية 





بعض المباني الحديثة ويلجاأً الفنان إلى 
أساليب كثيرة في هذا الربط. منها نقل اللون 
أو المحافظة على مستو أفقي داخل البناء 
وخارجه بارتفاع مدروس في الداخل والخارج. 
أو التفاف الشريط كله حول محيط صحن 
كامل أو قبة. فيكون بشكل حزام قوي يربط 
المستويات بعضها ببعض أو الأسطح الكروية 
بغيرها. وقد يكون في اتجاهين متقابلين أو 
متجاورين. فيعطي تأثير الربط والوصل 
نفسه. كل ذلك قد تحقق واجتمع في كثير من 
المباني. أو في جزء منهاء ومثلت وجهات نظر 
في حسن التصرف في الربط ما بين الاسطح 
الداخلية والخارجية. 


أساسيات تصميم الأشرطة الكتابية 

الركائز الأساسية. التي تفيد الخطاطين 
والمصممين والفنانين عند كتابة الأشرطة أو 
تنفيذها أو ترميمها للارتكاز عليها في أثناء 
تصميم النصء لها معول كبير في الإحساس 
بالثقة في النتيجة النهائية. ويمكن قصرها 
في النقاط الآتية: 

١‏ - دراسة النص وإحصاء الكلمات 

يحتاج تصميم الأشرطة الكتابية من 
الخطاط. إحصاء عدد كلمات النص ودراسته, 
والمساحات المقترحة للتنفين عليها. وإمكانية 
إعادة تقسيم المساحات إلى أخرى. قد تكون 
أصغر. أو مماثلة للأشرطة نقسها المراد 








5 05 الا 








حسن المسعود - الخط العربي ص 1١‏ 





الكتابة عليها. أو منصفة لها وفق نظام 
هندسي محدد يتفق مع العناصر الهندسية 
المعمارية الداخلية والخارجية للمبنى: وقد 


يكون ذلك محسوما بشكل قاطع ومؤكد من 
قبل المتخصصين. واستقر رأي المعماري عليه, 
وما على الخطاط إلا التفاعل مع هذه 
المساحات وإبراز القيمة الجمالية والتعبير 
عنها(؟). 

؟ - حسابات المساحات 

إن تحديد سمك القلم قبل البدء في الكتابة 
يمكن من خلاله بعملية رياضية حسابية() 


معرفة الارتقاع المناسب للشريط مع 











أساسيات جماليات تصميم الأشرطة الكتابية في العمارة الإسلامية 





المساحات الطولية المقترحة من الكلمات 
التي سبق دراستهاء مما يعطي مؤشرًا أقرب 
إلى المساحات المطلوبة. هذا وإن العلاقة 
متبادلة بين سمك (قطته) ومساحة الخط 
تزداد طرديًا بزيادته. 

* - مكملات الأشرطة 

مراعاة احتساب الأطر الزخرفية البسيطة 
أو المعقدة, أو الحلايا التي قد تصاحب 
الشريط تحته أو بجواره أو أعلاه. وقد تقسم 
الأشرطة وتدخل معها كعامل مؤثر وفعّال في 
ننشيط التشكيل الجمالي بتأثيرها في الكتابة, 
وقد يستفيد الخطاط من ذلك بأخن بعض 
الوحدات الزخرفية. كفواصل بين جزء 
وجزء(8). أو استكمال لجزء. أو عند الانتقال 
من نص إلى نصء أو من مستو إلى مستوى 
فيتخلل الكتابة أجزاء منها؛ لتربط بين 
الزخارف المحيطة بالكتابة والخط؛ ذلك ما 


يرى بوضوح في الخط الكوفي المورق والمزهر 








وذي الإطار في العصر الأيوبي. 

4 - التصميم المبدئي 

يقوم الخطاط يعمل مخطط مبدئيء 
بمقياس رسم مصغر. فيتكرر في هذا القطع 
الصغير, مدى تصوره للتكوين وحسن 
تصرفه. ذلك يفيد كثيرا في وضع شكل أقرب 
للصورة الحقيقية والمساحات المطلوبة. بما 
فيها حل لبعض المشكلات التي تقابله في 
الحنايا والزوايا. على أن هذا التخطيط 
المبدئي المصغر يكون قابلاً للتكبير مع وضع 
الحلول الأخرى زيادة أو نقصاناء إضافة أو 
حذفًا.ء في حدود التصميم المقترح. حيث إن 
معالجة الكتابة. وهي صغيرة. تختلف في 
نسبها عما إذا كبرت كما أن هذا التصميم 
المبدئي يكون حاملاً لتقنية تنفيذه, والغرض 
من هذا التصور أخذ الموافقة وإبداء الرأي 


عليه؛ لتستكمل بعد ذلك إجرائيًا مراحل 




















© - الرسم التنفيذي أو التشغيلي 

يكبر التصميم السابق ويعدّل بالمساحات 
الحقيقية. وتكون هذه التخطيطات على الورقة 
معرّة للتنفين وحاملة للتقنية بصفة مؤكدة. 
ويمثل الرسم التنفيذي على الورق. وسطا 
حاملاً للشكل النهائي؛ ليسترشد به المنفذون, 
ويستدل به عند نقله على الخامة المراد 
التنفيذ عليها. وأن تكون هذه التصاميم 
ملائمة لطبيعة الخامة وليست مفروضة ولا 
تحملها فوق طاقتها,. ذلك باحترام طبيعة 
الخامة وعدم إفسادها بمؤثرات تطمس من 
معالمها الحقيقية بغرض الزخرفة. حتى لا 
تضيع قيمتها الطبيعية. سواء أكانت شديدة 
الصلابة أو لينة. كما يتضمن التصميم 
الإايضاحي سلامة الحروف من التشويه أو 
تكسر حوافه. ويراعى أن العناصر المالئة في 
الكتابة تكون أقل سمكًا من الخط نفسه. وهذا 
عرف عند الخطاطين. حتى لا تطغى على 
النص المكتوب. 

5 - المفاضلة بين صور الحروف 

تختار صور الحروف التي تخدم التكوين؛ 
لأن الخطاط لديه مخزون ورصيد من الأشكال 


والصور المتعددة. التي تبلغ العشرين لحرفٍ 
واحد كالميو(5). أما الألف فقد تصل إلى 
المائة(١٠)‏ كما في أنواع الخط الكوفي, وتقاس 
قوة تصميم الشريط بتفضيل بعض صور 
الحروف عن بعضها. بحيث إذا ما تابع 


بية في ١‏ لعمارة الإسلامية 


متخصص ذلك الجهد لا بد أن يقر له بحسن 
المفاضلة والاختيار والموافقة. خاصةٌ في 
الحروف الراجعة(١١)‏ التي تؤدي إلى تقسيم 
النص عرضيًا. ويكون هذا مطلوبًا للربط بين 
الكلمات أو الجمل؛ وكذلك في الحروف ذات 
الكؤوس, كالنون والصاد والضاد والقاف 
والعين وغيرها. والتي تؤثر مباشرة في 
التشكيل الجمالي. 

٠‏ - العناصر المالئة 

توزع العناصر المالئة. من شكل نقط 
وحلايا. الصغير منها والكبير. كثافة واحدة 
في الشريط, أعلى وتحت. أو بين الكلمات: مما 
يساعد على تقوية الاحساس بالرؤية 
البصرية والاتصالية ولا يفسدهاء بحيث 
يحدث اتزانًا وعدم تكرّس الحروف في جهة 
دون الأخرى. 

8 - رسم المصحف 

الالتزام برسم المصحف(١١).‏ عند كتابة 
الآيات القرآنية. حيث إن لها رسمًا توقيفيا 
خاصًا بهاء استقر عليه أئمة المسلمين. لا 
تعديل ولا تبديل فيه. #إنا نحن نزلنا الذكر 
وإنا له لحافظون18(4١).‏ وعليه أن لا يقطع أو 
يقف عند أي جزءٍ شاء في الكتابة. بل القطع 
عند نهاية الآية ما أمكن. وأن يحدث اتصال ما 
بين الآية السابقة واللاحقة. إذا اقتضت 
المساحة الوقوف أو القطع في آية وقف عند 
معنى مفيد. ويرجع لأهل الذكر في هذاء وأن لا 





أساسيات جماليات تصميم الأشرطة الكتابية في ١‏ لعمارة الإسلامية 





يقع في التصحيف(4١)‏ أي تغيير الصورة 
الخطية للخط بمحو نقطة أو إثباتها.ءاو 
بتقديم الحروف وتأخيرها(5١).‏ وذلك ما يظهر 
في التكوين من تقديم وتأخير لبعض الحروف 
بغرض رفع القيمة الجمالية. 

4 - التوافق 

وإذا ما كان على الجدار الواحد أكثر من 
شريط؛ فإن ذلك يتطلب نمطين مؤتلفين من 
أنواع الخط العربي. غير متنافرين» لهذا يوضع 
خط النسخ مع خط الثلث. حيث إن العلاقة 
بينهما وطيدة, في الاشتقاق وبعض صور 
الحروف, أو الكوفي مع الثلث أحياناء أو يلجأ 
إلى أسهل وأبسط الحلول؛ وهو أن يكتب بنوع 
واحد إذا كان الشريطان منها أحدهما أكبر من 
الآخر. ويتحقق بهذا أكبر قدر من التوافق 
بينهما. وهذا ما فعله عبدالله بك زهدي في 





الاأشرطة المكتوبة بخط يدد في الحرم النبوى 
الشريف. ولا يقف التوافق على أنواع الخط 
العربي واساليبه وعلاقتها بعضها ببعض 
فحسب. بل ينسحب أيضا على تلك الزخارف 
المصاحبة للخط أيا كان نوعها. من توريقات 
أو تفريعات نباتية. أو منظومات هندسية, ذلك 
ما يرى بوضوح في الخط الكوفي الفاطمي 
المورق والمزهر والمضفور. ولعل أشهر الأمثلة 
الواضحة للتوافق بين الزخارف النباتية 
والخط العربي الشريط المنفذ في مسجر 
ومدرسة السلطان حسن بالقاهرة في العصر 
المملوكي. 

٠‏ - التكوين 

يشكل التكوين الرؤية الجمالية المدروسة 
للشريط الكتابي. فبعد أن اختار الخطاط 
الحروف. وفاضل بينهاء. ليؤلف منها الشريط 


كيني 




















أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في ا لعمارة الإسلامية 





الكتابي. قد يكون الشريط مكوّنا من سطر 
واحد فقط؛ مما لا يشكل صعوبة على الخطاط 
في التكوين: أما إذا كان الشريط متراكبا من 
سطرين. متداخلين تكوينياء فإن الأمر يحتاج 
إلى عناية وحساب. وتزداد هذه العناية 
والحساب والدراسة في الشكل النهائي إذا كان 
الشريط متراكبنا من ثلاثة أسطر متداخلة, مما 
يستدعي إعادة النظر المرة بعد المرة في شكل 
التكوين النهائي بغرض تحقيق أكبر قدر من 
الاتصالية. دون تكدّس أو تشويش: ولا بد أن 
يتحقق في التكوين العلاقة الوطيدة بين 
عناصر ثلاثة: الكتابة,. (الفن أو الشكل), 
(الأرضية أو الخلفية) وهي التي تمتص كل 
حركات الحروف والكلمات المكتوبة للعناصر 
الفعالة. ثم العنصر الثالث. وهو ما ينشاً عن 
تداخل الحروف بعضها مع بعض أو داخل 
الحرف الواحد نفسه. وتسمى العلاقة الجديدة: 
(بالقراغ التشكيلي أو الفراغ الايجابي): الذي 
لا يقل اهمية عن العنصرين السابقين. وان 
كان الآخير يمثل همزة الوصل بين العنصرين 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (»5. ١؟)‏ - ذو الحجة 514١ه‏ - أبريل (نيسان) 1532+ 


الأساسيين, أو ناتج عنهما. وهذا كان محققا 
بالفطرة أو السليقة عند الخطاطين الأول, فلا 
نجد تصادمًا في الحروف أو نقطا وبؤرزا 
للتركيز على أجزاء دون الأخرى(؟١).‏ ويزيد 
من إحكام التكوين حسن وضع الكلمات: 
ويتحقق في أربع نقاط هي: الترصيف: وهو 
وصل كل حرف متصل إلى حرف. 
والتأليف(17): وهو جمع كل حرف غير متصل 
الو كيو علي افطل وايحيفي وبصي 
والتسطير: وهو إضافة الكلمة إلى الكلمة حتى 
تضيّن شطيرا ميت تظطة التوضشع كالتسطرة: 
والتنصيل: وهو مواقع المدات المستحسنة من 
الحروف المتصلة وحسن التكوين ومظهره في 
العين كحسن مخارج اللفظ العذب. فلا بل 
للخطاط أن يكون عالما بهندسة الحروف 
وتقنياتها. ومن الانكباب. والطول؛ والمبالغة 
ومتى تكون. والمطاطية. والفراغ بين الألف 
والالف بألف أخرى. حتى تتنفس الحروف ولا 
تتكدس. والانضجاع: ويشمل التكوين أيضًا 
الانضجاع في الكتابة. فهو أسهل لكتابة 





الحروف. وأدعى إلى السرعة. فالحروف القائمة 
المستقيمة المنتصبة تتطلب جهدَا ووقتاء في 
حين هذا الانضجاع يسهل رسم الحرف 
والكلمة بوقت أقل وجهدٍ أخف(18). 

١‏ - الانتقال فوق المستويات وتغيير 
الاتجاه 

كثيرًا ما يقابل الخطاط. زاوية في أثناء 
الكتابة. نتيجة الانتقال من سطح إلى سطح 
عند نهاية جدار وبداية جدار آخر؛ فإما أن 
يقف بالكتابة. إذا كان ذلك مناسبًا ويعاود 
البدء من جديد بالتعامل مع السطح الآخر, 
ويستمر التكوين أو تنثني الكتابة عليه بما لا 
يخل من القيمة الاتصالية والجمالية, وكثيرًا 
ما كان يقابل الخطاط في العمارة القديمة 
مجموعة من المشكلات والمصاعب من 
العناصر المعمارية الأساسية. كالعضادات»: 
والأكتاف وأنصاف الأعمدة الملتصقة إلى 
الجدار. وفتحات النوافن. وحنايا المحاريب. 
وكلها تشكل عنصرًا إنشائيًا في العمارة. ولا 
مفر من إيجاد حلّ مناسب في آثناء الاستمرار 
بالشريط فوق هذه العناصر بعضها أو كلهاء 
خاصةً إذا كانت في مكان واحد. وعبدالله بك 
زهدي واحدٌ من أفضل من أوجدوا حلاً جماليًا 
للأشرطة التي كتبها بخط يده في الواجهة 
الجنوبية للمسجد النبوي الشريفء التي تقابل 
المواجهة الشريفة للعناصر المعمارية 
السابقة كلها مجتمعة. فنراه غيّر في اتجاه 


ا ا ا ا 00 





الخط عند بداية المحرابء وفتحة النافزة. من 
الكتابة أفقيا إلى الرأسية صاعذا يميتا ثم 
الاتجاه المستقر فوق فتحة المحراب, والنافذة, 
ثم الرأسي هابطا يساراء ثم الأفقي مرة ثانية: 
ليستمر بالشريط حتى نهاية أربعة 
وثمانين(؟1١)‏ مترًا أو أكثر. وهذا ما يقال عليه 
الانتقال فوق المستويات العالية والمنخفضة 
وتغيير الاتجاه ووصل الأركان والزوايا. 

1 - التوقيع 

والغرض من التوقيع اقتناع الخطاط التام 
بالرضى عن العملء وتحمّل مضاعفات 
مسؤولية نقد الأجيال الحالية والقادمة عليه 
واستصدار حكم على مدى أمانته ومصداقيته, 
وقد توجد أحيانًا حساسية عند بعض 
الخطاطين من التوقيع بأسمائهم على 
الأشرطة الكتابية القرآنية؛ لأن هذا كلام رب 
العالمين» فقد يضع رمرًا كتوقيع في مساحة 
صغيرة جذاء لا تكون في بؤرة النظر؛ ليوقع 
فيها ويثبت التاريخ الهجري - ذلك تقويم 
العرب - والميلادي إن أمكن؛ ويفيد في معرفة 
زمن الصنع وكم استغرقء كما يفيد التوقيع 
بملحقاته علماء الدراسات الإانسانية بإحصاء 
الخطاطين وتصنيفهم ومعرفة شخصيتهم 
وأسلوب كل منهم. ومدى صلة تلاميذهم بهم' 
ماذا أخذوا اي وكيف أضافوا إليهم. ومدى 
تأثر الخطاط بأستاذه(١3).‏ هذا ويجب أن 
نشير إلى أن التوقيع لم يكن الغرض منه 


آفاق الثقافة والنراك - العددان (70. ١؟)‏ - ذو الحجة 118١ه‏ - ابريل (نيسان) 15544 





أساسيات جماليات تصميم الأشرطة الكتابية في ا لعمارة الإسلامية 





توضع التوقيعات في نهاية الشريط ويرى توقيع عبد الله زهدي كاتب الحرم 
النبوي الشريف وسبيل أم عباس 


الظهور أو الحصول على شهرة عالمية؛ لأن 
عمل الخطاط كان دائمًا خالصًا لوجه الله 


الكريم. 


الاستئتاجات 

© عكست الأشرطة الكتابية. حِرْءًا من 
صميم تراثنا العربي المدون. وهي في الوقت 
نفسه تعطي صورة واضحة للثقافة العربية, 
عند مواقف سياسية وتاريخية ودينية 
واجتماعية. مما يمكن مقارنته في بلد آخر 
للحصول على نتائج في ظروف متشابهة أو 

#ا كشف الأشرطة الكتابية عن النماذج 
العبقرية المتفردة للخطاطين الفنانين الرواد 
الأوائل, الذين عملوا بإمكانات غاية في 
التواضع والبساطة وبتقنية غير معقدة, 


أوصلتهم إلى المستوى الرفيع الذي يضارع 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (+5. 1؟) - ذو الحجة 1514ه - ابريل (نيسان) 532+ 








التقنيات الحديثة. أو يكاد يفوقها باللمسة 
الانسانية. 

# تمثل هزه الأشرطة رسالة إعلامية 
ثقافية مجانية ومتحفا مفتوحا خاصةً فى 
الأماكن الجماهيرية. مما يرفع من مشو 
الذوق الرفيع والفكر الجمالي للمتلقي. في 
أثناء تفاعله مع النص والاستغراق في 

«ا لا ينتقل العلم من جيل إلى جيل إلا عبر 
قناتين: قناة العلم. وقناة الآثار المكتوبة, 
وكلاهما يكمّل بعضه بعضاء هذا ما تور في 
مادة الأشرطة الكتابية؛ ومن المعروف أن 
المعلم خير من العالم لذاته. ذلك ما فعله 
الخطاط بنشر عمله ككتاب مفتوح طيلة 
الوقت يستفيد منه طالبو العلم والفن وقتما 
شاؤوا أن يستفيدوا. 

أظهرت دراسة الأشرطة الكتابية أن 
عبدالله بك زهدي كان من أفضل خطاطي 
عصره. بتمكنه الشديد من رسم الحرف 
العربي. وانتشاره في أكثر من دولة ومكان, 
وما زالت أعماله تبهر المشاهدين. ويعدٌ 
مدرسة قائمة بذاتها. وأن أشهر أعماله 
الجماهيرية أشرطة الحرم النبوي الشريف 
بالمدينة المنورة. وسبيل أم الخديوي عباس 
بالقاهرة بمصر. ولقد تخرج على يده العديد 
من المبدعين الخطاطين يمكن تتبعهم. 

إن كل ما أَدَته الكتابة من أغراض شتّى 








أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ا لكتابية في العمادة الإسلامية 





كانت شيئا لا يفارق العقيدة ولا يبعد عنها 
تلازمت معها تلازما وخدمت أغراض الدين 
فأضفى عليها الدين جلاله وبثها من روحه 
وذلك إذا كانت الكتابة مستخدمة للقرآن. 

وهنا لا بد لنا من وقفة تأمّل حول أهمية 
الأشرطة الكتابية ودورها الفني والعلمي في 
الزخرفة العمرانية, ولذلك نرى: 

# أن يُمنح المعماريون المسؤولون عن 
تصميم المنشآت الرسمية والسكنية 
وتخطيطها المكانة المفقودة للأشرطة 
الكتابية الدينية. لرفع القيمة الجمالية للبيئة 
السكنية وإعادة هذا العنصر الأصيل للمباني 
العربية الحديثة - بعد انحساره - حيث 
تناساه المصممون عفوًا أو عمرًا. وأسقطوه من 
حساباتهم - ذلك ما أثر على الارتقاء 
بالمستوى الثقافي للإنسان وسلوكه. 

« الإعلام بأهمية الأشرطة الكتابية في 
الوطن العربي والإسلامي, عن طريق إفساح 
مساحة مكانية وزمانية ضمن البرامج في 
أجهزة الاعلام والاتصال: صحافة:. إذاعة, 
تلفزيون» قنوات فضائية. وطبع بطاقات أو 
مؤلفات للتعريف والإعلام بها لتعكس الجانب 
الحضاري بوصفها مادة علمية ودعاية للبلد 
وتنشيطًا ثقافيًا وترفيهيًا للمتلقي. 

الحفظ الدوري للأشرطة الكتابية 
وصيانتهاء وترميم ما اندثر منها أو رقع ما 
وضع الزمن بصمته عليها بوساطة 


المتخصصين. حيث تمثل هزه الأشرطة ذاكرة 
للمجتمع ورصيدذا آثريا وعلميا على جانب 
كبير من الآأهمية. 


ال مستخلص 
أساسيات جماليات تصميم الأشرطة 
الكتابية في العمارة الاسلامية 


الأشرطة الكتابية: من العناصر الزخرفية 
في العمارة العربية والإسلامية؛ ذات صلة 
وثيقة بها؛ لم تأخن حقها من الدراسة مثلما 
أخذت عناصر أخرى. وهي تعدّ واجهة 
حضارة: تؤثر في بينة المتلقي: وترفع من 
قيمته الجمالية والسلوكية: أفادت كثيرا 
علماء الآثار والمؤرخين والمصممين: وتكاد 
تكون مادتها هي المصدر الوحيد لتحديد 
فترات زمنية محددة؛ أفادت في التسلسل 
التاريخي2. وهي أنواع ثلاثة: ركز فيها على 
الأشرطة الكتابية الدينية لخط الثلث تطبيقيا: 
ويتجه البحث إلى الدراسة الميدانية التي 
#برزت قيمتها الجمالية ثم الوظيفية: ومن 
خلالهما تمّ الحصول على أساسيات تعد 
الركائز عند تصميم الخط وتطبيقه ومعالجة 
الأشرطة الكتابية: ويوصي الباحث بأن يفسح 
المعماريون له المساحة المكانية في العمارة 
الحديثة حتى يشارك بدور فعال كما كان من 
قبل. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (*. ١؟)‏ - ذو الحجة 1118ه. - ابريل (نيسان) 81434 





أساسيات جماليات نصميم الأشرطة ا لكتابية في | لعمارة الإسلامية 





الحواشي_. 





,5 - صبح الأعشى: 4: اللغة والعلوم: لا‎ -١ 
.١4 دراسات في علم الكتابة العربية:‎ 

؟ - الكتابات الأثرية. ص 55 فقرة". 

* - تربة خاير بك بحلب؛: ١7وه‏ - 4١5١م‏ 
سوريا. 


ٌُ قصة الكتابة العربية: ضسيلة 


ا 


همه المصدر نفسه والصفحة. 

بدائع الخط العربي. ص 45؟, شكل 415. 
- إيزابيل ينترز: .١1‏ 

- سبيل أم عباس مدينة القاهرة. كتبه 


3 


0 


عبدالله بك زهدى «دراسة ميدانية». 
83 - محمد بن سعيد شريفي: ه16 
٠‏ - الكتابات الأثرية: 18 و15. 


568 بدائع الخط العربى: ص 4 ص‎ - 1١١ 


صه ؟؟. 
١‏ - تاريخ القرآن : 58 - ١ال.‏ 
١١‏ - الحجر : 4. 
4 - كشاف اصطلاحات الفنون. 
65 - المصدر نفسه. 
15- بدائع الخطالعربي: صه ,٠١‏ 
شكل؟7*. 


7 - مصور الخط العربي: ؟7!؟, #/اا. صبح 
الأعشى: */ 19 .15. 

- دراسات في تاريخ الخط العربي: 4؟. 

9- طيبة وفنها الرفيع: 18 . المسجد 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (0*. )75١‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل (تيسان) 2159/2 


النبوي الشريف بالمدينة المنورة. 8 - 
3 


٠‏ - الكتابات الأثرية العربية: 9" ه". قصة 
الكتابة العربية: .١1"٠١‏ 


- القرآن الكريم. 
التهانوي : محمد علي الفاروقي. 

- كشاف اصطلاحات الفنون. سلسلة تراثناء 
وزارة الثقافة والإرشاد القومي, المؤسسة 
المصرية العامة للتأليف والترجمة 
والطباعة والنشر. ؟178اه - 15519م. 
جمعة : إبراهيم. 

- قصة الكتابة العربية للقارىء العام 
والقارىء الخاص وطلاب قسم الوثائق 
والمكتبات. ط", المطبعة العالمية, ١198م.‏ 
حداد : محمد. 

- نماذج جمالية خطية - والكشف عن ملامح 
الجمال في الخط العربي التقليديء فبراير 
01 
حسين : محمد كامل. 

- اللغة والعلوم - رسالة العلم. العدد الأول 
يناير - فبراير - مارس - ١985‏ - دار 
مصر للطباعة. 
حمودة : محمود عباس. 

- دراسات في علم الكتابة العربية. القاهرة, 








أساسيات جماليات تصميم الأشرطة ١‏ لكتابية في ١‏ لعمارة الإسلامية 





دار غريب للطباعة. القلقشندي : أبو العباس أحمد بن علي. 

شاهين : عبد الصبور. - صبح الأعشى في صناعة الإنشاء ج” . 
- تاريخ القرآن : دراسات في القرآن والعربية, نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية - وزارة 

دار القلم؛ القاهرة,. .١1955‏ الثقافة والإرشاد القومي - المؤسسة 

طه : حاتم عمر. المصرية العامة للتأليف والترجمة 
- طيبة وفنها الرفيع. ط١.‏ نادي المدينة والطباعة والنشر. 

الأدبي, 4ه - 84ؤوام. المسعود : حسن. 

عبد الباقي : محمد فؤاد. - إيزابيل نيتزرء دار نشر فلاماريون, باريس 
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: دار ام 

الحديث: 51 اه - 19/81م. المنجد : صلاح الدين. 

عليوه : حسين عبد الرحيم. - دراسات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته 
- الكتابات الأثرية العربية. دراسة في الشكل إلى نهاية العصر الأموي. ط!, دار الكتاب 


والمضمون. طقى #:٠:١اه‏ 4أم. الجديد, بيروت. 





#700009 5 
الثرب الإقلامية والافتراءان الظالية 
به سورة الإسلام فخ البوسنة 


9 9 











لأستاذ الدكتور : محبي الدين عبد الحليم - جامعة الأزهر - كلية الإعلام - الفاهرة . 





لفت انتباهي. وأنا أتجول بين المكتبات ودور النشر والمؤسسات الاعلامية في 
البوسنة. ما نشرته صحيفة ليلان (ذىج) البوسنية, واستعرضت فيه محتويات لكتاب 
أصدره البروفيسور ميرولوت بيفتش أستاذ الاستشراق في جامعة بلغراد. وهو كتاب 
يحوي كما هائلا من الافتراءات والمعلومات المغلوطة:؛ والدعاوى الباطلة؛ التي لا 
تستند إلى منطق سليم, أو مصدر موثوق يه حول الدين الاسلامي. والعلاقات الأسرية, 
ومكانة المرأة في الاسلام: ادعى فيه المؤلفء, الذي يفترض فيه العلم والتجرد 
والموضوعية: أن من خلفاء المسلمين من عاشر مائتي امرأة إضافة إلى أربع زوجات 
يعشن معهم فترة زمنية محددة: تنتهي بانتهاء حاجتهم الجنسية منهن:؛ ثم يطلقونهن 
ويستبدلونهن بأربع نساء أخريات وهكذ!!!! 


ويعلق الكاتب على ذلك بقوله: إن في تخلف المسلمينء والمعوق الحقيقي 
المسلمين قد درجوا على امتهان المرأة لتقدمهم وتحضرهم. وأن أفكار التطرف 
واحتقارها. والتعامل معها كمخلوق لا قيمة ‏ والجهل إنما هي جزء من مكونات هذه 
له؛ وشن ميرولوت هجوما عنيفا على العقيدة, ولن يكتب لهؤلاء الرقي والتقدم إلا 
الشريعة الإسلامية التي عدّها السبب الرئيس إذا تخلصوا من هذا الفكر والخرافات 














الحرب الإحلامية والافتراءات الظالمة لتهويه صوردة الإسلام في البوسنة 





والأساطير التي يتمسكون بها. وليس أدل على 
ذلك من أن المسلمين يأتون في مؤخرة دول 
العالم, وأن الفتن والحروب والصراعات لا 
توجد إلا في بلادهم, وأن أغلب الشعوب 
الاسلامية تعيش تحت خط الفقر. 

وفي أثناء وجودنا في زغرب تصادف أن 
شاهدنا في التلفاز الكرواتي برنامجا حواريًا 
أجراه المذزيع مع سفير سلوفينيا في زغربء 
وكان مقدم البرنامج يسأل السفير عن الأشياء 
التي لفتت نظره. وجذبت انتباهه. وأعجبته 
في مدينة زغرب, فأجاب السفير بقوله إن أكثر 
ما شدني في هذه المدينة الجميلة خلوها من 
أي أثر للإسلام والمسلمين يشوه هذه المدينة 
البديعة! وقد ربط هذا السفير اللمّاح بين كل 
شيء جميل ونظيف ومنظم وعدم ارتباطه 
بالاسلام أو المسلمين. وآثارهم وسلوكياتهم 
الني تترك بصمات سلبية حيثما وجدوا. 

هذه نماذج قليلة من حملات منظمة يتم 
إعدادها وتوجيهها إلى الجماهير البوسنية, 
بصورة يومية في وسائل الإعلام. وقنوات 
الفضاء المحيطة بهم, التي يتم تقديمها من 
خلال قوالب درامية أو حوارية أو إخبارية. 


ولست هنافي معرض ذكر هزه البرامج 
والفقرات والمقالات والأحاديث الصحفية أو 
الإذاعية, التي يتم تقديمها بصورة مباشرة أو 
غير مباشرة من خلال الأعمال الصحفية أو 
الفقرات الإذاعية. فهي حملات تمَّ الإعداد 


والتخطيط لها بخبث شديد: لبثها وتوجيهها 
إلى الشعب البوسني عبر شاشات التلفان 
وموجات البث المباشر. أو على صفحات 
الجرائد. حيث يتم الربط بين الاسلام 
والدكتاتورية تارة. أو بين الإسلام والجهل 
تارة أخرى, وبينه وبين الارهاب وسفك الدماء, 
بل بينه وبين كل مظاهر التخلف والفساد. 
وهم في كل مرة يأتون بنماذج صارخة من 
بلاد العرب والمسلمين: ليدللوا على صحة 
أقوالهم. فهم لا يألون جهدًا في الحصول على 
المعلومات التي تؤكد وجهات نظرهم من 
الصومال وأفغانستان والجزائر والعراق 
والسودان وغيرها من بلاد المسلمين. 

وقد قال لي أهالي البوسنة إن هذه 
الحملات توجه كل يوم ليس من إذاعات 
وصحف صربيا وكرواتيا فقط. ولكن من 
مختلف وسائل الاعلام وأجهزة البث المختلفة 
التي تحيط بهم في كل جانب. فالقنوات 
الأوربية من فرنسا وألمانيا واليونان وأقمار 
الاتصالات والاذاعات لا تتوقف بالليل ولا 
بالنهار. وتتوافر لها الكفاءات البشرية 
والتقنيات المتقدمة. وترصد لها الأموال 
الضخمة... وإذا كان منهم من لديه القدرة على 
كشف الأكاذيب والاقتراءات التي توجه 
للإسلام والمسلمينء فإنه لا توجد لديه 
الامكانات والسبل الآيلة لتحقيق ذلك. وأنه لا 


يوجد خليفة للمسلمين قد عاشر مائتي امرأة 








الحرب الإعلاهية والافتراءات الظالمة لتشويه صورة الإسلام في ا ليوسنة 





كما يدّعون, أو كان يستبدل أفواجا من النساء 
بأفواج أخرى بين فترة وأخرى. كما لا يوجد 
في الإسلام أي إهدار لكرامة المرأة أو مساس 
بوضعها أو إهانة لكيانهاء وإذا كان منهم من 
يعرف أن ما قاله سفير سلوفينيا في زغرب 
افتراءات محضة تنم عن جهل وسوء قصد قوي 
مدفوعًا بكراهية شديدة وحقد صليبي أسود. 
فالاسلام دين العلم والقوة والتسامح. يحض 
أهله على احترام البشر جميغا بغض النظر 
عن عقائدهم ومذاهبهم وأفكارهم. وهو دين 
يحض أهله على احترام العهود والمواثيق, 
وليس دين تطرف وتخلف, كما يدعي هذا 
السفير. فإن كثيرًا من البوسنيين يجهلون 
الحقائق حول الدين الإسلامي, وتنقصهم 
المعرفة الصحيحة والفهم السليم لأصول 
الدين» وللتاريخ الإسلامي. ومقاصد الشريعة, 
ومبادىء الفقه. ومن ثم فإن تأثرهم بما 
يسمعون ويشاهدون ويقرأون احتمال قائم. إذا 
كان يقدم لهم بصورة فنية وبأسلوب جذاب, 
ولا سيّما أن أهالي البوسنة قد حرموا من حق 
المعرفة الصحيحة لهذا الدين, أو حتى 
الاقتراب منه سنوات طويلة؛ وبالتالي فإنهم 
يمكن أن يقعوا ضحايا لهذه الحملات الخبيثة 
والمحاولات المسمومة, وخصوصا إذا أدركنا 
أنه توجد من بينهم شريحة كبيرة مبهورة 
بالنمط الغربي. ومتآثرة بالأسلوب الأوروبي 
في التعامل مع مختلف ظواهر الحياة؛ فهم 


أوروبيون أولاً وقبل كل شيء. وهم بعيدون عن 
مصادر المعرفة الصحيحة ومراكز الثقافة 
الاسلامية الكافية. 

وإذا كانت المؤسسة الدينية تقوم بواجبها 
على أكمل وجه من خلال رجالها المنتشرين 
في كل المدن والقرى البوسنية: هؤلاء الرجال 
الذين يلقون احترام الجميع, حتى العناصر 
غير المتدينة والعلمانية, إلا أن دورها ما يزال 
محصورًا في المساجد والمعاهر الدينية. وهى 
لا تستطيع أن تنافس وسائل الاتصال 
الجماهيري. التي تتمتع بقوة تأثير» وسعة 
انتشار كبيرة؛ تلك الوسائل التي تصل إلى 
المنازل. وتدخل غرف النوم. وتتسرب 
بإغراءاتها المتعددة, وأساليبها المتنوعة إلى 
عقول الأطفال والشباب. ويكفي أن نعرف أن 
البوسنة محاطة بعدد من الإذاعات التنصيرية 
التي توجه بثها باللغة البوسنية واللغات 
الانجليزية والفرنسية والألمانية, وهذه 
الإاذاعات الدولية تصدر عن الاتحادات 
الإعلامية المسيحية. منها الرابطة الدولية 
الكاثوليكية للراديو والتلفزيون. والرابطة 
العالمية للإذاعة المسيحية. و الرابطة 
الدولية للإذاعيين المسيحيين. و المنظمة 
الدولية للإعلام المسيحي. وتوجه الجهود 
الإذاعية المسيحية إلى الشعوب الاسلامية في 
البلقان من خلال مراكز الإانتاج واستديوهاته, 
ومن خلال الأقسام الدينية في الإذاعات 





الحرب الإعلاهية والافتراءات الظالمة لتهويه صورة الإسلام في ١‏ لبوسنة 





الحكومية, وهذه الاستديوهات مجهزة تجهيرًا 
كاملاً. وموجودة في المناطق المستهدفة. 
وتختص بإنتاج المواد الإذاعية وإرسالها إلى 
المحطات الإذاعية المسيحية: كي تبثها إلى 
هزه المناطق. ولعل من أشهر استديوهات 
الانتاج تلك الاستديوهات التابعة لاذاعة 
صوت الإانجيل 00511 01 70106 , التي تمتلك 
عدذا كبيرًا من استديوهات الانتاج الاقليمية. 

إضافة إلى البث الإذاعى المسيحي هناك 
البث الاذاعي العام من خلال المحطات 
الكبرىء التي لا تتورع عن الغمز واللمز 
وتحميل الإسلام والمسلمين كل مصائب 
الكون. وترسيخ صورة ذهنية كريهة عنهم بين 
صفوف الرأي العام المسلم, ولا سيّما هؤلاء 
المترددين الذين لا يعرفون عن الإسلام إلا 
القشور. وهم عرضة للاستقطاب والغواية 
بفعل هزه الحملات المنظمة. 

فإذا أضفنا إلى الاعلام الإذاعي الموجه إلى 
شعب البوسنة القنوات الفضائية. ووكالات 
الأنباء الدولية المسيطرة. التي تستمد منها 
الصحافة البوسنية الأنباء والمعلومات, 
وتنقل عنها الأحداث العالمية والتعليقات 
السياسية. نجد أن الشعب البوسني يقف 
بمفرده في مواجهة كل عمليات غسيل الدماغ 
والحرب النفسية في مقابل إعلام إسلامي 
عاجز عن المواجهة وعاجز عن المنافسة. 

ويكفي أن نعرف أن شخصية صهيونية 


واحدة هي شخصية روبرت مردوخ يملك //"٠‏ 
من أكبر الصحف البريطانية مثل التايمن. 
والصنداي تايمز. ونيوز أوف ذي وورلد. كما 
يملك /4٠‏ من محطة سكلي التلفزيونية 
البريطانية. ويعتزم شراء المزيد منها. 

إن الحل الوحيد يكمن في تحصين الجمهور 
المسلم في أوروبا والبلقان بصفة عامة. وفي 
البوسنة بصفة خاصة ضد هزه الخطط 
الخبيثة والمحاولات المغرضة. وذلك من 
خلال استراتيجية دعوية إعلامية شاملة. بعد 
أن كشفت الأبحاث والدراسات والوقائع التى 
تدور على الساحة الدولية عن ازدهار أجهزة 
التبشير ووسائل الاتصال التي تدعو إلى 
الرذيلة, وتحمل دعاوى الشر. وتثير 
العنصرية. وتشعل الأحقاد بين الحكومات 
والشعوب الإسلامية,. وتسهم في تدمير 
العلاقات بين أيناء العقيدة الواحدة بفعل ما 
تزرعه من بذور الفتن. وما تبثه من الحقد 
والكراهية. مستهدفة من وراء ذلك تحقيق 
مصالح اقتصادية, أو مكاسب سياسية 
معتمدة على ما تملكه من تقنيات حديثة 
وتكنولوجيا متقدمة. مستثمرة في ذلك أحدث 
معطيات العصر من علوم الاتصال للسيطرة 
على الرأي العام. وغسل الأدمغة. وتكوين 
الاتجاهات المتواققة مع فكرها 
وأيديولوجياتهاء مستندة في ذلك إلى انعدام 
العزلة في ملكية مصادر المعلومات وفقدان 





ا الي ا كل 





السيطرة عليها وعدم التوازن في توزيعها, 
مما يؤدي إلى نقص المعلومات اللازمة عن 
الاسلام والمسلمين. أو تقديمها بصورة 
مبتورة أو مشوهة. منتهجة في ذلك الأساليب 
غير الأخلاقية كالكذب والمبالغة والتجاهل 
المتعمد للحقائق. وتقديم الرأي على أنه 

إلا أنه إذا تمّ وضع خطة عملية سليمة. وتم 
إعداد حملات إعلامية متكاملة الأيعان 
ومتناسقة التخطيط. تستهدف عقل الإنسان 
المسلم في البوسنة, فإن استراتيجية الدعوة 
والإعلام الإسلامي سوف تتمكن من الحيلولة 
دون اختراق هذا العقل, أو استثمار جهله 
بحقائق الإسلام وأصوله في هذه المنطقة, 
التي عاشت معزولة عن عالمها الإسلامي ما 
يربو على نصف القرن من الزمان. 

وهذه العملية بحاجة إلى إعادة النظر في 
كل ما يكتب ويذاع عن الإسلام والمسلمين. 
وإعداد الردود المناسبة لتوضيح الحقائق 
وتصحيحها. 

كما أنها بحاجة إلى ترجمة الاصدارات 
المتميزة من المطبوعات والبرامج والفقرات 
التي تتناول الإسلام بصورة موضوعية 
وأمينة. وإعداد الأعمال الجيدة لتكون جاهزة 
للمسلمين وغير المسلمين هناك باللغة 
البوسنية: لآن كثيرًا من الناس لا يعرفون عن 
الاسلام إلا القليل. وقد لا يعرفون عن القرآن إلا 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (١؟.‏ ١؟)‏ - ذو الحجة 518 1ه - أبريل (نيسان) 81554 


معلومات محدودة. وريما غير صحيحة. 

ولنحقيق هذا الهدف لا بد من إقامة جهاز 
دولي قوي للاعلام والدعوة في مدينة 
سراييفو, يأخز على عاتقه وضع الخطط, 
وإعداد البرامج, وتهيئة المناح الصحي: 
لتنفيزها ومتابعتها في مختلف المراحل. وكل 
الظروف مهيأة لتمكين هذا الجهاز من أداء 
دوره وإعطائه الفرصة لتحقيق النجاح 
بفاعلية واقتدار. وذلك لمواجهة الحملات 
الإعلامية المضادة للإسلام. وتصحيح صورته 
في أذهان الناس. وجمع شمل المسلمين في 
البوسنة وفي منطقة البلقان. وتوحيد 
صفوفهم وتصفية الخلافات بينهم. وتصحيح 
الأخطاء وتقويم السلوك. الذي قد يصدر عن 
بعض المسلمين ممن يسيئون إلى الإسلام 
هناك. سواء عن جهل بأصول هذا الدين أو عن 
قصد. وكذلك تزويد الرأي العام المسلم وغير 
المسلم بالرؤية الاسلامية للقضايا 
المعاصرة. وتعريف العالم بموقف الإسلام من 
العقائد والأديان والمذاهب الأخرى: وتقديم 
البديل الإسلامي للقضايا التي استعصت على 
الحل في المجتمعات المتقدمة, وخلق جسور 
من التعاون مع أجهزة الإعلام والرعاية 
والتربية وقادة الفكر.ء وإرساء نظام إسلامي 
قوي للاتصال الدولي والتنسيق مع المراكز 
الاسلامية في غرب أوروبا والبلقان بمختلف 
الطرق والأساليي المتاحة كافة. 





ال لي الل ات ال ا ا ا 0000 





إن الأمثلة صارخة على الاعتراءات 
والتجاوزات والافتراءات التي توجه إلى 
الاسلام والمسلمين من مختلف الطوائف 
والمذاهب والملل والنحلء ولم لا وهو الدين 
الخاتم الذي كرم هؤلاء النصارى: وحفظ لهم 
كرامتهم, ورفع منزلتهم. وأوصى بهم. 

وهو الدين الذي يرفض الشرك بالواحد 
الأحد. وما أكثر المشركين الذين يلبسون شتى 
الأقنعة. ويتغلفلون في مختلف المدن والقرى 
البوسنية. 

وهم يكرهون الإسلام؛ لأنه يحارب الالحاد 
والزندقة. ويرسخ معاني التقوى والصلاح, 
ويرفض التطرف. ويلبي فطرة الإنسان, 
ويحارب الرذيلة بكل أشكالهاء ويحافظ على 
العقل من المنكرات والمسكرات والمفترات, 
ويدعو إلى الفضيلة. ويمنع الفساد في الأرض, 
وهؤلاء وهؤلاء أعدادهم كبيرة في صربيا 
وكرواتيا والجبل الآسود. بل في البوسنة 


أيضا.ء إنهم يكره بعضهم بعضا ويحقر 
بعضهم على بعضهم ويحارب بعضهم بعضا. 
لكنهم يجمعهم محاربة الاسلام. فيعملون 
على إجهاض دعوته جهلا بغير علم. وعروًا 
بغير فهم. تلبية لنراء الشر في نفوسهم 
والحقد في قلويهم. 

وإذا كانت الحرب العسكرية والمواجهة 
الحربية قد كشفت القناع عن حجم الكراهية 
والبغضاء الذي يكنه هؤلاء جميعًا ضد كل أثر 
إسلامي في البوسنة, واتفاق الفرقاء على 
تحطيم المساجد وحرق المكتبات: وقتل 
الدعاة وتدمير المعاهد الدينية. فإن الحرب 


الإعلامية قد انطلقت الآن بكل قوة في كل 
مكان هناك بأسلوب منظم. وخطة مبرمجة. 
وتقنيات عالية. وعلى المؤسسات الإسلامية 
أن تتنبه لهذه الحرب التي تشكل خطرًا داهمًا 
على هؤلاء الذين صمدوا وناضلوا وضربوا 
أروع الأمثلة في البطولة والفداء. 








للسان الدين بن الخطيب الأندلسي ( ١/١"‏ - 1/الا ه ) 





منهحية التأليف والتصنيف : دواسة تحليلية 


٠‏ يعد 
»و +« 





مقدمة 






إعداد 
تاب اللاحاطة فى أخبيار غرناطة: : 
كتاب ام و رابح عبد الله المغراوي 
أ أعظم أثر أيدعه قلم العلامة 7 5 
كبرواعظم اثرابدعه فلم كلية الآداب والعلوم الإنسانية 





الأديب: والمؤرخ الأريب, لسان الدين 
ابن الخطيب. حتى إنه اشتهر به أكثر من 
غيره من مصنفاته. على كثرتها 
وتنوعهاء وذلك لتعدد أسغاره؛ وغزارة مادته: ونفاسته في بابه؛ وكذلك لذيوعه 
وانتشاره في الآفاق شرقًا وغرباء واعتزاز ابن الخطيب الكبير به دأبًا. 

لهذه الاعتبارات وغيرها سأتيع طريمًا متفرذا في وصف هذا المؤلف وعرض 
منهجه. أهم خصائصه التفصيل والتحليل» بغية الوقوف على المكونات المنهجية؛ 
والصيغ التوليفية التي ينطوي عليها الكتاب خاصة؛ وكذلك الوقوف على وجه من 
وجوه التأليف. وباب من أبواب التصنيف التي برع فيها أسلافنا عامة. 


جامعة محمد الأول 


وجدة ‏ المغرب 


الأولى. سنة 59/اه. وبعث بنسخة منه إلى 


القاهرة. في هزه السنة نفسها. ثم واصل 


قبل ذلك. لا بد من الإشارة إلى أن «كتاب 
الإاحاطة, هو المؤلف الوحيد الذى ظلّ ابن 








الخطيب دائم الصلة به. ينقحه. ويضيف إليه, 


طوال حياته. فقد بدأه قبل محنته الأولى 
ونزوحه إلى المغريب سنة ١5لاه.‏ وأتمه للمرة 


اعتناءه به. إلى ما بعد سنة "لالاه. دل على 
ذلك إشارات متعددة. وردت في تراجم بعض 
الأعلام المعاصرين ل1(4). 





كتاب الإحاطة بأخبار غرناطة - للساه الدين به الخطيب الأندلسي 





كما يجدر التنبيه على أن كتاب الإحاطة 
الذي بين أيدينا - في تقديرنا - ليس هو 
كتاب الاحاطة كما وضعه ابن الخطيبء وإنما 
هو عبارة عن مزيج من المختصرات والأصول, 
غلبت عليه المختصرات أكثر من الأصول. على 
الرغم من محاولة الأستاذن محمد عبدالله 
عنان رحمه الله التأكيد على أن ما وصل إلينا 
منه قريب الشبه بأصله. وسنناقش هذه 
المسألة بعد عرضنا لمنهج ابن الخطيب في 
هذا المؤلف كما وصل إلينا. وكما دلت عليه 
مقدمته. التي استهل بها الكتاب. حيث أوضح 
من خلالها.ء الخطة التي اتبعها في ترتيبه 


وتصنيفه. 
البحث الأول 
«الاحاطة) ومنهج الترتيب من خلال 
التقديم 


قسم ابن الخطيب كتاب الإحاطة إلى 
قسمين متباينين. صدرهما بمقدمة صغيرة 

احتوت على الأغراض الآتية: 

-١‏ حمدلة وصلاة بليغة مسجوعة توحي 
بغرض التاريخ, وغرض موضوع الكتاب 
بصفة عامة جريا على العادة التقليدية 
التي تأصلت عبر القرون, استجابةٌ لآداب 
الإسلام وقواعده في كل عمل ذي بالء 
حتى لا يوصف بالبتر والقطع. 





؟ - الإشارة إلى مفهوم التاريخ وفائدته 
انطلاقا من فهمه وتصوره. وهو فهم لا 
يخرج عن الفهم التقليدي المشترك الذي 
تواضع عليه المسلمون. اللهم إلا بعض 
الإضافات الطفيفة فيما يتعلق بفوائده. 

- عرض مختصر لمناهج التصنية 
المختلفة التي اعتمدت في التواريخ 
عموما. وتواريخ المدن والأقطار والبلدان 
خاصة. لما لذلك من علاقة منهجية 
بموضوعه الذي سيطرقه. يقول ابن 
الخطيب. ملخصا رأيه في المحاولات 
التي تقدمته: «اختلفت في هذا الباب 
أغراضهم [المصنفون في التاريخ]. فمنهم 
من اعتنى بإثبات حوادث الزمان: ومنهم 
من اعتنى برجاله بعد اختيار الأعيان, 
عجرًا عن الاحاطة بهذا الشأن عمومًا في 
أكثر الأقطار, وخصوصًا في بعض 
البلدان»(5؟). 

4 - الإشارة إلى الباعث الذي استحثه على 
التصنيف في هذا الموضوع. فيقول 
مفصحا: «فتذكرت جملة من موضوعات 
من أفرد لوطنه تاريحا هرٌ إليها - علم 
الله - وفاء وكرم..2("). ويذكر مجموعة 
كبيرة من التصانيف التي تخصصت في 
تاريخ البلدان شرقًا وغربا(4). ثم يعرب 


بعد ذلك عن حقيقة رغبته الدافعة قائلاً: 


«فداخلتني عصبية لا تقدح في دين ولا 





ل 0 غرناطة - للساه الديه يه الخطيب الأندلسي 


منصب. وحمية لا يذم في مثلها 
وطن. ولا بأول من شاقه منزل فألقى 
بالعطن. فحب الوطن معجون بطينة 
سفت دري تقر سسا 
محاسثه» (ه). 

© - الإشارة إلى محاولة سبقته في كتابة 
تاريخ غرناطة؛ لكنه يصفها بالقصور, 
وعدم استيفاء المقصود. يقول: « وقد كان 
أبو القاسم الغافقي(5) من أهل غرناطة, 
قام من هذا الغرض بفرضء وأتى من كله 
ببعض. فلم يشف من غلة, ولا سنّ خلة, 
ولا كثر قلة. فقمت بهذا الوظيفء وانتدبت 
فيه للتآليف»(2). 

١‏ - الاعتذار للقارىء عن الإتيان بعمل كامل 
وشامل. يروي العقول ويشفي الصدور, 
لكثرة العوائق الشاغلة والموانع 
الحائلة. غير أن العزم قوي. والنية 
صحيحة. وجهد المقل مبذولء. يقول: 
«ورجوت على نزارة حظ الصحة, 
وازدحام الشواغل الملحة, أن أضطلع من 
هذا القصد بالعبء الذي طالما طأطأت 
له الأكتاد.. وإذا صحب العمل صدق 
النية. أشرقت من التوفيق كل ثنية.. 
والمجتهد في هذا الغرض مقصر. 
والمطيل مختصر..» (8). 

- الاشارة في نهاية المطاف إلى خطة 


آفاق الثقافة والتراث - العددان )1١ ,7١(‏ - ذى الحجة 418 ١ه‏ - أيريل (نيسان) ةةا+ 


الكتاب التي اعتمدها في عرض مادته 
مفصلة غاية التفصيلء فلتراجع في 
موضعها لأن النصّ الذي بينها طويل(4). 
أما القسمين الكبيرين اللذين قسّم كتابه 
بموجبهما. فهما كما يقول في ختام المقدمة: 
«وجعلت هذا الكتاب قسمين, ومشتملاً على 
فنين. القسم الأول: في حلى المعاهد والأماكن 
والمنازل والمساكن. القسم الثاني: في حلى 
الزائر والقاطن والمتحرك والساكن»(١٠).‏ 
القسم الأول : خصصه للحديث عن مدينة 
غرناطة من الناحية التاريخية والجغرافية 
والاقتصادية والاجتماعية والمعمارية. وذلك 
في حوالي أربعين صفحة. وقد عبر ابن 
الخطيب عن هذه النواحي في المقدمة بقوله: 
« والترتيب الذي انتهت إليه حيلتي. وصرفت 
في اختياره مخيلتي. هو أني ذكرت البلدة 
أحاطها الله. منبهًا منها على قديمها. وطيّب 
هوائها وأديمها. وإشراق علاهاء ومحاسن 
حلاهاء ومن سكنها وتولاهاء وأحوال أناسها. 
ومن دال بها من ضروب القبائل وأجناسها. 
وأعطيت صورتها. وأزحت في الفخر 
ضرورتها..»(١1).‏ 
وقسّم ابن الخطيب هذا القسم إلى فصول 
متنوعة نذكرها في النقاط الآتية: 
-١‏ «فصل في اسم هزه المدينة ووضعها 
على إجمال واختصار»(؟١1).‏ أشار فيه 


إلى تاريخ مدينة غرناطة. منذ أن عرفت 





ا ا ل ا اا 





في التاريخ, منبهًا على عراقتها ومجدها 
وفضلها. وكيف انتقل العمران إليها عقب 
انهيار الخلافة الأموية, ابتداءً من سنة 
8ه من مدينة إلبيرة. فأصبحت من 
أعظم المدن الأندلسية, ثم أشار إلى 
موقعهاالجغرافي, فذكر حدودها 
ومساحتها وتضاريسها ومناخها في 
وصف جغرافيّ طبيعي, بليغ ودقيق. 

« فصل في فتح هذه المدينة ونزول 
العرب الشاميين من جند دمشق بها وما 
كانت عليه أحوالهم. وما تعلق بذلك من 
تاريخ .)١1١(»‏ أشار ابن الخطيب من خلال 
هذا الفصل إلى تاريخ الفتح لهذه 
المدينة. وكيف استوطنها عرب الشام 
مشيرًا إلى الملابسات التي أحاطت بذلك. 


- ثم يذكر بعد هذا عنوانًا آخر كبيرًا دون 


الإشارة إلى أنه فصل مستقل؛ لأنه تابع 
من حيث المضمون للفصل السابق وهو: 
«ذكر ما آل إليه حال من ساكن 
المسلمين بهذه الكورة من النصارى 
المعاهدين على الإيجان 
والاختصار»(4١).‏ أشار فيه إلى الصراع 
الذي كان دائرًا بين المسلمين ومن 
ساكنهم من أهل الذمة. نصارى ويهود. 
إلى أن استؤصلت شأفتهم على عهد 
علي(5١)‏ بن يوسف بن تاشفين المرايطي 
سنة 59ه8ه 


4- ثم ينتقل كذلك إلى عنوان آخر كبير 
احتوى على عدة فصول وهو: «ذكر ما 
ينسب إلى هذه الكورة هن الأقاليم التي 
نزلها العرب بخارج غرناطة. وما يتصل 
بها من العمالة.(١١).‏ وهو أقرب إلى 
الجغرافية منه إلى أي فن آخر. ذكر فيه 
رسوم القطر ومعاهده. ووصف قراه 
وجناته. وقصوره ومتنزهاته(17). 

© - ثم ينتقل إلى فصل آخر هو أقرب إلى 
الوصف الاجتماعي منه إلى أي فن آخر 
كذلك. فوصف الأحوال الاجتماعية من 
الناحية الدينية والأخلاقية والمعاشية, 
كما أشار إلى بعض الأحوال الاقتصادية 
للمجتمع الغرناطي(18). 

5- ثم يختم هذا القسم بفصل تاريخي 
محض وهو: «فيمن تداول هذه المدينة 
من لدن أصبحت دار إمرة باختصار 
واقتصار»(19). أشار فيه إلى التاريخ 
السياسي لهزه المدينة مز أصبحت 


قاعدة لبني زيري(١٠)‏ سنة (*40ه ع 


5)) إلى أن اتخذها بنو الأحمر دارًا 
لملكهم في تركيز شديد. 
القسم الثاني : وخصصه للتراجم فقط, 
وهي تراجم متنوعة. قسّمها تقسيمًا متميزا. 
ورتبها ترتيبًا متفرناء يقول ابن الخطيب 
مشيرًا إلى هذا: «وذكرت الأسماء على 
الحروف المبوبة. وفصلت أجناسهم بالتراجم 





كتاب الإحاطة يأخباد غرتاطة - للساه الديه به الخطيب الا 





المرتبة. فذكرت الملوك والأمراء. ثم الأعيان 
والكبراء. ثم الفضلاءء, ثم القضاة. ثم المقرئين 
والعلماء. ثم المحدثين والفقهاء وسائر 
الطلبة النجباء. ثم الكتاب والشعراء. ثم 
العمال الأثراد. ثم الزهاد والصلحاء والصوفية 
والفقراء»(١1!).‏ ويعلل ابن الخطيب هذا 
الترتيب من حيث التقديم والتأخير بقوله: 
«ليكون الابتداء بالملك, والاختتام 
بالمسك»(١75).‏ ثم قسّم ابن الخطيب هذه 
الفتات 0 بحسب صورة الاتصال 
من سكن المدينة بحكم الأصالة والاستقرارء أو 
طرأ عليها مما جاورها من الأقطارء أو خاض 
إليها وهو الغريب أثباج البحار, أو ألم بها ولو 
ساعة من نهار»(١7).‏ ثم يبيّن منهجه في 
تعامله مع المادة المتاحة. وأشثر ذلك في 
الخرنيب السابق. فيقول: «فإن كثرت الآسماء 
نوعت وتوسعت,. وإن قلّت اختصرت 
وجمعت»(54). 

كما ذكر ابن الخطيب منهجه في كتابة 
التراجم: فقال: «وآثرت ترتيب الحروف في 
الأسماء ثم في الأجداد والآباء. لشرود 
الوفيات والمواليد التي رتبها الزمان عن 
الاستقصاء. وذهبت إلى أن أذكر الرجل ونسبه 
وأصالته وحسيه. ومولده وبلده. ومذهبه. 
وأنحاله. والفن الذي دعا إلى ذكره. وحيلته, 


ومشيخته إن كان ممن قيد علمًا أو كتبه. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان )١0(‏ - ذو الحجة 514١ه‏ - ابريل (نيسان) 1554 


ومآثره إن كان ممن وصل الفضل يسيبه. 
وشعره إن كان شاعراء وأدبه وتصانيفه إن 
كان ممن ألف في فن أو هذبه. ومحنته إن كان 
ممن بزه الدهر شيئنًا أو سلبه. ثم وفاته 
ومنقلبه»(55). 

أما علاقة القسم الأول. المتعلق بأحوال 
مدينة غرناطة, بالقسم الثاني المتعلق 
بتراجم أهلهاء فهي علاقة تفصيل وتوضيح, 
يقول ابن الخطيب في ختام القسم الأول: 
« وقد أتينا بما أمكن من التعريف بأحوال هذه 
الحضرة على اختصار. ويأتي في أثناء 
التعريف برجالها كثير من تفصيل ما أجمل, 
وتتميم ما بُدىء. وإيضاح ما خفي»(١7).‏ 


البحث الثاني 
منهج كتاب الاحاطة الذي بين أيدينا 


مقدمة 

بعد أن أوضحنا منهج ابن الخطيب في 
كتابه الاحاطة كما بينه من خلال المقدمة 
بصورة مجملة, لا بد من تناولها من جديد 
لاستقراء منهجه كما هو عليه؛ لنتبين مدى 
التزام ابن الخطيب بشروطه. وكذلك نتبين 
منهج الكتاب بعد أن أصبح مختلفًا نوها ما 
عن الشكل الذي وضعه عليه ابن الخطيب 
مقدمًاء لعل في ذلك ما يعين على المزيد من 
الكشف فيما إذا كان النص الذي وصل إلينا 





كتاب الإحاطة يأخبار غرناطة - للساه الديه يه الخطيب الأندلسي 





من الاحاطة غلبت عليه الأصول أم 
المختصرات. 


المطلب الأول : مناقشة ترتيب الطبقات في 
كتاب الاحاطة 


لما كان كتاب الاحاطة الذي بين أيدينا لا 
يرقى إليه الاعتقاد واليقين بأنه هو عين 
كتاب الإحاطة كما صنفه ابن الخطيبء ونظم 
أقسامه. ورتب فصوله. ونسّق تراجمه. وإنما 
هو مزيجٌ وخليط من الأسفار. منها ما هو 
أصلي ومنها ما هو مختصر. دلَّ على ذلك 
الاضطراب والخلل الذي وجدناه في التصنيف 
والترتيب. فإن محاولة تفسير هذا الترتيب, 
فضلاً عن اكتشاف منهج ابن الخطيب 
واختباره كما وضعء ستبدو عسيرة وصعبة. 
وأن نتائج المحاولة من الناحية الشكلية 
على الأقل ستكون تقريبية؛ إلى أن يظهر كتاب 
الإحاطة على شكله وصورته الأصلية؛ إن كتب 
له ذلك. 

استطعت بعد طول النظر في موارد 
ومواضع أسماء الطبقات والفئات في كل كتاب 
الإحاطة الذي بين أيديناء أن ألاحظ أن هناك 
اختلافًا بِيَتَاه حصل في ترتيب الطبقات 
والفئات. وذلك بعد مقابلتها بالإشارة 
المنهجية التي أوضح ابن الخطيب من خلالها 
طريقته في ترتيب الطبقات والفئات في 


المقدمة. ولعل في هذا الاختلاف ما يدل أيضا 
على حقيقة الإحاطة التي وصلت إلينا. 

لقد قام الترتيب - كما يبدو - على أساس 
الرتبة والمركز القانوني والاجتماعي في شكل 
هرمي. يبدأ بأعلى وأرقى وظيفة اجتماعية, 
وهي وظيفة الملك والامارة وما يتبع ذلك. ثم 
يتدرج التقسيم من أعلى إلى أدنى. 

والتقسيم كما هو ملاحظ أيضاء يخضع 
للمعيار السياسي والديني أو العلمي. مع 
نقديم المعيار السياسي, ونقصرد بالمعيار 
السياسي تقديم تراجم أصحاب أعلى 
الوظائف في الدولة, وهم الملوك والأمراء 
والاعيان والوزراء والأماثل والكبراء والقضاة. 
ثم تأتي بعد ذلك الفئات الاجتماعية الأخرى, 
مع ملاحظة تقديم تراجم المقرئين والعلماء. 
ثم تراجم المحدثين والفقهاء وسائر الطلبة 
النجباء. ولعل في هذا سير مع منهج تصنيف 
العلوم عند أغلب علماء الإاسلام, من تقديم 
العلوم الشرعية وتصنيفها وفقّ فضلها 
وقيمتها. 

المطلب الثاني : تلازم الفئات الاجتماعية 


وتراجم الأشخاص 


بعد استقراء أسماء جميع الفثات 
الاجتماعية المزكورة في كتاب الإحاطة 
لاحظت أنه لم يكن هناك تداخل مخل أو مشين 


آفاق الثقافة والتراث - العددان («7, ١؟)‏ - ذو الحجة 6418 ١ه‏ - ابريل (نيسان) 1954 





بين الفئات ومصطلحاتها. وإنما كان هناك 

تنوع داخل وحدات الفتات المتجانسة. 

كالاختصار فيها أو الجمع بينها. 

أما التقسيم المتعلق بالبناء الهيكلي 

للتراجم الواردة في الإحاطة, أو بتعبير آخر؛ 

التقسيم القائم على العناصر المكونة 

للتراجم. فإن ابن الخطيب قد اكثر من 

العناصر ونوع. حسب وظائف المترجمين بهاء, 

مع الحفاظ على بعض العناصر الثابتة التي 

يشترك فيها معظم المترجمين بهمء ويمكن 
بعد النظر والمقابلة أن نصنف التراجم بناءًٌ 
على تجانس العناصر المكونة لها وتماثلها 

إلى قسمين كبيرين: 

١‏ - تراجم أهل القوة والسلطان: وهم الملوك 
والأمراء ومن والاهم من الأعيان والوزراء 
والأماثل والكبراء. 

١‏ - تراجم أهل العلم والعرفان: وهم 
المقرئون والعلماء والمحدثون والفقهاء 
والطلبة والنجياء. 

وقبل أن أتطرق إلى الحديث عن البناء 
الهيكلي النموذجي لتراجم الإحاطة وفق 
التصنيف الذي ذكر. لا بد من أن أشير إلى 
العناصر الثابتة في بناء التراجم سواءًٌ تعلق 
الأمر بتراجم الفريق الأول. أو بتراجم الفريق 
الثاني؛ ثم الاشارة إلى العناصر الثابتة في 

تراجم كل فريق على حدة من جهة ثانية, 

وفي النهاية أشير إلى المتغيرات الثانوية 


فاق الثقافة رالتراث - العددان (.١؟)‏ - ذو الحجة 814١ه‏ - أبريل (نيسان) 81994 


كتاب الإحاطة يأخبار غخرناطة ل ال 





بالنسبة لكل فريق على حدة. وبالنسبة 

للعناصر الثابتة على مستوى جميع التراجم 

على العموم فهي كالتالي: 

١‏ - ذكر الاسم والنسب والأصل والكنية. 

؟ - ذكر الحال. 

* - ذكر المولد. 

4 - ذكر الوفاة. 

أما ثوابت تراجم الملوك والأمراء فهي: 
-١‏ ذكر الاسم والنسب والأصل واللقب 
والكنية. 

؟ - ذكر الحال. 

"' - ذكر وزراء دولته. أو وزرائه؛ أو وزيره. 

4 - كتابه, أو كاتب سره. أو رئيس كتابه. 

ه - قضاته. 

5- من كان على عهده من الملوك. وهذا 
العنصر لا يصدق إلا على ملوك وأمراء 
الدولة النصرية التي استطاع بفضل 
اطلاعه العميق أن يحيط بجميع 
أحوالهم. 

/ا - مولده. 

8 - وفاته. 

أما باقي الملوك والأمراء. فإنه لا يفصل 
فيهم كل هذا التفصيلء وقد لا تتعدى العناصر 

المكونة لتراجمهم: ذكر الاسم, والنسب» 

والأصل. واللقبء والكنية. والحالء والإشارة 

إلى دخوله غرناطة, إن لم يكن من أهلهاء 

وأسباب وظروف دخوله. وصورة دخوله. 











كتاب الإحاطة بأخبار غرناطة - 


وأعني بصورة دخوله؛ هل دخلها طارنًا؟ أم 
مجاهرًا؟ أم نازحا إلخ. 

وأما المتغيرات التي كانت تطرأ على 
تراجم ملوك الدولة النصرية وأمرائها فتتعلق 
غالبا بمميزات بارزة خصّ بها هذا الأمير على 
غيره من الأمراء. ويمكن تصنيف هذه 
المميزات إلى صنفين: 
١‏ - صنف يتعلق بمواهب وصفات ذاتية. 
؟ - صنف يتعلق بظروف خارجية. 

وهذه الفوارق طبيعية وضرورية. إذ كل 
امرىء ميسر لما خلق له؛, فكل إنسان وصفاته 
الذاتية, وكل إنسان تجري عليه أمورٌ ليس من 
الضرورة أن تجري على إنسان آخر. فمن 
المتغيرات المتعلقة بالصنف الأول من 
المميزات مثلاً: الذكاء. الشجاعة؛ المناقب, إلى 
غير ذلك. ومن المتغيرات المتعلقة بالصنف 
الثاني من المميزات مثلاً: بعض الأحداث في 
دولته. أو بعض الأحداث في أيامه كالخلّع 
والجهاد إلى غير ذلك. 

أما ثوابت أهل العلم والعرفان. فهي 


كالتالي: 

١‏ - ذكر الاسم والنسب والكنية. 
١‏ - ذكر الحال. 

* - ذكر المشيخة. 


- ذكر المؤلفات والتصانيف. 
© - ذكر نتف من الشعر والنثر(/؟). 
5 - ذكر المولد. 


للساه الديه به الخطيب ١‏ 







/ا - ذكر الوفاة. 

أما المتغيرات التي كانت تطرأ على تراجم 
هذا الفريق. فتتعلق بالظروف والأحوال 
الخاصة مثل: مناقبه,. ومحنته. ومن روى عنه. 
وصفته. إلى غير ذلك. 


خلاصة 

من خلال هزه الثوابت الأساسية 
والمتغيرات الجزئية ندرك إلى أي مدى 
استطاع ابن الخطيب أن يكون محيطًا 
ومستوعبنا لأحوال مترجميه. وقد أعانه على 
ذلك - دون شك - سعة الاطلاع ووجهته 
غزارة المادة. كما استطعنا أن ندرك أيضًا كم 
كان منظمًا ودقيقا في تصنيف تراجم مؤلفه 
وترتيبها. 


المطلي الثالث : طبيعة التراجم ومعيار 
الاختيار 


مقدمة 
نقصد بمعيار الاختيار التصور الذي وجه 


ابن الخطيب إلى اختيار تراجمه. ثم تقدير هذا 
التصور للخلوص إلى تقرير مدى أهميته 
وإيجابيته في إعطاء صورة متكاملة عن 
البيئة التي كانت مناط الترجمة على جميع 
المستويات من جهة. وكذلك الخلوص إلى 
عقلية ابن الخطيب ونفسيته وأخلاقه, ونقصد 





كتاب الإاحاطة يأخيار غرناطة - للساه الديه بن الحطيبت الأتدلسي 





بهذا معرقة ماإذا كان خاصي الرؤية 
والأخلاق أو عاميها. إن صح هذا التعبير, أو 
جامعا بينهما من جهة أخرىء ولكي نستطيع 
الوصول إلى هذه النتائج لا بذ من بحث 
مسألتين اثنتين هامتين ومناقشتهماء والنظر 
فيما إذا كانتا متوافرتين في كتاب الإحاطة أم 
لا. وإذا توافرتاء فكيف كانت طبيعتهما؛ 

هاتان المسألتان هم:العلمية 
والخصوصية من جهة. والنوعية من جهة 
ثانية: 

أ-العلمية والخصوصية: ونقصلر 
بالعلمية: الشهرة المميزة. والشهرة في غالب 
الأحيان. تقوم على العلم أو السلطان أو 
العمل. ولما كانت الشهرة مأخزها عزين, 
ومطلبها بعيد. لم تتأت إلا لطائفة قليلة من 
الناس في المجتمع. تتفاوت نسبها بتفاوت 
المجتمعات. وإذا كانت العلمية تخص الأشياء 
فقط.؛ فإن الخصوصية تخص الأشخاص 
والأحداث؛ ومقصدي منها الأحداث فقط. 

ونقوم الخصوصية على الغرابة والتميز, 
ولذلك كان التاريخ في بعض وجوهه عبارة 
عن مدونة للأحوال والأحداث الغريبة. ووصف 
الغرابة هذا ناجم عن طبيعة الإنسان في 
تعامله مع الأحداث الهامة: إن الإنسان يميل 


بطبعه إلى حكاية الأخبار والأحداث 
وتسجيلها التي تبدو له غريبة ومهمة. 
تستحق الذكر والتسجيل. فهي التي تفرض 


نفسها عليه من منظور الغرابة النسبية, 
وطبيعة القيم الاجتماعية, والشرائع الدينية, 
والقواعد السياسية, والتصورات الثقافية. ومن 
هذا المنطلق ليس غريبا أن نجد المؤرخين 
القدامى قد عملوا على تسجيل أعمال النخبة 
المختارة وتاريخهم. والصفوة الممتازة. وعلى 
الرغم من ذلك إلا أننا استطعنا أن نجد فى 
ثنايا المادة التاريخية القديمة. إشارات 
تاريخية كثيرة تكشف عن الجانب المغمور 
من الحياة الاجتماعية لأية أمة من الأمم. 

وبناءً على هذه المقدمة العامة تأتي 
شرعية السؤال الآتي: إلى أي حدّ استند ابن 
الخطيب على العلمية في تراجمه؟ أو بصيغة 
أخرى: هل استند ابن الخطيب في تراجمه على 
مبدأ العلمية القائمة على الشهرة الواسعة 
النطاق. دون الاحتفال بتراجم المغمورين؛ أم 
زاوج بينها وبين الشهرة الضيقة النطاق؟ 

لا ريب في أن ابن الخطيب كان يستند في 
تراجمه بالدرجة الأولى على العلمية. وذلك 
بِيّن من خلال تقسيمات التراجم التي سبق أن 
عرضناها. إن ترجم للملوك والأمراء والكتّاب 
والوزراء والقضاة وغيرهم. 

ولكن يمكن - أيضًا - أن نجد. ونحن نتأمل 
مصطلحات الطبقات والفئات. بعض ما يوحي 
بأن ابن الخطيب لم يكن «علمي» النزعة 
فقط. وإنما كان أيضًا «مغموريها» إن صحّ 
التعبير. 





كتاب الإحاطة بأخبار غرناطة - للساه الديه به الخخطيب الأندلسي 





فمثلاً نجده يترجم للطلبة والعمال. وكذلك 
الفقراء. وهؤلاء حينما نتأمل محتوى تراجمهم 
لا نجد في كثير من الأحيان ما يدعو إلى 
التسجيل سوى أنهم كانت لهم أخلاقٌ حسنة 
أو نباهة ظاهرة, أو اهتمام ببعض العلوم, أو 
صلة بابن الخطيب. ولكي أكون أكثر وضوحاء 
أذكر أنموذجين استدلالاً على ذلك. تمثيلاً لا 

حصرًا: 

١‏ - محمد بن الحسن بن زيد بن أيوب ابن 
حامد الغافقي: قال يصفه: «كان أبو 
الوليد طالبًا نبيلاً. نبيهاء سرياء ذكيّاء ذا 
خط بارع. ومعرفة بالأدب والحساب, 
ونزع إلى العمل فكان محمود السيرة, 
مشكور الفعل. وولي الإشراف في غير ما 
موضع» (58). 

؟ - محمد بن عبدالله بن إبراهيم.. النميري 
المدعو بالحاج: قال يصف حاله: تولى 
خطة الإشراف بلوشة وأندرش ومالقة, 
وولي النظر في مختص ألمرية والأعشار 
الرومية بغرناطة, وكان له خط حسن, 
وجودة كاملة. وحسن خلقء ووطأة 
أكناف يشهد له بجلالة قدره ورفيع 
خطره » (59). 

وأصحاب هذه التراجم لم يكن لهم أي أثر 
علمي ولا أدبي مذكور, وإنما كانت لهم صفاتٌ 

مميزة إضافة إلى صلتهم بالسلطان والدولة, 

فحرص ابن الخطيب على الترجمة لهم إمعانًا 


في الاكثار من فضلاء بلدد ووطنه حتى وإن 
لم يرقوا إلى المستوى العالي من الشهرة 
والاصطفاء. 

ب - النوعية : وهذا العنصر وثيق الصلة 
بالعنصر الذي تقدمه. ولا يختلف عنه إلا 
يسيراء ونقصد بالنوعية: المترجمين بهم, 9 
ما مدى التنوع الذي حشره ابن الخطيب في 
كتابه؟ 

والغاية من ذلك الوقوف على طبيعة 
المجتمع. ثم الحكم على هذا المجتمع, هذا 
من جهة الفائدة الموضوعية التي يقدمها 
الكتاب. 

أما من جهة الكشف عن ذاتية المؤلف, 
فإنها تعين على فهم الكثير من جوانب 
شخصية ابن الخطيب, ومنها سعة الاطلاع 
والاتصال بالفئات الاجتماعية المتنوعة, 
وبخاصة التنقيب في أحوالهم والبحث عن 
أخبارهم. 

لقد تمكنا من خلال دراسة الاحاطة أن 
نلاحظ أن ابن الخطيب استطاع بفضل اتساع 
دائرة اهتماماته التي خولها له مركزه 
الاجتماعي والسياسي المرموق؛ أن يوسع من 
دائرة مادته وينوع في تراجمه. فيكتب عن 
الملوك والأمراء. والوزراء. والكتّاب, والشعراء. 
والعلماء. والمحدثين. والفقهاء. والزهاد., 
والصلحاء. والفقراء. والطلبة. والعمالء ..إلخ. 

وإن نظرة في هذه المصطلحات المتنوعة 





كتاب الإحاطة يأخبار غرناطة - للساه الديه يه الخحطيب الأندلسي 


التي تحمل دلالات متباينة متميزة. لتكشف 
عن التنوع الحقيقي الذي نتحدث عنه. ولقد 
كان يإمكان ابن الخطيب أن يقتصر على عدد 
معين من الأنواع والطبقات. ولولا شغفه 
الكبير. وعزيمته القوية في كتابة مصنف 
شامل محيط جدير بأن ينطبق عنوانه عليه, 
لضاعت كثير من الفوائد والحقائق. ولقد 
ساعدته أيضًا الظروف السياسية والاجتماعية 
التي آلت إليها الأندلس بعد سقوط الكثير من 
مدنها وحصونها. وتمركزها في تلك الدويلة 
الصغيرة المنزوية في غرناطة. ذلك التمركز 
الذي كان البوتقة التي انصهرت فيها العناصر 
الاجتماعية المتنوعة, وتفجرت فيها المواهب 
الذكية. فأفرزت مجتمعا يعجّ بالحركة, 
وينبض بالعمل والتفاعل. إضافة إلى الهمة 
والنشاط, التي كانت تملاً قلب ابن الخطيب, 
فلم يكل ولم يكسل عن كتابة تغطية شاملة 
ومفصلة لعناصر المجتمع الغرناطي. مذ 
أصبحت غرناطة قاعدة حضرية تستوعب 
الملك والسلطان على عصره. 


المطلب الرابع : الاطار المكاني لكتاب 
الاخاطة 


يمكن تصور الاطار المكاني, أو المساحة 
المكانية التي استوعبها كتاب الإحاطة من 
خلال البواعث والمسوغات التي دفعت ابن 





الخطيب إلى كتابة هذا المؤلف. وقد أعرب ابن 
الخطيب عن غايته في مقدمة الكتاب وتمت 
الاشارة إليها سابقا. 

يفصح ابن الخطيب عن المساحة المكانية 
التي سيتولى تسجيلهاء فهي مساحة مدينة 
غرناطة التي كانت عاصمة لمملكة بني 
الأحمر, والتي أصبحت في القرنين السابع 
والثامن الهجريين من اعظم المدن الاسلامية 
في الغرب الاسلامي حضارة وتمدنًاء وعمرانا 
وثقافة. وقد أشرنا إلى ذلك في بداية حديثنا 
عن هذا المؤلف. 

هذه هي حدود المساحة المكانية لكتاب 
الإحاطة كما صرح بذلك ابن الخطيب وهو 
يعرض منهجه فيه. ولكن الحدود الحقيقية 
للإطار المكاني كما عرضها الكتاب قد 
تجاوزت التحديد المعلن عنه. فشملت مساحة 
أوسع. ونطاقًا أرحب. وهذا التجاوز يفرضه 
جانبُ آخر من جوانب منهج ابن الخطيب 
متعلق بالموضوع والشروط والالتزامات التي 
شرطها على نفسه. فاين الخطيب كما هو 
معلوم أراد أن يكتب تاريحًا شاملاً لمدينة 
غرناطة. ومسألة الشمول تقتضي منه أن 
يرصد التاريخ رصدًا متقصيًا. يشمل جميع من 
كانت له صلة بالمدينة كيفما كانت نوعية 
هزه الصلة. 

لقد كان يعي ما يقول ويعنيه حينما ذكر 
في مقدمة الكتاب. وهو يفصل خطته ومنهجه 





كتاب الإحاطة بأخبار خرناطة - للساه الديه يه الخطيب الأندلسي 





في ترتيب التراجم وتصنيفها: «.. وكل طبقة 
تنقسم إلى من سكن المدينة بيحكم الاصالة 
والاستقرار والطروء عليها مما يجاورها من 
الأقطار أو خاض إليهاء. وهو الغريبء أثباج 
البحار. أو ألم بها ولو ساعة من نهار»(0:”"). 
لم يرد ابن الخطيب - إذن - كتابة تاريخ 
محلىي يقتصر على أهل البلد بالأصالة 
والنسبة والانتماء. وإنما أراد أن يثبت فضل 
هذه المدينة بذكر كل من سكنها أو حل بها أو 
طرأ عليها كما قال, وهذا العمل شبِيهٌ بعمل 
الحافظ ابن عساكر في موسوعته العملاقة 
«تاريخ دمشق», وهذا ما يؤكده مرة أخرى 
طموح ابن الخطيب الكبير من جهة, وحقيقة 
ما وصل إلينا من مصنف «الاحاطة في أخبار 
غرناطة» من جهة أخرى. وبناء على هذا 
اتسعت دائرة المساحة المكانية؛ لتشمل أولاً 
الأندلس كلهاء ثم بلدان المغرب العربي, بل 
حتى بعض جهات المشرق, غير أنه نادرٌ جدّا. 
ويعنيه تاريخ الممالك النصرانية على أرض 
إسبانيا المسيحية أيضًا. 


وتفصيل هذا الكلام؛ أن كتاب الاحاطة 
كتاب تراجم قبل كل شيء. والترجمة عبارة 
عن حياة فرد من الآفراد وسيرته. وليس فردا 
من الأفراد العاديين, وإنما فرد تميّز نوعًا ما 
في مجتمعه تميرًا خاصًا. ومن المعلوم أن 
هؤلاء الأفراد لم يكونوا خاملين منقطعين أو 
ثابتين ساكنين. وإنما كانوا يتحركون في 


مجالات مكانية متعددة وواسعة. وتتبع 
حركتهم ونشاطهم يقتضي توسعة دائرة 
النطاق المحدد. هذا من جهة, ومن جهة أخرى 
إن كثيرا ممن ترجم لهم ابن الخطيب كانت 
وظائفهم في الحياة تقتضي أن تكون لهم 
شبكة من الاتصالات والاحتكاكات, فمثلاً 
بتصور محض لترجمة من تراجم العلماء, 
يتبادر إلى الذهن سعة الدائرة التي سيتحرك 
فيها بناء على التقاليد الاسلامية في طلب 
العلم الذي يقتضي الرحلة والاتصال الواسع 
بالمشايخ والعلماء. وبخاصة إذا عرفنا 
العلاقة التي كانت تربط الأندلس بياقي بلاد 
المغرب الإسلامي على المستويات السياسية 
والحضارية والثقافية. وقس ذلك على تراجم 
الملوك والأمراء. وهؤلاء دائرة اهتمامهم أوسع 
وأرحب. نظرًا لما تقتضيه السياسة وتدبير 
الملك على المستوى الداخلي؛ ونظرًا لما 
تفرضه التحديات السياسية الخارجية في 
صيرورة الصراع القائم أنذاك من جهة؛ ومن 
جهة أخرى كان منهج ابن الخطيب في كتابة 
تراجم هؤلاء يؤثر بشكل واسع في الإلمام 
بأحوالهم السياسية الداخلية والخارجية على 
السواء. حتى إننا وجدناه في إعداد تراجم 
ملوك الدولة النصرية وأمرائهاء الذين كان 
شاهدهم. يكرر من جملة ما يكرره من عناصر 
الترجمة, هذا العنصر: «من كان على عهده 
من الملوك» وفيه يشير أولاً إلى ملوك المغرب 





كتاب الإحاطة بأخيار غرناطة - للساد الديه به الحطيب الأندلس 





مبتدنًا بالمغرب الأقصى ثم المغرب الأوسط 
ثم المغرب الأدنى, ويشير ثانيا إلى ملوك 
ممالك إسبانيا على عهده. مبتدنا بقشتالة ثم 
أرجون ثم أحيانا برجلونة. 
ولما شرط ابن الخطيب على نفسه 
الترجمة لمن طرأ على غرناطة أو مر بها, 
فإننا وجدنا كثيزا من تراجم الملوك والأمراء 
من مختلف بلاد المغرب الإسلامي الذين 
دخلوا غرناطة. أو مروا بها لغاية من الغايات, 
والتي كانت في الغالب. إما لغرض الجهاد أو 
لضرورة الانتزاح واللجوء. وابن الخطيب لا 
يكتفي بتسجيل دخولهم أو مرورهم, وإنما 
يسترسل في ذكر سيرهم ومآثرهم مما كان 
فرصة لتوسيع المساحة المكانية. 
إن النتيجة المفيدة التي ألجاً إليها المنهج 
لنساعد على كشف كثير من الحقائق 
التاريخية والاجتماعية, ويمكن تقرير بعحض 
الفوائد على سبيل المثال في النقاط التالية: 
١‏ - الكشف عن الأنشطة الإنسانية العامة في 
إطار المساحة المكانية المذكورة. بحيث 
يعين ذلك الباحث على إنشاء تصور عام 
ومعين عن زمان المساحة المحددة. 
؟ - إعطاء تصوّر معيّن عن الحركة الثقافية 
التي كانت سائدة في الغرب الاسلامي 


آنذاك. 


؟- إعطاء تصور معين عن العلاقات 
السياسية بين دول بلاد المغرب 
والأندلس على مر العصور. 

4 - إعطاء تصوّر معين أيضا عن الحياة 
السياسية في المغرب وخاصة في 
القرنين السابع والثامن الهجريين. 

5- إعطاء تصور معين عن العلاقات 
السياسية بين مملكة غرناطة والممالك 
النصرانية. 


المطلب الخامس : التراجم بين الطول 
والقصر 


من الملاحظات التي أشرنا إليها سابقًا أن 
كتاب الإحاطة لم يصل إلينا بالصورة التي 
أخرجها عليه ابن الخطيبء وإنما امتدت إليه 
يد الحدثان: ولهذا كان من الصعب الحسم في 
مسألة الطول والقصر في التراجم. وعلى 
الرغم من ذلك استطعنا أن نلاحظ أن التراجم 
التي حظيت بقسط أوفر من الاهتمام, فجاءت 
طويلة نوعا ماء هي تراجم الملوك والأمراءء 
ويخاصة معاصروه من الدولة النصرية. التي 
كان كاتبها ووزيرها في الطراز الأول إضافة 
إلى تراجم بعض العلماء والأدباء الذين 
ميزتهم الشهرة. سواء عاصرهم أم لم 
يعاصرهم. ولهذا كان أول أمير نصري استأثر 
بأطول ترجمة في الاحاطة هو الأمير محمد بن 





كتاب الإحاطة باخبار غرناطة - للساد الديه به الخحطيب الأندلسي 





يوسف ابن إسماعيل الغني بالله. وقد سامح 
ابن الخطيب فيه قلمه. فجاءت ترجمة رائعة, 
وأنموذجا فريذاء احتوت على حوالي سبع 
وسبعين صحيفة. وهذا قدر كاف وزيادة 
لإعنطاء صورة كاملة عن أحوال ملك من 
الملوك ونشاطاته سواء من الناحية الداخلية 
أو الخارجية. 

أما الذين استأثروا بنصيب أوفر من 
الصفحات. حيث تراوحت صفحات تراجمهم 
ما بين ثلاثين وخمس وثلاثين صحيفة. فهم 
من العلماء والأدباء المرموقين. الذين كانت 
لهم شهرة واسعة النطاق, وأغلبهم من الذين 
جمع بينهم وبين ابن الخطيب قرنْ واحد. وإن 
كان ممن توفي قبل ميلاد ابن الخطيب مثل: 
محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن يحيى 
بن محمد بن فتوح بن محمد ابن أيوب بن 
محمد بن الحكيم اللخمي (ذو الوزارتين) الذي 
توفي في سنة 8١1ه.‏ احتوت ترجمثه اثنتان 
وثلاثون صحيفة. وكذلك محمد بن خميس بن 
عمر بن محمد بن خميس الحجري الذي توفي 
أيضَا سنة 8١1ه.‏ احتوت ترجمته خمس 
وثلاثون صحيفة. 

أما المعاصرون من الذين أفاض ابن 
الخطيب في الترجمة لهم حتى بلغت أيضًا 
حوالي خمس وثلاثين صفحة. ولم يكونوا من 
الغرناطيين. فهو قاضي الجماعة بفاس 
وتلمسان. يدعى أبا عبدالله محمد ين محمد 





بن أحمد القرشي المقري(١”).‏ وكانت وفاته 
سنة 4ه ., وكانت بينه وبين ابن الخطيب 
مخاطبات ومراجعات كثيرة. ْ 

وليس شرطا أن يكون التطويل في الترجمة 
قائمًا على المعاصرة. وإنما قد يقوم على 
أساس الشهرة الواسعة. والمادة المتوافرة, 
فقد وجدنا ترجمة استطرد فيها قلم ابن 
الخطيب. ولم يكن صاحبها من معاصريه. بل 
لم يكن حتى من الذين نظمهم وإياه قرنْ 
واحد. هذا الشخص هو: محمد بن مسعود بن 
خالصة بن فرح بن مجاهد بن أبي الخصال 
الغافقي الذي توفي سنة 4550ه. احتوت 
ترجمته ثلاثون صحيفة. واعتمد ابن الخطيب 
في ترجمته على مصادر سابقة. 

أما المادة التي طالت بموجبها التراجم 
فهي السرد الكثير لنصوص إنشاءات المترجم 
به سواء كانت شعرًا أو نثرًاء وبخاصة الشعر 
الذي احتفل به ابن الخطيب كثيرًاء وحرص 
على جلبه وإن في التراجم القصيرة جذَاء 
حتى ليذكر البيتين والثلاثة. 

من الملاحظات العامة التي تتعلق أيضًا 
بمسألة طول التراجم أو قصرهاء أن معظم 
تراجم الذين عاصروا ابن الخطيب أو نظمهم 
قرن واحد. بما فيهم من ضمهم القرن السابع 
الهجري. هم الذين نالوا حضًا لا بأس به من 
اهتمام ابن الخطيبء. فجاءت تراجمهم طويلة 
نسبيًاء والسبب في ذلك واضحٌ ومعروف. وهو 


كتاب الإحاطة بأخباد غرناطة - للساه الديه يه الخطيب الأندلسي 





وفرة المادة لتقارب الزمن وكثرة المراجع. 


المطلي السادس : : حقيقة الاحاطة التي بين 
أيدينا 


من المعلوم أن معظم مصنقات ابن 
الخطيب تعرضت للضياع والاتلاف أكثر من 
مرة. ومن المعلوم أيضًا أن كتاب الاحاطة يعد 
من أهم كتب ابن الخطيب على الإطلاق, لذلك 
اعتنى به العلماء والأدباء فامتدت إليه أيدي 
المختصرين: بل إن ابن الخطيب نفسه لم 
يكتب نسخة واحدة فقط, وإنما كان دائم 
الاضافة والتنقيح شأنه شأن العديد من 
المصنفين والمؤلفين. ومع مرور الزمن 
اختلطت الأصول بالمختصرات. بسبب النهاية 
المأساوية لهذه المملكة. إلى درجة صعب 
معها التمييز بين ماهو أصلي وماهو 
مختصر. وإن كنا نميل إلى الاعتقاد بأن كتاب 
الإحاطة الذي بين أيدينا.ء وهو الذي حققه 
الأستاذ محمد عبدالله عنان رحمه الله. مزيج 
من المختصرات والأصول. وأن المختصرات 
أكثر من الأصولء وأن الحجم الذي وصل إلينا 
أصغر بكثير من الحجم الأصلي الذي أنشأه 


عليه ابن الخطيب. ومن الإشارات التي تدل 
على أن كتاب الاحاطة الذي بين أيدينا ليس 
هو الأصلء, ما أذكره قي الفقرات الآتية: 

١‏ - ما جاء في آخر ترجمة: سهل بن محمد 


بن سهل ين مالك الأزدى (قهعهه - 
9 ه). قول المختصر «قلت ذكر 
الشيخ ابن الخطيب في هذه الترجمة, 
الأعيان والوزراء «دستة من أهل هذا 
البيت, كلهم يسمون بهذا الاسم, عدا واحل 
منهم فإنه سمي بسعيد, وذلك مما يدل 
على كثرة النباهة والأصالة والوجاهة, 
رحمهم الله»(؟"). 

؟ - ما جاء من تعليق على ترجمة محمد بن 
عبدالله بن أبي زمنين (ت: في سنة تسع 
وتسعين وثلاثمانة). وهي ترجمة لم 
تتعدَ بضعة أسطر. يقول المختصر: «قد 
تقدم اعتذاري عن إثبات مثله في هذا 
المختصر فلينظر هناك إن شاء 
الله ("3). 

* - من الاشارات أيضًا قول المختصر معلقًا 
هيضم الرعيني (ت: سنة 155ها): «قلت 
هذاالرجل له مشيخة في أصل ابن 
الخطيب طويلة اختصرتهاء»(4"). إلى 
غير ذلك من الاشارات المختلفة في 
مواضع كثيرة من الإحاطة التي بين 
أيدينا(ه*). هذا إضافة إلى ما لاحظناه 
من اختلال واضطراب في أسماء الفئات 
والطبقات من حيث التقديم والتأخير 
والتنويع. وقد أشرت إلى ذلك سابقا. 

على الرغم من كل هذه الإشارات إلا أن 





كدان 35 بأخبار ا ال ا 00 الأندلسي 





الأستان محمد عبدالله عنان رحمه الله لم 
يجرؤ على الجزم بأن معظم الإحاطة مختصر, 
ولقد وجدناه يخلط بين مصطلحي «ناسخ» 
و«مختصر» على الرغم من التباين الحاصل 
بينهما. فكان كثيرا ما ينبه على عمل 
المختصر بأنه من عمل الناسخ. يقول الأستان 
محمد عبدالله عنان: « وقد أوضح لنا الناسخ 
نفسه في غير موطن من مخطوط الاسكوريال 
صنوف اختصاراته, في إغفال بعض القصائد 
أو إغفال بعض أجزائهاء وحذف المشيخة؛ أي 
أسماء العلماء الذين أخن عنهم المترجم له. أو 
حذف بعضهاء(6"). ومعلومٌ أن الناسخ لا 
يتصرف في النص بهذا الشكل إلا أن يكون 
مختصرًا. والاختصار كان فنا قائمًا بزاته له 
مناهجه وقواعده. ومقاصده وغاياته. 

ولقد حاول الأستان محمد عبدالله عنان أن 
يبعث في نفوسنا الثقة مؤكذًا انه على الرغم 
مما عرض للإحاطة من تبديل وتشويه من 
قبل المختصر. « الناسخ » على حدّ تعبيره. إلا 
أنها ظلت محتفظة بجوهرها وبخاصة القسم 
التاريخي من الكتاب. مستدلاً ببعض 
الأدلة(10"). 

ولعل أبلغ ما يؤكد ما ذهبنا إليه من أمر 
وصول الإحاطة ناقصة. وأن أشياء أخرى 
مهمة لم تصل إليناء ما عثر عليه الأستاذن عبد 
السلام شقور من الإحاطة, حيث قام بتحقيقه 


سنة 1947م ونشره تحت عنوان «ما لم ينشر 


من كتاب الاحاطة لابن الخطيب». فقد عثر 
على قطعة تتألف من حوالي مائة وخمسين 
صفحة احتوت على ما يزيد عن ثلاثمانة 
ترجمة. وهو عددٌ كبير إذا ما قورن بعدد 
الصفحات فجاءت تراجمه قصيرة جذا. وعلى 
الرغم من ذلك توافرت على مقتطفات شعرية 
كثيرة كما توافرت أيضًا على بقية ترجمة ابن 
الخطيب لابن خلدون تضمنت رسالة نثرية 
بعثها ابن الخطيب إلى ابن خلدون أيام مقامه 
بالاندلس, والرسالة لم يذكرها ابن خلدون في 
تعريفه. ولم ترد أيضًا في الإحاطة المطبوعة 
كذلك. يقول الأستان شقور منوها بالقيمة 
العلمية لهذه القطعة: «ولست في حاجة إلى 
بيان أهمية هذا المجموع الذي نقدمه اليوم, 
وتكفي الاشارة إلى كونه يتضمن قريبا من 
ثلاثمانئة ترجمة لم ترد في الإحاطة 
المطبوعة, هزا عدا نصوص نثرية وشعرية 
نادرة.. ثم إن هذا المجموع يقدم لنا قراءة 
مغايرة لبعض ما ورد في «النفح» 
و« الكتيبة الكامنة». وهي قراءة أرى أنها أكثر 
صحة من غيرهاء وهو بذلك يفيدنا لا في 
ترميم كتاب الإحاطة فحسبء بل في توثيق 
وتصحيح نصوص واردة في غير ما مصدر 
ومرجع»(8*). ولعل فيما عرضناه من الأدلة 
كاف في تأكيد زعمناء وإلى أن تظهر نصوصٌ 
أخرى من الإحاطة. وما يدريك لعل الزمان 


يجود بنسخة كاملة منها في يوم من الأيام. 








كتاب الإحاطة يأخبار خرناطة - للساه الديه به الخطيب 








١‏ -انظر مقدمة عبد الله عنان التي قدم يها 
لتحقيق كتاب الإحاطة: .1/١‏ 
؟ - الاحاطة : .86١/١‏ 
* - الإحاطة : .81١/١‏ 
4 - الإحاطة : 48١ /١‏ - 88 
- الاحاطة : /١‏ 8# - 86, 
5 - هو أبو محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم 
الغافقي الملأحي. كان محدثاء أديبا, 
مؤرخاء من مؤلفاته التاريخية « تاريخ 
علماء إلبيرة»: ولد سنة 549ه وتوفي 
سنة 519. انظر ترجمته في الاحاطة: 7/ 
كار الال 
؛ - الاحاطة : .68/١‏ 
8 - الإحاطة .85/1١:‏ 
9 - الإحاطة 810/1١:‏ 
٠‏ - الإحاطة : .88/١‏ 
١‏ - الإحاطة : ١//ا8.‏ 
١‏ - الإحاطة : .59/١‏ 
١‏ - الإحاطة : .٠٠١/١‏ 
4 - الإحاطة : .١١5/١‏ 
65- هو علي بن يوسف بن تاشفين بن 
إبراهيم بن ترقوت الصنهاجي 
اللمتوني, ولد سنة 415ه. وتصير إليه 
الملك بالعهد من أبيه سنة /ا!49ذ1ه 


وتولى قيادة الأمور بعد وفاة والده 


آفاق الثقافة والتراث - العددان .7١(‏ 1؟) - ذو الحجة 514١ه‏ - ابريل (تيسان) 1534م 


مستهل سنة ه,. كان من أعاظم 
ملوك الدولة المرابطية. لولا فتنة 
الموحدين التي كانت شوكة في حلقه. 
إلى أن محت رسومها. وقطعت دابرهاء 
أجاز إلى الأندلس برسم الجهاد مرات 
عدة, توفي سنة 77ده. انظر ترجمته 
في الإحاطة: 4/ 58 - 55, وابن عذاري, 
والبيان المغرب في أخبار الأندلس 
والمغرب: 48/4 وما بعدها. 

.1١١5/١ : الاحاطة‎ - 5 

/ا١‏ - الإحاطة : 1١86 /١‏ 98ل 

,1"9 14 /١ : الإحاطة‎ - 

11# -1١40 /١ ١ الإحاطة‎ - 9 

-انظر أخبار بني زيري في الأندلس 
مختصرة في كتاب أعمال الأعلام, لابن 
الخطيب: ١١1/77‏ وما بعدها. 

30/١ : الإاحاطة‎ - ١ 

.80/١ : الاحاطة‎ - ١ 

81/١ : الإحاطة‎ - 5* 

61/١ : الإحاطة‎ - "4 

8؟ - الإحاطة : .88/١‏ 

.14"/١ : الإحاطة‎ - 55 

- يجلب ابن الخطيب الكثير من القصائد 
والمقطوعات الشعرية: وكذلك النصوص 
النترية. التي تدل على براعة المترجم 
به في ذلك الميدان. وبخاصة حينما 
يكون الشخص كاتبًاء أو شاعرًا. أو 








355 بأخبار غرناطة - للساه الديه يه الخطيب 20 





0 
- 


* 


- «#١ 
؟ "ا‎ 


كانت تجمع بين ابن الخطيب وأحد 
منهمالمعاصرة والاتصالء فإنه 
يغتنمها فرصة ليذكر ما كان بينه 
وبينهم من المخاطبات والمراجعات 
التي تكشف عن كثير من الحقائق 
التاريخية. التي ترقى في أحيان كثيرة 
إلى مستوى الوثائق المهمة. 

الإحاطة : ؟//ا١7.‏ 

الاحاطة 50 

الإحاطة : ١/ا6.‏ 


راجع ترجمته في: الاحاطة: ؟/51. 
الإحاطة : 558/4. 


*” - الإحاطة : "9/9 ؟. 

4” - الإحاطة : 849/4 

- راجع على سبيل المشال الإشارات 
الواردة في المواضع الآتية من الاحاطة: 
#ر«ي وى رار 

5" - الإحاطة : */؟9١.‏ 

- مقدمة تحقيق كتاب الإحاطة؛ .104/١‏ 

8 - ما لم ينشر من الاحاطة, مجلة كلية 
الآداب والعلوم الإانسانية. جامعة 
محمد بن عبدالله. تطوان. المغرب, 
العدد؟. ص 4١84‏ - 4.0. 








إعداد 


يحسن بنا قبل الوقوف على حياة أبي عبيد 


الهروي أن نلمّ إلمامة سريعة بأحوال عصره سياسيا 


واجتماعيًا وثقافيًا. 


ويد مشهد السراقسي 
العيه - الإهارات العربية المتحرة 


فالقرن الرابع الهجري يمثل؛ سياسياء أسوأ مظاهر 
التفكك والانقسام اللذين أعملا معوليهما في بناء الدولة الاسلامية آنذاك؛ ذلك أن 
الضعف نخر في عظام الدولة الإسلامية بعد سيطرة البويهيين على مراكز الدولة مند 
أيام المتوكل المتوفى سنة 247ه» بل يمكن القول: إنهم هم الذين أجهزوا عليه وتركوه 
أثرًا بعد عين: فقد أمسكوا بأزمّة الأمور. وأخذوا يديرون دفة الحكم. فيعزلون هذاء 
ويولون ذاك(1): مما تسبب في تعاقب أربعاة عشر خليفة خلال قرن من الزمن: كان 
آخرهم عبد الله بن المعتز الذي لم يدم حكمه سوى يوم وليلة(2). 


وفي الشرق, حيث حياة أبي عبيد. قامت 
الدولة البويهية والدولة السامانية؛ أمسكت 
الأولى بفارس وأصبهان وكرمان. ثم دخلت 
بغراد سنة 74 ه("). وأمسكت الثانية 
ببلاد ما وراء الثهر. وإلى جاني هاتين 
الدولتين الكبيرتين قامت دويلات صغيرة(4). 
وهذا التمزق نأى بالمنطقة عن الاستقرار. 
فكانت الحروب دائمة الاشتعال. الأمر الذي 
حكم عليها حكمًا دائمًا بالتأهب العسكري 


آفاق الثقافة والتراث - العددان .7١(‏ 9؟) - ذو الحجة 18١15ه‏ - ابريل (نيسان) 15944 


لدرء المخاطر التي تهدد الحدود. وأسهم 
فى هذا الضعف ملوك صبية تسنموا 
العروشء منهم أحمد بن ناصر الساماني الذي 
2 تسلم الحكم وعمره ١8‏ سنة: ونوح بن منصور 
الذى تسلم الحكم أيضًا وله من العمر ١١‏ 

وكان المجتمع لعصر أبي عبيد بعيدًا عن 
الطمأنينة أيضاء مما أسهم في تمزق عرا 


الروابط الاجتماعية. وخبوٌ الوازع الديني, 











أبو عبيد ا لهروي وكتابة | لغريييه 


وبروز الانتهازية التي لا تعرف حدًا. وليس 
ذلك بعجيب» ذلك أن الناس على دين ملوكهم, 
وهؤلاء ليس لهم من همّإلا الامساك 
بالاقطاعات وتوسيع رقعتها. وكان البطش 
أساس العلائق بين الحكام ومن تحت أيديهم, 
وكان العزل من المنصب أخف الأمور وطأة, 
مما أفسح المجال واسعا لانتشار الرشوة 
التي أصبحت نهجا لابد من سلوكه لتحقيق 
المآرب(ة). 

ولم تكن هذه الحال مقصورة على قلب 
الخلافة. بل كانت حالاً عمّت جميع أرجاء 
الخلافة في الشرق؛ بحيث يمكن للمرء أن 
يقول : إن الاستبداد السياسي الذي انتهجه 
البويهيون عمل على خراب البلاد اقتصاديًا 
واجتماعياء الأمر الذي يرغب المرء في الوقوف 
على أثر هذين الجانبين في الحياة الثقافية 
والعلمية أنذاك. 

لقد كانت الحياة العلمية آنذاك على 
النقيض مما تقدّم تماماء فقد عَنَ القرن الرابع 
ذروة ما وصلت إليه الثقافة العربية - 


الإسلامية, بل عنّ عصرها الذهبي بلا أدنى 
تردد. فالناس مقيلون على موارد العلم 
ينهلون منها.ء ويشجعهم على ذلك تنافس 
الأمراء في تقديم أرباب العلم وإجلالهم. الأمر 
الذي دفع بعجلة الحياة العلمية خطوات 
وخطوات إلى الأمام. 

لقد سعى الناس إلى اقتناء الكتب. 





فانتشرت المكتبات العامة والخاصة: فقد كان 
على مكتبة عضد الدولة البويهي وكيل وخازن 
ومشرف من عدول البلد, ولم يبق مصنف إلا 
وحصل فيها(١).‏ وازدهرت في العصر علوم 
التفسير ازدهارًا عظيماء ونهض علماء اللغة 
بأعظم عمل لهم هو وضع المعاجم اللغوية, 
من مثل ديوان الأدب لابراهيم الفارابي (- 
٠5"ه).‏ وتهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري 
(- ١/الاه).‏ ومقاييس اللغة والمجمل وكلاهما 
لأحمد بن فارس (- 998ه أو 95*ه), 
والصحاح لإسماعيل بن حماد الجوهري (- 
ذها). 

وشاع إلى جانب ذلك تصنيف المعاجم 
الخاصة بالقرآن الكريم والحديث النبوي 
الشريف. وكان منها معجم أبي عبيد. وهو 
معجم خاص لغريب القرآن والحديث. 

وصفوة القول أن عصر أبي عبيد عصر 
متمزق سياسياء مضطرب اجتماعيا. إلا أنه 
عرفء. ثقافيا. ازدهارًا في مختلف فنون 
المعرفة. وعرف أعلاما كبارًا كان منهم أبو 


عبيد الهروي. 


أ-اسمه ونسيه 

الهروي هو أحمد بن محمد(/) أبو عبيد 
الغبدي(8). المؤدّب(1). الهروي» الباشاني(١٠١).‏ 
نسبته إلى «هرَاة» إحدى مدن خراسان التي 
تقع الآن في القسم الشمالي الغربي من 





أفغانستان. وكنيته التي عرف بها أبو عبيد. 

لم تحرّد المصادر التي أوردت ترجمته 
تاريخ ولادته. ولم تطل في الحديث عنه. ذلك 
أن الأخبار عنه ضحلة على ما يذكر ابن 
خلكان عند الترجمة له. إذ قال: «لم أقف على 
شيء من أخباره لأذكره. سوى أنه صحب أبا 
منصور الأزهري اللغوي. وعليه اشتغل, وبه 
انتفع وَتَخَرَّج»(١1).‏ 

وضَدْت المصادر أكثر فلم تسعفنا بشيء 
عن المراحل الأولى من حياته. إل ما كان من 
أمر تلمذته على عدد من أكابر علماء عصره 
عرّدهم ياقوت فقال: «قرأ على جماعة منهم: 
أبو سليمان الخطابي؛ وكان اعتماده وشيخه 
الذي يفتخر به أبو منصور محمد بن أحمد 
الأزهري. روى عنه الغريبين أبو عمرو عبد 
الواحد بن أحمد المليحيء وأبو بكر محمد بن 
إبراهيم بن أحمد الأردستاني(؟1). 

وهذا يعنى أنه يمكن لنا أن نجتهد فى 
تقسيم حياة أبي عبيد إلى مرحلتين. أولاهما 
: مرحلة التلمزة. والثانية : مرحلة العطاء 
والتأليف. 


أوْلا - مرحلة التلمذة 

وفيها تلقى علوم التفسير والحديث واللغة 
على عدد من مشاهير عصره وعلمائه الأجلاء, 
نورد ترجمتهم فيما يأتي: 
١‏ - أبو منصور الأزهربي (85؟ - ./الاه) : 


أبو عبيد الهروي وكتابة ١‏ لقردييه 





كان من اللغويين البارعين. أخن اللغة 
والنحو عن ثعلب ونفطويه وابن السرّاج. 
قال عنه الفيروزابادي: «إمام جليل, 
جمع فنون الأدب وحشرها. ورفع راية 
العربية ونشرها... أملى وحدّث وصنف 
في اللغة وعلل القراءات. وهو حجّة فيما 
يقوله وينقله».(١1١).‏ أهم مصنتفاته 
معجمه الكبير « تهذيب اللغة» الذي رواه 
عنه ابو عبيد الهروي. وقد جعل معجمة 
ذاك دليلا على علو كعبه فى اللغة 
والأدب(4١).‏ 

أبو سليمان أحمد(5١)‏ وقيل: حمد ابن 
محمد بن إبراهيم الخطابي(؟9١"‏ - 5م" 
أو 4ه): ينتهي نسبه إلى زيد ابن 
الخطاب. كما يروي الهروي(؟1١)‏ نفسه 
وأبو طاهر السلفي(18). رحل إلى العراق 
والحجانز. وخرج إلى بلاد ما وراء 
النهر(؟١)‏ وتفقه على علماء عصره. وأخذ 
الأدب عن أبي عمر الزاهد وإسماعيل 
الصفان وقال عنه الثعالبيء وكان 
صديقًا له(١3):‏ «كان يشبه في عصره أبا 
عبيد القاسم بن سلام في عصره. علمًا 
وأدبنا وزهدا وورعا وتدريسًا وتأليفا». 
وكان إمامًا في الفقه والحديث واللغة 
والبلاغة. حجة صدوقًا(؟؟). وقد أجمعت 
المصادر على تلمذة أبي عبيد الهروي له, 
فقال ياقوت: «... كذا ذكر أبو عبيد وكان 








أبو عبيد الهروي وكتابة ا لغريييه 


تلميذه... وقد حدّث عنه أبو عبيد الهروي 
في كتاب الغريبين»(517). 
خف الخطابي عدّة آثار. أهمها : «معالم 
السنن» وهو في شرح سنن أبي داودهء 
وكتاب «غريب الخطيب» وكلاهما 
مطبوع. 

*- أبو إسحق الهروي الحدّاد, أحمد ابن 
ياسين(-؛4“”#”اه): شيخ حافظ 
محرّث(14١)‏ وله اشتغال بالتاريخ أيضاء 
ومن كتبه المفقودة في ذلك «تايخ 
هَرَاة ». 

4 - أبو إسحق البزار. أحمد بن محمد ابن 
يونس. وقد تفرّد السبكي والنووي(5؟) 
بذكره فيمن روى عنهم أبو عبيد الحديث, 
ومن آثاره أيضًا: « تاريخ هراة». 


ثانيًا - مرحلة العطاء والتصتيف 
وفي هذه المرحلة تصدّى أبو عبيد 
للتحديث والتفسير والتصنيف فيهماء وقد كان 

من تلاميذه في هذه المرحلة : 

-( أبو بكر, محمد بن إبراهيم الأزدستاني‎ - ١ 
14ه): أديب فاضل(؟١) وصف بالحفظ‎ 
والصلاح وكثرة السماع(7١)., تفرد ياقوت‎ 
بذكر روايته كتاب «الغريبين» عن أبي‎ 
عبيد الهروي(18).‎ 

؟ - أبو عثمان. إسماعيل بن عبد الرحمن 


الصابوني النيسابوري(39): وعرف بشيخ 





الإسلام. وشهر بكثرة الحفظ والسماع, 
روى كتاب «الغريبين» عن أبي عبيد 
الهروي(١").‏ توفي سنة 449ه(١").‏ 
؟ - عبد الواحد المليحي الهروي(5"): ذكر 
ياقوت الحموي روايته كتاب 
«الغريبين» عن أبي عبيد. توفي سنة 
4ه عن ست وتسعين سنة(8م). 
لم تكن هذه المرحلة وقفًا على التدريس 
والتحديث. بل كانت مرحلة تأليفه كتابين 
اثنين, وهما الأثران اللذان خلفهما أبو عبيد 
على ما سنرى في الفقرة الآتية. 


ب - آثار أبي عبيد 

سبق أن عرفنا أن المرحلة الثانية من 
مراحل حياة أبي عبيد لم يصرفها أبو 
عبيد في تصدّر مجالمس التدريس 
والتحديث فحسبء ولكنه وضع خلالها أيضًا 
مصتّفيه اللذين خلفهما لنا بعد وفاته سنة 
(4:01ه). أما الأول فيهما فهو كتاب «ولاة 
هراة» وهو كتاب لا نعرف عنه إلا اسمه. فقل 
ذكره ياقوت في معجم الأدباء فقال: «وله من 
الكتب: كتاب الغريبين. وكتاب: ولاة 
هراة»(4"). 

وأما الثاني فهو كتاب «الغريبين», 
وتذكره المصادر التي ترجمت لأبي عبيد 
بأسماء مختلفة. فهو عندرابن خير 
الاشبيلي(ة؟) وياقوت(5*) والنووي(0”) 


اث - العددان (** ١؟)‏ - ذو الحجة 414 ١ه‏ - ابريل (نيسان) 21444 


والسيوطي(8”): كتاب «الغريبين». ثم عاد 
ابن خير إلى تفصيل عنوان الكتاب فقال: 
«كتابٍالفغريبين: غريب القرآن 
والحديث»(9"). وذكره ياقوت مرة ثانية 
باسم كتاب «غريبي القرآن والحديث»(40), 
وسمّاه ابن أبي الحديد كتاب: «الجمع بين 
الغريبين» وهو ما تفرد بهابن أبي 
الحديد(١‏ 4). 

وتابع بروكلمان الأؤلين في تسمية الكتاب 
فزكره بأسماء مختلفة. فزكره مرة باسم 
«كتاب الغريبين في القرآن والحديث». وذكره 
مرة أخرى باسم كتاب «غريبي القرآن 
والحديث». وثالثة باسم «الغريبين في لغة 
كلام الله وأحاديث رسوله»., ورابعة باسم 
«غريب القرآن والسنة وتفسيرهما». وهذان 
الاسمان الأخيران لم أقف عليهما في جميع 
المصادر التي ذكرته(؟4). أما الدكتور حسين 
نصّار فاقتصر على تسميته على ما سماه 
المتقدمون. كابن خير. وياقوت. ... فسمّاه 
«الغريبين»("4). 

وعند التدقيق في أسماء الكتاب المذكورة 
سابقًا. واعتمادًا على أقدم مصدر ورد فيه اسم 
الكتاب. وهو فهرسة ابن خير الاشبيلي, يمكن 
للدارس أن يخلص إلى نتيجة مؤّدَاها أن اسم 
الكتاب هو كتاب «الغريبين», وأن ما ألحق 
بالعنوان من تفصيلات بدأها ابن خير نفسه, 


هي من قبيل شرح مضمون الكتاب وتفصيله. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان [70١؟)‏ - ذو الحجة 1514هه - أبريل (نيسان) 19354+ 





أبو عبيد الهروي وكتابة الخرييين 


وتابعه ياقوت في ذلك ثم تابعهما في العصر 
الحديث بروكلمان. فذكر جملة من العنوانات 
التي تشرح مضمون الكتاب. 

وبذلك نكون قد وقفنا على مرحلتي حياة 
أبي عبيد. مرحلة الأخذ والتلقي عن الأشياخ 
من جهة, ومرحلة العطاء والتأليف من جهة 
ثانية. ووقفنا من جهة ثالثة عند أثريه اللذين 
خلفهما بعد وفاته. فأصبح من اليسير علينا 
أن نتجه إلى دراسة الأثر الذي سلم من عوادي 
الزمن. وأريد به كتاب «الغريبين». الذي 
عرضنا مجمل الأسماء التي سْمّي بها الكتاب 
من لدن ابن خير الإشبيلي. إلى بروكلمان في 
العصر الحديث. 


ج - كتاب الغريبين 

وكتاب «الغريبين» هو الكتاب الذي غرف 
به أبو عبيد واشتهر به. فذكره كل من عرض 
ترجمته. بل لا يكاد أحد يذكر غيره؛ «فكأن 
الرجل قد عاش حياته كلها محتشرًا لهذا 
العمل العظيم: الذي يُعَنَ بحق أول كتاب صنف 
في غريب القرآن وغريب الحديث في دقة 
الترتيب»(44). ذلك أن كتب الغريبء قبل أبي 
عبيد. كانت مستقلة؛ فهناك كتب لغريب 
القرآن ومشكله. ومنها كتاب «غريب 
القرآن»(45) لابن قتيبة. وكتب خاصة بغريب 
الحديث مثل كتاب «غريب الحديث»(45) 


لأبي عبيد القاسم بن سلام. وكتاب «غريب 





0-0 كن 





الحديث»(/47) لابراهيم الحربي. وايبن 
قتيبة(41). وأبي سليمان الخطابي(49). 

ولما كان عصر أبي عبيد أراد الرجل جمع 
غريب القرآن وغريب الحديث(50). يقول أبو 
عبيد في مقدمة كتابه: 

«.. فإن اللغة العربية إنما يحتاج إليها 
لمعرفة غريبي القرآن وأحاديث الرسول عليه 
السلام... وكتب أرجو أن يكون سبقني. إلى 
جمعهما وضم كل شيء إلى الفقه منهما على 
ترتيب حسن واختصار كافء سابق ... فلم آجد 
أحدًا عمل ذلك إلى غايتنا هزه»(١5)‏ مما 
يسمح للمرء أن يعد أبا عبيد أول من فعل 
ذلك(؟5). فقد رتب كتابه «على وضع لم 
يسبق في غريب القرآن والحديث إليه»(257). 

أشار أبو عبيد في مقدمة كتابه إلى غايته 
في تصنيفه, ذلك أنه موضوع لمن يستطيع 
الاستفادة منه من حملة القران الكريم 
ودارسي الحديث الشريفء والناظرين في 
اللغة. قال: «وكتابي هذا لمن حمل القرآن 
وعرف الحديث ونظر في اللغة, ثم احتاج إلى 
معرفة غرائتبهما»(4ه). 

فمراد أبي عبيد. كما يبدو مما سبقء إسداء 
خدمة جليلة إلى اللغة العربية لغة القرآن 
الكريم. وذلك من خلال شرح ما في القرآن 
الكريم والحديث الشريف. مصدريها 
الأساسيين. من غرائب الألفاظ.ء ومراده من 


جهة ثانية التخفيف على دارسي اللغة 
العربية. والناظرين فيها. وطالبي غرائبها. من 
خلال وضع كتاب يستوعب ما سبق من أسفار 
يصعب الحصول عليها. وهذا يفضي بنا إلى 
القول: إن ابا عبيد كان له مما تقدمه من 
أسفار في موضوعه معين ثرٌّ استثمر منها 
مادة كتابه. الآمر الذي سنعرض في الفقرة 


الآتية. 


د - مصادر الكتّاب 

في مقدور الدارس تحديد المصادر الرئيسة 
التى استقى منها أبو عبيد مادة كتابه 
«الغريبين» على النحو الآتي: 

١-المفسّرون‏ وآراؤهم: ومن هؤلاء 
عبدالله بن عباس رضي الله عنهماء. وقتادة 
السدوسي, والسّدي. من ذلك ما نقله عن عبد 
الله بن عباس في تفسير قوله تعالى: #هْمَا 
بَكَنَ عَلَيْهِمْ السَمَاءٌ والأزض وَمَا كَانُوا 
مُتْظَرِيْنَ#(20). قال: «وقال ابن عباس : ليس 
من مؤمن إلا وله باب من السماء يصعد فيه 
فعله فإذا مات بكى عليه. وكذلك معادنه من 
الأرض التي كان يصلي فيها. وبابه من 
السماء الذي كان يصعد فيه عمله. وأما قوم 
فرعون فلم تكن لهم أعمال صالحة في الأرض, 


ولم يصعد لهم خير من السماء. فما بكت 
عليهم السماء والأرض»(055). 
ومن ذلك ما نقله عن السدّي في تفسير 





قوله تعالى: إن تنالوا البرٌ حَتّى تثفقوا مما 
نُحبُؤن ..057(46) فقال: «قال السدّي: يعني 
الجنة»(258). وما نقله عن قتادة في تفسير 
قوله تعالى: #آلا يَأَتيْه الباطل من بَيْن يِدَيْه 
وَل من خذفه.. #(51) فقال: «قال قتادة: 
الباطلء إبليس. لا يزيد في القرآن ولا 
ينقص»(50). 

؟ - علماء اللغة وأئمتها : كالخليل بن 
أحمد الفراهيديء والفراء. والأزهري. وغيرهم. 
من ذلك قوله: «وقولهم: اللهم ربّناء معناه : يا 
الله. لما حذفت منه (يا) التي تكون للنداء 
زيدت الميم, قاله الخليل بن أحمد»(١5).‏ ونقل 
رأي الفراء في المسألة ذاتها فقال: «وقال 
الفراء: يا الله أُمّنا بمغفرتك؛ أي اعتمدنا 
فنزعت الهمزة من (أَم) ووصلت الميم بالهاء 
لكثرة الاستعمال. قال والدليل على أن الميم 
ليست عوضًا من (يا) أنهم يجمعون بينهماء 
فيقولون: يا اللهم»(57). 

أما الأزهري فقد أكثر أبو عبيد من النقل 
عنه كثرة جعلت القفطي يعن كتاب أبي عبيد 
مستخرجًا من معجم «تهذيب اللغة» لأبي 
منصور الأزهري(77). وقد كثرت في الكتاب 
العبارة الدالة على النقل عن أبي منصور. من 


ذلك: قال أبو منصورء قال الأزهري. سمعت 


الأزهري يقول. أنشدني شيخي(54). من ذلك ما 
قاله في تفسير قوله تعالى 38 لآ أبْرَح حتّى 
أَبْلّعَ مَجْمَعَ البَحْرَيْن أو أَمْضِيَ حُقْبَاء(50): 





أبو عبيد الهروي وكتاية الغرديين 


«وقال الأزهري: هو مثل قوله: ##قالوا لن 
تَبْرَح عليه عاكفين..55(4#): هما بمعنى لا 
أزال» ولا يجوز أن يكونا بمعنى أزول. ولم يرد 
بقوله: «لا أبرح»: لا أفارق مكانيء وإنما هذا 
معنى قوله: 3 فلن أبْرح الأزْض..50(4) هذا 
إقامة وذلك ذهاب» (58). 

ومن ذلك أيضًا ما نقله عنه في تفسير 
قوله تعالى: ظ أن تَبْسَلَ نَفْسُ بِمَا كَسَبْنْ 
4( قال: «... قال الأزهري: أي لا تسلم إلى 
العذاب بعملها. والمستبسل: الذي يقع في 
مكروه لا متخلص له منه فيستسلم موقتا 
بالهلكة»(١7).‏ 

" - كتب الغريب: وأريد به غريب القرآن 
وغريب الحديث. ومنها كتاب «غريب 
الحديث» لأبي عبيد القاسم بن سلام, 
و«غريب الحديث» لابن قتيبة. فالهروي يكثر 
من النقل عن أبي عبيد. من ذلك قوله: «وفي 
الحديث للزُهري: من امثحن في حدٌ فأمه ثمّ 
تبرّأ فليست عليه عقوبة. قال أبو عبيد: هو 
الاقرار. ومعناه: أن يعاقب ليقرّ فإقرار باطل. 
قال: ولم أسمع الأَمَهَ بمعنى الاقرار إلا في هذا 
الحديث»(١7).‏ وقال أيضًا: «في حديث ابن 
مسعود : إذا وقعت في آل حم وقعت في 
روضات أتأنق فيهن. قال أبو عبيد: يعني 
أتتبّع محاسنهن» (؟071. 

ونقل كذلك عن ابن قتيبة في غريبه في 
مواضع كثيرة أربت على مئة موضع في 








أبو عبيد الهروي وكتابة ا لغريبيه 


الجزء الأول. ومثلها في الجزء الثاني: فكان 
يصرّح باسمه فيقول: قال القتبي, أو القتيبي. 
أو هكذا رواه وفسّره... من ذلك قوله: فدعوه, 
فأرب ماله. قال الأزهري: معناه: فحاجة 
جاءت به فدعوه و(ما) صلة. قال القتيبي: أرب 
ماله: أى سقطت آرابّه وأصيبتء وهذه كلمة لا 
يراد بها وقوع الأمر. كما قال عقرى حلقى, 
وتربت يداك. وأشباه ذلك»(74). 

وأكثر أبو عبيد أيضًا من النقل عن أبي عبد 
الله إبراهيم بن عرفة الملقب ب« نفطويه». 
وكان معروفا بالحفظ ومعرفة مقاييس اللغة 
والنحوزهة١).‏ فكثيرًا ما تواجهنا في كتاب أبي 
عبيد عبارة «قال ابن عرفة» من ذلك قوله في 
تفسير قوله تعالى #الإيْلاف فَرَيْش05(4): 
«ألفت المكان إلفاء وآلفته إيلافًا بمعنى 
واحد. أي: لزمته... ويجوز ألفت الشيء لزمته., 
وآالفته إيَاه: الزمته إياه. قال ابن عرفة: هذا 
قول لا أحبّه من وجهين. أحدهما: أن بين 
السورتين «بسم الله الرحمن الرحيم» وذلك 
دليل على انقضاء السورة وافتتاح الأخرى. 
والآخر: أن الإيلاف إنما هي العهود. التي كانوا 
يأخذونها إذا خرجوا في التجارات: فيأمنون 
بها (0/). 


ومن ذلك ما نقله عنه أيضًا في تفسير 
قوله تعالى #إعذابٌ أليم# قال: «وقال ابن 
عرفة: أليم ذو ألم وسميع ذو سمع»(78). وهذا 
يعني أن أبا عبيد قد وقف على كتاب 






« نفطوية» المفقود في «غريب الحديث» وإن 
لم يصرح بذلك. 

ولعل هذه النقول مجتمعة هي التي دفعت 
ابن الاثير إلى القطع بأن أبا عبيد جمع في 
كتابه «من غريب الحديث ما في كتاب أبي 
عبيد وابن قتيبة وغيرهما ممن تقدذم عصره 
من مصنفي الغريب. مع ما أضاف إليه مما 
تتبعه من كلمات لم تكن في واحد من الكتب 
المصنفة » (7/9). 

وبذلك يظهر لنا جليًا أن أبا عبيد كان له 
من أقوال المفسّرين من جهة. وأقوال أئمة 
اللغة وعلمائها من جهة ثانية. وكتب غريب 
الحديث من جهة ثالثة:. كان له من ذلك كله 
معين ثلّ يستقي منها مادة كتابه؛ ليأتي ما 
قيل وما صنف في هذا الميدان. وقد سار في 
كتابه «الغريبين» على هدى من منهج بين 
رسمه لنفسه. وهذا مدعاة لدراسات أخرى في 
هذا المجال. إن شاء اللّه تعالى. 





الحواشي. 


١‏ - تاريخ الإسلام السياسي: ؟/5. 

؟ - المصدر نفسه: /". 

" - البداية والنهاية: 5١١/1١١‏ -؟١5.‏ 

4 - معجم الأسرات الحاكمة في الإسلام: 
قف 

ه - الحضارة الإسلامية: .١44/١‏ 





-5 


إاس 


-8 


أحسن التقاسيم: 445. 
معجوالأدباء: 750/4. وطبقات 
الشافعية/ للاسنوي: 591/7. 

ذكره كل من ابن خير في فهرسة ما 
رواه عن شيوخه: 15. وابن كثير في 
البداية والنهاية: "44/١١‏ بنسية 
«العبيدي ». 


9 - العبر: "/لالا. واللباب: 181//9. 
٠‏ فى وفيت الأعيان: :18/١‏ 


-5١ 
- 5 
-* 
-14 


- 


«الفاشاني». والصواب ما ذكرتء لأن 
«فاشان» قرية في «مرو»., وهي غير 
« باشان». انظر في ذلك: معجم البلدان 
«فاشان». 

وفيات الأعيان: ./85/١‏ 

معجم الأدباء: 50/4؟ - .581١‏ 

البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 508. 
معجم الأدباء: .158/1١1/‏ 

المرجع نفسه: 45/4؟. 


115-المرجع نفسه: 1/4 . وسير أعلام 


التبلاء: ا ا وبغية الوعاة: 
70١‏ وفي معجم الأدباء: 75١/4‏ ما 
نصه: «ورثاه أبو بكر عبدالله ابن 


إبراهيم الحنبلي في شعر فسماه 
حمذل. ومعجم الأدباء أيضًا: //. 


وسماه حَمُدًاء وشايعه على ذلك كل من 
الزركلي والدكتور حاتم الضامن في 


مقدمة تحقيقه كتاب «إصلاح غلط 


 ١ظ/‎ 


-- 


يذ ف 


- 15 


78 اج 


أبو عبيد االهروي وكتابة ١‏ 





المحدثين, مجلة المجمع العلمي 
العراقي: ه"/ 591/4. 

معجم الأدباء: 749/4 716١‏ 
بغيةالوعاة: ."“9/١‏ وقال: «روهو 
الصواب». 

المراد به نهر « سيحون». ينظر: معجم 
البلدان « سيحون». 

معجم الأدباء: 41//4؟. 

يتيمة الدهر: 581/4. 

معجم الأدباء: 5950/4. وبغية الوعاة: 
العم 

معجم الأدباء: 541/4؟. 554. ويتيمة 
الدهر: 9/4؟. والبلغة: ". 

سير أعلام النبلاء: "99/١8‏ وتذكرة 
الحفاظ: "//801, وميزان الاعتدال: 
.0١‏ ولسان الميزان: ."810/١‏ قال 
الذهبي في معرض الترجمة له: 
«تكلّموا فيه. قال الخليلي: ليس 
بالقوي2. يروي نسحا لا يتابع عليهاء 
وتركه الدارقطني. قال السُشلمي عن 
الدارقطني: هو شْرٌ من أبي بشر المَّروزي 
وكذبهما». وقال أيضًا في ميزان 
الاعتدال: ١5١/١‏ «قال الإدريسي: كان 
يحفظ. سمعت أهل بلده يطعنون فيه 
ولا يرضونه». وانظر: لسان الميزان: 
اام 


طيقات النووي: /ا5. 





الت 





75 - معجم الأدباء: /1١1/؟؟1.‏ 4" - معجم الأدباء: 551/4 

/ا١‏ - سير أعلام النبلاء: .458/1١1‏ 8 - فهرسة ابن خين 54. 

8 -انظر ترجمة الأردستاني في تاريخ 5" - معجم الأدباء: 551/4 
بغداد: .417//١‏ ومعجمالأدباءء: ا" - طبقات النووي: 40. 
8/7. والمنتظم: .3١/8‏ والأنساب: ‏ 8" - بغية الوعاة: .151/١‏ 


.54 فهرسة ابن خين‎ - 49 .478/1١1/ وسير الأعلام النبلاء:‎ .0١ 
.551/4 معجم الأدباء:‎ - 4٠ والنجوم الزاهرة:‎ .١55/":ربعلاو‎ 
ويفغية الوعاةة: 11/1 ١؛ - شرح نهج البلاغة: ةل‎ .4 


وشذرات الذهب: /17؟؟. وفي بغية 2 5؛ - تاريخ الأدب العربي لبروكلمان: ؟/01؟. 
الوعاة: .١15١/١‏ «وقيل: الأزدستاني2.١‏ 4# - المعجم العربي: .5"/١‏ 
وكذلك ذكره الدكتور محمود الطناحي: +2 - الغريبين: 5ق مقدمة المحقق. 


مدّالله في عمره. عند تحقيقه 5 - صدر الكتاب في القاهرة سنة ١58/8‏ عن 


الجزء الأول من كتاب «الغريبين» 
والصواب ما أثبته نسبة إلى 


دار إحياء الكتب العربية. بتحقيق 


«أزدستان» وهي بُليْدَة من نواحي ‏ 45 - صدرر الكتاب عن جامعة أم القرى في 
أصبهان. المملكة العربية السعودية. 
4 - تنظر ترجمته في معجم الأدباء: 15/1 ١‏ 49 - طبع الكتاب لأول مرة سنة ١954‏ في 


-14 والعيبر: 13/7" وسير أعلام 
النبلاء: 40/14 وتعريف القدماء بأبى 
العلاء: 15. وبغية الوعاة: .118/١‏ 


صمطبيعةدار المعارف الإسلامية 
العثمانية بحيدر آباد الدكن؛ بإشراف 


الدكتور عبد المعيد خان. 


.40 طبقات النووي:‎ - "٠ 


١‏ - معجمالأدباء: 17/0. وسير أعلام 
النبلاء: ١0/0‏ 5 


6 - صدر الكتاب في العراق سنة 1/ا191, 
بتحقيق الدكتور عبد الله الجبوري. 

48- صدر الكتاب عن جامعة أم القرى 
بتحقيق الأستان عبد الكريم العزياوي 
سنة «198. 

٠ت‏ - النهاية في غريب الحديث: .8/١‏ 


اه - الغريبين: 2/١‏ 0-2 


'"- ترجمته في سير أعلام الثبلاء: 
565 _, وتذكرة الحفاظ: "/لالام - 
لام 


" - تذكرة الحفاظ: ؟/ لاا 


آفاق الثقاقة والقراث - العددان ,7١(‏ 71) - ذو الحجة 1418ه - ابريل (نيسان) 154+ 





أبو عبيد الهروي وكتابة الغريبيه 





؟5-النهاية في غريب الحديث: .8/١‏ 
والمعجم العربي: .59/١‏ 

«ه - النهاية: 8/١‏ - 5. 

4ه - الغريبين: .١1/١‏ 

هه - سورة الدخان: 595. 

5ه الغريبين: ٠0"/١‏ 000 

لاه - سورة آل عمران: ؟1. 

4 - الغريبين: ١/8؟5.‏ 

8 - سورة فصلت: ؟ 4. 

.١9/١ الغريبين:‎ - ٠ 

.181١/١ الغريبين:‎ - "١ 

؟5 - الغريبين: ./4/١‏ 

*5 - مقدمة الغريبين: .١17/١‏ 

4" - ينظر الغريبين: /١‏ 48 /ا9, ,(١5 3١1‏ 
حاقلل الى لاووم لل ككل 


ل 1ل 16ل 

5" - سورة الكهف: .5 

55" - سورة طه: .4١‏ 

/ا" - سورة يوسف: .8٠١‏ 

.18.0/١ الغريبين:‎ - 8 

9 - سورة الأنعام: .١‏ 

.151/١ الغريبين:‎ - ٠ 

الغريبين: .15/١‏ والقول لأبي عبيد في 

غريب الحديث: 477/4. والعبارة فيه: 

«هو ههنا الإقرار». 

١‏ - الغريبين: .٠٠١/١‏ والقول مع اختلاف 
في اللفظ في غريب الحديث: 14/4. 


١ 
- 
عم‎ 


وللتوسع في ذلك ينظر: الغريبين: 
ارقف ال 1ل لوكال مغل 

كفل مكل لاول قل كول اول وى 
ا 

*/ا- من أمثلة ذلك مانقله في 
الفريبين: ١/ه"‏ 556, كلا 8 45, 
ال اي شا ل 0 
“ااي 

4 - الغريبين: ."5/١‏ وغريب الحديث لابن 
قتيبة: .457//١‏ وعبارة ابن قتيبة: 
«والمعنى في قوله: أرب: أي سقطت 
أعضاؤه وأصيبت. وهي كلمة مقولة لا 
يراد بها إذا قيلت وقوع الأمر, كما يقال: 
عقرى حلقى. أي عقرها الله وأصابها 
في حلقها بوجع, وكقولهم: قاتله الله 
وكقولهم: تربت يداك, أي: افتقرت. 
وأشباه هذا كثير». 

ها - تهزيب اللغة: .58/١‏ 

5/ا - سورة قريش: .١‏ 

/ال/ا - الغريبين: .19/١‏ 

- مثلاً سورة البقرة: 178. الغريبين: 
,/١‏ ومن أمثلة ذلك أيضًا ما نقله في 
الصفحات: كلل كل هآال لأاللق فكنل 
4ل “4ل لهل تهل “الال مال لكل 
فل فول مان ب 


4 - النهاية في غريب الحديث: .5/١‏ 





0-6 كت الكت 





- القرآن الكريم. 
ابن أبي الحديد. 

- شرح نهج البلاغة؛ تح. محمد أبو الفضل 
إبراهيمء دار الكتاب العربي,. بيروت. 
ابن الأثير. 

- النهاية في غريب الحديث, تح. طاهر 
الزواوي ومحمود الطناحي., دار إحياء 
التراث العربي. 
ابن تغري بردي. 

- النجوم الزاهرة, دار الكتب المصرية, 
القاهرة. ؟157. 
ابن خلكان. 

- وفيات الأعيان, تح. إحسان عباس.ء دار 


صادر. بيروت. 
ابن خير الاشبيلي. 
- فهرسة ابن خير الإشبيلي: طبعة مصورة, 
بيروت. 
أبو عبيد الهروي. 


- الغريبين. ج١,‏ تح. محمود الطناحي؛ و ج 
؟, ", مازالا مخطوطين . 
ابن قتيبة. 

- غريب الحديث, تح. عبد الله ابجبورى, 
بغداد, /ا/ا191. ١‏ 
ابن كثير. 

-البداية والنهاية. دار الكتاب العربي, 





بيروت. ؟19587. 
بروكلمان : كارل. 

- تاريخ الأدب العربي؛ ترجمة عبد الحليم 
النجار. دار المعارف. القاهرة. 
حسن : إبراهيم حسن. 

- تاريخ الاسلام السياسي. عدة طبعات. 
الحموي : ياقوت. 

- معجم البلدان» تصحيح د. س. مرجليون, 
طبعة مصورة, بيروت. 

- معجم البلدان. دار صادر. بيروت: د.ت. 
الخطابي : أحمد. 

- غريب الحديثء تح. عبد الكريم العزباوي, 
جامعة أم القرىء أم القرى. 


- كشف الظنون. طبعة مصورة, مكتبة 
المثنى. 


الزهبي : الحافظ. 

- سير أعلام النبلاء. تح. مجموعة من 
الأساتذة. مؤسسة الرسالة. بيروت. 

- العبر. تح. صلاح الدين المنجد. مطبعة 
حكومة الكويت, الكويت. 

- ميزان الاعتدال . مطبعة الخانجي, القاهرة, 
بم 
الزركلي : خير الدين. 

- الأعلام. دار العلم للملايين: بيروتء 1987. 
السلامي : محمد بن ناصر. 

- التنبيه. تح. وليد السراقبي. رسالة 


أبو عبيد ١‏ لهروي وكتابة ١‏ لغريييه 





ماجستير مطبوعة على الآلة الكاتبة. 
ابن سلام : القاسم. 

- غريب الحديث: حيدر اباد الدكنء دار الكتاب 
العربي. 
السيوطي. 

- بغية الوعاة, تح. محمد أبو الفضل إبراهيم, 
القاهرة, .١9514‏ 
الفيرو زابادي. 

- البلغة في تاريخ أئمة اللغة, تح. عدنان 


درويش وزميله. وزارة الثقافة. دمشق, 


أفاق الثقافة والتراث - العددان :7١[‏ ١؟)‏ - ذو الحجة 1418ه - ابريل (نيسآن) 815994 


ك1 
كحالة : عمر رضا. 

- معجم المؤلفين. مطبعة الترقي, دمشق. 
/اه ١5‏ 


مكن: أدم. 

- الحضارة الاسلامية, ترجمة عبد الهادي أبو 
ريدة. دار الكتاي العربي, بيروت؛ 1941/8. 
نصار : حسين. 

- المعجم العربي. مكتبة مصرء القاهرة. 














مركز جموعة الماجد للثقافة والتراث - قسم المخطوطات 






لابن أبي زمنين . محمد بن عبد الله الإلبيري 





المتوفى سطة 155 اه 
تعريف وتعليف 













بعلم 


عبن القادر احهد عبد الشادر 


الحمد لله الحاكم العدل؛ الذي حرّم على نفسه الظلم وجعله محرما على الثاس. لما 
ورد في الحديث القدسي: فيما روى الرسول صو الله عليه وسم عن الله تبارك وتعالى أنه 
قال: ريا عبادي؛ إني حرمت الظام على نفسي وجعاته بينكم محرماء فلا تظالمواء. رواه 
النووي في كتابه «الأحاديث القدسية) عن مسام ‏ 

وبعد فإن العدل أساس من الأسس التي يقوم عليها القضاء في الاسلام؛ ومن أجل أن 
يحكم القاضي بين الناس» فيعطي صاحب الحق حقه: ويأخذه له من مغتصبه؛ يحتاج 
إلى أدلة وحجج يستند إليها في حكمه؛ لذلك حرص علماؤنا من السلف الصالح على 
تحري الحقيقة والصواب في الأحكام: وذلك من خلال مصنفاتهم التي قنئوا فيها 
الأحكام؛ حتى أننا وجدناهم في تآليفهم يتوقعون نوازل يمكن أن تقع بين أفراد 
المجتمع: فيلتمسون لها الحلول من القرآن والسنة. 


لذلك كثرت المصنفات التي تتعرض لمثل 
هذا الموضوع كثرة لا يكاد أحد أن يلم بها؛ 
لأن تراثناء أعني المخطوطات, تناهبته الأيدي, 
فتوزعت المخطوطات في أقطار الأرض. ما بين 
كتب مكتبة عامة, أو كتب في أرفف مكتبة 





خاصة. ولم يبق منها إلا القليل. وهذا الباقي 
مطروح في زاوية مكتبة ما.ء يكاد غبار 
النسيان أن يطمس معالمه. فآثرنا أن نعرض 
في هذه الدراسة لكتاب مخطوط من هذه 
الكتب. علنا نحفز الهمم.. فتنشط من عقال 





مخطوط منتخب الأحكام لابن أبي ذهنيه : محمد به عيد الله الإلبيري 


الكسل والاهمال لجزء مهم جذا في حياة 
المسلمين العامة. فتمتد يد باحث من 
المعاصرين. فتعيد الحياة إلى هذا الكتاي 
قطاع كبير ممن يتسنمون وظيفة القضاء. 

هذا الكتاب الذي نعرض له هو كتاب 
منتخب الأحكام. لابن أبي زمنين» وقد رأينا 
قبل عرضه أن نتحدث بشكل موجز عن حياة 
مؤلفه نشأته. وشيوخه وتلامذته., 
ومصنفاته. ثم نتحدث عن الكتاب. وصفًا 
لنسخته المخطوطة التي نقدمها في هذه 
الدراسة معرجين على سبب تأليفه. ومنهجه 
فيه. ومصادره التي اعتمد عليها في تصنيفه, 
ونسبته له. ونسخه المخطوطة وأماكن 
وجودها في مكتبات العالم. 

وكل ما نأمله أن يزداد اهتمامنا بتراثناء 
لعلنا نستعيد يومًا ما مكانتنا المرموقة, يوم 
كانت أمتنا تقود العالم من ظلمات الجهل إلى 
أنوار الهداية. وتخرج الناس من كهوف 
التخلف إلى صروح الحضارة. 


المؤلف 

أبو عبد الله. محمد بن عبد الله بن عيسى 
بن محمد المريي الالبيري. المعروف بابن أبي 
زمنين, الفقيه المالكي. ولد سنة 4ه في 
بيت علم وفضلء فوالده كان فقيهًاء وشقيقه 
أبو بكر كان فقيهًا فاضلاً. ولي قضاء إلبيرة, 


فكانت نشأته في بيت يهتم بتنشتة أبنائه 
على حب العلم والعمل به. فنشأ شيخنا محبًا 
للعلم مكبًا عليه. جعله مقدمًا في الفقه. 
مؤثرًا في حياته للزهد والتبتل. فرفعه ذلك 
إلى رتبة كبار المحدثين والعلماء الراسخين, 
عارفًا بمزهب الامام مالك بصيرًا به. فأعطاه 
ذلك جلالاً تفوؤق به على أهل وقته في العلم 
والرواية والحفظ للرأي. والتمييز للحديث, 
والمعرفة باختلاف العلماء. متفنتا في العلم 
والآداب. مضطلعا بالإعراب: قارضًا للشعر, 
متصرفًا في حفظ المعاني والأخبار مع 
التنسك والزهد. والاستنان بسنن الصالحين. 
حتى قيل إنه أمّة في الخير. عالمٌ عامل متبتل 
متقشف, دائم الصلاة والبكاءء. واعظ مذكر 
بالله., فاش للصدقة, معين على النائبة, 
مواس بجاهه وماله. ينأى بنفسه عن التقرب 
للسلطان. كان ذا لسان وبيان» تصغي إليه 
الأفئدة قبل الآذان. نزل قرطبة, وتفقه فيها 
على جلة من العلماء. ونبغ حتى صار يعد 
من مفاخرها.ء وشيخها ومفتيها. 


شيوخه : 
تتلمذ شيخنا على جلة من العلماء. نذكر 
١‏ - والده عبرالله بن عيسى بن محمد 
المتوفى سنة 59ه. 
؟ - وهب بن مسرة بن مفرج التميميء أبو 





مخطوط منتحب الأحكام لايه أبي زمنيه : محمد به عيد الله الإلبيري 





الحزم - 45"اه 

* - أبو إبراهيم, إسحاق بن إبراهيم ابن 
مسرة - 15 هاه 

4 - أحمد بن مطرف بن عبد الرحمن ابن 
إبراهيم القرطبي. 

« - سعيد بن مجلون بن سعيد بن عثمان 
الأموي الالبيري - 45اه. 

5- محمد بن معاوية القرشي ين عبد 
الرحمن بن أبي بكر ابن الأحمر -/10ه. 


تلامذته : 
كما تتلمن ابن أبي زمنين على جلة من 
الشيوخ. وأخذ عنهم. تتلمذ على يديه جلّة من 
العلماء. نذكر منهم: 
-١‏ محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن 
عوف. أبو عبرالله. الفقيه (- 474ه). 
؟ - عثمان بن سعيد المقرىء., ابن الصيرفي,: 
أبو عمرو الداني (- 444ه). 
محمد بق بحي دن احم ون تكحدت الل 
عبدالله. ابن الحذاء التميمي (-5١4ه).‏ 
؛- أحمد بن يحيى بن سميق, أبو عمر, 
القاضي القرطبي. 


مصتفاته : 
إضافة إلى اشتغاله بالعلم., والتدريس 
والوعظ. ترك عددا من المؤلفات. استطعنا أن 


١‏ - اختصار شرح ابن مزين للموطاً. نسي له 
في: شجرة النور الزكية: .٠١١‏ الديباج 
المذهب: ؟/ “9؟. طبقات المفسرين 
للسيوطي: .1٠١5‏ 

؟ - آداب الإسلام. نسب له في: شجرة النور 
الزكية: .٠١١‏ الديباج المذهب: ؟/م"؟, 
الوافي بالوفيات: 9/١؟".‏ ذكره بعنوان 
أدب الاسلام. 

* - أصول السنة. نسب له في: شجرة النور 
الزكية: .٠١١‏ الديباج المذهب: ؟/81"8, 
طبقات المفسرين للسيوطي: ,٠١4‏ الوافي 
بالوفيات: ,”5١/”‏ بروكلمان, الذيل: 
باضه 

؛ - أصول الوثائق. نسب له في: شجرة النور 
الزكية: ,٠١١‏ الديباج المذهب: ؟/599, 
طبقات المفسرين للسيوطي: ,٠١54‏ ذكره 
بعنوان الوثائق, الوافي بالوفيات: 
وال 

ه - أنس المريدين. في الزهد. نسب له في: 
شجرة النور الزكية: .٠١١‏ الديباج 
المذهب: ؟/*59,. الوافي بالوفيات: 
,*5١/*‏ وذكر له في الهدية: 58/7 عنوان 
أنس الوحيد. لعله هو أنس المريدين. 

5 - تفسير القرآن الكريم. نسب له في: شجرة 
النور الزكية: .٠١١‏ الديباج المذهب: 
1" وبروكلمان: .٠05/١‏ والذيل: 


برض 





535000-0-393 لابه أبي زمنيه : محمد يه عبد الله الإلييري 





- حياة القلوبء في الزهد والحكم. نسب له 
فى: الهدية ؟/58. الإيضاح: ,454/١‏ 
لدان المذهبي: ؟78/7. طبقات 
المفسرين للسيوطي: .٠١4‏ الوافي 
بالوفيات: ,7١/*‏ شجرة النور الزكية: 
,١‏ ذكره بعنوان إحياء القلوب. 
- قدوة القارىء. نسب له في: شجرة النور 
الزكية: ,٠١١‏ الديباج المذهب: ؟/799, 
طبقات المفسرين للسيوطي: 2,٠١4‏ 
بروكلمان. الذيل: ١/ه"".‏ طبع هذا 
الكتاب في ألمانياء. بعناية روث 
ويتشسيلء نشر جامعة فريدريك 
ويلهيلم. بون: ألمانيا. ١!19م.‏ طبع 
بعنوان قدوة الغازي2. لعله تحريف من 
المستشرق الألماني. 
4 - كتاب الشروط على مذهب الامام مالك. 
نسب له في كتاب: بغية الملتمس: 87. 
٠‏ - مختصر تفسير ابن سلام للقرآن. نسب 
له في:الديباج المذهب: ؟١/*9؟,‏ 
طبقات المفسرين للسيوطي: .٠١4‏ 
١1-المقرب‏ في اختصار المدونة وشرح 
مشكلاتها نسب له في: الوافي 
بالوفيات: ."7١/*‏ طبقات المفسرين 
للسيوطي: ,٠١4‏ بعنوان مختصر 
المدونة. شذرات الذهب: ١55/7‏ بعنوان 


اختصار المدونة. الديباج المذهب: 
؟/ بعنوان المغرب في اختصار 


المدونة. شجرة النور الزكية: ,٠١١‏ 
بعنوان المغرب. 

١‏ - منتخب الدعاء. نسب له في: الديباج 
المزهب: 7/*؟, شجرة النور الزكية: 
,١‏ بعنوان منتخب الدعوة. 

3 - المنتخب في الأحكام. سيأتي الحديث 
عنه؛ إذ مخطوطه المعنى به في هذه 
الدراسة. 

4 - المهذب. نسب له في الديباج المزهب: 
”> شجرة النور الزكية: 3١١‏ 
الوافي بالوقيات: 85١/‏ بعنوان 
المذزهب. 

- المواعظ المنظومة في الزهد. مجموعة 
من أشعاره. نسب له في شجرة الثور 
الزكية: .٠١١‏ الديباج المذهب: ؟١/"؟.‏ 

5 - النصائح المنظومة. مجموعة ثانية من 
أشعاره. نسب له في شجرة النور 
الزكية: ٠١١‏ الديباج المذهب: ١/7"؟.‏ 

هذا ما تمكنا من الوقوف عليه من مؤلفاته. 
ومن الجدير بالذكر أنه إضافة إلى مؤلفاته 
في التفسير والحديث والفقه والمواعظ 

والحكم والزهد. كان في شعره رقيق الحاشية, 

عزب العبارة. وقد أورد له صاحب بغية 

الملتمس. وصاحب جذوة المقتبس الأبيات 

التالية: 

الموت في كل حين ينشر الكفنا 

ونحن في غفلة عمايراد بتا 





0 0 م ا ا ا ا 0 





لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها 
وإن توشحت من أثوابها الحسنا 
أين الأحبة والجيران ما فعلوا 
أين الذين هم كانوا لنا سكنا 
سقاهم الدهر كأسًا غير صافية 
فصيرتهم لأطباق الشثرى رهنا 
بعد كل هزه الحياة الحافلة التي عاشها 
ابن أبي زمنين, أسلم روحه إلى بارئهاء في 
إلبيرة. في ربيع الآخر من سنة 595ه, بعد أن 
عاش خمسا وسبعين سنة. 


المخطوط 

النسخة التي بين أيدينا مصورة في 
ميكروفيلم, في مركز جمعة الماجد للثقافة 
والتراث بدبيء في الفيلم رقم ."٠6١‏ مصورة 
عن نسخة الخزانة العامة بمدينة الرباط في 
المغرب. محفوظة تحت رقم ١١1١‏ / ؛ مركز 
البيضاء. 

تتكون من ١١١‏ ورقة. في كل صفحة 5١8‏ 
سطرًاء وفي كل سطر حوالي ا - ١١‏ كلمة, 
كنبت بخط مغربي. وتاريخ نسخها: العشر 
الأول من ذي القعدة سنة 505 ها سجّل في 
الورقة الأولى تملك باسم محمد التهامي بن 
أحمد بن محمد الشريف الحسني. تملكها 
بالشراء من الفقيه أحمد بن ظفر بثمن قدره 
أربعون أوقية. وهذا التملك غير مؤرخ. 

بعد صفحة العنوان ست ورقات سجل فيها 


فهرس الكتاب. يلي ذلك في ورقة قصيدة 
يقرظ بها ناظمها الكتاب. 

نسخة قديمة, أطراف أوراقها الأولى مرممة. 
مما أثر في بعض الكلمات. وكتبت عناوين 
المسائل بخط كبير واضح. وكذلك رؤوس 
الفقرات. على صفحاتها تعقيبات. مما يساعد 
في حفظ ترتيب الأوراق. وبعض الأوراق من 
وسطها ناقصة. وهذه النسخة ضمن 
المخطوطات التي تقدم بها أصحابها للفوز 
بجائزة الحسن الثاني للمخطوطات لسنة 
5184 ام. 


سبب تأليفه 

اشتهر هذا الكتاب اشتهارًا كبيرًا. فعرف في 
الشرق والغرب. وظهرت بركته. وقد ذكر مؤلفه 
في ديباجته سبب تأليفه له بقوله: «أردت 
بذلك النصيحة لمن كان من حكام المسلمين 
قد شغله ما قلده وعصب به من درس كتب 
الفقه ومطالعتها والاستكثار من النظر فيها؛ 
ليستغنى بما انتخبته من ذلك. إذا علمه. عن 
المشورة فيه متى ينزل به شيءء. فليس 
يستحسن من الحكم أن يشاور في كل ما يرفع 
إليه من أمر الخصوص., بل كلما بعد مسرحه 
في علم القضاء كان أقبل له وأحرز لدينه...». 

فقد أراد بتأليفه أن يساعد القضاة في 
أحكامهم؛ لأ مخنصب القضاء. والحكم بين 
الناس يشغل من يتقلده عن مطالعة كتب 





مخطوط منتخب الأحكام لابه أبي ذمنيه : محمد به عيد الله الإلبيري 





الفقه ودراستهاء والاستكثار من النظر فيهاء 
فمطالعة هذا الكتاب تغنيه عن ذلك. وعن 
مشاورة غيره من القضاة؛ لأن الإكثار من 
المشاورة يضع القاضي في أدنى منزلة, 
فيؤثر ذلك في مكانته القضائية وفي أحكامه. 
كما ذكر ابن فرحون في كتايه الديياج 
المذهب أنه ألف هذا الكتاب لأجل أخيه أبي 
بكر بن عبدالله بن عيسى بن أبي زمنين (- 
أه). القاضي في إلبيرة. 


قسّم ابن أبي زمنين كتابه هذا إلى عشرة 
أجزاء. جمع في كل جزء من هذه الأجزاء 
المسائل المتفقة في الموضوع.ء ورتبهاء ضامًا 
بعضها إلى بعضء ليسهل الرجوع إليهاء 
فتناول في الجزء الأول: الحكم في رفع 
المدعي. والحكم في أخذ المقالات, والحكم 
بين المتداعيين في التوكيل على الخصومة, 
وفى اليمين التي لا ترد. وفي الشهادة 
والشاهد. وفي ما يدّعى به العبد أو الأمة 
والموالي والأقارب والأصهار. وفي المدين يريد 
سفرًا فمنعه صاحب الحق. وغير ذلك من 
المسائل. 

وفي الجزء الثاني: تناول فيه: في كتب 
القضاة بعضهم إلى بعضء وفي كتب القضاة 
إلى من يثقون به من غير القضاة. وموت 
القاضي المكتوب إليه أو يعزل قبل وصول 


الكتاب إليه. ومسائل تتعلق بالقاضي مونًا أو 
عزلا بعد ان يحكم ولم ينفن الحكم. ثم ما جاء 
في الحكم على الغائب. ومسائل في 
الاستعارة أو الاستئجان أو الكراء. وما يتعلق 
بها من الغصب في كل حالاته ومسائله, 
وبعض مسائل من النكاح. وبعض مسائل من 
الدعوى في العارية. ومسائل في ارتهان 
الثياب والطعام. ومسائل من العارية. ومن 
مسائل الصناع. 

وفي الجزء الثالث : مسائل الشفعة, 
والقسمة. وبعض المسائل المتعلقة بفتح باب 
أو كوّة على الجوار, أو طرق أو أقنية. وبعض 
مسائل من سقاية الأرض بماء غيره. 

وفي الجزء الرابع : في مسائل الهبات, 
والحبوس على الأبناء والزوجات, أو التصدق 
من قبل الأب على أبنائه. أو الأبناء على 
آبائهم, ومسائل من الوصاياء ومسائل من 
العتق والمكاتبة. 

وفي الجزء الخامس : في مسائل النكاح 
والصداق. ما يجوز ومالا يجون. وشروط 
النكاح. وفي عيوب الرجال: وعيوب النساء 
وفي نكاح نساء أهل الكتاب. 

وفي الجزء السادس : مسائل الإحصان 
والإحلال. وباب الجامع في الطلاق والخلع 
والعدة. وما يجب للمعتدة. وما جاء في 
الرضاع. 

وفي الجزء السابع : في البيوع وما فيها 





0 ل ل ل ا 





من مسائل. وما يتعلق بها من رهن وكفالة 
ووكالة وتسليفء. وغير ذلك. 

وفي الجزء الثامن : مسائل تتعلق بالبيوع 
أيضًا وما يتبدى من عيوب في المبيع بجميع 
أنواعه. ومسائل الكراء وما يقع بين المتكارين 
من خلافات. 

وفي الجزء التاسع: مسائل تتعلق 
بالاستنجار. والقراض. والشركة والمزارعة 
والمغارسة. والمساقاة والجوايح والخصب, 
والدّيات والجنايات والحدود. 

وفي الجزء العاشر : مسائل متنوعة مما 
يعرض أمام القاضي. وما يتعلق بالقاضي من 
خلال أحكامه. وما يجب أن يفعله. وفي آخره 
باب من أحاديث رسول الله صلى الله عليه 
وسلم مما جاء تعلقها بالقضاة. 

وقد نهج المؤلف في إيراده للمسائل التي 
عرض لها في هذا الكتاب نهجا سليماء 
متميرًاء فهو يذكر المسألة. أحيانًا تحت عنوان 
باب في كذاء وأحيانثا تحت عنوان الحكم في 
كذاء وأحيانا تحت عنوان في كذا. ثم يذكر ما 
ورد فيها عند فقهاء المذهب المالكي. من 
خلال كتبهم, فيذكر اسم الكتاب تارة. ويذكر 
اسم المؤلف تارة أخرى. ثم يتبع ذلك بآراء 
غيره؛ أي إنه يذكر جل الآراء التي وردت في 
المسألة, وفي بعض المسائل يستوفي كل 
الاحتمالات التي يمكن أن تطراء أو تقع بين 
المتخاصمين:ء فيورد الاحتمالء ثم يتبعه 





بالحكم. وهكذا.ء وعلى سبيل التمثيل نثيت 
هنا ثلاثة أمثلة مما ورد في الكتاب في 
مواضع مختلقة. 


المثال الأول ما جاء تحت عنوان: 

الحكم في المقالات في الدعوى: «قال 
محمد: ومن شان حكام العدلء إذا وقف بأحر 
منهم خصمان. أن يقول لهما من المدعي 
منكم؟ فإن قال أحدرهما: أنا المدعيء قال له 
تكلم؛ وأمر المدعى عليه بالسكوت. حتى يفرغ 
المدعي من مقالته. وإن قال كل واحد منهما 
عن صاحبه: إنه المدعي, أمرهما بالارتفاع 
عنه حتى يأتي أحدهما ويطلب الخصومة, 
فيكون هو المدعي,. وكذلك قال ابن حبيب, 
ورواه عن أصبغ». 


المثال الثاني : ما جاء في الورقة "٠‏ من 
الجزء الثاني تحت عنوان : 

باب فيمن قضي له بحق فلم يقبضه حتى 
مات القاضي أو عزل وتعجيز القاضي له ' 
وقطع حجته عن المدعى عليه 

جاء قوله: «وفي سماع عيسى: وسئل ابن 
القاسم عن القاضي يقضي للرجل فلا يحوز 
المقضي له ما قضى به حتى يموت القاضي 
أو يعزل. هل يستأنف الخصومة في ذلكء أم 


ينفعه ما كان قضي له به. وإن لم يكن حازه؟ 
فقال: يمضي القاضي الذي قضى به القاضي 


مخطوط منتخب الأحكام لايه أبي زهنيه: محمد به عيد الله الإلييري 


الأول. ولا ينظر فيه القاضي الآخر إلا أن يكون 
جوزًا بيّنا فينقضه. وهو أمر لا اختلاف فيه. 

وفي كتاب ابن حبيب: وسمعت مطرفا 
يقول: من ادعى قبل رجل دعوى من مال أو 
عرض أو عبد. وأتى على دعواه بشاهدين, 
واستعدٌ لهما القاضي. وضرب لهما في ذلك 
أجلاً. ثم عجز عن تعديلهما أولم يرله 
القاضي حقًا فيما ادعاه. وقد قاعد صاحبه 
وخاصمه. فإن حقًا على القاضي أن يكتب 
للمدعى عليه كتابًا يقطع حجة المدعي, 
وتعجيزه إياه عن إثبيات ماادعاه قبله, 
ويشهد له على ذلك؛ ليكون ذلك براءة للمدرعى 
عليه من المدعي. ومن تردد بالخصومة عليه 
في ذلك الشيء متى ما شاء عند ذلك الحكم 
أو عند غيره. ولكن يقطع ذلك بالاشهاد عليه, 
ومتى ما جاء بعد ذلك بشاهدين عدلين 
بإثبات ما كان عجز عنه لم ينظر له فيهما 
بعد ذلك الحاكم. ولا من كان بعده إلا ثلاثة 
أشياء. العتق والطلاق والنسب, فإن عجز 
طالب ذلك عن تحقيقه. ليس تعجيزه يمنعه 
من القيام ولا من رجوع القاضي إليه في 
الحكم له متى أثبته وأحقه عند ذلك الحاكم. 

قال عبد الملك فأعلمت أصبغ بن الفرج 
بقول مطرف فروى مثله عن ابن القاسم وابن 
وهب وأشهب». 

فنلاحظ من خلال قراءة هذه الفقرة أنه 
يعرض المسألة. ويذكر آراء الفقهاء فيها. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان [*.١؟)‏ - ذو الحجة 514١ه‏ - أبريل (نيسان) 1954خ+ 





ويستكملها كلها, ليضعها بين يدي القضاة: 


والمثال الثالث ما جاء تحت عنوان 

باب فيمن استحق من يده شيء مما له 
غلة . أو استحق له طعام أو ثياب 

«وفي المدونة قال سحنون: قلت لابن 
القاسم: أرأيت لو أن رجلاً ابتاع دارا فاستغلها 
زماناء ثم استحقها رجل, لمن تكون الغلة» 
فقال: للذي كانت الدار في يديه بالضمان. 

وكذلك لو ورث من أبيه دارًا أو عبدًاء إلا أنه 
لا يدري من أين كانوا لأبيه. أو لعله قد 
ابتاعهم,. قلت له: فإن كان الذي باع هذه 
الأشياء قد غصبها من أهلها؟ فقال: إذا لم 
يعلم المشتري بالغصب. فالغلة له. وكل ما 
له غلة من الدور والأرضين والنخيل وجميع 
الثمار والحيوان» فهو في هذا سواء. 

قلت له: فإن كانت الدار والعبد إنما وهبوا 
لأبيه. فقال: إن علم الموهوب غصب هذه 
الأشياء من الذي استحقها أو غصبها من رجل, 
وهذا المستحق وارثه. فجميع الغلة والكراء 

قلت له: فإن استغل الموهوب له هذه 
الأشياء. أو استغلها ابنه وهو عالمٌ بالخصب 
أو غير عالم,ء فقال: إن كان عالمًا ردت الغلة 
التي اغتل على المستحق؛ لأن الموهوب له إذا 
علم بالغصب. فقيل الهبة. فهو كالغاصبء وإن 





مخطوط منتخب الأحكام لابه أبي زهنيه : محمد به عيد الله الإلييري 





كان لم يعلم. كان ما اغتل موهوبا له. وإن 
كان الغاصب مليًا غرم الغاصب ما اغتل 
الموهوب له. وإن لم يكن مليًا كان على 
الموهوب له أن يرد ما اغتل؛ لأنه لم يؤد فيما 
اغتل ثمتاء فتكون له الغلة بالضمانء. ويعطى 
قيمة عمله إن كان له فيها عمل. فمنزلة ما لو 
أن رجلاً اغتصب ثوبا أو طعامًا فوهبه لرجل, 
فأكل الطعام أو لبس الثوبء أو كانت دابة 
فباعها وأكل ثمنهاء ثم استحقت هذه الأشياء, 
فإن كان عند الواهب مالء وقد فاتت تلك 
الأشياء أغرمها الواهب, وإذا كان الموهوب لا 
يعلم بالغصبء وإن لم يكن للواهب مال أغرم 
الموهوب له. ولم يكن له أن يرجع بذلك على 
الواهب. وكذلك إذا اعتل العبد أو الدار أو 
الدابة. لزمه أن يرد جميع الغلة إلى مستحق 
الدار. وكذلك إذا مات الغاصب وتركها ميراثًا 
فاستغلها ولده. ثم استحقت من يده. فإن 
الغلة أيضًا تكون للمستحق. 

قال محمد : لابن القاسم؛ في كتاب الغصب, 
خلاف ما قاله هاهنا فيما يصير إلى الغاصب 


من غلة العبيد. قلت له: فإن تلفت هذه 
الأشياء من يد الموهوب له من غير فعله. قال: 
فلا شيء له عليه, إذا علم أنه لم يتعدّ فيهاء 
ولا علم بعضها. 

قلت: فمن اشترى عبدًا في سوق المسلمين 
فوهبه لرجل. ثم أتى رجل فاستحقه. قال: 
يقال للمستحق: إن شئت فابتع بالثمن. وإلا 


فاطلب العبد. فإن وجدته أخزته. ولا شيء لك 
على المشتري الواهبء قلت: فلو أن رجلا ابتاع 
طعامًا فاكله. أو ثيابا فلبسها وأبلاها. أو 
ابتاع ماشية فذبحها وأكلهاء ثم استحق ذلك 
من يددء فقال: يغرم المشتري ذلك كله. ولا 
يوضع عنه. وله أن يرجع على البائع بالثمن, 
وانما الذي يوضع عنه ما هلك في يده من 
الحيوان أو انهدم من الدور. وكزلك الحنطة 
والثياب إذا ذهب بأمر من السماء يقوم على 
ذلك بينة؛ فلا شيع عليه». 


مصادره في الكتاب 

ذكر المؤلف في ديباجته أنه جمع: «فيه 
عيونًا من مسائل الأقضية والأحكام 
استخرجتها من الأمهات وانتخبتها حسانا 
جيادًا». من هذا القول نستطيع أن نقول 
إنه جمع هذا الكتاب من أمهات الفقه 
المالكي؛ لكنه لم يذكر في المقدمة أسماء أو 
عناوين هذه الأمهات. وإنما ترك ذلك إلى 
المسائل. فيزكر فى كل مسألة مرجعه الذي 
أخن هزه المسألة أو تلك منه. تارة يذكر 
العنوان. كما فعل في ذكر المدونة, وتارة يذكر 
عبارة كتاب فلان. كما فعل بقوله: كتاب ابن 
حبيب. وتارة يذكر عبارة قال فلان» أو روى 
فلان. أو وفي سماع فلان وغير ذلك من 
العبارات. 

ومن خلال المطالعة في المخطوط نستطيع 








مخطوط منتخب الأحكام لابه أبي تهنيه: محمد يه عيد الله الالييري 


أن نحدد عناوين بعض الكتب التي استمد 

منها مادة كتابه. وهي: 

١‏ - المدونة. لسحنون. عبد السلام بن سعيد 
بن حبيب التنوخي د .ع'ه). 

؟ - الواضحة في الفقه والسنن. لابن حبيب. 
عبد الملك بن حبيب بن سليمان القرطبي 
(د لعواه). 

* - أجوبة محمد بن سحنون؛ لمحمد بن عبد 
السلام (سحنون) التنوخي (ددهثه). 
4-الرسالة السحنونية. لمحمد بن عبد 

السلام (سحنون) التنوخي (- 1855ه). 
ه - العتبية. للعتبي. محمد بن أحمد بن عبد 
العزيز القرطبي (د- وهو'ه). 
5 - المختصر الكبيرء لابن عبد الحكم. عبد 
لله بن أعين المصري (- ؤوككه). 
'1-المجموعة. لابن عبدوسء. محمد بن 
إبراهيم القيرواني (- ١١١ه).‏ 
وغيرها مما لم نتمكن من الوصول إلى 
تحديده أو معرفته. 
ولعل أهم ما يميّز هذا الكتاب أنه يجمع 
الآراء الفقهية. فى مذهب الإمام مالك2. في 
الأحكام المختلفة. التي يحتاج إليها القضاة 
في تحريهم العدل والصواب في أحكامهم: فقد 
حفظ لنا هذا الكتاب هزه الآراء. كما أنه 
جمعها في موضوع واحد. نستطيع أن نجعل 
منه أكثر من كتاب. بحيث يمكن جمع أقوال 
عالم بعينه منه. كما حفظ لنا كثيرًا من هذه 


الاراء التي قد يصعب على الباحث الوصول 
إليها. من كل هذا يكتسب الكتاب قيمته 
وأهميته لدارسي الفقه المالكي. 

هذا ومن الجدير بالذكر أن الذين جاءوا 
بعده. وصنفوا في هذا الموضوع قد تتلمذوا 
على كتابه. ولعل من أبرزهم وضوحا في هذا 
الأمر. هشام بن عبدالله. ابن هشام الأزدي _- 
كد ها فقد نقل عن هذا الكتاب في مواضع 
كثيرة من كتابه «المفيد للحكام فيما يعرض 
لهم من نوازل الأحكام». كما اعتمد عليها 
بعض القضاة. مثل قاضي غمارة: التقي بن 
ريان الزجلي. حيث نسخت له نسخة من هذا 


الكتاب ليرجع إليها وقت الحاجة. 


نسبته 

نسب له هذاالكتاب في شجرة النور 
الزكية: .٠١١‏ وفي الديباج المذهب: ,""7/١‏ 
وفي الوافي بالوفيات: ,"7١/‏ وفي تاريخ 
الأدب العربي لبروكلمان. الذيل: .""5/١‏ 


تسخه المخطوطة 
تمكنا من التوصل إلى معرفة أماكن وجود 
إحدى عشرة نسخة في مكتبات متعددة, وهي: 
-١‏ نسخة مخطوطة في الخزانة العامة 
بالرباط. قفي المغربء تحمل الرقم 
0١‏ البيضاء. ويوجد عنها نسخة 
مصورة في ميكروفيلم. في مركز جمعة 





عم ا ا 23 





الماجد للثقافة والتراث. الفيلم رقم 
تاريخ نسخها في ذي القعدة سنة 
هه وهي التي اعتمدنا عليها في هذه 
الدراسة. 

؟ - نسخة مخطوطة في الخزانة العامة 
بالرباط. في المغرب: تحمل الرقم ١١ه‏ 
[3474] ويوجد عنها نسخة مصورة في 
ميكروفيلم. في مركز جمعة الماجد 
للثقافة والتراث: الفيلم رقم /51.". 

* - نسخة مخطوطة في الخزانة العامة 
بالرباط. في المغرب. تحمل الرقم "71١‏ 
[1708د]. تاريخ نسخها سنة 95١٠ه.‏ 
بخط عبد السلام بن سليمان الخالدي, 
نسخها لقاضي غمارة. التقي بن ريان 
الزجلي. 

4 - نسخة مخطوطة في مركز دراسة جهاد 
الليبيين, تحمل الرقم 594. تاريخ 
نسخها سنة ١اكمه‏ 

ه - نسخة مخطوطة في دار الكتب الوطنية 
بتونس, تحمل الرقم ؟*١,‏ بخط مغربي, 
نسخها الحسن بن محمد المريد الفزاري, 
سنة 894ه. 

5 - نسخة مخطوطة في دار الكتب الوطنية 
بتونس, تحمل الرقم 515ه. بخط 
مغربي. نسخها حسين بن عبد الحق 
التنوخي, سنة 197١1اه.‏ 

- نسخة مخطوطة في دار الكتب الوطنية 





بتونس. تحمل الرقم 4857. بخط علي 
بن أحمد الشريف الهلالي. سنة 98١1اه‏ 

- نسخة مخطوطة في دار الكتب الوطنية 
بتونسء تحمل الرقم ؟555. بدون تاريخ. 

4 - نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية 
بالجزائر. تحمل الرقم .١158‏ ذكر هذه 
النسخة بروكلمان في تاريخ الأدب 
العربيء الذيل: ."88/١‏ 

- نسخة في المكتبة الوطنية بمدريد‎ - ٠ 
إسبانيا. تحمل الرقم 5”. بخط مغربي,‎ 
نسخها محمد بن أحمد بن عيدان بن‎ 
علي بن عيدان. ذكر بروكلمان هزه‎ 
النسخة في تاريخ الأدب العربي.ء الذيل:‎ 
ارون‎ 

- نسخة في المكتبة الوطنية بمدريد‎ - ١ 
إسبانياء تحمل الرقم 18. ذكر بروكلمان‎ 
هذه النسخة في تاريخ الأدب العربي,‎ 
ه"ا"8.‎ /١ الذيل:‎ 

بعد أن بيّنا فيما سبق أهمية هذا المخطوط 
وأماكن نسخه المخطوطة في مكتبات العالم 
نتمنى أن تمتد إليه يد باحث من علمائنا 

المعاصرين. المهتمين بتراث فقه الإمام مالك, 

فتنفض عن هذا الكتاب غبار الزمن؛ فتحييه 

بالتحقيق والنشر. وتبعث إليه الحياة من 
جديد. علنا نستفيد من علمه المبثوث فيه في 


حياتنا العملية. 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (70 ١؟)‏ - ذو الحجة 1414ه - ابريل (نيسان) مؤؤام 


خطوط. منتخب الأحكام لايه أبي زمنيه: محمد به عيد الله الالبيري 


وأ انبا خم 





الورقة الأولى من المخطوط (منتخب الأحكام) 





المصادر والمراهجم للب لضا 


بروكلمان : كارل. 

- تاريخ الاداب العربية. الطبعة الأجنبية, 
بريل - ليدن. 1555. 
البغدادي : إسماعيل باشا. 

- هدية العارفين. أسماء المؤلفين وآثار 
المصنفين,. دار الكتب العلمية. بيروت - 
لبنان, 7١4١اه‏ - 1997م. 


آفاق الثقافة والترات - العددان (*؟, ١؟)‏ - ذو الحجة 1418ه - أبريل (نيسان) 1594م 














الورقة الأخيرة من المخطوط (منتخب الأحكام) 





الجلال السيوطي : عبد الرحمن بن أبي بكر 

بن محمد (١1١ؤ9ه).‏ 

- طبقات المفسرين. تح علي محمد عمر, 
مكتبة وهبة - القاهرة. 95١ه‏ - 515ام. 
الحميدي : محمد بن فتوح الأزدي (481ه). 

- جذوة المقتبس, تح. إبراهيم الأبياري» ط؟. 
دار الكتاب المصري - القاهرة, دار الكتاب 
اللبناني - بيروت. ١51١ه‏ - 1586م. 
الداودي : محمد بن علي بن أحمد (948ه). 











7 اا ا 20 





- طبقات المفسرينء تح. علي محمد عمر, ط١.‏ 
مكتبة وهبة - القاهرة. ؟97١ه‏ - 1517م. 
الزركلي : خير الدين. 

- الأعلام. طة.؛ دار العلم للملايين» بيروت - 
لبخان. +199م. 
الشريف : إبراهيم سالم. 

- فهرس المخطوطات بمركز دراسة جهاد 
الليبيين ضد الغزو الإيطالي. ط١.‏ نشر 
مركز دراسة جهاد الليبيين - ليبيا - 
8مام. 
الصفدي : خليل بن أيبك. صلاح الدين 

#كلام). 

- الوافي بالوفيات. باعتناء س. ديدرينغ؛ دار 
فرانز شتاير - شتوتغارت - ألمانياء 
١ه‏ - ١199م‏ 
العزيزي : ميخائيل. 

- فهرس مخطوطات المكتبة العربية 
الاسبانية في مدريد. نشر مكتبة أوتنابروك. 
مدريد - إسبانياء 1955م. 
علوش : ي سء الرجراجي: عبدالله. 

- فهرس المخطوطات العربية في الخزانة 
العامة بالرباط. مطبوعات معهد الأبحاث 
العلياالمغربية. المكتبة الشرقية 
والأمريكية - باريس, 1594١م.‏ 
ابن العماد : عبد الحي بن أحمد بن محمد, 

(فمءاه). 


- شذرات الذهب في أخبار من ذهبء ج”, دار 





الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. دات. 


ابن عميرة : أحمد بن يحيى بين أحمر 
الضبيء (5195ده). 


- بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل 
الأندلس - دار الكتاب العريي - /1951م. 
ابن فرحون : إبراهيم بن علي بن محمد 

(9ولاه). 

- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء 
المزهب. تح. د. محمد الأحمدي أبو النور, 
مكتبة دار التراث: القاهرة - مصر. دات. 
فهرس مخطوطات دار الكتب الوطنية 

-وزارة الشؤون الثقافية - مصلحة 
المخطوطات . تونس . مرقونة على الآلة 
الطابعة. 
كحالة : عمر رضا. 

- معجم المؤلفين, دار إحياء التراث العربي, 
بيروت - لبنان. 
مخلوف : محمد بن محمد (510؟١ه).‏ 

- شجرة النور الزكية في طبقات المالكية - 
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. دات. 
ابن الفرضي : عبدالله بن محمد (*40ه). 

- تاريخ علماء الأندلسء تح. إبراهيم 
الأبياري. ط؟. دار الكتاب المصري - 
القاهرة. دار الكتاب اللبناني - بيروت» 
ده - 1984م 


آفاق الثقافة والتراث - العددان (70. 1؟) - ذو العجة 414 ١ه‏ - ابريل إنيسان) 6154/4 





إغداد ؛ بسام عدثان دامستاني - مركز جمغة الماجد للثقافة والثراث - شعية ترميم المخطوطات 





مقدمة 

من الطبيعي جدا أن تنشأ معالجة ترميم المخطوطات في وقت لم تكن فيه الطباعهة 
معروفة بعد. ولم يكن استبدال نسخة جديدة بنسخة بالية أمرًا هيئا كما هي الحال 
في عصر الطباعة. وعلى الرغم من أنه لم يبق لنا من آثار القرون الأولى للهجرة 
الشريفة أي دليل مادي على وجود هذه الأعمال إلا أن التاريخ يحدثنا أن ميزانية دار 
الحكمة التي أنشأها الحاكم بأمر الله في القاهرة سنة 395 للهجرة حدد فيها بند لترميم 
المخطوطات التي تتعرض للتلف والاصاية, وهذاإن دل على شيء فإنما يدل على وعي 
مكتبي ممتاز ومظهر عظيم من مظاهر الاهتمام بالمخطوطات والحفاظ عليها. كما أنه 
يدل دليل واضخ وجليّ على أن هذا العلم هو علمّ عربي إسلامي بحت » وأن العرب 
المسلمين هم أول من بدأوا بالحفاظ على التراث وصيانته ‏ 


الترات - العددان 50 )17١‏ - ذو الحجة 514 أه - ابريل (نيسان) 3ف اخ 








ل لل ل ل الك لين 


وإيمانًا بأهمية هذا الجانبي في حفظ 
تراتنا وصيانته. فقد كان من أهم أهداف 
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث انشاء 
عمل عربي إسلامي خاص بناء والاستغناء 
قدرالإامكان عنالغرب في صيانة 
مخطوطاتنا من جهة. وأن يكون العمل 
فيها بكل ما يحتاج إليه بأيدٍ عربية 
وإسلامية من جهة ثانية,. محققين بذلك 
الاكتفاء الذاتي والاعتماد على العناصر 
الوطنية؛ لأننا الأولى بحفظ مخطوطاتنا 
وصيانتها. 


لمحة عن نظام الترميم بالألياف 

بعد الاستقرار السياسي في أوروبا إبان 
الحرب العالمية الثانية بدأت الجهات 
الحكومية فيها بالاهتمام بالموروث الثقافي 
المدون على الورق سواء ما كان منها 
مخطوطا أو ما كان مطبوعا. ومن خلال 
الاحصاءات لهذا الموروث تبين لها أن ما 
يحتاج من الموروث المخطوط إلى إنقاذ 
وصيانة وترميم يعد بمتات الالاف. وهذا 


يحتاج إلى جهودٍ خرافية لانقاذه وصيانته. 
فكان لا بد من التفكير بوسيلة نستطيع من 
خلالها تسريع عمليات الصيانة والترميم, 
وذلك من خلال ابتكار أجهزة خاصة لتحقيق 
هذا الغرض.ء فكان أن خرج للعالم نظام 


الترميم بالألياف الذي يعدّ النظام الأمثل 





لترميم الأوراق التالفة لدرقته وسرعته. وقد 
تطور هذا النظام تطورًا عظيمًا خلال الأعوام 
السابقة مما جعله في مقدمة أعمال الترميم 
الصعبة التي تحتاج إلى جهد كبير ووقتٍ 
١‏ - ملء الفراغات الناتجة عن نشاط 
الحشرات. 
؟ - إكمال النواقص في الأوراق التالفة بسبيب 
القوارض أو الحريق. 
” - الأوراق الجافة سريعة التكسر. 
فمن بداية السبعينات إلى اليوم شهد هذا 
النظام قفزة نوعية متطورة. حيث وصل إلى 
ما هو عليه الآن من دقة وإتقان وسرعة تزيد 
خمسين ضعفًا عن العمل اليدوي. ويعتمد 
على أمورٍ أساسية ثلاثة: 
١‏ - توفر الجهاز الآلي للترميم. 
؟ - وجود المادة التي تستخدم للترميم وهي 
الألياف السيللوزية النقية. 
" - خضوع هذه المادة إلى نظام حساب 
دقيق لمعايير الألياف والماء. 
إلا أن هذا النظام انتشر في البلاد الغربية 
وتعذر انتشاره في الدول العربية والإسلامية 
للأسباب التالية: 
١‏ - القيمة المرتفعة لثمن الجهان. 
؟ - غلاء ثمن الألياف السيللوزية التي يجب 
استيرادها من بلد المنشاً. 
- تعقيد الجهاز بأنظمة ميكانيكية 





النظام العربي الإسلامي في ترصيم ١‏ لمخطوطات والوتائخ ١‏ لتاريكية 


وكهربائية وإلكترونية مما يجعل نسبة 

الأعطال فيها كبيرة. 
؛ - قلة وجود الخبراء المدربين على هذا 

النظام. 
ه - عدم وجود صيانة لهذا الجهاز إلا في بلد 

المنشاً. 

ونظرًا لأهمية هذا النظام وضرورة وجوده 
في كل مركز عربي إسلامي كان لا بد من 
إيجاد البديل المناسب الذي يؤدي الغرض 
نفسه ويستطيع كل مركز من هذه المراكز التي 
سبق ذكرها اقتناءه بسهولة ويسر. 
لذلك عكفت على دراسة هذا النظام دراسة 

وافية من جميع النواحي العلمية والعملية, 
وذلك منذ عام ,١1544‏ وقد أخذت الدراسة 
قرابة عام ونصف عام أجريت خلالها 
تجارب وبحوثًا عديدة لبنود هذا النظام, 
كان أولها وضع التصميم النهائي لجهاز 
الترميم الآلي. ومن ثم تصنيعه وتجريبه. وقد 
نجحت التجربة بشكل ممتاز والحمد لله. وقد 
أطلقنا على الجهاز اسم جهاز الماجد للترميم 
تكريمًا لرئيس المركز السيد جمعة الماجد, 
الذي كان له الدور الكبير مع إدارة المركز في 
إنجاح هذا المشروع وظهوره إلى النور من 
خلال الدعم غير المحدود ماديا ومعنويًا 
وإيمانهم المطلق بهذا العمل الذي يخدم 
تطلعات المركز الحقيقية في خدمة هذا 
التراث المجيد. 


جهاز الماجد للترميم 

يعد جهاز الترميم المحور الأساسي . في 
نظام الترميم بالألياف. وبقدر ما يكون مبدأ 
الجهاز بسيطًا يكون زمن تنفيذ العمل أكثر 
سرعة. وبالتالي لا يحتاج فيه المرمم إلى 
مهارات عالية لإنجاز هذا العمل بهذا النظام, 
وقد صمّم جهاز الماجد على مبادىء فيزيائية 
بسيطة بعيدة عن التعقيد الكهربائي 
والميكانيكي. وبهذا الابتعاد حققنا هدفين 
أساسيين. 
١‏ - الاستغناء عن خبير صيانة؛ لأن الجهاز 

لا يحتاج إليه. 


؟ - تقليل نسبة الأعطال بقدر كبير. 








ا لنظام العربي الإسلامي في ترميم المخطوطات والوثائق التاريخية 





ومن ميزات هذ الجهاز السرعة في تنفيذ 
الأعمال. فوحدة العمل الواحدة فيه تستغرق 
زمثا قدره (8) ثماني دقائق من بدايتها إلى 
نهايتها. وهذا زمنٌ قياسي بالنسبة للعمل 
المنفذز. 


مواصفات الجهاز 
١‏ - جهاز يعمل على ترميم المخطوطات 
والصحف والمجلات والكتب. 
؟-الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل 
الجهاز 7١١‏ قولت. 
*- الجهاز مصنوع من مادة الألمينيوم 
المقاوم بسماكة ؛ مم. 
4- مؤلّف من ثلاثة مستويات مختلفة 
الأحجام مركبة بشكل رأسي. 
© - مزوّد بشبكة بلاستيكية مزدوجة ثابتة 
ومتحركة يمكن استبدرالها عند الحاجة. 
1 - الصمامات الداخلة إلى الجهاز والخارجة 


منه من البلاستيك الممتاز وذات عمل 


- الصمامات المولدة للضغط السالب 

4 - سعة الجهاز "٠١‏ لتر من الماء تتوزع 
على المستويات الثلاثة. 

؟ - أبعاد الجهاز 2٠١‏ سم عرض, ١١١‏ سم 
طولء ٠٠١‏ سم ارتفاع. 

٠‏ - يمكن تفريغ الجهاز من الماء نهائيًا 





بالطريقة اليدوية أو بالطريقة 
الكهربائية. 

-١‏ الجهاز مزود بأنبوب قياس لتحدير 
مستوى الماء بداخله. 


طريقة العمل بالجهاز 

١‏ - يملا الخزان الرئيسي بالماء عبر صمام 
الإدخال حتى مستوى العلامة المحددة 
على أنبوب القياس. 

١‏ - ثم يضخ الماء من الخزان الرئيسي إلى 
خزان الضغط السالي باستخرام 
المضخة والصمام الخاص به حتى 
مستوى الشبكة الثابتة. ومن ثم إغلاق 
الصمام وإغلاق المضخة. 

؟- توضع المواد المراد ترميمها على 
الشبكة بعدلالتأكد من عدم وجود 
فقاعات هوائية تحتهاء وأيضًا التأكد من 
إحكام الإغلاق عند الأطراف. 

4- ننزل الغطاء الشبكي على المواد 
السابقة. ونبدأأ عملية ضخ الماء إلى 
الخزان العلوي عبر صمام وأنبوبة ضخ 
باستخدام المضخة حتى الحد المبين 


في هذا الخزان. 

ه - نسكب الألياف السيللوزية المجهزة في 
الخزان العلوي ويتم تحريكها باليد ليتم 
التجانس, ومن ثم فتح صمام الضغط 
السالب ورفع الغطاء الشبكي بهدوء. 


النظام العربي الإسلاهي في ترهيم ١‏ لمخطوطات والوثائخ ا لتاريدية 


5 - الانتظار حتى تفريغ المستوى العلوي 


من الماء تماماء ثم نقوم بإغلاق صمام 
الضغط السالب وهو آخر الأعمال. 


تنبيهات 
لا بد في أثناء العمل من الالتزام 

بالتعليمات التالية: 

١‏ - التقيّد بالحد الأعلى للماء عند الإشارة 
الموجودة على أنبوب القياس عند ملء 
الخزان الرئيسي بالماء. 

١‏ - التأكد من إغلاق المضخة في حالة 
إغلاق الصمامات الموصولة بها. 

* - التأكد دائمًا من نظافة فلتر التصفية قبل 


العمل. 
4 - التأكد من نظافة البخاخات في أنيوب 
الضخ قبل العمل. 


5 -التأكد من فتح صمام تفريغ الهواء 


العددان [50, ١؟)‏ - ذو الحجة 1518ه - أيريل (نيسان) 5354 اع 





بالجهاز بعد الانتهاء من العمل. 

4 - عدم ترك المياه داخل الجهاز لفترات 
طويلة. ومن أجل ذلك ننصح بتفريغه 
بعد كل ١5‏ ساعة عمل متواصل. 


الألياف السيللوزية النقنية 

بعد ذلك كان لا بد من تحقيق البند 
الثاني من هذا النظام وهو إيجاد الألياف 
السيللوزية الخاصة باعمال الترميم, وهنا 
كان البحث عن مواد خام أولية موجودة في 
بلادنا تصلح لاستخراج الألياف النقية 
الخاصة بالعمل. وبعد دراسات عديدة 


وتجارب على خامات عديدة توصلت إلى 


خامتين هما: 
١‏ - سعف النخيل. 


؟ - نبات القنب. 


يث تمّ استخراج الألياف النقية مطابقة 








النظام العربي ل ا ال ات للك الماخلكيك 





للمواصفات العالمية من الناحية الفيزياتية 
والكيميائية التي تصلح للعمل في هذا 
المجال والتي تتجلى يب: 
١‏ - نقاء الألياف من كل الشوائب. 
* - الطول الجيد. 
- الوسط المعتدل الكيميائي. 
4 - العمر التقديري الطويل. 

وقد اعتمد المركز بعد دراسات واستشارات 
عديدة نبات القنب لتميزه بالمواصفات 
الجيدة التي سبق ذكرها. بعد ذلك تم تصميم 
معمل خاص وتنفيزه لاستخراج هذه الألياف 
محليًا بقدرة إنتاجية متوسطة. تسد الحاجة 
وتلغي طلبناء لتوافرها.ء من المراكز الثقافية 
في العالم العربي والإسلامي. 


نظام حساب الكميات 
وهو البند الثالث من هذا النظام حيث تم 
تقسيمه إلى نوعين من الحسابات: 


نموذج ورقة مخطوطه قبل الترميم 


١‏ - الحساب الخاص للترميم 

يعتمد نجاح العمل في هذا الحساب على 
خبرة المرمم في أثناء العمل: لأن أي خلل 
يؤدي إلى عدم نجاح عملية الترميم وإلحاق 
التلف بالمادة المرممة. 

عند تطبيق هذا الحساب يجب إجراء 
تجارب وحسابات خاصة بكل حالة ولكل مرة 
على حدة. ومن الجدير بالذكر أن هذه 
الحسابات لا تعطي النتيجة المطلوبة دائماء 
لذلك فإن الخبرة هي الأساس في هذا العمل, 
حيث يمكن للمرمّم أن يحدد كمية الألياف 
وكمية الماء والسماكة بعد التجربة والخبرة, 
ولكن يجب حساب الكمية المطلوبة بالضبط 
للألياف للمرة الأولى. 

فعند الحصول على النتيجة يكون عندنا 
ثلاث حالات: 
- الكمية كبيرة : 


يجب إنقاصها من الألياف. 


هنا نحدد الكمية التي 








النظام العربي الإسلامي في ترميم المخطوطات والوتائخ ا لتاريكية 


ب - الكمية قليلة : هنا نحدد الكمية التي 
يجب زيادتها من الألياف. 

ج - الكمية مناسبة : العمل جيد إذَا. 

؟ - يخضع الحساب الخاص في صناعة 
الورق لنظام حساب دقيق 

حسب قواعد محددة يمكن بتطبيقه صناعة 
أي طبق من أطباق الورق من حيث السماكة 
والمساحة المطلويتين. 


تثبيت الأحبار القديمة 


وبما أن الجهاز يعتمد في عمله بشكلٍ 


رئيس على الماءء فقد كانت فائدته بالنسبة 
لترميم المخطوطات محدودة؛ لأن معظم 
المخطوطات كتبت بأحبار قابلة للانحلال 
بالماء. لذلك بدأنا بالدراسة والبحث 
والتقصي عن مادة لتثبيت الأحبار القابلة 
للانحلال بالماء. وقد واجهت هذه الدراسة 
صعوبات كثيرة. ومن خلال المراسلات 
الاستشارية لمعظم الجهات الاختصاصية في 
العالم لم نجد ردًا إيجابيًا على هذه المشكلة, 
لذلك وضعنا هذا الموضوع قيد الدراسة 
الجادة والبحث العلمي السليم آخذين بعين 
الاعتبار سلامة أوراق المخطوطات من أي 
مادة تستخدم في هذا المجال. وبعد تجارب 
عديدة تمّ التوصل إلى المادة المطلوية, 
وجرى استخدامها وتجريبها وقد أعطت 
النتيجة المطلوية تماما. 


وبنظرة عملية لهذه النتائج الطيبة لم يعد 
أمامنا أية مشكلات لانقاذ هذا التراث العظيم 
وحفظه وصيانته بخبرات وطنية - وبزمن 
قياسي - حيث اكتملت حلقات هذا العمل ولم 
يبق إلا النيّة الطيبة والثقة بأنفسنا والهمة 


العالية والتوفيق من الله. 


الخدمات التي حققها جهاز الماجد 
دوليا 

بدء العمل في هذا النظام منذ ثلاث سنوات, 
وقد أعطى نتائج طيبة والحمد لله. فقد 
اعتمدته منظمة الإيسيسكو كاملاً في عمليات 
ترميم المخطوطات للدول العربية والإسلامية, 
ووضعته ضمن برامجها لحفظ التراث 
وصيانة المخطوطات بالتعاون مع المركز 
عبر خطة قريبة المدى وأخرى متوسطة 
وثالثة بعيدة الأجل. وتقوم الخطة على 
اتجاهين: 

أولاً : إهداء الجهاز إلى الدول التي تكون 
فيهاالحاجة ماسّة لصيانة مخطوطاتها 
وتدريب العاملين عليه بغية المباشرة في 
عمليات الترميم. 

ثانيًا : إجراء دورات تدريبية في مجال 
صيانة المخطوطات وترميمها للفنيين الذين 
ترشحهم الدول على عمليات الحفظ 
والصيانة. 


وقد تجلت بوادر هذه الخدمات التي حققها 





النظام العربي الإسلامي في 00 المخطوطات والوتائق التاريخية 





جهانز الماجد للترميم عندما أهدى السيد 

جمعة الماجد مؤسس المركز هذا الجهاز مع 

كل مستلزماته من مواد الترميم معززة 

بالخبرة الفنية والعملية إلى أكثر من ١4‏ 

مركرًا عربيًا وإسلامياء هي: 

- مؤسسة إحياء التراث بالقدس - فلسطين. 

- دار المخطوطات - صنعاء - اليمن. 

- مركز الوثائق - الخرطوم - السودان. 

- مركز أحمد بابا - تمبكتو - مالي. 

- مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية - 
طرابلس - ليبيا. 

- دار الكتب الوطنية - تونس. 

- وزارة الأوقاف - الكويت. 

- دار الكتب - صنعاء - اليمن. 

- المكتبة الوطنية - طهران - إيران. 

- مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي 
العامة - قم - إيران. 


- مكتبة أستان قدس رضوي - مشهد - إيران. 

- إدارة المخطوطات والمكتبات الإسلامية - 
الكويت. 

- مركز البحوث والإعلام - جيبوتي. 

- مركز المخطوطات - كازاخستان. 

- دولة النيجر. 





إن غاية ما يأمله مؤسس المركز السير 
جمعة الماجد في هذا الدور الرائد لصيانة 
المخطوطات العربية والاسلامية تأمين 
الخدمات الفنية والعلمية لهزه المخطوطات 
أينما وجدت. وذلك لحفظها من التلف 
والضياع. وبالتالي وضعها بين أيدى 
الباحكيق وطلاب العدم التاخن حقهاافي 
التحقيق والنشر. 

وعلى سبيل الذكر لا الحصر فإن جهات 
ثقافية متعددة داخل الوطن العربي وخارجه 
قد بادرت بطلب هذا الجهاز للاستفادة من 
خدماته في صيانة مخطوطاتها. 

وسوف يعمم بإذن الله على كل المراكز 
العربية والإسلامية مستقبلا وذلك بجهود 
المخلصين من أبناء هذه الأمة؛ كي تنهض 
بتراثها عاليًا وتزيح عن كاهله أعباء السنين 
ونخرجه إلى النور صحيحا معافى؛ 
ليستطيع كل باحث أو دارس تناوله 
والاستفادة منه. سائلين الله عز وجل أن 
يجعل النجاح والتوفيق حليفنا. وأن يُسدد 
خطانا لما فيه خير هذه الأمة وصالحها وهو 
السميع المجيب. 


متكت 
مطايع البيان التجارية - هاتف : 44544.٠١‏ - ص. ب : 771١‏ دبي 
ام ببح 


عدط 0عطاكتاطوط 


601 امعصطمومء ‏ عط 
نلك معطءمروعدء 1 
-لى فسصسل - 5عل0نك 
م10 عمنوعن ‏ 101زد11 
111 مس عسكانة 





9 (04) :.اع1 - 55156 :80 .2.0 - أوطناد[ 
81 قلخ طم 46187 :.12] - 696950 (04) عرو 
دع انظ طلدرخ لعاتملآ 


4 


8 أعممم 


1ن 


:لظ أموأواووم8 


اه 
طوطتطود2 ماق تانج“ 


ووتاباط أ نادمه 
لهطو22 جزنأة؟ نط 
لاصاصمل5 مودعقط6 


انافطق' لهدمم عأعدوانلطم >“ 
:0301 


قاط 20 تممه طاسالاا طممتئهلة 
نان لطم ' 





لسعو 





اوسسسييي بجوو 00 







جم 


5للاعالا قط أمعدعرمع8 81 مز عواء هيم )ا 
801 ه29 800 وروطانم6 عزفط إن ١‏ 
]عط كه معمط1؟ أععمانم8ة براليودووعولد 
1 رأ8؟نامل 1 81 عطل عه (لأععالال) ماموه 
5 .0141815 أأعط؟ عه 








).131لا ل 


م 


0161 م 
05 لممستول 


0 


11018 
1 





منتتكه اا لخسطيث أله لجمتسمل جاممسضمميو ١‏ 


8 امم - .ةق 1418 طدززة١!‏ ناه . 21 / 20 مله - 5 عدرواملا 


5601000 


التاق وع درول 
-لى ععوددم4 
ع1 112011 
-لة تاك 
'إ5 رطععط 81859 
-للى اعقددر5آ1 
550ة2) ع3ن00آ1 
م1 215933 
(.7154.11 
13 سأ معام ناا 





11 


5ع صنو0 معطا 


.قاط 100 
.قطاط 60 
بكطط 40 


.قاط 130 وترم أ تك كد11 


.5ط 73 





كنل مس1 


.عطلد 75 للكت 


لقسكلن 6 
111 







6.2 1418 5دذزنا-! ناطط . 21 / 20 مله - 5 عدوناومنل 


فسا -لخ ؤاا طذامن فط" -للى وذلى ١‏ 











صورة مسجد البدية - من أقدم المساجد بالامارات 


أخقعدطا -لخ 112 طمكدوقط] -لن دان » 


ععمات1]1 لدسفلسن له لممسمل ولعسيون0 قم 


8 الثمم د ءلاءة 1418 طهززنة!-! نط0 . 21 / 20 لز - 5 عدوسام/1 





انا 
مساك سه ععطءعوعيعع1 6ن امع ساسدمء2 عط" 
غ11 مسد عسسطلست عه" عامء6 


الى مسسل 






عم